2023-11-15

لتدخل تونس القرن الحادي والعشرين فعليا: ألفة الحامدي وحلولها السريالية

مرة‭ ‬أخرى‭ ‬تعود‭ ‬ألفة‭ ‬الحامدي‭ ‬إلى‭ ‬الصورة‭ ‬بتقليعة‭ ‬جديدة‭ ‬وعلى‭ ‬غرار‭ ‬الحلول‭ ‬الغرائبية‭ ‬التي‭ ‬قدمتها‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬فهي‭ ‬تقترح‭ ‬حلولا‭ ‬لتونس‭ ‬لتدخل‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭. ‬وتخوض‭ ‬حملة‭ ‬انتخابية‭ ‬مبكرة‭ ‬أو‭ ‬هي‭ ‬سابقة‭ ‬لأوانها‭ ‬وتعلن‭ ‬إنها‭ ‬معنية‭ ‬بالسباق‭ ‬الرئاسي‭ ‬نحو‭ ‬قصر‭ ‬قرطاج‭ ‬في‭ ‬المحطة‭ ‬القادمة‭. ‬

وهذه‭ ‬ليست‭ ‬كوميديا‭ ‬سوداء‭ ‬ولا‭ ‬خيالا‭ ‬علميا‭ ‬أيضا‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬معطيات‭ ‬سياسية‭ ‬تخص‭ ‬المشهد‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭. ‬

والسيدة‭ ‬الحامدي‭  ‬نموذج‭ ‬دال‭  ‬من‭ ‬الطيف‭ ‬السياسي‭ ‬التونسي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يتفاعل‭  ‬في‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭ ‬التاريخية‭ ‬الدقيقة‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭  ‬محليا‭ ‬وإقليميا‭ ‬ودوليا‭ ‬ولا‭ ‬يحسن‭ ‬افقه‭ ‬الأولوياتب‭. ‬

ولعل‭ ‬الأمر‭ ‬هنا‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬التفصيل‭ ‬وذلك‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬إلا‭ ‬بتفكيك‭ ‬بعض‭ ‬أبعاد‭ ‬شخصية‭ ‬السيدة‭ ‬ألفة‭ ‬الحامدي‭ ‬وأمثالها‭ ‬كثر‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬السياسية‭ ‬التونسية‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬تناسلت‭ ‬الأحزاب‭ ‬ونمت‭ ‬كالطفح‭ ‬الجلدي‭ ‬بعد‭ ‬الثورة‭. ‬إذ‭ ‬تكالبت‭ ‬عديد‭ ‬الوجوه‭  ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬وهرول‭ ‬الجميع‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬حدب‭ ‬وصوب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬المناصب‭ ‬وتحقيق‭ ‬الغايات‭ ‬النفعية‭ ‬المباشرة‭ ‬مستفيدين‭ ‬من‭ ‬المدرسة‭ ‬الميكيافيلية‭ ‬أيما‭ ‬استفادة‭.‬

ومن‭ ‬المفارقات‭ ‬العجيبة‭ ‬أن‭ ‬الفة‭ ‬الحامدي‭ ‬قبيل‭ ‬فترة‭ ‬قصيرة‭ ‬أطلت‭ ‬علينا‭ ‬ملتحفة‭ ‬اإزار‭ ‬الثوريةب‭ ‬ومدعية‭ ‬أنها‭ ‬تحمل‭ ‬حلولا‭ ‬عبقرية‭ ‬أو‭ ‬سحرية‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى‭ ‬في‭ ‬أوجه‭ ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬مزايدات‭ ‬واتساقا‭ ‬مع‭ ‬الموقف‭ ‬الصهيوني‭ ‬والأمريكي‭ ‬اقترحت‭ ‬تهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬تحت‭ ‬يافطة‭ ‬استجلابهم‭ ‬إلى‭ ‬تونس‭ ‬وتبني‭ ‬أطفالهم‭.‬

