2023-12-13

التجارة الموازية تواصل الاضرار بالاقتصاد التونسي: 1.2 مليار دينار خسائر سنوية منها 500 مليون دينار معاليم ديوانية

ما‭ ‬تزال‭ ‬معضلة‭ ‬التجارة‭ ‬الموازية‭ ‬تراوح‭ ‬مكانها‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تعرف‭ ‬طريقها‭ ‬إلى‭ ‬الحل‭ ‬رغم‭ ‬دعوات‭ ‬عديد‭ ‬الأطراف‭ ‬من‭ ‬مكونات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬بالشأن‭ ‬الإقتصادي‭ ‬والوطني‭ ‬وخبراء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬إلى‭ ‬معالجة‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬المستفحلة‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬والتي‭ ‬أرهقت‭ ‬الجسم‭ ‬الإقتصادي‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬المالي‭ ‬نتيجة‭ ‬الخسائر‭ ‬الجسيمة‭ ‬التي‭ ‬تتكبدها‭ ‬خزينة‭ ‬الدولة‭ ‬جراء‭ ‬التهرب‭ ‬الضريبي‭ ‬وكذلك‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬التنافسية‭ ‬الاقتصادية‭. ‬وقد‭ ‬فتحت‭ ‬التجارة‭ ‬الموازية‭ ‬الأبواب‭ ‬على‭ ‬مصراعيها‭ ‬لاقتحام‭ ‬البضائع‭ ‬المهربة‭ ‬للسوق‭ ‬التونسية‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تستجيب‭ ‬لقواعد‭ ‬التجارة‭ ‬المنظمة‭ ‬من‭ ‬رقابة‭ ‬و‭ ‬دفع‭ ‬الضرائب‭ ‬وترويج‭ ‬البضائع‭ ‬في‭ ‬المسالك‭ ‬المنظمة‭  ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الضرر‭ ‬التي‭ ‬ألحقته‭ ‬بالمنتوج‭ ‬التونسي‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يقاوم‭ ‬السعر‭ ‬الزهيد‭ ‬الذي‭ ‬تباع‭ ‬به‭ ‬االبضائع‭ ‬الموازيةب‭, ‬فتضررت‭ ‬عديد‭ ‬القطاعات‭ ‬من‭ ‬غول‭ ‬التهريب‭ ‬والبضائع‭ ‬المهربة‭ ‬التي‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬شبكاتها‭ ‬لوبيات‭ ‬نافذة‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬آلة‭ ‬الردع‭ ‬و‭ ‬المراقبة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬الإطاحة‭ ‬بهم‭ ‬أو‭ ‬إيجاد‭ ‬صيغ‭ ‬ملائمة‭ ‬لإقحامهم‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬المنظم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬معالجة‭ ‬الأضرار‭ ‬والخسائر‭ ‬التي‭ ‬يتكبدها‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬سنويا‭ ‬جراءها‭ ‬و‭ ‬الذي‭ ‬تقدره‭ ‬الإحصاءات‭ ‬المنشورة‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬1.2‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬منها‭ ‬500‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬معاليم‭ ‬ديوانية‭.‬

كما‭ ‬تشير‭ ‬المعطيات‭ ‬الكمية‭ ‬المتداولة‭ ‬أن‭ ‬ثلث‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬يتخذ‭ ‬طابعا‭ ‬غير‭ ‬رسمي‭ ‬وأن‭ ‬ذلك‭ ‬يعني‭ ‬ان‭ ‬ثلث‭ ‬الناتج‭ ‬الوطني‭ ‬الخام‭ ‬يتأتى‭ ‬من‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الموازي‭ ‬وهو‭ ‬ما‭  ‬يؤدي‭ ‬الى‭ ‬التهرب‭ ‬الضريبي‭ ‬وغياب‭ ‬العدالة‭ ‬الجبائية‭ ‬وما‭ ‬ينجر‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬سلبية‭ ‬وخطيرة‭ ‬تنهش‭ ‬المنظومة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وتهدد‭ ‬ديمومة‭ ‬الدولة‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الظرف‭ ‬الراهن‭ ‬الذي‭ ‬تتقاذفه‭ ‬العوامل‭ ‬الخارجية‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬تطورات‭ ‬خطيرة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬وتأثيراته‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬وكذلك‭ ‬العوامل‭ ‬الداخلية‭ ‬وما‭ ‬تشهده‭ ‬من‭ ‬تواصل‭ ‬لحالة‭ ‬الكساد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬مبادرات‭ ‬الإستثمار‭ ‬وخلق‭ ‬الثروة‭ ‬وشح‭ ‬الموارد‭ ‬المالية‭ ‬للدولة‭ ‬وارتفاع‭ ‬التضخم‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المؤشرات‭  ‬الإقتصادية‭ ‬السلبية‭ .‬

