البنك المركزي : القطاع المصرفي التونسي حافظ على متانته المالية رغم الوضعية الاقتصادية الصعبة
يمثل الدور التعديلي والرقابي للمحافظة على الصلابة المالية للبنوك والمؤسسات المالية والمحافظة على الاستقرار المالي من أهم الأدوار الموكولة للبنك المركزي التونسي علاوة على عدد من المهام الأخرى للسياسة النقدية الرامية إلى تحقيق التوازن بين العرض والطلب على مستوى السيولة النقدية من خلال تجنب زيادة النقد لتفادي ارتفاع معدل التضخم وايضا تفادي نقص العرض لعدم تقييد النمو الاقتصادي. والأكيد انها معادلة على غاية من الصعوبة خاصة في ظل الوضعية الاقتصادية الصعبة المتواصلة ونقص الموارد المالية والتي تميزت بالتعويل على الاقتراض من البنوك الداخلية من اجل تعزيز الموارد وتعويض النقص في موارد الاقتراض الخارجي.وهذا أمر لا يخلو بدوره من عديد المخاطر خصوصا وانها تكررت وأصبحت سياسة معتمدة. حيث انه من المنتظر ايضا خلال سنة 2024 مزيد الاقتراض الداخلي في حدود 11مليار دينار . غير أنه وبحسب ما ورد في النسخة الثانية عشرة للتقرير السنوي الذي أصدره البنك المركزي التونسي مؤخرا حول الرقابة المصرفية لسنة 2022 المتعلق بالتطورات الحاصلة في ما يخص التشريع المصرفي والرقابة الحذرة الجزئية والكلية، وتنظيم القطاع المصرفي… فإن القطاع المصرفي التونسي تمكن خلال سنة 2022 من الحفاظ على متانته المالية بفضل التدابير الاحترازية التي اتخذها البنك المركزي في السنوات الأخيرة واستطاع تعزيز معدل نسبة كفاية رأس المال القاعدية 10,8% ومعدل نسبة كفاية رأس المال الإجمالية 14% كما حافظ القطاع على مؤشرات سيولة مرضية وتمكن من الابقاء على على نسبة الديون المصنفة في مستوى يقارب 13% ومن تحسين مؤشرات مردوديته. كما أكد البنك المركزي في هذا التقرير على أنه في ظل الظرف الاقتصادي للبلاد وتحديد السياسة النقدية وتنامي التمويل البنكي للقطاع العمومي احتدت الضغوطات خلال سنة 2023 على الاستقرار المالي للقطاع وهو ما تجلى في تراجع طلبات القروض من طرف القطاع الخاص وارتفاع مخاطر القرض. حيث سجل قائم القروض الممنوحة للقطاع الخاص انخفاضا بـ0,5%خلال الأشهر التسعة الاولى من سنة 2023 مقابل ارتفاع بـ5,6% خلال نفس الفترة من سنة 2022 .
وأوضح التقرير ذاته على أن البنك المركزي سيعمل على مراقبة هذه الضغوطات عن كثب واتخاذ التدابير الاحترازية اللازمة للحفاظ على صلابة القطاع المصرفي ودعم أي اجراء يهدف الـى حماية النسيج الاقتصادي والمواصلة في ديناميكية حلحلة الديون المتعثرة باعتبارها مقوما للنمو السليم والمستدام للاقتصاد التونسي. وللاشارة فقد تم توجيه انتقادات كثيرة بسبب الارتفاع الهام لحجم تمويل القطاع البنكي للدولة وتفاقم التمويل الداخلي للميزانية الذي ولئن حقق ارباحا للبنوك الا انه لا يخلو من مخاطر عدة.كما انه يغذي الضغوط التضخمية ويقلص من فرص تمويل القطاعات المنتجة.وسبق ان تعرضت وكالة فيتش رايتنغ في تقريرها الأخير الصادر في ديسمبر المنقضي إلى إعتماد الحكومة المتزايد على التمويل المحلي القصير الأجل للتعويض عن التمويل الخارجي الشحيح. كما حذر عديد الخبراء من مزيد الاقتراض من البنوك الداخلية داعين إلى ضرورة ملازمة الحذر وعدم مواصل الضغط أكثر على السيولة وترك المجال للقطاع المصرفي ليقوم بدوره الاساسي وهو تمويل الاقتصاد والمؤسسات الاقتصادية ودفع الاستثمار. وترى عديد المقاربات الاخرى أن إعادة التوازن المالي للبلاد على المستوى الداخلي والخارجي مرتبطة شديد الارتباط بإعادة ضبط مهمة البنك المركزي التونسي وتعديل قانون 2016 بما يتماشى مع احتياجات الوضـع الاقتصادي الحالي المتصلة بالتشجيع على الاستثمار وخلق النمو لا سيما وأن تجربة فصل السياسة النقدية عن السياسة المالية والإقتصادية للبلاد منذ 2016 لم تساهم في تحسين المؤشرات الاقتصادية.
من أجل تحقيق الأمن الغذائي..
لا شك أن ارتفاع الصادرات الفلاحية التونسية وتحسّن عائداتها وهو ما أكدته الارقام الاخيرة …