وتعامل‭ ‬بعضنا‭ ‬بسخرية‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬قالته‭ ‬واعتبروه‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬عدم‭ ‬النضج‭ ‬السياسي‭ ‬أو‭ ‬نعوت‭ ‬أخرى‭ ‬بينما‭ ‬رأى‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬خطورة‭ ‬تقاطع‭ ‬فكر‭ ‬هذه‭ ‬السيدة‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يخطط‭ ‬له‭ ‬الصهاينة‭ ‬واعتبروا‭ ‬أن‭ ‬دوائر‭ ‬القرار‭ ‬الأمريكي‭ ‬تملي‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬على‭ ‬أتباعها‭ ‬ومنهم‭ ‬الحامدي‭. ‬

وبغض‭ ‬الطرف‭ ‬عن‭ ‬وجاهة‭ ‬الرأي‭ ‬الأول‭ ‬أو‭ ‬الثاني‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نستخلصه‭ ‬مما‭ ‬جاء‭ ‬على‭ ‬لسانها‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬إمعانا‭ ‬واضحا‭ ‬في‭ ‬ترذيل‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬هذه‭ ‬النماذج‭ ‬القادمة‭ ‬على‭ ‬صهوة‭ ‬طموح‭ ‬جارف‭ ‬ودونما‭ ‬برنامج‭ ‬أو‭ ‬رؤية‭ ‬أو‭ ‬خلفية‭ ‬نضالية‭ ‬أو‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬فكرية‭.. ‬

إذن‭ ‬رئيسة‭ ‬حزب‭ ‬الجمهورية‭ ‬الثالثة‭ ‬ألفة‭ ‬الحامدي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬له‭ ‬أعضاء‭ ‬غيرها‭ ‬أعلنت‭ ‬ترشحها‭ ‬للانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬2024‭ ‬وطلبت‭ ‬من‭ ‬التونسيين‭ ‬أن‭ ‬يتولوا‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬المادي‭ ‬والمعنوي‭ ‬لها‭ ‬حتى‭ ‬تضمن‭ ‬لهم‭ ‬الدخول‭ ‬إلى‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭ ‬وتقضي‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مشاكلهم‭ ‬وأزماتهم‭ ‬المتفاقمة‭ ‬بفضل‭ ‬نبوغها‭ ‬وعبقريتها‭.‬

  ‬وهنا‭ ‬سيكون‭ ‬من‭ ‬البديهي‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬مواطن‭ ‬تونسي‭ ‬تتوفر‭ ‬فيه‭ ‬الشروط‭ ‬التي‭ ‬يحددها‭  ‬القانون‭ ‬الانتخابي‭ ‬من‭ ‬حقه‭ ‬أن‭ ‬يترشح‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬انتخابات‭ ‬ومن‭ ‬حق‭ ‬أي‭ ‬مواطن‭ ‬دائما‭ ‬وفق‭ ‬المحددات‭ ‬المذكورة‭ ‬أن‭ ‬يطمح‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬رئيسا‭ ‬للجمهورية‭ ‬والطموح‭ ‬مشروع‭ ‬قطعا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬نظام‭ ‬ديمقراطي‭ ‬يتم‭ ‬فيه‭ ‬التداول‭ ‬سلميا‭ ‬على‭ ‬السلطة‭.‬

ومن‭ ‬المنطقي‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬نذكر‭ ‬هذه‭ ‬السيدة‭ ‬وغيرها‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬تغيير‭ ‬القانون‭ ‬الانتخابي‭ ‬2019‭  ‬وفي‭ ‬انتظار‭ ‬تحديد‭ ‬الملامح‭ ‬العامة‭ ‬للاستحقاق‭ ‬الانتخابي‭ ‬الرئاسي‭ ‬القادم‭. ‬ووحده‭ ‬القانون‭ ‬الانتخابي‭ ‬يتولى‭ ‬تحديد‭ ‬شروط‭ ‬الترشح‭ ‬وبعبارة‭ ‬أخرى‭ ‬هو‭ ‬المحدد‭ ‬لمستقبل‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬القادمة‭. ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬إعلانها‭ ‬سابق‭ ‬لأوانه‭ ‬ومن‭ ‬قبيل‭ ‬التسرع‭ ‬والاندفاع‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬سمات‭ ‬شخصية‭ ‬الفاعل‭ ‬السياسي‭. 

