2023-12-11

بعد أن أنهى النظر في مشروع قانون المالية والتصويت عليه البرلمان تنتظره عديد التحدّيات التشريعية

بعد‭ ‬نسق‭ ‬ماراطوني‭ ‬للجلسات‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مناقشة‭ ‬مشروع‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬ومشروع‭ ‬الميزان‭ ‬الاقتصادي‭ ‬ومشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية،‭ ‬أنهى‭ ‬مجلس‭ ‬نواب‭ ‬الشعب‭ ‬أمس‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬2024‭ ‬والتصويت‭ ‬عليه‭ ‬برمّته‭. ‬

وبعد‭ ‬هذه‭ ‬المهمة،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬جدول‭ ‬أعمال‭ ‬البرلمان‭ ‬سيكون‭ ‬حافلا‭ ‬خلال‭ ‬بقية‭ ‬مدته‭ ‬النيابية‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬الأولويات‭. ‬ولعل‭ ‬الأولوية‭ ‬ستعطى‭ ‬لمشروع‭ ‬قانون‭ ‬تجريم‭ ‬التطبيع‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تعليق‭ ‬النظر‭ ‬فيه،‭ ‬بعد‭ ‬جلسة‭ ‬عامة‭ ‬كانت‭ ‬مثيرة‭ ‬للجدل‭ ‬تمت‭ ‬فيها‭ ‬المصادقة‭ ‬على‭ ‬فصلين‭ ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬سبعة‭ ‬فصول‭. ‬ولم‭ ‬تكتمل‭ ‬عملية‭ ‬التصويت‭ ‬وتم‭ ‬تأجيلها‭ ‬بسبب‭ ‬الجدل‭ ‬الذي‭ ‬أثاره‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬وحلول‭ ‬موعد‭ ‬مناقشة‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬وميزانية‭ ‬الدولة‭. ‬وقد‭ ‬نسلّم‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬يمثل‭ ‬أولوية،‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬تشبث‭ ‬أغلبية‭ ‬نواب‭ ‬البرلمان‭ ‬باستكمال‭ ‬عملية‭ ‬التصويت‭ ‬عليه‭ ‬وتهديدهم‭ ‬بالتصعيد‭ ‬تجاه‭ ‬رئاسة‭ ‬البرلمان‭ ‬إن‭ ‬واصل‭ ‬تعليق‭ ‬الجلسة‭.‬

