2023-12-12

نوّاب الشعب يصادقون على أوّل ميزانية وقانون مالية لهم لسنة 2024 : هل كان بالإمكان أفضل مما كان؟

على‭ ‬أنغام‭ ‬النشيد‭ ‬الوطني‭ ‬وبابتسامات‭ ‬عريضة‭ ‬وحرص‭ ‬فردي‭ ‬على‭ ‬تخليد‭ ‬اللحظة‭ ‬التاريخية‭ ‬بالصور‭ ‬التذكارية‭ ‬واالسلفياتب‭ ‬ورفع‭ ‬شارة‭ ‬النصر،‭ ‬أجل‭ ‬شارة‭ ‬النصر،‭ ‬أنجز‭ ‬نواب‭ ‬الشعب‭ ‬االجددب‭ ‬ما‭ ‬جرت‭ ‬به‭ ‬العادة‭ ‬والعرف‭ ‬والقانون‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬مطلوب‭ ‬منهم‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬وصادقوا‭ ‬بأغلبية‭ ‬مريحة‭ ‬لفائدة‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬2024‭ ‬بـ116‭ ‬صوت‭ ‬مع‭ ‬و4‭ ‬أصوات‭ ‬ضد‭ ‬واحتفاظ‭ ‬26‭ ‬نائبا‭ ‬بأصواتهم‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬صادقوا‭ ‬خلال‭ ‬ماراطون‭ ‬من‭ ‬النقاشات‭ ‬على‭ ‬ميزانيات‭ ‬مختلف‭ ‬المهمّات‭ ‬والوظائف‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬ميزانية‭ ‬العام‭ ‬2024‭ ‬أيضا‭. ‬

وكما‭ ‬هو‭ ‬معلوم‭ ‬فقد‭ ‬انطلق‭ ‬مجلس‭ ‬نواب‭ ‬الشعب‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬ومشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬24‭ ‬منذ‭ ‬17‭ ‬نوفمبر‭ ‬المنقضي‭ ‬فيما‭ ‬تواصلت‭ ‬المداولات‭ ‬بشان‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬منذ‭ ‬6‭ ‬ديسمبر‭ ‬2023‭. ‬هذا‭ ‬وقد‭ ‬تميّز‭ ‬افتتاح‭ ‬ماراطون‭ ‬المناقشة‭ ‬بحضور‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬احمد‭ ‬الحشاني‭ ‬وكلمته‭ ‬التي‭ ‬أذابت‭ ‬كل‭ ‬الجليد‭ ‬المتراكم‭ ‬بين‭ ‬القصبة‭ ‬وباردو‭ ‬وبين‭ ‬الوظيفة‭ ‬التنفيذية‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬والوظيفة‭ ‬التشريعية،‭ ‬وكان‭ ‬الرجل‭ ‬مرنا‭ ‬ولطيفا‭ ‬وواقعيا‭ ‬وهزليا‭ ‬لدرجة‭ ‬ضمن‭ ‬فيها‭ ‬تعاطف‭ ‬النواب‭ ‬وحتى‭ ‬جمهور‭ ‬المشاهدين‭ ‬داخل‭ ‬تونس‭ ‬وخارجها‭. ‬

وللأسف‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬كلمة‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬أهميتها‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬التطبيع‭ ‬مع‭ ‬نواب‭ ‬الشعب‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬انتظارات‭ ‬التونسيين‭. ‬فهي‭ ‬لم‭ ‬تقدم‭ ‬إجابات‭ ‬كبرى‭ ‬حول‭ ‬منوال‭ ‬التنمية‭ ‬مثلا‭ ‬أو‭ ‬طرق‭ ‬تعبئة‭ ‬ودعم‭ ‬موارد‭ ‬ميزانية‭ ‬العام‭ ‬الجديد،‭ ‬وخاصة‭ ‬عدم‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬المناخ‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والسياسي‭ ‬الذي‭ ‬يتسم‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الاحتقان‭ ‬صراحة،‭ ‬ويقلق‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬كبير‭ ‬السلم‭ ‬الأهلي‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬صار‭ ‬واضحا‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬الميزانية‭ ‬وفي‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬فيه‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المخاطر‭ ‬التي‭ ‬توقّف‭ ‬عندها‭ ‬طيف‭ ‬واسع‭ ‬من‭ ‬المختصين‭ ‬ومن‭ ‬المعنيين‭ ‬بالشأن‭ ‬العام‭ ‬سواء‭ ‬منه‭ ‬الاقتصادي‭ ‬أو‭ ‬السياسي‭ ‬أو‭ ‬الاجتماعي‭. ‬

