لتدخل تونس القرن الحادي والعشرين فعليا: ألفة الحامدي وحلولها السريالية
مرة أخرى تعود ألفة الحامدي إلى الصورة بتقليعة جديدة وعلى غرار الحلول الغرائبية التي قدمتها للقضية الفلسطينية في الفترة الأخيرة فهي تقترح حلولا لتونس لتدخل القرن الحادي والعشرين. وتخوض حملة انتخابية مبكرة أو هي سابقة لأوانها وتعلن إنها معنية بالسباق الرئاسي نحو قصر قرطاج في المحطة القادمة.
وهذه ليست كوميديا سوداء ولا خيالا علميا أيضا بل هي معطيات سياسية تخص المشهد في بلادنا.
والسيدة الحامدي نموذج دال من الطيف السياسي التونسي الذي لا يتفاعل في هذه اللحظة التاريخية الدقيقة مع ما يحدث محليا وإقليميا ودوليا ولا يحسن افقه الأولوياتب.
ولعل الأمر هنا يحتاج إلى بعض التفصيل وذلك لا يتم إلا بتفكيك بعض أبعاد شخصية السيدة ألفة الحامدي وأمثالها كثر في الساحة السياسية التونسية منذ أن تناسلت الأحزاب ونمت كالطفح الجلدي بعد الثورة. إذ تكالبت عديد الوجوه على السلطة وهرول الجميع من كل حدب وصوب من أجل الوصول إلى المناصب وتحقيق الغايات النفعية المباشرة مستفيدين من المدرسة الميكيافيلية أيما استفادة.
ومن المفارقات العجيبة أن الفة الحامدي قبيل فترة قصيرة أطلت علينا ملتحفة اإزار الثوريةب ومدعية أنها تحمل حلولا عبقرية أو سحرية للقضية الفلسطينية عندما كان طوفان الأقصى في أوجه وفي إطار مزايدات واتساقا مع الموقف الصهيوني والأمريكي اقترحت تهجير الفلسطينيين تحت يافطة استجلابهم إلى تونس وتبني أطفالهم.
وتعامل بعضنا بسخرية مع ما قالته واعتبروه من قبيل عدم النضج السياسي أو نعوت أخرى بينما رأى البعض الآخر خطورة تقاطع فكر هذه السيدة مع ما يخطط له الصهاينة واعتبروا أن دوائر القرار الأمريكي تملي هذا الموقف على أتباعها ومنهم الحامدي.
وبغض الطرف عن وجاهة الرأي الأول أو الثاني فإن ما يمكن أن نستخلصه مما جاء على لسانها هو أن هناك إمعانا واضحا في ترذيل الحياة السياسية في تونس من قبيل هذه النماذج القادمة على صهوة طموح جارف ودونما برنامج أو رؤية أو خلفية نضالية أو سياسية أو فكرية..
إذن رئيسة حزب الجمهورية الثالثة ألفة الحامدي الذي لا نعرف له أعضاء غيرها أعلنت ترشحها للانتخابات الرئاسية 2024 وطلبت من التونسيين أن يتولوا تقديم الدعم المادي والمعنوي لها حتى تضمن لهم الدخول إلى القرن الحادي والعشرين وتقضي على كل مشاكلهم وأزماتهم المتفاقمة بفضل نبوغها وعبقريتها.
وهنا سيكون من البديهي أن نقول أن كل مواطن تونسي تتوفر فيه الشروط التي يحددها القانون الانتخابي من حقه أن يترشح في أي انتخابات ومن حق أي مواطن دائما وفق المحددات المذكورة أن يطمح إلى أن يكون رئيسا للجمهورية والطموح مشروع قطعا في ظل نظام ديمقراطي يتم فيه التداول سلميا على السلطة.
ومن المنطقي أيضا أن نذكر هذه السيدة وغيرها أننا في انتظار تغيير القانون الانتخابي 2019 وفي انتظار تحديد الملامح العامة للاستحقاق الانتخابي الرئاسي القادم. ووحده القانون الانتخابي يتولى تحديد شروط الترشح وبعبارة أخرى هو المحدد لمستقبل تونس في المرحلة القادمة. وبالتالي فإن إعلانها سابق لأوانه ومن قبيل التسرع والاندفاع الذي لا يفترض أن يكون من سمات شخصية الفاعل السياسي.
وهذه ديباجة لابد منها وتنطبق على جميع السياسيين وليس على ألفة الحامدي فحسب. أما ما نوجهه لها بشكل مخصوص فهو هذه العشوائية والاستسهال الذي تتعامل به منذ أن دخلت عالم السياسية عبر الميديا في حوار على إحدى القنوات الفضائية التونسية وقد أصبغت على نفسها صفة النبوغ والعبقرية والقدرة على إيجاد الحلول لأصعب المعضلات. وتم تداول اسمها كمرشحة لمنصب وزاري زمن التوافقات والمحاصصات ثم اختفت لتعود وقد تبوأت منصبا دقيقا وهو الإدارة العامة للخطوط التونسية التي تعاني صعوبات جمة وقد أظهرت السيدة الحامدي إلى جانب العجز التام عن تسيير شؤون المؤسسة ، صلفا في التعامل مع العاملين في المؤسسة ومع اتحاد الشغل وخاطبت الجميع من علوها رمزيا وبشكل ملموس حتى أنها في مشهد سريالي بالغ الطرافة صعدت فوق منضدة وهددت وتوعدت. وقيل وقتها انها مدعومة من الحزب الكبير ولها علاقات مع مراكز نفوذ في الولايات المتحدة الأمريكية حيث درست. ثم غادرت المنصب كما بالسرعة نفسها التي جاءت بها قبل أن تقرر العمل السياسي بشكل ااحترافيب وأنشأت حزبا وتصدرت عديد المنابر الإعلامية لتتحدث عن حلول سحرية تملكها للإشكاليات المطروحة في بلادنا اليوم.
حتى تكون السياسة النقدية في خدمة السياسة الاقتصادية : هل نحتاج إلى مراجعة النظام الأساسي للبنك المركزي؟
النظام الأساسي للبنك المركزي يحتاج الى مراجعة حتى تكون السياسة النقدية متسقة مع السياسة ا…