لم يكن دمج القمتين العربية والاسلامية لأسباب تنظيمية أو أمنية بل جاء نتيجة خلافات وتوترات عربية اسلامية سبقت أشغال القمّتين.
فالقمّة العربية كانت ستنعقد يوم السبت 11 نوفمبر وتعقبها القمّة الاسلامية يوم 12 من نفس الشهر إلاّ أنّ عدم توصل مندوبي جامعة الدول العربية الى اتفاق حول البيان الختامي دفع الى دمج القمتين بعدما اقترحت الدول العربية من بينها الجزائر ولبنان مشروع قرار يتضمن تهديدا بتشغيل ورقة البترول وقطع امداداته على اسرائيل وحلفائها اضافة الى الدعوة لقطع العلاقات الديبلوماسية والاقتصادية مع الكيان الصهيوني بالنسبة للدول العربية المطبّعة.. هذا المقترح كان بإمكانه أن يمثل ضربة موجعة لاسرائيل وحلفائها لو تبنّته القمّة العربية الاسلامية لكن ثقل ادول التطبيعب مثّل ضربة ارتدادية منعت مرور هذا المقترح بل دفعت الى المّ شملب القمتين العربية والاسلامية في قمّة واحدة انعقدت واختتمت ولم يتبق منها غير اعار البيانب الختامي الذي خذل اغزّةب في محنتها وتركها وحيدة تحت نار الإبادة..
لم نتفاجأ ـ في الواقع ـ ككلّ المتابعين بنعومة البيان الختامي فقد كان متوقعا ـ اجملة بجملة وكلمة بكلمةب ـ .. وقف اطلاق نار فوري وحماية المدنيين من الجهتين والدعوة الى حلّ شامل يضمن وحدة غزّة والضفّة الغربية مع الدعوة الى كسر الحصار على غزّة لمرور قوافل المساعدات الانسانية كما رفضت القمّة في بيانها الختامي اتوصيف هذه الحرب الانتقامية على أنّها دفاع عن النفس أو تبريرها تحت أيّ ذريعة…ب!
هذا أبرز ما جاء في القمة العربية الاسلامية المندمجة الطارئة بحضور كل الزعامات العربية والاسلامية وقد اختتمت أشغالها اببيان التوسّلاتب أو االتسوّلاتب الذي دعت فيه الى وقف اطلاق النار والى فتح المعابر لمرور المساعدات الانسانية وكسر الحصار.. يعني ان القمة لم تتخذ ولو قرارا واحدا ولم يصدر عنها ما يؤكد أنها انعقدت بالفعل من أجل اغزة المنكوبةب في ابنائها.
فكل الزعامات العربية والاسلامية التي حضرت القمة إنما جاءت للدفاع ـ في الواقع ـ عن راياتها وعن مصالحها وبالتالي صدّ كل محاولات االدول العربية المارقةب التي سعت لتمرير اورقة النفطب ورفعها في وجه العدو الصهيوني وحلفائه…
أولا لا بد ـ هنا ـ من التذكير بأن القمة العربية الاسلامية انما تنعقد على أرض المملكة العربية السعودية وبرعاية ولي العهد محمد بن سلمان وهذا كاف ليجعل منها قمة ناعمة أو قمة لا اتشوّشب على االسلامب ما بعد غزة أي بعد انتهاء حرب الابادة.. فالمنطقة قبل الحرب بساعات قليلة كانت مقدمة على تغييرات جيوسياسية كبرى على رأسها ادماج اسرائيل في منطقة الشرق ا لأوسط وهو المشروع الذي انطلق بالفعل وكان من المتوقع اكتماله بعد اكتمال مسار تطبيع السعودية مع اسرائيل وهو المسار الذي حقق تقدما كبيرا الى أن اأفسدته غزّةب… في تلك الليلة في السابع من اكتوبر 2023 بما اسمته المقاومة اطوفان الأقصىب والذي أخذ في ما أخذ امسار تطبيع السعوديةب مع اسرائيل وهو المسار المؤجل ـ في الواقع ـ ويضمّ التطبيع أولا ثم ادماج اسرائيل في منطقة الشرق الأوسط ما ذكره ولي العهد محمد ابن سلمان بعظمة لسانه ـ كما يقولون ـ في تصريح اعلامي جاء فيه:
انقترب كل يوم أكثر فأكثر من تطبيع العلاقات مع اسرائيل.. وهناك دعم من ادارة الرئيس بايدن للوصول الى تلك النقطة وبالنسبة لنا فإن القضية الفلسطينية مهمة للغاية نحتاج الى حل تلك الجزئية ولدينا مفاوضات متواصلة حتى الآن.. وعلينا ان نرى الى اين ستمضي..
