بين تونس وليبيا العلاقة أكبر من أن تكون رقابية..!
غابت منذ فترة اللقاءات الرسمية بين المسؤولين في تونس وليبيا كما غابت أخبار الشراكة والعلاقة بين البلدين في وسائل الإعلام المحلية فيما بقي منسوب الحركة المواطنية بين الجانبين صامدا للعديد من الاعتبارات التاريخية والاجتماعية والاقتصادية والصحية والتعليمية وغيرها.
ولعل أكثر العبارات التي افتقدناها خلال الفترة الماضية هي أننا إزاء اشعب واحد في دولتينب وان اأمن تونس من أمن ليبيا وأمن ليبيا من أمن تونسب وغيرها من الجمل الرنّانة التي تنبع حقيقة من الأعماق في بعض الأحيان لكنها على ما يبدو كانت بروتوكولية وشكلية في أحيان كثيرة أخرى..
نهاية الأسبوع الماضي ومطلع الأسبوع الجاري، عادت الحرارة الى العلاقة بين البلدين وجرى لقاء أول داخل مجلس نواب الشعب أين استقبل نائب رئيس البرلمان التونسي القائم بالأعمال بالنيابة بسفارة دولة ليبيا بتونس، وجرى اللقاء الثاني بمعبر رأس الجدير الحدودي بين وزير الداخلية كمال الفقي ونظيره الليبي عماد طرابلسي وعقدا معا مؤتمرا صحفيا أكدا فيه الاستعداد المشترك لتطوير عمل الأجهزة الرقابية داخل المعبر واتخاذ كل الإجراءات لتسهيل حركة المسافرين والبضائع والشاحنات التجارية.
إن العلاقة بين تونس وليبيا هي أكبر من أن نختزلها في الجانب الأمني على أهميته فقد عرفت سنوات ما بعد 2011 انفلاتا كبيرا سمح بضرب أمن البلدين في مقتل، وأصبحت الحدود للأسف مصدرا للقلق للجانبين فموجة ما يعرف بالتسفير إلى بؤر التوتر كانت تنطلق من بلادنا نحو ليبيا ومنها الى تركيا وبعدها الى سوريا والعراق دون ان ننسى هروب العناصر المطلوبة للعدالة وخاصة منهم المشتبه بهم والمورطين في القضايا الإرهابية.
وفي المقابل كان االعائدونب والحالمون الواهمون بتأسيس الإمارات على أرضنا بمثابة القنابل الموقوتة التي تواطأت جهات داخلية معها من أجل زعزعة استقرار تونس ومحيطها وخلط أوراق السياسة والهيمنة على البلاد والعباد.
والحقيقة الثابتة اليوم، هو انه رغم الهزات ورغم الثغرات ورغم تورط بعض الأبناء الضّالين في البلدين في الإساءة للجانبين والشعبين، فان حبل الود لم ينقطع وهبّة التونسيين لاستقبال أشقائهم الليبيين بين 2011 و2012 ما تزال في البال وكذلك استمرار العلاقات الاقتصادية والتجارية المثمرة والبناءة ولو بشكل محدود في بعض الحالات، وفي حالات أخرى شبه منعدمة نتيجة تدخلات خارجية أو حسابات داخلية خاطئة لم تعد مقبولة بكل المقاييس.
لقد أهدر الشعبان كثيرا من الوقت وكثيرا من إمكانيات النهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلدين، ولئن كانت المسؤولية مشتركة وعامة فان السلط في البلدين تتحمل نصيب الأسد منها كما يقال..
وفي هذا الإطار يطرح المتابعون للعلاقات بين البلدين سؤالا وجيها حول حضور تونس في الشقيقة ليبيا ونصيبها من مشاريع إعادة الإعمار في الوقت الذي تهرول فيه دول أخرى لابتزاز الشعب الليبي والاستئثار بثرواته والتأثير في خياراته السياسية الوطنية تحت يافطة الدعم الأخوي المغشوش.
في الوقت ذاته يثير تردد السلطات الليبية في التقدم بالشراكة مع تونس كثيرا من الاستغراب لان الأمر لا يتعلق فقط كما أسلفنا بالجانب الأمني والرقابي وإنما أيضا بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية والتجارية وغيرها وضرورة الإقدام على الاستثمار في كل المجالات.
لقد استبشر التونسيون والليبيون كثيرا بعودةحركة الطيران بين البلدين وحتى حركة البواخر إضافة إلى حركة السير عبر الطرقات لكن الحمائية المفرطة على ما يبدو تحول دون الاستمرار والتقدم، والأمل اليوم في أن يسمح هذا الجهد الرقابي في تأمين الحدود من خلال تركيز كاميرات المراقبة وتفعيل دور المعابر الرسمية بالوصول الى حلول جذرية ونهائية لأشكال الاكتظاظ ومعالجة عدة قضايا تهم التهريب والاتجار بالبشر والمخدرات وكل أشكال الجريمة المنظمة التي قد تهدّد البلدين.
صحيح أن المناخ السياسي المتلبّد في البلدين والأزمات المركّبة فيهما تعيقان التقدم وتعزيز الشراكة لكن قدر تونس وليبيا وقدر الشعبين الشقيقين النهوض والتفطن إلى أن الوقت ينفد وأن الأيادي المرتعشة لا تكتب التاريخ ولا تحرّك الجغرافيا.
في الذكرى الأولى لملحمة طوفان الأقصى «7 أكتوبر..»: نصف الطريق إلى.. القدس عاصمة فلسطين
بكثير من الألم والحزن لفقدان آلاف الأشقاء، لكن أيضا بكثير من الاعتزاز والثقة والتفاؤل نحيي…