اليوم تنظر محكمة العدل الدولية في القضية التي رفعتها جنوب افريقيا ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي من أجل تهمة الإبادة الجماعية بسبب ما ارتكبته من أعمال ومجازر شنيعة ضد سكان غزة المدنيين طيلة 3 أشهر من التقتيل سقط ضحيتها بحسب الأرقام الفلسطينية الرسمية أكثر من 23 ألف شهيد في حصيلة هي الأعلى منذ بداية الصراع بين الطرفين ومرجح أنها أكبر بكثير في الحقيقة.
اليوم وبعد أن نجحت أمريكا في حماية حليفها المدلّل في أكثر من مناسبة من الإدانة الدولية باستعمال حق الفيتو تقف إسرائيل أمام العدالة الدولية لإدانتها من أجل جرائمها المرتكبة التي لا تتطلب في حقيقة الأمر الكثير من الأدلة لإثباتها فما تعج به المواقع ونشرات الاخبار كاف لوحده لإثبات أن الاحتلال ارتكب أبشع إبادة جماعية في حق شعب أعزل.

استبقت إسرائيل المحاكمة بالاستهزاء بها وبوصفها على لسان رئيسها إسحاق هرتسوغ بأنه «لا يوجد ما هو أكثر وحشية وسخافة» من هذه الدعوى اذ من الطبيعي أن يتعامى هو وبنيامين ناتنياهو مجرم الحرب عن كل الجرائم والفظاعات التي ارتكبها جيش الاحتلال في غزة والتي كشفتها جنوب افريقيا في تقريرها المتكون من أكثر من 80 صفحة متناسية انها من قدمت بغطرستها وجبروت قادتها أدلة ادانتها للمحكمة ولم تقم جنوب افريقيا الا بتجميعها.
تتناسى إسرائيل اليوم وهي تعلن استخفافها بهذه المحاكمة أن قادتها هم من تحدثوا عن حصار غزة ووصفوا شعبها بـ«الوحوش البشرية» وهم من طالبوا بضربها بـ«قنبلة نووية» وهم من دعوا دول العالم الى استقبال «حفنات من سكانها»…
تتناسى إسرائيل اليوم انها من قتل أكثر من 23 ألف فلسطيني وشرّد اكثر من مليوني فلسطيني وأنها من جوّع شعبا بأكمله فهل بعد هذه الحقائق ادلة أخرى يمكن دحضها؟.

قد نبالغ ان انتظرنا من هذه المحاكمة أن تغير واقع الحرب في غزة وأن توقف الحرب على سكانها لكن رغم ذلك فان مثول إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في قضية ترفعها جنوب افريقيا نيلسون مانديلا يعتبر في حد ذاته انتصارا للشعب الفلسطيني ضد كيان الاحتلال فإسرائيل قد لا تلتزم بقرارات المحكمة وهذا ما أعلنته قبل يومين من جلسة المحاكمة، رغم انها قانونا ملزمة وهو ما حدث قبل سنوات مع ذات المحكمة بمناسبة النظر في قضية جدار الفصل العنصري لكن الأهم اليوم هو ان إسرائيل ستجد نفسها في مواجهة تبعات هذا القرار من ذلك أن كبار مسؤوليها سيكونون ملاحقين قضائيا وقد يمنعون من السفر الى الدول الموقّعة على ميثاق المحكمة، وخاصة أنها ستجد نفسها متهمة رسميا ومن أعلى محكمة في الأمم المتحدة بتهمة الإبادة الجماعية.

وسيضاف اسمها لقائمة مجرمي الحروب على مرّ التاريخ وسيزيّن الحكم تاريخها الأسود الذي حاولت طيلة أكثر من سبعة عقود محوه دون جدوى.
اليوم أمام محكمة العدل الدولية لن تكون القضية التي رفعتها جنوب افريقيا فرصة تاريخية فقط للضمير العالمي لإحقاق حق انساني بيّن لشعب ارتكبت بحقه أبشع أشكال الابادات الجماعية ولإدانة محتل مارق عن القانون بل ستكون كذلك فرصة لاستعادة شيء من الثقة في منظومة القانون الدولي وحقوق الانسان وان كنا نعلم جميعا انها فصّلت على مقاسات من وضعها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

مع الأحداث | عودة العلاقات السورية التركية: هل اقترب اللقاء الكبير؟

في موقف جديد أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أول أمس استعداده لاستئناف العلاقات مع سوري…