من أجل استحداث آليات تشغيلية أكثر نجاعة: نحو وضع استراتيجية شاملة للحدّ من البطالة..!
تتعدد آليات الدولة لخلق مواطن الشغل والحدّ من نسب البطالة من ذلك الشركات الناشئة والشركات الأهلية. ولكن، يبدو ان هناك عقبات في بعث مشاريع في اطار هذا المشروع لذلك يدعو رئيس الجمهورية قيس سعيد الى تذليل العقبات أمام الشباب من أجل تجسيم وانجاح هذه المشاريع وخلق الثروة ودفع التنمية والحد من البطالة.
في هذا الاطار، شدّد رئيس الجمهورية قيس سعيّد، لدى استقباله الجمعة 29 ديسمبر 2023 بقصر قرطاج أحمد الحشاني، رئيس الحكومة، وتلقيه للتقرير السنوي لسنة 2022 لمراقبة المصاريف العمومية، على مزيد إحكام الرقابة على هذه المصاريف وترتيب النتائج القانونية عن كل إخلال أو سوء تصرف في المال.
كما أكّد رئيس الجمهورية، على صعيد آخر على ضرورة إنجاز عديد المشاريع في الآجال المحددة لأن أي تأخير في تنفيذها يترتب عنه إهدار للمال العام.
كما تناول هذا اللقاء المشاريع التي بادر بها عديد المواطنين في كافة أنحاء الجمهورية في إطار الشركات الأهلية والعقبات المفتعلة في أكثر الأحيان التي يواجهونها.
وخلص رئيس الجمهورية إلى أنه لا يمكن التسامح مع من يهدر المال العام أو يعطل تنفيذ المشاريع أو من يقف عقبة أمام الشباب المتطلّع لبعث مشاريع تزيد من ثروة بلادنا وتقيهم من البطالة.
واعتمدت الحكومة من خلال برنامج وزارة الاقتصاد والتخطيط، استراتيجية وطنية لتحسين مناخ الأعمال 2023 – 2025 ، التي أعدّت بطريقة تشاركية بين القطاعين العمومي والخاص.
وترمي الاستراتيجية الوطنية لتحسين مناخ الاعمال 2023 -2025، الى إرساء تصور مشترك بين القطاعين العمومي والخاص، لمناخ أعمال محفّز من خلال إرساء منظومة ترتيبية ومؤسساتية متناغمة وشاملة قادرة على خلق فرص العمل والقيمة المضافة والاستدامة.
وتتضمن هذه الاستراتيجية، التي تعتبر جزءا من البرنامج الوطني للإصلاحات ومن المخطط التنموي 2023 ـ 2025، نحو 229 اجراء و34 محورا و94 هدفا تمت صياغتها في ورقات توجيهية تمثل قاعدة بيانات تضم مختلف الأفكار المجمّعة من مختلف الأطراف.
وقد سعت الاستراتيجية الوطنية لتحسين مناخ الاعمال، أساسا، الى تشخيص الصعوبات التي تواجه مختلف الفاعلين الاقتصاديين في القطاعين العمومي والخاص، في مرحلة أولى واقتراح إجراءات وإصلاحات هيكلية تساعد على تجاوز العقبات وذلك بالاستناد الى مختلف الاستراتيجيات الوطنية والقطاعية بالإضافة إلى التجارب المقارنة.
تجربة ناشئة
الا ان رئيس الدولة يركز على إنجاح مشروع الشركات الأهلية كتصور يقوم على الاقتصاد التضامني والاجتماعي، إذ أن المرسوم الرئاسي المتعلّق بالشركات الأهلية، يهدف وفق فصله الأول إلى اإحداث نظام قانوني خاص بالشركات الأهلية يقوم على المبادرة الجماعية والنفع الاجتماعيب. وما تزال هذه التجربة في طور التعميم ولا يمكن ادراك نتائجها الا بعد سنوات حسب تقدير خبراء الاقتصاد.
ونص قانون المالية لسنة 2023 على وضع خط تمويل مفتوح لدى البنك التونسي للتضامن بقيمة 20 مليون دينار للشركات الأهلية، وتخصيص نسبة من مداخيل الصلح الجزائي لتمويلها.
وترتفع معدلات البطالة منذ الثورة الى اليوم، حيث تفيد آخر الأرقام الصادرة عن مستشار وزير الشؤون الإجتماعية المكلف بالشركات الأهلية راشد العبيدي، بأن العدد الجملي للشركات الأهلية على المستوى الوطني لا يتجاوز 30 شركة أهلية في مجالات مختلفة من فلاحة وصناعة وصناعات تقليدية وسياحة ونقل أفراد.
