2023-12-02

رغم تهرّؤ المنظومة الصحية تونس تستعدّ لاستقبال عدد من المصابين من قطاع غزة لتلقّي العلاج

بعد‭ ‬المكالمة‭ ‬الهاتفية‭ ‬التي‭ ‬أجراها‭ ‬مع‭ ‬نظيره‭ ‬المصري‭ ‬مساء‭ ‬الثلاثاء‭ ‬الفارط‭ ‬وأبلغه‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬استعداد‭ ‬تونس،‭ ‬بالتنسيق‭ ‬مع‭ ‬السلطات‭ ‬المصرية‭ ‬والهلال‭ ‬الأحمر‭ ‬الفلسطيني‭ ‬لاستقبال‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬مصابي‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬لتلقي‭ ‬العلاج‭ ‬بتونس،‭ ‬اجتمع‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬أمس‭ ‬الأول‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬وزير‭ ‬الصحة‭ ‬والوزير‭ ‬المستشار‭ ‬لدى‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬ورئيس‭ ‬الهلال‭ ‬الأحمر‭ ‬التونسي‭. ‬

وتناول‭ ‬اللقاء‭ ‬الإجراءات‭ ‬المتعلقة‭ ‬باستقبال‭ ‬تونس،‭ ‬في‭ ‬أقرب‭ ‬الأوقات،‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬الجرحى‭ ‬والمصابين‭ ‬ضحايا‭ ‬العدوان‭ ‬الصهيوني‭ ‬الغاشم‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزّة،‭ ‬وذلك‭ ‬بالتنسيق‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬القطاعات‭ ‬المعنية‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الوطني‭ ‬والشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬والهجرة‭ ‬والتونسيين‭ ‬بالخارج‭ ‬والصحة‭ ‬والنقل‭ ‬والهلال‭ ‬الأحمر‭ ‬التونسي‭. ‬

وفي‭ ‬بلاغ‭ ‬لرئاسة‭ ‬الجمهورية‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬اللقاء،‭ ‬فانه‭ ‬سيتم‭ ‬استقبال‭ ‬الأشقاء‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬الاستشفائية‭ ‬العمومية‭ ‬وفي‭ ‬المصحات‭ ‬الخاصة‭ ‬التي‭ ‬عبّرت‭ ‬حسب‭ ‬هذا‭ ‬البلاغ‭ ‬عن‭ ‬استعدادها‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬القيام‭ ‬بهذا‭ ‬الواجب‭ ‬المقدّس‭ ‬شأنها‭ ‬شأن‭ ‬الصيادلة‭ ‬والأطباء‭. ‬حيث‭ ‬أوضح‭ ‬الرئيس‭ ‬أن‭ ‬استقبال‭ ‬المصابين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬يعكس‭ ‬تضامن‭ ‬التونسيين‭ ‬الفعلي‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬ليوصي‭ ‬بالمناسبة‭ ‬بمواصلة‭ ‬الجسر‭ ‬الجوي‭ ‬من‭ ‬المساعدات‭ ‬التي‭ ‬قدّمها‭ ‬الشعب‭ ‬التونسي‭ ‬لأشقائه‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الهلال‭ ‬الأحمر‭ ‬التونسي‭. ‬

