ضد الكيان الغاصب والضمائر المستترة : المقاطعة الثقافية والأكاديمية فعل مقاومة أيضا..!
ونحن نعيش على وقع حرب الإبادة التي يشنها الكيان الصهيوني منذ شهر ونصف تقريبا ويعيش الغزاويون أتون معارك لا تهدأ ليلا ونهارا تتجلى المواقف بأشكال وطرائق مختلفة.
فإذا كانت المقاومة الفلسطينية تلحق ضربات موجعة بالعدو الذي يحركه ثأر توراتي ويتصرف جيشه بشكل هستيري ليفرغ كل طاقات الحقد الكامنة فيه على الأطفال موجها آلاته الحربية إلى المستشفيات ومراكز الأونروا فإن هناك أشكالا أخرى للمقاومة من بينها الصمود الأسطوري لأهل غزة الذين يقدمون للعالم ملحمة غير مسبوقة.
هذا عن الفلسطينيين أنفسهم فماذا عن باقي أحرار العالم وتحديدا المواطنين العرب الذين يريدون دعم المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني؟
هناك قطعا المقاطعة الاقتصادية وهي تؤتي أكلها خاصة في العواصم والمدن ذات الكثافة السكانية الكبيرة حيث يكون حجم الاستهلاك كبيرا أيضا وبالتالي تكون الضربات موجعة للكيانات الاقتصادية العملاقة سواء في المواد الغذائية أو ماركات الملابس والتي أعلنت مجملها مساندة للكيان المحتل.
ثمة أيضا التظاهر السلمي والحقيقة أن جل العواصم في العالم قد أظهرت تعاطفا كبيرا مع الفلسطينيين الذين يبادون بالفسفور الأبيض وكل الأسلحة المحرّمة دوليا وهي تعكس حالة الفصام التي يعيشها العالم الغربي الذي ساند قادته الكيان الصهيوني المحتل وانحاز بشكل لا إنساني لكل ممارساته الوحشية ضد الفلسطينيين.
وإذا كانت هذه الحرب قد أسقطت ورقة التوت عن الدوائر الحقوقية وعن القانون الدولي نفسه الذي داسته الآلة العسكرية إلا أن هناك نوعا من المقاومة من قبيل المسكوت عنه أو لعلنا لا نوليه الاهتمام الأكبر وهو المقاومة الثقافية إذا جازت العبارة.
ويتجلى في أشكال مختلفة لعل أولها مقاطعة الأكاديميين العرب وكل العلماء والباحثين من كل الجنسيات ،المصطفين ضد الكيان الصهيوني وأفعاله البشعة ، لكل الندوات والملتقيات الفكرية الكبرى وأيضا لنشاط مخابر البحث ووحداته التي طبّعت مع الكيان الصهيوني وأعلنت ولاءها له أو تلك التي صمتت عن الجرائم التي ترتكب في حق سكان غزة دونما ذنب أو جريرة والبعض من هؤلاء وجد لها تبريرات لإرضاء ضميره المستتر. وفي هذا الصدد نشط بعض المثقفين والأكاديميين والمبدعين العرب ووجهوا رسائل وعرائض الى نظرائهم في االاكاديمياب الغربية لوضع النقاط على الحروف وتحميلهم مسؤولياتهم الأخلاقية والتاريخية إزاء ما يحدث في غزة.
هناك أيضا تكتلات للدعم المادي عبر تقديم مساعدات عينية بشكل أو بآخر للفلسطينيين وهو ما قام به بعض الفنانين عبر تخصيص مداخيل بعض أعمالهم لفائدة سكان غزة وهناك كتّاب قاموا بمعارض من اجل دعم القضية الفلسطينية وتقديم ريع مبيعات كتبهم كمساعدة مادية تكون بدورها شكلا من أشكال المقاومة.
وفي السياق نفسه ثمة من قاطع كل المتعاملين مع الكيان الصهيوني خاصة الدول التي تقيم معه علاقات مباشرة ومضى البعض ابعد من ذلك في الدعوة إلى رفض الجوائز المالية التي تقدمها بعض الجهات الثقافية في بعض الدول التي لم تتخذ مواقف قوية إزاء ما يحدث في غزة.
والأكيد أن للنخبة دورا مركزيا لا يقل أهمية عن دور الفاعلين السياسيين ومواقفهم يمكن أن يشكل معطى مهما في المعادلة. وبعد مرور عدة أسابيع على اندلاع حرب غزة أو طوفان الأقصى كما أسمتها المقاومة علينا الإقرار بأن هناك تغيرات كبيرة حدثت على المستوى الذهني والتمثلات الجماعية للقضية الفلسطينية وهو ما يمكن أن توظفه النخب الداعمة لها لتحقيق منجز فعلي على الأرض على المدى المنظور أو المتوسط او البعيد.
وفي انتظار هدنة إنسانية تكون تمهيدا لتضع هذه الحرب أوزارها وليحل محلها المسار السياسي الذي يبحث الآن صنّاع القرار أشكاله في انتظار الكلمة الفصل للمقاومة الفلسطينية ومن خلفها كل الأطراف الداعمة لها سيكون ثمة تاريخ سبق 7 أكتوبر 2023 وتاريخ آخر صنع بعد هذه اللحظة المفصلية التي جاءت عندما كان قطار التطبيع يمضي بالسرعة القصوى نحو العواصم العربية مع استثناءات قليلة وكان عموم الشعب العربي واقعا تحت تأثير مخدر السوشيال ميديا وعوالم الصورة البراقة قبل أن تعيد المقاومة وهج النضال إلى الصدارة وقبل أن تعود فكرة المثقف العضوي المشتبك مع قضايا أمته إلى الصدارة وتأفل صورة المثقف المقاول الباحث عن التموقع و الزبونية.
وطوبى لغزة التي غيرت مجرى التاريخ عندما يئس الجميع من ذلك.
النخب التونسية والرهانات الخاطئة..!
يقول المثل العربي القديم إن «أعمال العقلاء مصانة من العبث» وهذه الحكمة البليغة مهمة جدا لن…