تنقيح مرسوم الصلح الجزائي والفصل 96 من المجلة الجزائية: للضرورة أحكامها…!
مثّل تنقيح المرسوم المتعلق بالصلح الجزائي وتنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية أحد محاور الاجتماع الذي عقده رئيس الجمهورية قيس سعيد أمس الأول بكل من رئيس الحكومة أحمد الحشاني ووزيرة العدل ليلى جفال ووزيرة المالية سهام بوغديري نمصية. وحسب بلاغ أصدرته رئاسة الجمهورية حول هذا الاجتماع فان كلا من المرسوم والفصل المذكورين سيتم عرضهما على مجلس الوزراء للتداول فيهما قبل إحالتهما إلى مجلس نواب الشعب.
وليست المرة الأولى التي يتطرق فيها الرئيس إلى مسألة تنقيح المرسوم المتعلق بالصلح الجزائي، حيث أثاره سابقا مع وزيرة العدل وأكد على ضرورة أن يتم ذلك في اقرب الآجال باعتبار أن الهدف منه هو الصلح من اجل استرجاع أموال الشعب لمن جنح لهذا الصلح صادقا، ليستعيد إثره المعنيون به نشاطهم أحرارا طلقاء في كنف احترام القانون. كما تطرق الرئيس أيضا خلال لقاء سابق مع رئيس الحكومة إلى الفصل 96 من المجلة الجزائية، حيث انتقد أداء الإدارة والمرافق العمومية، وأكد على ضرورة تنقيحه في أقرب الآجال، واصفا وضعها بأنه اغريب وغير طبيعيب.
وللإشارة فإن نص مرسوم الصلح الجزائي ضبط إجراءات الصلح مع الدولة صلحا جزائيا في الجرائم الاقتصادية والمالية والأعمال والممارسات التي تترتّب عنها منافع غير شرعية أو يمكن أن تترتّب عنها منافع غير شرعية أو غير مشروعة والتي أنتجت ضررا ماليا للدولة والجماعات المحليّة والمنشآت والمؤسسات والهيئات العمومية أو أيّ جهة أخرى وذلك تكريسا لمبدإ العدالة الجزائية التعويضية.
وكان من المنتظر من رجال الأعمال المعنيين بالصلح الجزائي من اجل تنظيف سجلهم والعودة إلى العمل بكل حرية الانخراط في هذا المسار، إلا أن واقع الحال يؤكد انه لم يسر بالنسق المطلوب ولم يحقق النتائج المأمولة، سواء من ناحية الإقبال على تسوية الوضعيات أو من ناحية الأموال المسترجعة. فمن بين مئات المعنيين بهذا الملف لم يتقدم لتسوية وضعيتهم سوى أكثر بقليل من المائة. أما الأموال التي كان من المؤمل استرجاعها وتعد بآلاف المليارات فانه لم يسترجع منها سوى عشرات المليارات.
ويبدو أن الثغرات أو العقبات التي حالت دون النسق المأمول لهذا المسار وأضعفت جدواه بات من الضروري تجاوزها. وقد كان العديد من الخبراء قد شككوا من البداية في جدوى الصلح الجزائي وراهنوا على فشله. وهو ما لم يقبله الرئيس قيس سعيد وأبدى حرصه على تنقيح المرسوم عدد 13 الصادر في 20 مارس 2022 المتعلق بالصلح الجزائي وتوظيف عائداته. ويتجه التعديل نحو اقتراح دفع رجال الأعمال الموقوفين في قضايا فساد الأموال مقابل مغادرة السجن. ولعل مثل هذا الإجراء سيكون دافعا لمن أودع السجن من هؤلاء لإرجاع ما عليه ثمنا لحريته واستعادة نشاطه ويحفز البقية على الدفع لتفادي السجن. وقد يكون ذلك أكثر نجاعة بالنسبة للمالية العمومية لتسترجع أكثر ما أمكن من أموال الشعب.
أما في ما يخص الفصل 96 من المجلة الجزائية فقد تبين انه معرقل للاستثمار ومكبّل للإدارة التونسية وأصبح يمثل هاجسا أمام كل من يضطلع بمهمة وزارية أو يرأس مؤسسة اقتصادية أو بنكية عمومية أو يضطلع بمسؤولية التصرف بإدارة عمومية أو شبه عمومية. وهو فصل يخشاه إطارات الدولة ومن هم في مواقع اتخاذ القرار ومطالبون بالإمضاء على قرارات رسمية أو توقيع اتفاقيات تمويل أو مشاريع صفقات وغيرها. إذ يتوجسون السقوط في التتبعات الجزائية. وبالتالي أصبح هذا الفصل عائقا دون التصرف العادي للإدارة، باعتبار أن مسؤوليها قد يجدون أنفسهم على ضوء ما ينص عليه بصدد عقوبة سجنية قاسية.
وللتخفيف من وطأة ما ينص عليه هذا الفصل فقد أكد الرئيس على ضرورة تنقيحه في أقرب الآجال. وفي هذا الاتجاه أيضا كانت الكتلة الوطنية المستقلة بالبرلمان قد قدمت منذ مدة مبادرة لتعديل الفصل 96 من المجلة الجزائية. وقد عللت هذه الكتلة مبادرتها بأن تعديل هذا الفصل أضحى أكثر من الضروري حتى لا تنعدم نهائيا لدى مسؤولي الدولة وإطاراتها وأعوانها ملكة الاجتهاد والمبادرة.
في لقاء رئيس الجمهورية بوزير الشؤون الاجتماعية : التأكيد مرّة أخرى على الدّور الاجتماعي للدّولة..
ايمانا بأهمية دورها في تكريس الدور الاجتماعي للدولة وفي تحديد الأولويات والأهداف ضمن مخططا…