ومن‭ ‬المنتظر‭ ‬أن‭ ‬يتولى‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬وزيري‭ ‬الخارجية‭ ‬التونسي‭ ‬والمصري‭ ‬التنسيق‭ ‬في‭ ‬أقرب‭ ‬الآجال‭ ‬لتسهيل‭ ‬نقل‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المصابين‭ ‬من‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬لتلقي‭ ‬العلاج‭ ‬بتونس‭. ‬وفعليا‭ ‬تم‭ ‬قبل‭  ‬موفى‭ ‬أكتوبر‭ ‬الفارط‭ ‬تركيز‭ ‬مستشفى‭ ‬ميدانيا‭ ‬بالياسمينات‭ ‬من‭ ‬ولاية‭ ‬بن‭ ‬عروس‭ ‬بطاقة‭ ‬استيعاب‭ ‬120‭ ‬سرير‭. ‬وتمت‭ ‬معاينة‭ ‬مدى‭ ‬جاهزية‭ ‬المستشفى‭ ‬وجميع‭ ‬الخدمات‭ ‬الّتي‭ ‬سيوفرها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وزير‭ ‬الصحة‭ ‬وذلك‭ ‬استعدادا‭ ‬لإمكانية‭ ‬استقبال‭ ‬الجرحى‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والتعهد‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬أفضل‭ ‬الظروف‭. ‬كما‭ ‬تم‭ ‬الإعلان‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الهيئات‭ ‬الطبية‭ ‬التونسية‭ ‬والهلال‭ ‬الأحمر‭ ‬التونسي‭ ‬عن‭ ‬استعدادهم‭ ‬لتقديم‭ ‬المساعدة‭ ‬الطبية‭ ‬في‭ ‬المستشفيات‭ ‬الميدانية‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬أو‭ ‬بالتنقل‭ ‬إلى‭ ‬المستشفيات‭ ‬الميدانية‭ ‬المحدثة‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المصرية‭. ‬ومن‭ ‬جهتها‭ ‬عبّرت‭ ‬الغرفة‭ ‬النقابية‭ ‬الوطنية‭ ‬للمصحات‭ ‬الخاصة‭ ‬عن‭ ‬استعداد‭ ‬عدة‭ ‬مصحات‭ ‬بشكل‭ ‬تلقائي‭ ‬لاستقبال‭ ‬الجرحى‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وتمكينهم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬المساعدة‭ ‬الطبية‭ ‬والتعهد‭ ‬النفسي‭.‬

وتأتي‭ ‬مختلف‭ ‬المبادرات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬الإعلان‭ ‬عنها‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬أو‭ ‬الهياكل‭ ‬الطبية‭ ‬والصحية‭ ‬لتؤكد‭ ‬الوازع‭ ‬التضامني‭ ‬الذي‭ ‬تتمتع‭ ‬به‭ ‬بلادنا‭ ‬تجاه‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬محنته‭ ‬وتسعى‭ ‬إلى‭ ‬تطبيقه‭ ‬على‭ ‬ارض‭ ‬الواقع‭. ‬ومن‭ ‬المؤكد‭ ‬انه‭ ‬لا‭ ‬يختلف‭ ‬اثنان‭ ‬حول‭ ‬أهمية‭ ‬مساندة‭ ‬الشعب‭ ‬التونسي‭ ‬لأشقائه‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬محنتهم،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬ذلك‭ ‬يعتبر‭ ‬واجبا،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬تونس‭ ‬لطالما‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬البلدان‭ ‬المتضامنة‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬محطاته‭ ‬النضالية‭ ‬وفي‭ ‬محنه‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬الحركة‭ ‬النبيلة‭ ‬التي‭ ‬أعلنها‭ ‬الرئيس‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬لاستقبال‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬مصابي‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬لتلقي‭ ‬العلاج‭ ‬بتونس‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬السؤال‭  ‬الضروري‭ ‬طرحه‭ ‬هو‭ ‬اما‭ ‬مدى‭ ‬استعداد‭ ‬بلادنا‭ ‬بشريا‭ ‬ولوجستيا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المشاكل‭ ‬الهيكلية‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬قطاع‭ ‬الصحة‭ ‬في‭ ‬بلادنا؟ب‭.‬

فواقعيا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إنكار‭ ‬الواقع‭ ‬الأليم‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬منه‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬وما‭ ‬يواجهه‭ ‬من‭ ‬تحديات‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬الأصعدة‭. ‬وقد‭ ‬كشفت‭ ‬آخر‭ ‬دراسة‭ ‬أنجزتها‭ ‬منظمة‭ ‬البوصلة‭ ‬حول‭ ‬المشاكل‭ ‬الكبرى‭ ‬لنفاذ‭ ‬الشباب‭ ‬والنساء‭ ‬الحوامل‭ ‬إلى‭ ‬منظومات‭ ‬الصحة‭ ‬العمومية‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬مدى‭ ‬تراجع‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭. ‬كما‭ ‬أظهرت‭ ‬أن‭ ‬المستشفيات‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬الخدمات‭ ‬للمواطنين‭ ‬في‭ ‬الظروف‭ ‬المتأكدة‭ ‬وبالجودة‭ ‬اللازمة‭ ‬بسبب‭ ‬تراجع‭ ‬عدد‭ ‬اطباء‭ ‬الاختصاص‭ ‬وتراجع‭ ‬عدد‭ ‬الإطارات‭ ‬شبه‭ ‬الطبية‭ ‬الذين‭ ‬تسببت‭ ‬سياسة‭ ‬التقشف‭ ‬في‭ ‬هجرتهم،‭ ‬ليمثّل‭ ‬ذلك‭ ‬احد‭ ‬العوامل‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬تفاقم‭ ‬الأضرار‭ ‬داخل‭ ‬قطاع‭ ‬الصحّة‭ ‬العمومية‭ ‬ومزيد‭ ‬تعميق‭ ‬معاناة‭ ‬التونسيين‭ ‬وحرمانهم‭ ‬من‭ ‬التمتع‭ ‬بأحد‭ ‬أهم‭ ‬حقوقهم‭ ‬الأساسية‭. ‬

