2024-01-11

وفاة خمسينية بعد سقوطها من عربة الميترو : أزمة الأسطول والاكتظاظ وغياب متطلبات السلامة تُنذر بكارثة

لم يكن الحادث الأليم الذي جدّ أول هذا الأسبوع والذي ذهبت ضحيته امرأة خمسينية وأم لخمسة أبناء متأثرة بإصاباتها بعد سقوطها من على متن المترو الحادث الأول ولن يكون الأخير في ظل ما يعانيه المواطن يوميا من النقل العمومي بشتى أنواعه.

فمشاهد أبواب عربات الميترو المفتوحة بسبب الاكتظاظ واستهتار المواطن بسلامته ومخاطرة السائق بحياة الحرفاء أصبحت مألوفة فتعددت الحوادث التي أهدرت حياة الكثيرين ممن أجبرتهم الظروف على النقل العمومي.
فالاكتظاظ وتقادم الأسطول تعتبر أهم مشاكل قطاع النقل العمومي في تونس، هذه المشاكل صارت ترهق المواطن والعاملين في القطاع على حد سواء، رغم مجهودات الدولة لتفادي الإشكال وتطوير القطاع.حيث أصبح النقل العمومي في العاصمة معضلة حقيقية يتجرّع مرارتها كل يوم عشرات الآلاف من المواطنين الذين يضطرون للتنقل عبر المترو والحافلات والقطارات وسيارات الأجرة الكبيرة.. وسائل نقل تنقل المواطنين إلى وجهاتهم المختلفة أقلّ ما يمكن أن يقال عن عدد منها، هو أنها لا تصلح لتأمين التنقل الكريم نظرا لكون حالتها الميكانيكية مهترئة.

وبالعودة إلى عربات المترو ووفق تأكيد مصادر نقابية فإن الأسطول في تونس في وضع سيّئ جدا بسبب غياب الصيانة وعجز الشركة عن توفير قطع الغيار، فضلا عن تقادم الأسطول. وأكد مصدر نقابي لـ«الصحافة اليوم» أن هناك 26 عربة مترو (مزدوجة) في وضع استغلال حاليا، تربط بين 6 خطوط حديدية في ولايات تونس وأريانة ومنوبة وبن عروس. وقال إنّه «من المفترض أن تتوفّر 120 عربة مترو لتغطية حاجيات الحرفاء وتأمين تنقّلها في ظروف مريحة. كما دعا المسؤول النقابي إلى ضرورة توفير قطع الغيار وتجديد الأسطول بالكامل، لأنّ تواصل الوضع على ما هو عليه الآن يعني المزيد من الحوادث القاتلة وتدهور خدمات النقل الحديدي في العاصمة.
وتُصنف شبكة المترو بأنها أفضل مشروع في قطاع النقل العام للحكومة التونسية في النصف الثاني من القرن الـ 20، ومنذ بدء تشغيل أول خط في عام 1985 توسعت الشبكة لتشمل 6 خطوط. حيث دخلت أولى العربات المصنعة في مدينة دوسلدورف الألمانية الخدمة على شبكة مترو العاصمة بتونس قبل نحو 40 عاما، وحتى اليوم ما تزال هذه العربات المميزة بألوانها الخضراء تؤدي واجباتها دون توقف، لكنها في حالة استنزاف شديد قد ينذر بكارثة إن لم تتخذ الدولة الإجراءات اللازمة والخطوات العاجلة لدعم منظومة النقل العمومي في تونس.

فقطاع النقل واحد من الميادين المتعددة التي لا يزال يأمل التونسيون أن تتحقق فيها مطالبهم الثورية بالعدالة والحرية والكرامة، فبعد عقود من السياسات الحكومية التي تفضل حيازة السيارات الخاصة إضافة إلى مشاكل هيكلية وإدارية في قطاع النقل العام، فقد وصلت تونس إلى وضعٍ تعانـي فيه الفئات الأكثر حرمانا أشد المعاناة.
ومثّل عدم تكافؤ وسائل التنقل تحديا رئيسيا للعدالة الاجتماعية في تونس. ويبدو أن هناك وعيا متزايدا لدى المسؤولين الحكوميين بضرورة معالجة مسألة التنقل، ولا سيما إصلاح قطاع النقل العمومي في البلاد مع إدراكهم لعجز أنظمة التنقل الحضري الحالية عن العمل على النحو المنشود في ظل غياب استراتيجية متماسكة للنقل والتنقل حتى الآن.
لا شك أن حل أزمة التنقل في تونس الكبرى اليوم والنقل العمومي بشكل عام أصبح أمرا ضروريا ويتطلب إجراءات ملموسة لأن الخطط المتتالية لقطاع النقل في تونس لم تسفر عن تغيير حقيقي يذكر، وهذا يعني أن الجمع بين خطة عمل شاملة وطويلة الأجل ومكاسب سريعة تدعم الحرية والعدالة والكرامة في التنقل للمواطنين بات أمرا مستعجلا وضروريا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

في انتظار القطع مع كل أشكال التشغيل الهش : المــــعــــانــــاة مــــســــتـــمـــرة ..!

يمثل ملف التشغيل تركة ثقيلة للحكومة الحالية ظلت عالقة منذ سنوات ولطالما  مثل نقطة ضغط «سيا…