كما‭  ‬كشف‭ ‬تقرير‭ ‬أصدرهً‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬منذ‭ ‬سنتين‭ ‬تقريبا‭ ‬أن‭ ‬حجم‭ ‬التجارة‭ ‬الموازية‭ ‬والتهريب‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬التونسية‭ ‬الليبية‭ ‬والحدود‭ ‬التونسية‭ ‬الجزائرية،‭ ‬يصل‭ ‬1.13‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬سنوياً‭ ‬إذ‭ ‬التهريب‭ ‬يمثل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬المعاملات‭ ‬التجارية‭ ‬لتونس‭ ‬مع‭ ‬ليبيا،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬تقدير‭ ‬مستوى‭ ‬التجارة‭ ‬غير‭ ‬الرسمية‭ ‬مع‭ ‬الجزائر‭ ‬لأنها‭ ‬أكثر‭ ‬انتشاراً‭ ‬وأكثر‭ ‬سرية‭.‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬يمكن‭ ‬تقدير‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬15٪بالمائة‭ ‬من‭ ‬البنزين‭ ‬المستهلك‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬الواردات‭ ‬غير‭ ‬الرسمية‭ ‬من‭ ‬الجزائر‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تجارة‭ ‬الوقود‭ ‬والعجلات‭ ‬المطاطية‭ ‬هي‭ ‬الأكثر‭ ‬رواجاً‭ ‬وتعتمدها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬60‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬الشاحنات‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النشاط‭ ‬وأن‭ ‬التهريب‭ ‬ينشط‭ ‬كثيراً‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬السجائر‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬والجزائر‭ ‬ويعتبر‭ ‬هذا‭ ‬الرقم‭ ‬هائلاً‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬محدودية‭ ‬السوق‭ ‬التونسية‭ ‬والوضعية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الحالية‭ ‬ويعكس‭ ‬مدى‭ ‬تطور‭ ‬السوق‭ ‬الموازية‭ ‬في‭ ‬النسيج‭ ‬التجاري‭ ‬العام‭ ‬للبلاد‭ ‬وكأنه‭ ‬أصبح‭ ‬هو‭ ‬القاعدة‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنه‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الاستثناء‭ ‬باعتبار‭ ‬طابعه‭ ‬غير‭ ‬القانوني‭ ‬والمارق‭ ‬عن‭ ‬الدولة‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ما‭ ‬يسببه‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬خسائر‭ ‬مالية‭ ‬جسيمة‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬يستوجب‭ ‬جديا‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬الحلول‭ ‬المتاحة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إدماج‭ ‬التجارة‭ ‬الموازية‭ ‬ضمن‭ ‬المنظومة‭ ‬القانونية‭ ‬و‭ ‬فق‭ ‬إجراءات‭ ‬محفزة‭ ‬للمنتمين‭ ‬للمنظومة‭ ‬الموازية‭ ‬حتى‭ ‬تتم‭ ‬الأمور‭ ‬بسلاسة‭ ‬وبطريقة‭ ‬براغماتية‭ ‬ولا‭ ‬تتعثر‭ ‬هذه‭ ‬المساعي‭ ‬كسابقاتها‭ ‬ومنها‭ ‬حزمة‭ ‬إجراءات‭ ‬قانونية‭  ‬قام‭ ‬بها‭ ‬وزير‭ ‬مالية‭ ‬سابق‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إدماج‭ ‬القطاع‭ ‬الموازي‭ ‬بالمنظومة‭ ‬التجارية‭ ‬المنظمة‭ ‬ورغم‭ ‬مصادقة‭ ‬البرلمان‭ ‬حينها‭ ‬عليها‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يقع‭ ‬تطبيقها‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

تونس و البنك الدولي : مؤشرات التعاون إيجابية

في زيارة أدّاها وفد عن البنك الدولي لبلادنا التقى خلالها رئيس الدولة قيس سعيّد بقصر قرطاج …