نقاط‭ ‬إيجابية

وحتى‭ ‬نعطي‭ ‬لكل‭ ‬حق‭ ‬حقه،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬أن‭ ‬نواب‭ ‬الشعب‭ ‬الجدد‭ ‬نجحوا‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬امتحان‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬تمرير‭ ‬ميزانية‭ ‬العام‭ ‬الجديد،‭ ‬وقد‭ ‬اعترف‭ ‬الكثير‭ ‬منهم‭ ‬بأن‭ ‬الامتحان‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يسيرا‭ ‬وبأنهم‭ ‬تعلّموا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬وأنهم‭ ‬سيقومون‭ ‬بالمراجعات‭ ‬الضرورية‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭. ‬

ثانيا،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬في‭ ‬قراءة‭ ‬أولى‭ ‬سواء‭ ‬للنصوص‭ ‬المعتمدة‭ ‬أو‭ ‬للنقاش‭ ‬العام‭ ‬الذي‭ ‬فاخر‭ ‬رئيس‭ ‬البرلمان‭ ‬انه‭ ‬استنزف‭ ‬الساعات‭ ‬الطوال،‭ ‬أن‭ ‬ننكر‭ ‬التركيز‭ ‬الكبير‭ ‬على‭ ‬الدور‭ ‬الاجتماعي‭ ‬للدولة‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬محمود‭. ‬فتونس‭ ‬مثلها‭ ‬مثل‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬التابعة‭ ‬أو‭ ‬الدائرة‭ ‬في‭ ‬فلك‭ ‬الرأسمالية‭ ‬والعالم‭ ‬الحر،‭ ‬مهددة‭ ‬بضرب‭ ‬دور‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بحجة‭ ‬تحرير‭ ‬المبادرة،‭ ‬التي‭ ‬أثبت‭ ‬التاريخ‭ ‬والواقع‭ ‬غياب‭ ‬أصحابها‭ ‬وربما‭ ‬خوفهم‭ ‬وحرصهم‭ ‬المبالغ‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬الاستثمار‭ ‬والمغامرة‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬يغيب‭ ‬فيه‭ ‬الاستقرار‭ ‬وتطول‭ ‬فيه‭ ‬المراحل‭ ‬الانتقالية‭ ‬وتغيير‭ ‬منظومات‭ ‬الحكم‭.‬