فميزانية‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬التي‭ ‬تتطلب‭ ‬إمكانيات‭ ‬مالية‭ ‬هامة‭ ‬أصبحت‭ ‬لا‭ ‬تسمح‭ ‬سوى‭ ‬بالحد‭ ‬الأدنى‭ ‬للاستثمار‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الصحة‭ ‬العمومية‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬الإطارات‭ ‬الطبية‭ ‬وشبه‭ ‬الطبية‭ ‬بمؤسسات‭ ‬الصحة‭ ‬العمومية‭ ‬غير‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬العلاج‭ ‬اللازم‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب‭ ‬بسبب‭ ‬نقص‭ ‬في‭ ‬المعدات‭ ‬والأدوية‭ ‬وتدهور‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭. ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬يبقى‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬القطاع‭ ‬الصحي‭ ‬الخاص‭ ‬رهين‭ ‬توفر‭ ‬الإمكانيات‭ ‬المالية،‭ ‬ليصبح‭ ‬القطاع‭ ‬الصحي‭ ‬احد‭ ‬تمظهرات‭ ‬الفوارق‭ ‬الاجتماعية‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭. ‬

وإصرار‭ ‬الرئيس‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬على‭ ‬استقبال‭ ‬الأشقاء‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬المصابين‭ ‬جراء‭ ‬العدوان‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬معالجتهم‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬دفع‭ ‬شريحة‭ ‬هامة‭ ‬من‭ ‬التونسيين‭ ‬للتساؤل‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬الدولة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬الطبية‭ ‬اللازمة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ما‭ ‬يعانيه‭ ‬القطاع‭ ‬الصحي‭ ‬من‭ ‬نقص‭ ‬في‭ ‬الإطار‭ ‬الطبي‭ ‬وشبه‭ ‬الطبي‭ ‬وفي‭ ‬المعدات‭ ‬والأدوية‭. ‬كما‭ ‬عبر‭ ‬العديدون‭ ‬عن‭ ‬أملهم‭ ‬لو‭ ‬تخفّض‭ ‬المصحات‭ ‬الخاصة‭ ‬التي‭ ‬عبرت‭ ‬عن‭ ‬استعدادها‭ ‬لتقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬بشكل‭ ‬تلقائي‭ ‬للجرحى‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬تعريفاتها‭ ‬للمرضى‭ ‬التونسيين‭ ‬الذين‭ ‬هم‭ ‬بحاجة‭ ‬للعلاج‭ ‬ولكن‭ ‬إمكانياتهم‭ ‬المادية‭ ‬تحول‭ ‬دونهم‭ ‬ودون‭ ‬هذه‭ ‬المصحات‭. ‬وبالتالي‭ ‬فإنّ‭ ‬البعد‭ ‬التضامني‭ ‬مع‭ ‬الإخوة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬ولئن‭ ‬كان‭ ‬أمرا‭ ‬محمودا‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التونسيين‭ ‬بدورهم‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬لفتة‭ ‬تضامنية‭ ‬من‭ ‬دولتهم‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬تسهيل‭ ‬تمتيعهم‭ ‬بأحد‭ ‬أهم‭ ‬حقوقهم‭ ‬الأساسية‭ ‬وهو‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الصحة‭. ‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

حراك ديبلوماسي متواصل ومتنوع : تنويع العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة وتطويرها

تمثل السياسة الخارجية التي تنتهجها بلادنا احدى النقاط المضيئة، اذ وفق ثوابت معينة تعمل على…