موارد الدولة تعتمد في أغلبها على الضرائب : ميزانية 2024 لم تعمل على توسيع القاعدة الضريبية ودمج الاقتصاد الموازي
تزامن إعداد مشروع ميزانية الدولة لسنة 2024 مع ظرفية صعبة حكمتها عديد الإكراهات بالنظر الى النقص الكبير في الموارد المطلوبة لميزانية الدولة وهو ما يستدعي إيجاد الحلول للعمل على استرجاع استقرار التوازنات المالية للدولة. وقد تم توجيه انتقادات لمشروع قانون المالية سواء من الخبراء أو حتى من نواب الشعب خلال فعاليات الجلسة العامة المخصصة لمناقشة مشروع ميزانية الدولة لسنة 2024 الذين عبروا عن مؤاخذاتهم على ارتفاع الضغط الجبائي الوارد فيه باعتباره سيضاعف الأعباء الملقاة على كاهل المؤسسات الاقتصادية وعلى المواطنين ويعمق الهوة بين دافعي الضرائب وبين من يتهربون من دفعها. وقد دعا الخبراء في عديد المناسبات الى ضرورة تحقيق العدالة الجبائية عبر توسيع القاعدة الضريبية والتخفيف من ثقل الضرائب خاصة وان الضغط الجبائي المرتفع يمثل لدى اهل الاقتصاد مؤشرا سلبيا يعيق تطور مناخ الاعمال ودفع الاستثمار.
وحول ما يتم تداوله من أن الدولة تجمع الموارد من جيب المواطن قالت وزيرة المالية صحيح أن الظرفية الحالية تحكمها عديد الإجراءات ولكن ماهو مؤكد انه لم يتم إثقال كاهل المواطن بالجباية وسيتم اللجوء الى جمع الموارد بسبل اخرى وذلك بالاعتماد على الرفع من القيمة المضافة للقطاعات واسترجاع نشاط بعض القطاعات الاستراتيجية التي كانت تساهم في النمو الاقتصادي مثل قطاع الفسفاط الذي تعطل نسق إنتاجه في العشرية الماضية إضافة إلى القطاع الفلاحي بالنظر الى الصعوبات التي يواجهها بسبب الجفاف وشح الامطار والذي كان له تأثير سيئ على مردودية القطاع مشيرة إلى المجهود الكبير والمحاولات المبذولة في هذا المستوى.
وبحسب وزيرة المالية فإن وزارتها تعمل على حث المطالب بالآداء في مفهومه الواسع على القيام بالواجب الجبائي الدستوري لا أكثر من أجل المساعدة على إيجاد التوازنات المالية وقالت ان قانون مالية 2024 هو على عكس ما يتم تداوله من أنه أثقل كاهل المواطن حيث لم يتم الرفع في الأداء على القيمة المضافة ولا في المعلوم على الاستهلاك حيث أكدت أن مشروع قانون المالية لم يتم فيه الترفيع لا في الضريبة على الدخل ولا الضريبة على الشركات ولا الاداء على القيمة المضافة ولا المعلوم على الاستهلاك وحتى على مستوى المعاليم الديوانية باستثناء مقاربة على مستوى النسب في الفواكه وذلك للحد من التهريب مشددة على أن هذا الإجراء سيقلص من التهريب.
وبخصوص المعاليم الأخرى قالت إن أغلبها مقابل إسداء خدمة وبخصوص عدم وجود إصلاح جبائي في قانون مالية 2024 أكدت نمصية وجود إصلاح جبائي وتم الانطلاق فيه منذ قانون مالية 2022 الذي صدر بمرسوم فيه وفي قانون مالية 2023 أيضا الصادر بمرسوم حيث تضمن أيضا إصلاحات جبائية تندرج في إطار إصلاح المنظومة الجبائية واكدت كذلك وجود إصلاحات في مشروع قانون المالية 2024 ولكن ليس عبر الترفيع في الضرائب بل بتوسيع القاعدة لتشمل كل الأشخاص الذين لم ينخرطوا في أداء الواجب الجبائي وبالأساس الناشطين في القطاع الموازي وهو ما يعني تخفيف العبء على دافعي الضرائب عبر التصدي للتهرب والقطاع الموازي وعبر تعصير الإدارة والرقمنة وكل ذلك يندرج في إطار إصلاحات جبائية.
وعموما من المؤكد أن مواصلة الإصلاح وتطبيق سياسة التعويل على الذات في جمع الموارد بعيدا عن مزيد الاقتراض والتداين وبعيدا أيضا عن مزيد الترفيع في الضغط الجبائي على المواطن هو أمر مطلوب ولكن لا يمكن تكريس ذلك بين ليلة وضحاها أو دفعة واحدة خاصة وان الإرث من الديون متراكم منذ سنوات والصعوبات أصبحت هيكلية وعالقة لذلك فان تسوية الوضعية والخروج من العجز يتطلب بالأساس رؤية واضحة ومنهجية عمل تعتمد المرحلية والتدرج فضلا عن انخراط الجميع كل من موقعه في تكريس ثقافة العمل والإنتاج لتحريك عجلة النمو الاقتصادي في البلاد.
تجدر الأشارة إلى أن وزيرة المالية أكدت أن الاقتراض من البنوك متواصل على المدى القصير وأن ذلك يهدف الى مجابهة مصاريف الدولة التي تفوق المداخيل. وأوضحت أن موارد الدولة تعتمد في أغلبها على الضرائب في المرحلة الراهنة وذلك خلال جلسة عامة انتظمت السبت الماضي بمجلس نواب الشعب للنظر في مشروعي قانون مالية الدولة والميزان الاقتصادي لسنة 2024 بالبرلمان. وشددت وزيرة المالية على أنّ كل الإصلاحات التي تقوم بها الحكومة هي إصلاحات تونسية ولا تخضع لأي تبعيّة، مشيرة إلى أنّ الاقتراض يبقى حلا من جملة الحلول المطروحة للايفاء بالتزامات الدولة على غرار الأجور ونفقات الدعم للمواد الأساسية والمحروقات والتحويلات الاجتماعية والقروض التي ينبغي سدادها، وفق تعبيرها.
من أجل تحقيق الأمن الغذائي..
لا شك أن ارتفاع الصادرات الفلاحية التونسية وتحسّن عائداتها وهو ما أكدته الارقام الاخيرة …