‭ ‬ثالثا‭ ‬شعار‭ ‬آخر‭ ‬بارز‭ ‬ظهر‭ ‬في‭ ‬الميزانية‭ ‬الجديدة،‭ ‬وهو‭ ‬التعويل‭ ‬على‭ ‬الذات،‭ ‬وهو‭ ‬خيار‭ ‬وطني‭ ‬سيادي‭ ‬متقدم‭ ‬ولا‭ ‬جدال‭ ‬فيه،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬طرحه‭ ‬بالشكل‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬به‭ ‬يضع‭ ‬النواب‭ ‬أولا‭ ‬أصحاب‭ ‬الوظيفة‭ ‬التشريعية‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أصحاب‭ ‬الوظيفة‭ ‬التنفيذية‭ ‬أمام‭ ‬امتحان‭ ‬أصعب‭ ‬وهو‭ ‬عدم‭ ‬إرهاق‭ ‬وإثقال‭ ‬كاهل‭ ‬المواطن‭ ‬الذي‭ ‬سيجد‭ ‬نفسه‭ ‬مضطرا‭ ‬لدفع‭ ‬فاتورة‭ ‬التعويل‭ ‬على‭ ‬الذات‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬نتحدث‭ ‬فيه‭ ‬عن‭ ‬عولمة‭ ‬اقتصادية‭ ‬وعن‭ ‬شركات‭ ‬دولية‭ ‬وعن‭ ‬مصلحة‭ ‬مشتركة‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬والمؤسسات‭ ‬المالية‭. ‬والخطر‭ ‬يكمن‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬اضطرارنا‭ ‬للإنكماش‭ ‬والانغلاق‭ ‬والعزلة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تتقلص‭ ‬فيه‭ ‬سبل‭ ‬التعويل‭ ‬على‭ ‬الذات‭. ‬فالبلاد‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬معلوم‭ ‬فقيرة‭ ‬ولا‭ ‬وجود‭ ‬فيها‭ ‬لثروات‭ ‬طبيعية‭ ‬كبرى،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬تركات‭ ‬السنوات‭ ‬التي‭ ‬تلت‭ ‬ملحمة‭ ‬14‭ ‬جانفي‭ ‬2011‭ ‬غير‭ ‬المكتملة‭ ‬برمّتها‭. ‬

رابعا،‭ ‬ليس‭ ‬سرّا‭ ‬أن‭ ‬التحدّي‭ ‬الرئيسي‭ ‬أمام‭ ‬الوظيفة‭ ‬التنفيذية‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬تعبئة‭ ‬الموارد‭ ‬رغم‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الجبائية‭ ‬التي‭ ‬تضمنها‭ ‬القانون‭. ‬فالعادة‭ ‬جرت‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬التداين‭ ‬بشقيه‭ ‬الخارجي‭ ‬والداخلي‭ ‬حجر‭ ‬الزاوية‭ ‬في‭ ‬المعادلة‭ ‬المالية‭ ‬للدولة‭. ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬التداين‭ ‬الخارجي‭ ‬أصبح‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬غاية‭ ‬صعبة‭ ‬المنال،‭ ‬فان‭ ‬إثقال‭ ‬البلاد‭ ‬بالتداين‭ ‬الداخلي‭ ‬وما‭ ‬يشكله‭ ‬وفق‭ ‬المختصين‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬دائم‭ ‬على‭ ‬الاستثمار‭ ‬وعلى‭ ‬تحريك‭ ‬عجلة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وعلى‭ ‬تهرئة‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للمواطن‭ ‬التونسي،‭ ‬يفرض‭ ‬على‭ ‬أهل‭ ‬الحل‭ ‬والعقد‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬الحكم‭ ‬القائمة‭ ‬اليوم‭ ‬تحت‭ ‬يافطة‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬2021‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬للتونسيين‭ ‬الحلول‭ ‬التي‭ ‬تغير‭ ‬واقعهم‭ ‬نحو‭ ‬الأفضل‭ ‬وتضمن‭ ‬لهم‭ ‬العيش‭ ‬الكريم،‭ ‬خصوصا‭ ‬وان‭ ‬سقف‭ ‬الشعارات‭ ‬مرتفع‭ ‬للغاية‭. ‬وبالتالي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتماهى‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬سقف‭ ‬الانجازات‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تبقى‭ ‬الفجوة‭ ‬عميقة‭ ‬بين‭ ‬القول‭ ‬والفعل‭. ‬

