على بعد أمتار من نهاية الشوط: انطباعات مختلفة عن استحقاق انتخابي غير مسبوق
ربما تكون خصوصية الحدث، أو الظرف الذي يتنزل فيه، سواء وطنيا أو جهويا ومحليا، وربما أيضا كثرة المواعيد التي ذهب فيها التونسيون للتصويت في السنوات الاخيرة، أو حتى الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد، هي التي جعلت من السباق الانتخابي الذي تعيشه تونس اليوم، أشبه بأمر عادي جدا دون ان يتحول الى حدث يشغل الناس او يستقطب اهتمام وسائل الاعلام العالمية او يتحوّز على جزء كبير من اهتمامات الرأي العام في تونس والخارج، كما وقع مع انتخابات سابقة، لم يمر على بعضها سوى أشهر معدودات.
كثير من الذين تابعنا تدخلاتهم وتحليلاتهم يرون ان الفرق في اهمية الاستحقاق، أو بالاحرى الفرق في ما سيؤدي اليه التصويت هو الذي جعل من هذه الانتخابات غير جالبة للاهتمام، اي ان الذي سيفوز فيها لن يكون في موقع سلطة ونفوذ قويين يمكنانه من تنفيذ الوعود وقضاء الحاجات وانجاز المشاريع، بل سيكون فقط عضوا في مجلس محلي يجتمع ليتدارس ثم يقترح ثم ينتظر السلطات الاعلى منه ان كانت ستنفذ مقترحاته ام لا.
هذا الفرق جعل الرهان متواضعا نوعا ما، اضافة الى نوع من الخمول المواطني تجاه عملية لم يعهدها من قبل، اذ تعلم الناس منذ الاستقلال وحتى ما قبله ان السلطات الجهوية هي في المحصلة وظائف سامية في الجهة، يقع تعيينها امن فوقب ولا يدري أحد متى تتغير ولا متى تبقى او تذهب، هي فقط خطط ادارية يأتي بمقتضاها موظفون في الاغلب سابقا لا يعرفهم أحد، ينفذون ما يرسمه المركز، أي العاصمة بكل سلطاتها ومراكز نفوذها، بدقة وتفان، ومن يخطئ يقع عزله او تغييره، وهكذا دواليك، ولم يتعود الناس ان ينتخبوا سلطات بديلة او موازية للوالي والمعتمد والعمدة، فهذه تتطلب كثيرا من الوقت والدّربة وكثيرا من الجهد لاستيعابها والتعود عليها.
كما ان المترشحين أنفسهم، لم تبد على كثير منهم الحماسة الكافية كما يحدث مع المترشحين لمجلس النواب مثلا، فلا مطبوعات كثيرة ولا مهرجانات خطابية ضخمة ولا أبواق ولا ملصقات وصور وشعارات ولافتات، هي فقط وكأنها نوع من أداء واجب الاتصال االخجولب ببعض الناس من ابناء العمومة والاجوار والاهل والاصدقاء، من أجل تحريضهم على التصويت لهذا المترشح، او وعود محتشمة يعطيها المترشحون للناس وهم غير واثقين ان كانوا سيقدرون على تنفيذها ام لا.
ورغم ان اياما فقط تفصلنا عن ساعة التصويت، الا ان الحملة لم تأخذ بعد الزخم المطلوب او الاهتمام اللازم الذي يجعل منها حدثا وطنيا بامتياز، خاصة على مستوى الشارع والتجمعات العامة والمهرجانات الانتخابة، وقد يكون ذلك كما أسلفنا ناتجا عن عدم أهمية المناصب المترشح لها، او كذلك عن غياب القوى الحزبية القادرة على تحريك الشارع وخلق أجواء انتخابية وبثّ الدعاية، بمختلف أنواعها واشكالها، وايجاد مناخ منافسة يجعل المرشح متحفزا للدفاع عن برنامجه، ويخلق نوعا من التحدي وكثيرا من الرهانات، في حين ان اقتصارها على مترشحين فرديين، او ممن تدعمهم تيارات مازالت ضعيفة الحضور جماهيريا في الاحياء والارياف وفي أعماق المدن، له تأثير أيضا على جعل المنافسة تكون نوعا ما باردة وغير ذات أهمية أو لا تمثل رهانا كبيرا يجب كسبه كما في استحقاقات سابقة، حيث كانت الانتخابات محرارا لمعارك ايديولوجية، ومجالا لتصفية حسابات سياسية وتسجيل أهداف على خصوم في الفكر والانتماء والعقيدة.
ولا يمكن ايضا التغاضي عن الشكل المستحدث لهذه الانتخابات، حيث انها قانونيا تبدو معقدة وغامضة، فاضافة الى مسألة القُرعة التي ستجرى يوم التصويت، فالمجالس الجهوية نفسها غير واضحة في كثير من مفاصلها القانونية، اذ يتساءل كثيرون عن الجدوى من مجالس جهوية مهمتها فقط معاضدة قوى الدولة في الجهات، ولا تعتبر قراراتها ملزمة، بل نوع منها سيقع تجديده كل ثلاثة أشهر، والبقية مهددة بقانون سحب الوكالة في اي لحظة، كما ان تمثيليتها مازالت غير مفهومة للكثير ممن سيصوتون ومن المترشحين أنفسهم الذين لا يجدون في غالب الاحيان ما يجيبون به عن التساؤلات حول المهام والوظائف، فيلجأ أغلبهم الى الحديث عن التنوير العمومي وتعبيد الطرقات والتعليم والصحة، والتي من المفترض انها بنية أساسية متوفرة منذ عشرات السنين ولا تحتاج الى مجالس منتخبة من أجل احداثها في موفى 2023.
مهرجان السينما المتوسطية بشنني «الأرض أنا، الفيلم أنا.. إنا باقون على العهد»: تطور كبير وحضور مؤثّر وفاعل للمخرج السوري سموءل سخية
استطاع المدير الفني لمهرجان السينما المتوسطية بشنني في الدورة 19 المخرج السوري سموءل سخية …