بعد أن أنهى النظر في مشروع قانون المالية والتصويت عليه البرلمان تنتظره عديد التحدّيات التشريعية
بعد نسق ماراطوني للجلسات العامة في إطار مناقشة مشروع ميزانية الدولة ومشروع الميزان الاقتصادي ومشروع قانون المالية، أنهى مجلس نواب الشعب أمس النظر في مشروع قانون المالية لسنة 2024 والتصويت عليه برمّته.
وبعد هذه المهمة، يبدو أن جدول أعمال البرلمان سيكون حافلا خلال بقية مدته النيابية بالعديد من الأولويات. ولعل الأولوية ستعطى لمشروع قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي تم تعليق النظر فيه، بعد جلسة عامة كانت مثيرة للجدل تمت فيها المصادقة على فصلين من مجموع سبعة فصول. ولم تكتمل عملية التصويت وتم تأجيلها بسبب الجدل الذي أثاره هذا المشروع وحلول موعد مناقشة مشروع قانون المالية وميزانية الدولة. وقد نسلّم بأن هذا المشروع يمثل أولوية، بالنظر إلى تشبث أغلبية نواب البرلمان باستكمال عملية التصويت عليه وتهديدهم بالتصعيد تجاه رئاسة البرلمان إن واصل تعليق الجلسة.
في الأثناء هناك من يعطي الأولوية لمشروع قانون أساسي يتعلق بمهام مجلس الأقاليم والجهات وضبط علاقته بالبرلمان والسلطة التنفيذية بحكم اقتراب تنظيم الانتخابات المحلية التي سينبثق عنها هذا المجلس. وهناك من يعطي الأولوية لمراجعة الفصل 411 من المجلة الجزائية المتعلق بقضايا الصكوك البنكية دون رصيد. وآخرون يرون أن الأولوية يجب أن تعطى لمشروع قانون أساسي للمحكمة الدستورية ولمشروع قانون أساسي للهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وجميع هذه المشاريع في حقيقة الأمر، وغيرها من مشاريع القوانين تهم إصلاحات جوهرية تتطلّبها تونس في مختلف المجالات. فالمجال السياسي كما الاقتصادي والاجتماعي، كلها أولويات وجميعها في حاجة إلى مشاريع قوانين تتماشى ومتطلبات المرحلة التي تمر بها البلاد.
وفي هذا السياق، احتلت مسألة مراجعة الفصل 411 من المجلة الجزائية المتعلق بقضايا الصكوك البنكية صدارة اهتمام الرأي العام التونسي وأصحاب المهن التجارية وأولى مطالبهم من المؤسسة التشريعية. وبغض النظر عن أي حسابات فان لهذا الفصل تداعياته الاجتماعية والاقتصادية التي تقتضي مراجعته في اقرب الآجال. وقد كان الرئيس قيس سعيد منذ أشهر قد دعا بنفسه إلى تنقيح هذا القانون في اتجاه ما يضمن حق الدائن ويرفع الضرر عن المدين. إذ ينص القانون بشكله الحالي على تسليط عقوبة سجنية على المتخلفين عن خلاص الشيكات. وهو اما لا يستفيد منه لا دائن ولا من هو قابع وراء القضبانب.
وعلى ما يبدو فان لجنة التشريع العام لم تتلق إلى اليوم حسب الركن الخاص بها على الموقع الرسمي لمجلس نواب الشعب تحت عنوان امشاريع ومقترحات القوانين المعروضة على اللجنةب أي مبادرة أو مشروع مقترح حول مراجعة الفصل 411 من المجلة الجزائية. في المقابل فإنها تلقت مبادرة من مجموعة نواب تتعلق بتعديل الفصل 96 من المجلة الجزائية. وهو ما دفع هذه اللجنة خلال اجتماع لها أمس من اخذ قرار إدراج مقترحي قانونين متعلقين بتنقيح هذا الفصل ضمن برنامج العمل للفترة القادمة.
وبالرغم من أن لجنة التشريع العام لم تذكّر بالجهة المبادرة إلا انه قد سبق وان أعلن النّائب ظافر الصّغيري في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء بأنّ 15 عضوا من الكتلة الوطنية المستقلة التي تضم 21 نائبا، كانوا قد بادروا بتقديم مشروع قانون يتعلّق بالفصل 96 من المجلّة الجزائية منذ شهر جويلية 2023. وذلك لأن مسألة تعديل هذا الفصل حسب أصحاب المبادرة أضحى أكثر من ضروري حتى لا تنعدم نهائيا لدى مسؤولي الدولة وإطاراتها وأعوانها ملكة الاجتهاد والمبادرة.
وتجدر الإشارة إلى أن الفصل 96 من المجلة الجزائية الذي قررت لجنة التشريع العام النظر في مشروع تنقيحه لا يقل سوءا عن الفصل 411 من نفس المجلة. وبشكله الحالي ينص على انه ايعاقب بالسجن مدة عشرة أعوام وبخطية تساوي قيمة المنفعة المتحصل عليها أو المضرّة الحاصلة للإدارة الموظف العمومي أو شبهه وكل مدير أو عضو أو مستخدم بإحدى الجماعات العمومية المحلية أو الجمعيات ذات المصلحة القومية أو بإحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الصناعية والتجارية أو الشركات التي تساهم الدولة في رأس مالها بصفة مباشرة أو غير مباشرة بنصيب ما أو الشركات التابعة إلى الجماعات العمومية المحلية مكلّف بمقتضى وظيفه ببيع أو صنع أو شراء أو إدارة أو حفظ أي مكاسب استغلّ صفته لاستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه أو لغيره أو للإضرار بالإدارة أو خالف التراتيب المنطبقة على تلك العمليات لتحقيق الفائدة أو إلحاق الضرر المشار إليهماب.
بعد أن كشفت زيارات الرئيس الميدانية تقصير المسؤولين الجهويين : العمل الميداني أصبح من ركائز عمل الولاّة
كشفت الزيارات الميدانية ذات الطابع الفجئي التي أداها رئيس الجمهورية قيس سعيّد الى مختلف ال…