صعوبات‭ ‬بالجملة

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬أيضا‭ ‬لا‭ ‬نخال‭ ‬أن‭ ‬ملف‭ ‬الأموال‭ ‬المنهوبة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتقدم‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬القادمة‭ ‬حتى‭ ‬ينقذ‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬إنقاذه،‭ ‬وكذلك‭ ‬الأمر‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الصلح‭ ‬الجزائي‭. ‬فالمسألة‭ ‬جد‭ ‬معقدة‭ ‬وامقاومةب‭ ‬رجال‭ ‬الأعمال‭ ‬المشتبه‭ ‬بهم‭ ‬أو‭ ‬المعنيين‭ ‬بالصلح‭ ‬الجزائي،‭ ‬والذين‭ ‬يقبع‭ ‬بعضهم‭ ‬في‭ ‬السجن‭ ‬الآن‭ ‬يصعب‭ ‬عمليا‭ ‬ترتيب‭ ‬الصلح‭ ‬معهم‭ ‬وتحويل‭ ‬الأموال‭ ‬والشروع‭ ‬في‭ ‬الانجاز‭. ‬ونفس‭ ‬الأمر‭ ‬حتى‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬ملف‭ ‬الانتدابات‭ ‬العشوائية‭ ‬المخالفة‭ ‬للقانون،‭ ‬التي‭ ‬حصلت‭ ‬بعد‭ ‬2011‭ ‬فهي‭ ‬وان‭ ‬كان‭ ‬بالإمكان‭ ‬أن‭ ‬تطعم‭ ‬الميزانية،‭ ‬فهي‭ ‬ستخلق‭ ‬دون‭ ‬شك‭ ‬مشكلات‭ ‬اجتماعية‭ ‬وسياسية‭ ‬وحتى‭ ‬جهوية‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬من‭ ‬انتدابات‭ ‬امضروبةب‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬التونسيون‭ ‬خضعت‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬منها‭ ‬للبعد‭ ‬السياسي‭ ‬وللبعد‭ ‬العائلي‭ ‬أيضا‭ ‬والبعد‭ ‬القبلي‭ ‬أو‭ ‬العشائري‭. ‬وبالتالي‭ ‬فان‭ ‬المساس‭ ‬بهذه‭ ‬الشريحة‭ ‬الكبيرة‭ ‬من‭ ‬التونسيين‭ ‬لن‭ ‬تمر‭ ‬مرور‭ ‬الكرام‭. ‬وسنجد‭ ‬أنفسنا‭ ‬فوق‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬أمام‭ ‬تحدّ‭ ‬أخلاقي،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬منهم‭ ‬قد‭ ‬عدّل‭ ‬عقارب‭ ‬حياته‭ ‬وأسس‭ ‬مشروعا‭ ‬واستقرارا‭ ‬عائليا،‭ ‬ربما‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬بالإمكان‭ ‬ضربه‭. ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬ضرورة‭ ‬محاسبة‭ ‬من‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الانتدابات‭ ‬بنفس‭ ‬الدرجة‭ ‬وربما‭ ‬أكثر‭ ‬ممن‭ ‬استفاد‭ ‬منها‭ ‬عبر‭ ‬التوظيف‭.‬

