شملت الابحاث فيه محافظي بنوك سابقين وعدد من رجال الأعمال: الدائرة الجنائية تنظر في اكبر ملف فساد بالقطاع البنكي ونهب المال العام
أحيل أول أمس على انظار هيئة الدائرة المختصة في النظر في قضايا العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس في ملف الفساد في القطاع البنكي والذي شمل 8 متضررين وثلاث شركات وعدد من المنسوب إليهم الانتهاك من بينهم محافظو بنوك سابقين وبلحسن الطرابلسي وليلى الطرابلسي وصخر الماطري وايضا مسؤولين سابقين بالبنك المركزي وهم كل من محمّد الباجي حمدة (محافظ البنك المركزي 1990 – 2001) وتوفيق بكّار (محافظ البنك المركزي 2004 ذ 2011) والشاذلي العيّاري (محافظ البنك المركزي 2012 ذ 2018) ونائب محافظ البنك المركزي (توفيق بكّار) ومديرة عامّة سابقا ثمّ نائبة محافظ البنك المركزي.
كما شمل الملف رئيس مدير عام سابق للشركة التونسية للبنك 1999 – 2002 ورئيس مدير عام سابق للشركة التونسية للبنك 2004 – 2008 ورئيس مدير عام سابق للشركة التونسية للبنك 2008 – 2010 ،ورئيس مدير عام بنك الإسكان سنة 2003 ومديرة عامّة مساعدة في لجنة القروض والرئيس المدير العام لبنك الجنوب سنة 2005 كما شمل عدد من مسؤولين اول عن بنوك .
وشملت الابحاث ايضا مسؤولين كبارا سابقين برئاسة الجمهورية وهم المنجي صفرة المستشار الاقتصادي برئاسة الجمهورية ورجال أعمال من عائلة بن علي وزوجته وأصهاره أو مقرّبين منهم أو متعاملين معهم على غرار بلحسن الطرابلسي وليلى الطرابلسي بن علي وصخر الماطري بالاضافة الى خبراء وإداريين مشاركين في الانتهاكات.
وللتذكير بأطوار الملف فأن منطلق الابحاث فيه كان أثر تقرير لهيئة الحقيقة والكرامة ذكرت في تقريرها أن ثلاثة بنوك عمومية مولت شركات مرتبطة بعائلة الرئيس بمبالغ وصلت قيمتها 1750 مليون دينار وما يقارب 30 % من هذه المبالغ قدمت نقدا دون أية ضمانات للسداد ودون احترام للقوانين والمناشير المعمول بها.
وكشف التقرير أن سياسة المحسوبية وإهدار المال العام لم تكن تقتصر على الرئيس بن علي وحاشيته بل شملت أيضا مجموعة من رجال الأعمال الذين استفادوا من تسهيلات بنكية كبرى وقروض دون ضمانات بحكم نفوذهم وقربهم من دائرة السلطة فقد تحصل 126 رجل أعمال على حوالي 7000 مليون دينار من البنوك العمومية طيلة فترة حكم الرئيس بن علي دون إرجاعها إلى اليوم.
ووفق ملف القضية فأن عددا من رجال الأعمال وأصهار الرئيس بن علي وأفراد عائلته إستغلوا الآلية الواردة بالقانون عدد 34 لسنة 1995 المتعلّق بالمؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية للتحيل.
فبعد الحصول على قروض ضخمة من البنوك دون تقديم ضمانات، يتم إهدار جزء هام من هذه التمويلات لسوء التصرّف المالي أو بعد استعمالها في غير وجهتها، ولمّا تصل هذه الشركات إلى حالة العجز عن تسديد ديونها للبنوك المُقرضة يتم اعتماد آلية التسوية الرضائية التي بمقتضاها يتم الحط والشطب اتفاقيا لجزء كبير من الفوائض التعاقدية وفوائض التأخير (بلغت 83.5 % في أحد الملفات) كما يتم الحط من أصل الدين وجدولة الجزء المُتبقي منه.
ثم في مرحلة أخيرة وبعد تمطيط الآجال وربح الوقت يتم اللجوء إلى آليات التسوية القضائية بعد رجوع الحالة إلى ما كانت عليه، ويقع تعيين خبير عدلي شريك ومتعاون مع منظومة الفساد لإعداد برنامج إنقاذ على المقاس، وبتوجيه من مستشار الدائرة الاقتصادية بالقصر المنجي صفرة الذي يقدم غالبا مذكرات للرئيس متضمنة لاقتراحاته، يتم استصدار أحكام قضائية على المقاس لشطب الديون الراجعة لتلك البنوك وهكذا تظهر العملية للعموم وكأنها عملية عادية لإنقاذ مؤسسة تمر بصعوبات اقتصادية.
وأقرّت هيئة الحقيقة والكرامة أنّ المنظومة البنكية شكلت احد أهم أسلحة النظام الفاسد في الاقتصاد حيث استعملت البنوك لمعاقبة من رفض الانصياع للمنظومة والضغط عليهم للتنازل عن حقوقهم، كما شكلت في الاتجاه الآخر آلية لمكافأة أعوان النظام المخلصين.
فالمنظومة البنكية التي ساهمت في استشراء الفساد في هذا الباب تشمل البنك المركزي والبنوك العمومية والتي كانت تمثل أغلبية والبنوك الخاصة بدرجات متفاوتة.
أكد التقرير أن الانتهاكات في هذا المجال كلفت المجموعة الوطنية أموالا طائلة لإعادة رأسملة هذه المؤسسات ففي سنة 2015 تكفلت الدولة بإعادة رأسملة الشركة التونسية للبنك وبنك الإسكان بمبلغ 867 مليون دينار.
ويجب الإشارة في هذا الخصوص الى أن محصلة البنوك العمومية من الديون المشكوك في استخلاصها تمثل 47 % من جملة الديون المصنفة للمنظومة البنكية، بقيمة 9,5 مليار دينار.
وأوضحت الهيئة أيضا أنّ أسواق الأوراق المالية لم تبق في منأى عن استغلال الفاسدين حيث قاموا بإدراج شركات لا تستجيب للشروط المنظمة للسوق المالية وبقيمة أكبر من قيمتها الحقيقية، محققين بذلك أرباحا هائلة، إلى جانب استغلال معطيات ومعلومات سرية لتحقيق منافع خاصة.
محاكمة رجل الأعمال ورئيس الملعب التونسي سابقا جلال بن عيسى
نظرت ظهر أمس الخميس 21 نوفمبر 2024 هيئة الدائرة الجنائية المختصة في النظر في قضايا الفسا…