في‭ ‬الأثناء‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يعطي‭ ‬الأولوية‭ ‬لمشروع‭ ‬قانون‭ ‬أساسي‭ ‬يتعلق‭ ‬بمهام‭ ‬مجلس‭ ‬الأقاليم‭ ‬والجهات‭ ‬وضبط‭ ‬علاقته‭ ‬بالبرلمان‭ ‬والسلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬بحكم‭ ‬اقتراب‭ ‬تنظيم‭ ‬الانتخابات‭ ‬المحلية‭ ‬التي‭ ‬سينبثق‭ ‬عنها‭ ‬هذا‭ ‬المجلس‭. ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يعطي‭ ‬الأولوية‭ ‬لمراجعة‭ ‬الفصل‭ ‬411‭ ‬من‭ ‬المجلة‭ ‬الجزائية‭ ‬المتعلق‭ ‬بقضايا‭ ‬الصكوك‭ ‬البنكية‭ ‬دون‭ ‬رصيد‭. ‬وآخرون‭ ‬يرون‭ ‬أن‭ ‬الأولوية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تعطى‭ ‬لمشروع‭ ‬قانون‭ ‬أساسي‭ ‬للمحكمة‭ ‬الدستورية‭ ‬ولمشروع‭ ‬قانون‭ ‬أساسي‭ ‬للهيئة‭ ‬العليا‭ ‬المستقلة‭ ‬للانتخابات‭. ‬وجميع‭ ‬هذه‭ ‬المشاريع‭ ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬مشاريع‭ ‬القوانين‭ ‬تهم‭ ‬إصلاحات‭ ‬جوهرية‭ ‬تتطلّبها‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭. ‬فالمجال‭ ‬السياسي‭ ‬كما‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي،‭ ‬كلها‭ ‬أولويات‭ ‬وجميعها‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬مشاريع‭ ‬قوانين‭ ‬تتماشى‭ ‬ومتطلبات‭ ‬المرحلة‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬البلاد‭. ‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬احتلت‭ ‬مسألة‭ ‬مراجعة‭ ‬الفصل‭ ‬411‭ ‬من‭ ‬المجلة‭ ‬الجزائية‭ ‬المتعلق‭ ‬بقضايا‭ ‬الصكوك‭ ‬البنكية‭ ‬صدارة‭ ‬اهتمام‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬التونسي‭ ‬وأصحاب‭ ‬المهن‭ ‬التجارية‭  ‬وأولى‭ ‬مطالبهم‭ ‬من‭ ‬المؤسسة‭ ‬التشريعية‭. ‬وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬حسابات‭ ‬فان‭ ‬لهذا‭ ‬الفصل‭ ‬تداعياته‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬تقتضي‭ ‬مراجعته‭ ‬في‭ ‬اقرب‭ ‬الآجال‭. ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬الرئيس‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬منذ‭ ‬أشهر‭ ‬قد‭ ‬دعا‭ ‬بنفسه‭ ‬إلى‭ ‬تنقيح‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬ما‭ ‬يضمن‭ ‬حق‭ ‬الدائن‭ ‬ويرفع‭ ‬الضرر‭ ‬عن‭ ‬المدين‭. ‬إذ‭ ‬ينص‭ ‬القانون‭ ‬بشكله‭ ‬الحالي‭ ‬على‭ ‬تسليط‭ ‬عقوبة‭ ‬سجنية‭ ‬على‭ ‬المتخلفين‭ ‬عن‭ ‬خلاص‭ ‬الشيكات‭. ‬وهو‭ ‬اما‭ ‬لا‭ ‬يستفيد‭ ‬منه‭ ‬لا‭ ‬دائن‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬قابع‭ ‬وراء‭ ‬القضبانب‭.   

وعلى‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬فان‭ ‬لجنة‭ ‬التشريع‭ ‬العام‭ ‬لم‭ ‬تتلق‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬حسب‭ ‬الركن‭ ‬الخاص‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬الموقع‭ ‬الرسمي‭ ‬لمجلس‭ ‬نواب‭ ‬الشعب‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬امشاريع‭ ‬ومقترحات‭ ‬القوانين‭ ‬المعروضة‭ ‬على‭ ‬اللجنةب‭ ‬أي‭ ‬مبادرة‭ ‬أو‭ ‬مشروع‭ ‬مقترح‭ ‬حول‭ ‬مراجعة‭ ‬الفصل‭ ‬411‭ ‬من‭ ‬المجلة‭ ‬الجزائية‭. ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬فإنها‭ ‬تلقت‭ ‬مبادرة‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬نواب‭ ‬تتعلق‭ ‬بتعديل‭ ‬الفصل‭ ‬96‭ ‬من‭ ‬المجلة‭ ‬الجزائية‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬هذه‭ ‬اللجنة‭ ‬خلال‭ ‬اجتماع‭ ‬لها‭ ‬أمس‭ ‬من‭ ‬اخذ‭ ‬قرار‭ ‬إدراج‭ ‬مقترحي‭ ‬قانونين‭ ‬متعلقين‭ ‬بتنقيح‭ ‬هذا‭ ‬الفصل‭ ‬ضمن‭ ‬برنامج‭ ‬العمل‭ ‬للفترة‭ ‬القادمة‭.‬

وبالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬لجنة‭ ‬التشريع‭ ‬العام‭ ‬لم‭ ‬تذكّر‭ ‬بالجهة‭ ‬المبادرة‭ ‬إلا‭ ‬انه‭ ‬قد‭ ‬سبق‭ ‬وان‭ ‬أعلن‭ ‬النّائب‭ ‬ظافر‭ ‬الصّغيري‭  ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لوكالة‭ ‬تونس‭ ‬إفريقيا‭ ‬للأنباء‭ ‬بأنّ‭ ‬15‭ ‬عضوا‭ ‬من‭ ‬الكتلة‭ ‬الوطنية‭ ‬المستقلة‭ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬21‭ ‬نائبا،‭ ‬كانوا‭ ‬قد‭ ‬بادروا‭ ‬بتقديم‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬يتعلّق‭ ‬بالفصل‭ ‬96‭ ‬من‭ ‬المجلّة‭ ‬الجزائية‭ ‬منذ‭ ‬شهر‭ ‬جويلية‭ ‬2023‭. ‬وذلك‭ ‬لأن‭ ‬مسألة‭ ‬تعديل‭ ‬هذا‭ ‬الفصل‭ ‬حسب‭ ‬أصحاب‭ ‬المبادرة‭ ‬أضحى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ضروري‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تنعدم‭ ‬نهائيا‭ ‬لدى‭ ‬مسؤولي‭ ‬الدولة‭ ‬وإطاراتها‭ ‬وأعوانها‭ ‬ملكة‭ ‬الاجتهاد‭ ‬والمبادرة‭.‬

وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الفصل‭ ‬96‭ ‬من‭ ‬المجلة‭ ‬الجزائية‭ ‬الذي‭ ‬قررت‭ ‬لجنة‭ ‬التشريع‭ ‬العام‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬تنقيحه‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬سوءا‭ ‬عن‭ ‬الفصل‭ ‬411‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬المجلة‭. ‬وبشكله‭ ‬الحالي‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬انه‭ ‬ايعاقب‭ ‬بالسجن‭ ‬مدة‭ ‬عشرة‭ ‬أعوام‭ ‬وبخطية‭ ‬تساوي‭ ‬قيمة‭ ‬المنفعة‭ ‬المتحصل‭ ‬عليها‭ ‬أو‭ ‬المضرّة‭ ‬الحاصلة‭ ‬للإدارة‭ ‬الموظف‭ ‬العمومي‭ ‬أو‭ ‬شبهه‭ ‬وكل‭ ‬مدير‭ ‬أو‭ ‬عضو‭ ‬أو‭ ‬مستخدم‭ ‬بإحدى‭ ‬الجماعات‭ ‬العمومية‭ ‬المحلية‭ ‬أو‭ ‬الجمعيات‭ ‬ذات‭ ‬المصلحة‭ ‬القومية‭ ‬أو‭ ‬بإحدى‭ ‬المؤسسات‭ ‬العمومية‭ ‬ذات‭ ‬الصبغة‭ ‬الصناعية‭ ‬والتجارية‭ ‬أو‭ ‬الشركات‭ ‬التي‭ ‬تساهم‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬رأس‭ ‬مالها‭ ‬بصفة‭ ‬مباشرة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬بنصيب‭ ‬ما‭ ‬أو‭ ‬الشركات‭ ‬التابعة‭ ‬إلى‭ ‬الجماعات‭ ‬العمومية‭ ‬المحلية‭ ‬مكلّف‭ ‬بمقتضى‭ ‬وظيفه‭ ‬ببيع‭ ‬أو‭ ‬صنع‭ ‬أو‭ ‬شراء‭ ‬أو‭ ‬إدارة‭ ‬أو‭ ‬حفظ‭ ‬أي‭ ‬مكاسب‭ ‬استغلّ‭ ‬صفته‭ ‬لاستخلاص‭ ‬فائدة‭ ‬لا‭ ‬وجه‭ ‬لها‭ ‬لنفسه‭ ‬أو‭ ‬لغيره‭ ‬أو‭ ‬للإضرار‭ ‬بالإدارة‭ ‬أو‭ ‬خالف‭ ‬التراتيب‭ ‬المنطبقة‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬العمليات‭ ‬لتحقيق‭ ‬الفائدة‭ ‬أو‭ ‬إلحاق‭ ‬الضرر‭ ‬المشار‭ ‬إليهماب‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

في‭ ‬إطار‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬دور‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وحفاظا‭ ‬على‭ ‬التوازنات‭ ‬الاجتماعية: انطلاق‭ ‬تنفيذ‭ ‬حزمة‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬لفائدة‭ ‬الفئات‭ ‬الهشة

صدر‭ ‬يومي‭ ‬9‭ ‬و10‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬جويلية‭ ‬الجاري‭ ‬على‭ ‬التوالي‭ ‬الأمر‭ ‬المتعلق‭ ‬بضبط…