خامسا،‭ ‬وفي‭ ‬علاقة‭ ‬بالعيش‭ ‬الكريم‭ ‬دائما،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نتجاهل‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬صادق‭ ‬عليه‭ ‬نواب‭ ‬الشعب‭ ‬في‭ ‬ظاهره‭ ‬ثوري‭ ‬وسيادي‭ ‬وإنساني،‭ ‬يأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬احتياجات‭ ‬عموم‭ ‬التونسيين‭ ‬غير‭ ‬أننا‭ ‬نكتشف‭ ‬بسهولة‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬نسميه‭ ‬بالتمرير‭ ‬الناعم‭ ‬للإصلاحات‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬أملتها‭ ‬الضرورة‭ ‬عبر‭ ‬المؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬والدول‭ ‬الصديقة‭ ‬والشريكة‭ ‬موجود‭ ‬وبقوة‭. ‬فالالتزام‭ ‬بتقليص‭ ‬كتلة‭ ‬الأجور‭ ‬سواء‭ ‬بمواصلة‭ ‬وقف‭ ‬الانتدابات‭ ‬أو‭ ‬التشجيع‭ ‬على‭ ‬التقاعد‭ ‬المبكر‭ ‬ما‭ ‬يزال‭ ‬قائما‭. ‬وكذلك‭ ‬الأمر‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬معضلة‭ ‬الدعم‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يُرفع‭ ‬في‭ ‬النصوص‭ ‬لكنه‭ ‬رفع‭ ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬بما‭ ‬أن‭ ‬النقص‭ ‬الحاد‭ ‬في‭ ‬المواد‭ ‬الأساسية‭ ‬المدعومة،‭ ‬والتي‭ ‬هي‭ ‬حكر‭ ‬خاص‭ ‬للدولة‭ ‬ضرب‭ ‬من‭ ‬ضروب‭ ‬رفع‭ ‬الدعم‭ ‬بطريقة‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬فالمواطن‭ ‬التونسي‭ ‬اليوم‭ ‬مضطر‭ ‬لشراء‭ ‬الخبز‭ ‬الرفيع‭ ‬بسبب‭ ‬غياب‭ ‬الطحين‭ ‬المدعوم‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬وكذلك‭ ‬الأمر‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬ازيت‭ ‬الحاكمب‭. ‬

سؤال‭ ‬الحقيقة

سادسا‭ ‬وبقطع‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الموقف‭ ‬من‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬الموجودين‭ ‬داخل‭ ‬المجلس‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬المنخرطين‭ ‬فيه،‭ ‬سواء‭ ‬عبر‭ ‬المساندة‭ ‬المطلقة‭ ‬أو‭ ‬المساندة‭ ‬النقدية،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أهداف‭ ‬وشعارات‭ ‬تصحيح‭ ‬مسار‭ ‬الثورة‭ ‬لتتناغم‭ ‬مع‭ ‬الانفجار‭ ‬الثوري‭ ‬تغيير‭ ‬منوال‭ ‬التنمية‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتضمنه‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬الجديد‭ ‬صراحة،‭ ‬ولا‭ ‬ندري‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬إرساء‭ ‬الشركات‭ ‬الأهلية‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬منوال‭ ‬تنمية‭ ‬حسب‭ ‬أنصار‭ ‬الرئيس‭.. !‬

هل‭ ‬كان‭ ‬بالإمكان‭ ‬إذن‭ ‬أفضل‭ ‬مما‭ ‬كان؟‭ ‬

سؤال‭ ‬ستجيب‭ ‬عنه‭ ‬الأيام‭ ‬القادمة‭ ‬وستؤكد‭ ‬بالضرورة‭ ‬إما‭ ‬صواب‭ ‬ما‭ ‬أنجزه‭ ‬نواب‭ ‬الشعب‭ ‬الجدد‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬امتحان‭ ‬جدي‭ ‬لهم،‭ ‬أو‭ ‬صواب‭ ‬خصومهم،‭ ‬وبالتالي‭ ‬خصوم‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬2021‭. ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬يتعلق‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬رئيس‭ ‬البرلمان‭ ‬إبراهيم‭ ‬بودربالة‭ ‬في‭ ‬اختتام‭ ‬أشغال‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬ومشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬2024‭ ‬بالحرص‭ ‬على‭ ‬قيام‭ ‬المؤسسة‭ ‬التشريعية‭ ‬بكل‭ ‬أعمالها،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬التناغم‭ ‬والتعاون‭ ‬بين‭ ‬الوظيفتين‭ ‬التنفيذية‭ ‬والتشريعية‭ ‬وتقديم‭ ‬صورة‭ ‬جديدة‭ ‬للنواب‭ ‬الجدد‭ ‬مخالفة‭ ‬لأسلافهم‭. ‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

لتحقيق التنمية الاقتصادية، السلم الاجتماعي والإشعاع الدولي : التونسيون بالخارج طرف رئيسي في المعادلة

كشف مدير عام ديوان التونسيين بالخارج خلال شهر مارس الماضي أن عدد الجالية التونسية بالخارج …