سيحدّ من الاستقلالية ومن التمويل الأجنبي : مشروع قانون الجمعيات يثير تخوفات المجتمع المدني
يطرح مشروع قانون الجمعيات المعروض على البرلمان تخوفات عدة لدى مكونات المجتمع المدني. ومن المقرر أن تنظر لجنة الحقوق والحريات قريبا في المشروع الذي قدمته مجموعة من أعضاء البرلمان في 10 أكتوبر الفارط ليعوّض المرسوم عدد 88 لسنة 2011 .
ويتضمن مشروع القانون، الذي يهدف إلى استبدال مرسوم الجمعيات الحالي لعام 2011، تعديلات على مستوى تشكيل ونشاط وتمويل منظمات المجتمع المدني، الامر الذي اعتبرته عديد الجمعيات تهديدا لاستقلاليتها من خلال السماح للحكومة بالتدخل في عملها.
وكشفت مديرة ديوان رئيس الحكومة سامية الشرفي قدور مؤخرا عن اتخاذ إجراءات قانونية ضد 272 جمعية وصفتها بـاالـمشبوهةب. وذكرت بأنه تم طلب الإذن بحل 176 جمعية قضائيا. وصدرت أحكام بحل 69 منها، وتم رفض طلب حل 57.
وتثير مسألة التمويلات الأجنبية جدلا بخصوص نشاط الجمعيات، وهي النقطة المفصلية في مشروع القانون الجديد. اذ يشدد رئيس الجمهورية قيس سعيد على ضرورة مكافحة ظاهرة التمويل الأجنبي للجمعيات وترجمة التشريعات والقوانين المتعلقة بمراقبة الأموال المشبوهة.
وقد تحدث في وقت سابق عن امثلة بشأن مجموعة من التجاوزات قائلا على سبيل المثال اهناك جمعية تلقّت سنة 2022 أكثر من مليوني دينار ومن ثمّ يتحدثون عن المجتمع المدني. لكن آن الأوان لبعض الخبراء والمفكرين ليعيدوا النظر في هذه المفاهيمب.
ويهدّد مشروع القانون بصيغته الحالية نشاط أكثر من 24 ألف جمعية. واعتبرت ثماني منظمات حقوقية في بيان مشترك أنّ مشروع قانون الجمعيات المطروح أمام البرلمان في حال إقراره بصيغته الحالية، ينتهك الحق في حرية تكوين الجمعيات ويعرّض الفضاء المدني في تونس للخطر. وحثت المنظمات السلطات التونسية على الامتناع عن اعتماد مشروع القانون المقترح، وبدلا من ذلك ترى انه يجب الالتزام بضمان الحق في حرية تكوين الجمعيات على النحو المنصوص عليه في المرسوم عدد 88 وبالقانون الدولي لحقوق الإنسان الملزم لتونس، كما يجب أن تضمن السلطات قدرة الجمعيات على العمل دون تدخّل سياسي أو ترهيب أو مضايقة، أو قيود لا مبرّر لها.
ويمنح مشروع القانون سلطة تقديرية واسعة لإدارة الجمعيات في رئاسة الحكومة للاعتراض على إنشاء منظمة في غضون شهر بعد التصريح بتشكيلها، وخلال هذه الفترة لا يسمح للمنظمة بالعمل. كما يميز مشروع القانون بين المنظمات غير الحكومية الوطنية واالأجنبيةب ويعطي لوزارة الخارجية سلطة منح التراخيص لأي منظمة غير حكومية أجنبية قبل التسجيل، وفقًا لتقديرها الخاص.
وأعربت منظمات دولية في تونس، عن قلقها العميق إزاء مشروع القانون المقترح لتنظيم الجمعيات، مؤكدة أنّه ايمنح السلطات سيطرة أكبر على الجمعيات، ولا سيما أنشطتها وقدرتها على الوصول إلى الموارد، وبالتالي يمكن أن تهدد وجودهاب. ونوهت هذه المنظمات بإنجازات المرسوم عدد 88 لسنة 2011 الذي قدم ضمانات واسعة النطاق، بما في ذلك حرية إنشاء الجمعيات، والسماح لنشطاء المجتمع المدني بالمشاركة في العملية الديمقراطية والدفاع عن الحقوق والحريات الأساسية.
مقترح خطير
واعتبر أستاذ القانون العام والخبير في مجال حرية التعبير أيمن الزغدودي في قراءة لهذا المشروع المقترح بأنه خطير جدا على حرية الجمعيات ومخالف للدستور التونسي وللاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان.
وبين في تصريح لـاالصحافة اليومب انه من حيث الشكل وردت الصياغة غير مطابقة للمناشير الصادرة عن رئاسة الحكومة سنتي 2014 و2017 في علاقة بكيفية صياغة النصوص التشريعية. كما ان المشروع يحمل إجراءات معقدة ومتشعبة وفي بعض الأحيان متعارضة خاصة في الفصل 24 منه حول مسألة حل الجمعيات. اما من ناحية المضمون فيعلن محدثنا ان هذا المقترح إن تمت المصادقة عليه، فسيكون انتكاسة وارتدادا في مجال حرية الجمعيات مقارنة بالمرسوم عدد 88. إذ أن الفصل 55 من الدستور التونسي منع كل تراجع عن مكتسبات حقوق الانسان.
ويتابع الزغدودي بأنه عندما يقع الزام الجمعيات بالحصول على ترخيص مسبق من رئاسة الحكومة للحصول على تمويل اجنبي مقارنة بالنظام الحالي وهو نظام التصريح البعدي، يعد تراجعا عن مكتسبات حقوق الانسان، لان كل التقارير الصادرة عن المقرر الخاص بحرية الجمعيات تؤكد ان التمويل الأجنبي يجب ان يكون خاضعا لنظام التصريح البعدي وليس الى نظام الترخيص المسبق، لان هذا الأخير يمكن ان يعطي السلطة السياسية هامشا كبيرا في الضغط على الجمعيات عبر منعها من الحصول على التمويل الأجنبي كلما كان خطها التحريري او النضالي مخالفا لتوجهات الحكومة. وبالتالي هذه مسألة خطيرة تضرب استقلالية المجتمع المدني.
ولفت الزغدودي كذلك إلى أن نظام مشروع القانون الجديد المتعلق بالمنظمات الدولية نظام غامض ويهدد استقرار الأوضاع القانونية لها، لأنه يشترط الحصول على ترخيص من طرف وزارة الشؤون الخارجية بدون تحديد أي شروط موضوعية لمنح او رفض الترخيص.
مهمة هيئة الانتخابات: تقديرات نفقات انتخابية محتملة سنة 2025 تتجاوز 74 مليون دينار : نواب يطالبون بتطوير أداء الهيئة لتحسين نسب المشاركة الانتخابية
ناقش أعضاء الغرفتين النيابيتين بقصر باردو أمس مشروع ميزانية الهيئة العليا المستقلة للانتخا…