2024-01-02

مع مطلع السنة الجديدة : الحراك من أجل الحق في الماء يعود من جديد

رغم الأمطار الغزيرة التي شهدتها البلاد مؤخّرا بعد سنوات من الجفاف، إلاّ أنّ معضلة النقص المائي ما تزال ماثلة رغم ارتفاع منسوب امتلاء السدود إلى 27 %.

وضعية صعبة بكل المقاييس على العديد من المتساكين بمختلف الجهات الذين ظلوا لسنوات طويلة ومتتالية يعانون من الحرمان  من حقهم الدستوري في المياه ففي آخر حصيلة أوردها المرصد التونسي للمياه للتبليغ عن المشاكل المتعلّقة بالمياه لشهر نوفمبر2023وصل عدد التشكيات إلى 103  تبليغ مواطني تصدرت فيها ولاية قابس خارطة العطش بـ 17 تبليغا تلتها مدنين بـ 11 تبليغا ..هكذا ظلت معضلة انقطاع المياه تؤرق المواطن بشكل دائم في مجمل المناطق صيفا وشتاء وفي كل الأوقات والمناسبات مما أجج الأوضاع الاجتماعية وأصبح الاحتجاج هو سيد الموقف لتحقيق المطالب التي ماتزال عالقة ومن أهمها المطالبة بالعيش الكريم والحق في الماء.

وفي سلسلة جديدة من الحركات الاحتجاجية قرر  في مستهل هذا العام الجديد أهالي منطقة بوشمة خيار الاحتجاج السلمي للدفاع عن حقهم في الماء الصالح للشراب وذلك من خلال تنظيم وقفة احتجاجية  اليوم الثلاثاء 2  جانفي أمام مقر الشركة الوطنية الاستغلال وتوزيع المياه بباب بحر قابس للمطالبة بابسط مقومات الحياة اذ يتواصل الانقطاع المتكرر لمياه الشرب عن العديد من التجمعات السكانية الكبرى بولاية قابس وخاصة منها المناطق العليا على غرار بوشمة، ما خلق استياء كبيرا في صفوف المواطنين الذين تبقى آمالهم  في الحد من أزمة مياه الشرب معلقة على محطة تحلية مياه البحر بالزارات التي بلغت نسبة تقدم أشغالها 80 بالمائة، والتي ستمكن من تلبية جانب هام من احتياجات الجهة من الماء باعتبار ان طاقة انتاجها اليومية ستبلغ 50 الف م3 وهو انتاج ستنتفع به ولايات قابس ومدنين وتطاوين.

ولا تُعتبر هذه الاضطرابات في توزيع المياه الصالحة للشرب استثنائية، بل استمراراً لمعضلة تتفاقم سنوياً تشتدّ فيها  معاناة العطش خاصّة خلال أشهر الصيف مما جعلها من بين أحد أهمّ أسباب الحراك الاحتجاجي في تونس طيلة السنوات الماضية.

فقد شهدت البلاد العديد من التحركات  للمطالبة بالحقّ في الماء في معظم الولايات مما يكشف عن  عمق الأزمة المرتبطة بمعضلة العطش،التي تنوعت أسبابها  ما بين قِدم شبكة قنوات التوزيع ومشاكل الجمعيات الفلّاحية وانخفاض منسوب السدود.وتشهد الموارد المائية في تونس منذ سنوات استنزافا كبيرا بسبب قلة التساقطات والإفراط في استغلال المياه، ولهذا السبب يؤكد المسؤولون أنه أصبح من الضروري اليوم وقف نزيف الموارد المائية عبر إعلان حالة الطوارئ المائية..

وتُصنّف تونس من بين البلدان الفقيرة مائيا نتيجة الجفاف وزيادة الاستهلاك والتغيرات المناخية، ما يجعل من الكميات المجمعة في السدود الضمانة المتوفرة لتدارك العطش.ويبلغ إجمالي قدرة استيعاب السدود التونسية مليارين و337 مليون متر مكعب، غير أن الجفاف يمنع تعبئة أكثر من نصف طاقتها سنويا. وتظهر التوقعات المناخية في تونس انخفاضا في هطول الأمطار إلى 22 مليمترا بحلول عام 2050 أي بتدنٍّ بـ9 في المائة مقارنة بالقيمة الحالية، كما سيبلغ 45 مليمترا في عام 2100 أي بتدن نسبته 18 في المائة.

وبالعودة إلى الإجراءات، فقد بدأت السلطات التونسية منذ نهاية مارس 2023، بقطع مياه الشرب ليلا في مناطق العاصمة ومدن أخرى، في محاولة لخفض الاستهلاك.

كما حجّرت وزارة الفلاحة والصيد البحري، استعمال المياه الصالحة للشرب الموزعة عبر شبكات الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه سواء للأغراض الزراعية، أو لري المساحات الخضراء، أو لتنظيف الشوارع والأماكن العامة أو لغسل السيارات..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

بات يعصف بثوابت القيم والأخلاق : أيّ حدود.. وأيّ حلول.. لظاهرة التنمّر؟

كغيره من الظواهر الهدامة التي باتت تنخر المجتمع أصبح التنمر يتفاقم بشكل ملفت للنظر وينتشر …