نأمل ان نصل الى مكان تسهل فيه الحياة على الفلسطينيين وتدمج اسرائيل في الشرق الاوسط...
مسار التطبيع والادماج تقدم كثيرا في الواقع وكان من المتوقع ان يتم بالفعل مع حلول سنة 2024 وذلك بواسطة اتفاق اطاري لاقامة علاقات بين اسرائيل والسعودية عبر االوسيط الأكبرب الولايات المتحدة الامريكية. وقد أفسدت احماسب كل المسار بطوفان الأقصى الذي أكل الأخضر واليابس ولا ندري ان كان ذلك تحت االرعاية الايرانيةب التي انكرت الطوفان وباركته في نفس الوقت..وايران تدرك جيدا ان الادارة الامريكية التي تقف وراء مسار التطبيع انما تسعى الى تقوية شركائها الكبار في منطقة الشرق الاوسط اسرائيل من جهة والعربية السعودية من جهة أخرى حتى يكونا احجرة عثرةبوحائط صدّ شاهق امام طموحات ايران في المنطقة والتي تعتبرها امريكا االخطر الداهمب الذي يجب اضعافه باستمرار..
السعودية تسعى الى السلام ما في ذلك شك ولها جهودها ومنجزها في هذا الاتجاه وهي ترى السلام ضروريا في المنطقة لذلك لا ترى ضيرا من التطبيع ان كان طريقا للسلام الذي تحتاجه المملكة ـ في الواقع ـ لتحقيق مشروعها الحضاري الكبير (الرؤية 2030) اضافة الى امسار البخوربوهو شبيه بـاطريق الحريرب وتشترك فيه مع الهند والامارات ويمر على اسرائيل..
اختتمت القمة المندمجة العربية الاسلامية الطارئة بكلمات خطّت بالحبر الجاف والذي يمكن امحوهب بقطرة ماء او بدمع منفلت من أعين طفل..ولا شيء سيبقى في الأخير.. لا الحبر ولا الطفل ولا الدمع …لا شيء سيتبقى غير االعارب على صفحات التاريخ العربي الاسلامي المندمج والطارئ…!!
وحتى لا ننسى فإن القمة العربية الاسلامية الطارئة قد انعقدت وهي محاصرة بأضخم القواعد العسكرية الامريكية المقيمة في المنطقة من زمان اضافة الى البوارج والغواصة النووية الوافدة حديثا وكانت على مرمى عين من الزعماء والرؤساء والملوك من السموّ الى السموّ.. لذلك لم نسمع ضجيجا في القمة ولذلك أيضا جاء بيانها الختامي صامتا مع بعض التوسّلات المهينة..!
وحتّى تطمئن القلوب العربية الاسلامية: نؤكد على أن:
ـ إيران لن تفتح جبهة حرب مع اسرائيل وهي بصدد تلمس مناطق سلامتها عبر رسائل طمأنة غير معلنة متبادلة مع البيت الابيض ووزير خارجيتها أعلنها صراحة الن نخوض حربا مع اسرائيلب.
ـ لبنان متعب سياسيا واقتصاديا وحزب الله لن يجرّ البلد الى حرب مباشرة وسيكتفي ابرشقات صاروخيةب لحفظ ماء الوجه وهو يتكبّد خسائر بشرية كبرى رغم ذلك.
ـ سوريا لا حول ولا قوّة لها وبشار يبحث عن نجاته الشخصية.
ـ مصر وعلى لسان رئيسها السيسي لن تخوض حربا ولن تحرك جيشها ليخوض حربا خارج الاراضي المصرية. ومصر أيضا مثقلة اقتصاديا واجتماعيا وتعمل على انجاء شعبها…
ـ تركيا الأردوغانية منشغلة بكتابة دستور مدني جديد قد ايؤبّدب حكم أردوغان ولا وقت للرئيس لاهداره في حرب ستنتهي في كل الاحوال…
ـ ودول التطبيع تدفع بكلّ قوّة لانهاء الحرب لكن الأمر ليس بين يديها ولذلك هي مكتفية بالتوسل والدعاء إلى أن تعلن اسرائيل تحت الضغط الأمريكي والرأي العام العالمي نهاية الحرب فلم يعد لها على الأرض ما تقصفه فلا حياة في شمال غزّة الذي انتقل الى الجنوب…
وعليه نؤكد بل نجزم بأن لا حرب اقليمية في المنطقة وستبقى غزّة صامدة وحيدة في مواجهة موتها.
«مجلس أعلى للثقافة».. من أجل إعادة البناء..!
من أكثر القطاعات التي تحتاج الى «حرب تحرير وتطهير» كبرى، قطاع الثقافة و«ثكنته البيروقراطي…