وأكد رئيس ديوان وزارة التشغيل والتكوين المهني، عبد القادر الجمالي، أن نسبة البطالة في الثلاثي الثالث من هذه السنة بلغت 15.8% وهي نسبة مستقرة منذ سنة 2021 بفضل مجهودات وزارة التشغيل، حسب تعبيره.
وأبرز أن التحكم في نسب البطالة كان بفضل البرامج النشيطة للتشغيل على غرار برنامج تشغيل حاملي الشهادات العليا وعقد الخدمة المدنية، مبينا أن نسبة النمو البالغة 2% لا توفر إلا فرص عمل لما بين 30 و 35 ألف موطن شغل فيما يبلغ عدد طالبي الشغل 80 ألفا سنويا.
وتحتاج تونس سنويا الى خلق حوالي 85 الف موطن شغل جديد للتحكم في معدل البطالة الحالي وفق ما صرح به رئيس ديوان وزارة التشغيل و التكوين المهني عبد القادرالجمالي مضيفا انه يجب توفير اكثر من 100 الف موطن شغل جديد سنويا من اجل التمكن من تخفيض نسبة البطالة في ظل ظروف اقتصادية وطنيةوعالمية دقيقة.
استراتيجية شاملة
ويرى أستاذ الاقتصاد عبد القادر بودريقة ان توفير فرص الشغل لا ينحصر في بعث الشركات وانما يتعلق باستراتيجية وطنية شاملة لتحسين مناخ الأعمال، وهذا الامر يشمل تسهيل عملية بعث المؤسسات حيث يبلغ المعدل في تونس قرابة 60 بالمائة في حين لا يتجاوز المعدل العالمي 15 بالمائة، لذلك يجب احداث توازن.
وأبرز عبد القادر بودريقة في تصريح لـاالصحافة اليومب ان هذه الاستراتيجية تشمل توفير التمويلات وتقليص البيروقراطية والتصاريح وتوفير المعلومة حول النشاطات الاقتصادية في الأسواق.
ولاحظ بودريقة ان المؤسسات الصغرى والمتوسطة هي الرافعة الأساسية لتوفير مواطن شغل ذات جودة و هو ما يتطلب رؤية واضحة للحكومة، مشيرا الى ان وزارة التخطيط والاقتصاد صادقت في أكتوبر 2022 على البرنامج الوطني لتحسين مناخ الأعمال الذي يضم عديد الإجراءات التي لم يقع العمل على تفعيلها.
وطالب أستاذ الاقتصاد بفتح الأسواق داخليا وخارجيا لأصحاب المؤسسات الصغرى والناشئة والأهلية لتطوير أدائها وخاصة فتح الأسواق في القطاع الخاص من خلال السماح للشركات الكبرى بالقيام بشراءات من المؤسسات الصغرى او الناشئة مع العمل على احداث ديناميكية في المؤسسات الموجودة وتطوير اعمالها.
وذكر محدثنا ان تونس يتم فيها بعث شركتين لكل الف ساكن في حين ان المعدل العالمي يبلغ 4.5 مما يحتم على تونس وضع هدف لسنة 2030 ببلوغ المعدل العالمي وهكذا يتم توفير 90 الف موطن شغل كل سنة.
واجمالا يجب ان تكون استراتيجية الدولة مهمة ومعمّقة تؤمن بأهمية بعث المؤسسات وتضع ريادة الاعمال في قلب السياسة العامة ثم يأتي تنزيل هذه السياسة العامة في قانون المالية.
وبخصوص قانون المالية 2024 ثمّن عبد القادر بودريقة منح امتياز جبائي للشركات التي سيتم بعثها من خلال اعفائها من الجباية لمدة 4 سنوات لكن ايضا دعا الى اتخاذ إجراءات أخرى مهمة لان المشكل في خلق مواطن شغل ليس التمويل وتخطي التعقيدات الإدارية وانما هو تحسين مناخ الاعمال.
باختصار، رؤية بودريقة تعكس الحاجة إلى استراتيجية متكاملة تشمل التمويل، وتيسير العمليات، ودعم المشروعات الصغيرة لتعزيز نمو الاقتصاد وتحقيق فعالية أكبر في استغلال الفرص الاقتصادية، ويشير أستاذ الاقتصاد الى ضرورة مراجعة الاستراتيجية الحالية او اعتماد استراتيجية أخرى.
غدا الاثنين وفي جلسة عامة مشتركة : قانون المالية والميزانية تحت مجهر المجلسين…
ينطلق يوم غد الاثنين الجزء الثاني من الجلسة العامة المشتركة لأعضاء مجلس نواب الشعب وأعضاء …