تواصل البوادر الايجابية لرأب الصدع بين السلطة والاتحاد : مكالمة رأس السنة قد تفتح قنوات الاتصال من جديد
قد تكون الأيام الاخيرة من السنة المنقضية والأيام الاولى من السنة الحالية، هي الوقت المستقطع الوحيد الذي يمكن الحديث فيه عن علاقة ايجابية وقنوات اتصال مفتوحة، بين الاتحاد العام التونسي للشغل، والحكومة التونسية.
وربما الملاحظ أولا ان الحكومة هي التي بدأت تبادر في هذا الاتجاه، خاصة بعد اللقاء العرضي الذي تم بين رئيس الجمهورية قيس سعيد، والامين العام للاتحاد وبعض القيادات يوم 4 ديسمبر على هامش تدشين متحف حشاد.
بعد ذاك اللقاء بادرت الحكومة الى خطوة شجاعة تركت أثرا طيبا في ساحة محمد علي، وهي اصدار منشور وتعميمه على كل الوزارات والمؤسسات العمومية حول تواصل قوانين استخلاص معاليم الانخراطات مباشرة من أجور الموظفين لفائدة الاتحاد، حيث أسكتت بها تأويلات كثيرة ذهب البعض منها حتى الى التشكيك في امكانية ان تلجأ الدولة الى الغاء هذا الإجراء المعمول به منذ الاستقلال.
أما البادرة الثانية التي يمكن القول أيضا انها يمكن ان تذيب الكثير من الجليد في العلاقة بين الطرف الاجتماعي الاكبر والحكومة، فكانت بلا شك المكالمة الهاتفية من السيد الحشاني رئيس الحكومة الى السيد الطبوبي أمين عام الاتحاد، والتي ظاهرها للتهنئة بالسنة الادارية الجديدة، وفي باطنها كثير من التفاعلات الايجابية التي تمهّد لعودة العلاقات الى طبيعتها بين المنظمة والسلطة التنفيذية، وفتح قنوات الاتصال من جديد، خاصة وان الاشهر التي مرت من حالة القطيعة شبه التامة التي سادت بين الطرفين، كادت ان تحول الأمر الى شبه عداوة، ووفرت مناخا لمن يتحدثون حتى عن سحب المواجهة ونُذر الصّدام، بل ذهب البعض الى حدود التلميح الى احتمالات مواجهة قضائية، وبدؤوا في اختلاق الروايات عن الفساد وعن الملفات المتراكمة والتجاوزات وغيرها، بل أصبحوا يتابعون باهتمام خطابات رئيس الجمهورية ليحاولوا جاهدين استخلاص أي حرف منها او كلمة يمكن ان تكون اشارة الى بدء المواجهة مع الاتحاد او أي شيء من هذا القبيل.
الامين العام المساعد المكلف بالاعلام في الاتحاد، سامي الطاهري قال عن المكالمة الهاتفية التي جمعت بين الامين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي ورئيس الحكومة أحمد الحشاني انها «لم تقتصر على تبادل التهاني بالسنة الادارية الجديدة وانه كان هناك حديث عن الشواغل الاجتماعية والوضع الاقتصادي وما تعيشه البلاد مشيرا بالخصوص الى ما يحصل في وزارة التربية» كما جاء في تصريحه لاحدى الدوريات.
في نفس السياق صرّح الطاهري لاحدى الاذاعات المحلية أن «الحديث بين الامين العام ورئيس الوزراء جاء في اطار مناسبة حلول السنة الجديدة وتم تبادل التهاني ولكن بطبيعة الحال لم يقتصر على ذلك وكان هناك حديث عن الشواغل الاجتماعية والوضع الاقتصادي وعلى ما تعيشه البلاد كما تم التطرّق لبعض المشاكل وبطبيعة الحال هناك ملفات مباشرة الان فيها مشاكل تتراكم وخاصة في وزارة التربية التي تتالت فيها التجاوزات والاعتداءات على المعلمين. ربما يكون ذلك اشارة الى عودة الحوار الاجتماعي، لان الامين العام أكد على ان انقطاع الحوار الاجتماعي سبب من الأسباب الرئيسية لتوتر المناخ وتصاعد الاحتجاجات والحوار انقطع منذ مدة طويلة وهذا لم يحصل الا في الازمات».
ويرى أغلب النقابيين أن الحوار هو احد عناصر انقاذ البلاد في هذا الظرف بالذات ولا بديل عنه و«الحوار الاجتماعي هو السبيل الاوحد لإنقاذ البلاد اقتصاديا واجتماعيا، نحن من جانبنا مستعدون لكن هل ان الجانب الاخر مستعد وهل هناك قرار سياسي او ارادة سياسية في ذلك ؟ هذا ما نرجو»، كما قال الطاهري، الذي خلص من مداخلاته الاعلامية حول المكالمة الى انه «اذا لم يحصل الحوار فان ما نعيشه من ازمة سيتعمق والمناخ الاجتماعي سيزداد توترا».
وهو استنتاج يؤشّر الى تبلور قناعة لدى النقابيين مفادها ضرورة العودة الى الحوار مهما كانت السبل، ويبقى السؤال عن الضفة الاخرى، الحكومة، والدولة بصفة عامة ومدى استعدادها لهذا الحوار، وهل سيكون مسبوقا بشروط، وهل ستتبعه اجراءات وتنازلات، وهل ستقبل الدولة بمطالب الاتحاد التي رفعها في المذكرة الأولى أواخر 2022 ام ستبدأ من ورقة بيضاء؟ تلك هي الاسئلة التي تدور في كثير من أروقة السياسة بعد المكالمة التي جرت للتهنئة بدخول السنة الادارية الجديدة، فهل تكون هذه المكالمة فاتحة لانطلاقة جديدة وطيّ صفحة الخلاف الذي طال أمده بين الاتحاد والسلطة؟
ستكون خير تعويض للجدب الصيفي : غلال الخريف تشهد ارتفاعا ملحوظا في الكميّة والجودة
على عكس الصائفة التي مرّت تقريبا دون ان يشبع التونسيون من الغلال الموسمية التي تعودوا عليه…