‭ ‬وهذه‭ ‬ديباجة‭ ‬لابد‭ ‬منها‭ ‬وتنطبق‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬السياسيين‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬ألفة‭ ‬الحامدي‭ ‬فحسب‭. ‬أما‭ ‬ما‭ ‬نوجهه‭ ‬لها‭ ‬بشكل‭ ‬مخصوص‭ ‬فهو‭ ‬هذه‭ ‬العشوائية‭ ‬والاستسهال‭ ‬الذي‭ ‬تتعامل‭ ‬به‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬دخلت‭ ‬عالم‭ ‬السياسية‭ ‬عبر‭ ‬الميديا‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬على‭ ‬إحدى‭ ‬القنوات‭ ‬الفضائية‭ ‬التونسية‭ ‬وقد‭ ‬أصبغت‭ ‬على‭ ‬نفسها‭ ‬صفة‭ ‬النبوغ‭ ‬والعبقرية‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬إيجاد‭ ‬الحلول‭ ‬لأصعب‭ ‬المعضلات‭. ‬وتم‭ ‬تداول‭ ‬اسمها‭ ‬كمرشحة‭ ‬لمنصب‭ ‬وزاري‭ ‬زمن‭ ‬التوافقات‭ ‬والمحاصصات‭ ‬ثم‭ ‬اختفت‭ ‬لتعود‭ ‬وقد‭ ‬تبوأت‭ ‬منصبا‭ ‬دقيقا‭ ‬وهو‭  ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للخطوط‭ ‬التونسية‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬صعوبات‭ ‬جمة‭ ‬وقد‭ ‬أظهرت‭ ‬السيدة‭ ‬الحامدي‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬العجز‭ ‬التام‭ ‬عن‭ ‬تسيير‭ ‬شؤون‭ ‬المؤسسة‭ ‬،‭ ‬صلفا‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬ومع‭ ‬اتحاد‭ ‬الشغل‭ ‬وخاطبت‭ ‬الجميع‭ ‬من‭ ‬علوها‭ ‬رمزيا‭ ‬وبشكل‭ ‬ملموس‭ ‬حتى‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬سريالي‭ ‬بالغ‭ ‬الطرافة‭ ‬صعدت‭ ‬فوق‭ ‬منضدة‭ ‬وهددت‭ ‬وتوعدت‭. ‬وقيل‭ ‬وقتها‭ ‬انها‭ ‬مدعومة‭ ‬من‭ ‬الحزب‭ ‬الكبير‭ ‬ولها‭ ‬علاقات‭ ‬مع‭ ‬مراكز‭ ‬نفوذ‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬حيث‭ ‬درست‭. ‬ثم‭ ‬غادرت‭ ‬المنصب‭ ‬كما‭ ‬بالسرعة‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬بها‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تقرر‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬بشكل‭ ‬ااحترافيب‭ ‬وأنشأت‭ ‬حزبا‭ ‬وتصدرت‭ ‬عديد‭ ‬المنابر‭ ‬الإعلامية‭ ‬لتتحدث‭ ‬عن‭ ‬حلول‭ ‬سحرية‭ ‬تملكها‭ ‬للإشكاليات‭ ‬المطروحة‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬اليوم‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

السيادة الغذائية رهان الجمهورية ..أيضا !

 تعيش تونس هذه الأيام ديناميكية مهمة تشمل الجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي ويمكن اعتما…