ثمّة الكثير مما يقال اليوم عن تنامي الإشاعات وانتشار اللغط حول الإيقافات ومسألة الحريات في تونس خاصة مع تواتر القضايا المثارة في المحاكم على خلفية تصريحات إعلامية بمقتضى المرسوم 54 ويشمل هذا الموضوع شخصيات عامة حقوقية أو سياسية.
ويأتي هذا في إطار الحرب المعلنة على الفساد والتي تم في سياقها فتح تحقيقات بشأن رجال أعمال وبعض الفاعلين في المجال الاقتصادي وحتى بعض الإطارات في الإدارة التونسية وذلك في إطار ما عرف بتطهير الإدارة ثم مراجعة الانتدابات.
والحقيقة أن هذا التزامن من شأنه أن يخلق حالة من التشويش على القضايا الحقيقية وأن يخلق حالة التباس في أذهان التونسيين وضبابية نحن في غنى عنها.
نقول هذا وقد تعالى ضجيج إعلامي في الأيام القليلة الماضية بشكل مكثف حول موضوع الغموض الكبير والتكتم الذي تمارسه السلطة حول التحقيقات الجارية بدافع التحفظ.
فالملفات المطروحة اليوم على أنظار القضاء كثيرة وهناك شخصيات عامة عديدة رهن الإيقاف أو صدرت ضدها أحكام بالسجن دون أن تكون هناك ندوات صحفية أو نقاط إعلامية توضح فيها ملابسات هذه القضايا والتهم الموجهة للمشتبه فيهم.
وأمام صمت النيابة العمومية وكل الأطراف المتدخلة في هذه القضايا في وزارتي العدل والداخلية أصبح الفضاء الإعلامي مفتوحا أمام المحامين الذين يمثلون هيئات الدفاع وباتوا هم فقط مصدر المعلومة في هذه القضايا.
وعلى أساس أن المحامي مهمته الرئيسة دوما هي الدفاع عن موكله مهما كانت التهم المنسوبة إليه فمن الطبيعي أن ينبري هؤلاء لتقديم كل الحجج والبراهين التي تفيد موكليهم.
وفي هذا السياق يكون تقديم الموضوع من زاوية نظر واحدة وتكون الحقائق منقوصة ويظل المتابع متعطشا لإيضاح ما يجب إيضاحه ولاستجلاء تفاصيل ما يحدث.
وباعتبار أن الطبيعة تأبى الفراغ فمن الطبيعي أن تتغذى الإشاعة في هذه الأوضاع الملتبسة، وان تظهر بعض الوجوه التي تنشط في المنابر الإعلامية وان تتبارى في تقديم معطيات مغلوطة وأراجيف وأن ينصّب البعض نفسه ناطقا رسميا باسم أجهزة الدولة في ظل صمتها وان ينسب بعض المقولات التي يتبناها إلى بعض الشخصيات الاعتبارية والرمزية.
وفي هذا الخصوص ينبغي أن يتم التعاطي مع هذا الموضوع بمنتهى الجدية حتى لا يكون بمثابة كرة الثلج التي تكبر وتنمو ويمكن أن تقود إلى ما لا يحمد عقباه.
ومن المهم التأكيد على أن السلطات الرسمية مدعوة الآن وهي بصدد فتح الملفات الكبرى خاصة قضايا الفساد بالغة التعقيد والتي تتداخل فيها مسائل كثيرة إلى أن تتحلّى بأعلى درجات الشفافية والوضوح وأن تضع النقاط على الحروف خاصة في موضوع الإيقافات حتى يتضح الخيط الأبيض من الخيط الأسود.
ولا ضير أن يتولى المسؤولون مخاطبة الشعب عبر وسائل الإعلام الوطنية بهذا الخصوص لقطع دابر الإشاعات وحتى تخرس ألسنة السوء التي باتت تلهج في كل منبر بما يقال وخاصة ما لا يقال ونحن في وضعية شائكة اقتصاديا وعلى أبواب استحقاقات سياسية مهمة سيكون من المهم مقارعتها بمناخات عامة نقية وخالية من الشوائب.
ولابد الآن من الوقوف عند هذه المسألة قبل فوات الأوان خاصة مع تنامي الإشاعات التي طغت في المدة الأخيرة وسرت كما تسري النار في الهشيم ولابد من وأد هذه الفتنة في مهدها.
ونحن في بداية عهدة رئاسية جديدة : تدشين مرحلة البناء وضماناتها..
الآن وقد منح الشعب التونسي تفويضا غير مسبوق للرئيس قيس سعيد لعهدة رئاسية أخرى فإن تونس قط…