‭ ‬لا‭ ‬تكاد‭ ‬صور‭ ‬الدمار‭ ‬والمجازر‭ ‬التي‭ ‬تردنا‭ ‬من‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬تفارقنا‭ ‬حتى‭ ‬ونحن‭ ‬نيام‭ ‬ولكأن‭ ‬الصور‭ ‬باتت‭ ‬محفورة‭ ‬في‭ ‬ذاكرتنا‭ ‬تأبى‭ ‬أن‭ ‬تمّحي‭ ‬ولو‭ ‬للحظات‭ ‬وقد‭ ‬ولّدت‭ ‬فينا‭ ‬حالات‭ ‬من‭ ‬الانكسار‭ ‬والعجز‭ ‬عن‭ ‬فك‭ ‬عزلة‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬أسقطت‭ ‬عن‭ ‬االعالم‭ ‬الحرب‭ ‬كل‭ ‬الأقنعة‭ ‬وكل‭ ‬السرديات‭ ‬التي‭ ‬أقامها‭ ‬حجة‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬احترام‭ ‬حقوق‭ ‬البشر‭ ‬كل‭ ‬البشر‭ ‬وتمكينهم‭ ‬من‭ ‬أبسط‭ ‬مقومات‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬السلم‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬الحرب‭ ‬وكأنهم‭ ‬ينفون‭ ‬عن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬صفة‭ ‬البشرية‭ ‬والإنسانية‭.‬

كل‭ ‬هذه‭ ‬الصدمات‭ ‬المتتالية‭ ‬بدلّت‭ ‬أيام‭ ‬التونسيين‭ ‬فقد‭ ‬تغيّر‭ ‬إيقاع‭ ‬حياتهم‭ ‬إلى‭ ‬شبه‭ ‬رتابة‭ ‬وتنامى‭ ‬شعور‭ ‬السخط‭ ‬والعجز‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬المساعدات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تخفف‭ ‬من‭ ‬وطأة‭ ‬قلة‭ ‬الحيلة‭ ‬إزاء‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬الذين‭ ‬يفتقدون‭ ‬إلى‭ ‬أبسط‭ ‬الحقوق‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬وفي‭ ‬التداوي‭ ‬وفي‭ ‬مياه‭ ‬نظيفة‭ ‬وفي‭ ‬طاقة‭ ‬تشغّل‭ ‬المستشفيات‭ ‬والسيارات‭ ‬التي‭ ‬تنقل‭ ‬الجرحى‭ ‬والتي‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬أهداف‭ ‬امشروعةب‭ ‬للاحتلال‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬تشفع‭ ‬لها‭ ‬لا‭ ‬اتفاقيات‭ ‬دولية‭ ‬ولا‭ ‬قانون‭ ‬وضعي‭ ‬ولا‭ ‬قانون‭ ‬إنساني‭.‬

وفي‭ ‬خضم‭ ‬هذه‭ ‬الأوضاع‭ ‬االثقيلة‭ ‬والتي‭ ‬زادت‭ ‬في‭ ‬ثقل‭ ‬اليومي‭ ‬الذي‭ ‬يعيشه‭ ‬التونسيون‭ ‬الذين‭ ‬يستفيقون‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬على‭ ‬زيادات‭ ‬في‭ ‬المواد‭ ‬الأساسية‭ ‬وفي‭ ‬اغفلة‭ ‬من‭ ‬الجميعب‭ ‬يتفاجأ‭ ‬بها‭ ‬الحرفاء‭ ‬في‭ ‬الفضاءات‭ ‬والدكاكين‭ ‬مقابل‭ ‬غياب‭ ‬بعض‭ ‬المواد‭ ‬الأساسية‭ ‬الأخرى‭ ‬على‭ ‬السوق‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تطمينات‭ ‬الحكومة‭ ‬أنها‭ ‬ستؤمن‭ ‬انسيابية‭ ‬توفر‭ ‬هذه‭ ‬المواد‭ ‬الأساسية‭ ‬والحساسة‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬الخبز‭ ‬والحليب‭  ‬وبشكل‭ ‬أقل‭ ‬القهوة‭ ‬بعد‭ ‬تواتر‭ ‬تحذيرات‭ ‬الهياكل‭ ‬المهنية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬القطاعات‭ ‬والتي‭ ‬تؤكد‭ ‬وجود‭ ‬شبح‭ ‬أزمات‭ ‬حقيقية‭ ‬تعرقل‭ ‬ضخها‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬نتيجة‭ ‬غياب‭ ‬المعالجات‭ ‬الجذرية‭ ‬لهذه‭ ‬الأزمات‭ ‬التي‭ ‬تجاهلتها‭ ‬الدولة‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تعالي‭ ‬الأصوات‭ ‬والنداءات‭ ‬بضرورة‭ ‬حل‭ ‬الإشكاليات‭ ‬التي‭ ‬تعانيها‭ ‬عديد‭ ‬منظومات‭ ‬الإنتاج‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬توفير‭ ‬السيولة‭ ‬المطلوبة‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ضمان‭ ‬اقتناءات‭ ‬تونس‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الاستهلاكية‭ ‬الأساسية‭ ‬والتي‭ ‬يتم‭ ‬توفيرها‭ ‬بالعملة‭ ‬الصعبة‭.‬

في‭ ‬المقابل‭ ‬ارتأت‭ ‬الحكومة‭ ‬اختيار‭ ‬الطريق‭ ‬الأسلم‭ ‬والأضمن‭ ‬وهي‭ ‬الزيادة‭ ‬في‭ ‬الأسعارخاصة‭ ‬و‭ ‬أن‭ ‬وجهة‭ ‬اهتمام‭ ‬التونسيين‭ ‬من‭ ‬متابعة‭ ‬تداعيات‭ ‬الأزمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬على‭ ‬مقدرتهم‭ ‬والشرائية‭ ‬و‭ ‬ضمان‭ ‬حاجياتهم‭ ‬الأساسية‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الاستهلاكية‭ ‬قد‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬وجهة‭ ‬وبوصلة‭ ‬مغايرة‭ ‬تماما‭ ‬وهي‭ ‬متابعة‭ ‬مستجدات‭ ‬أحداث‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬وضعت‭ ‬أوزارها‭ ‬على‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الأعزل‭.‬

مقاربة‭ ‬للأسف‭ ‬لا‭ ‬تستقيم‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬تحترم‭ ‬إمكانيات‭ ‬شعبه‭ ‬التي‭ ‬تأثرت‭ ‬نتيجة‭ ‬الارتفاع‭ ‬المشط‭ ‬في‭ ‬الأسعار‭ ‬وغياب‭ ‬بعض‭ ‬المواد‭ ‬والتي‭ ‬أصبحت‭ ‬رحلة‭ ‬البحث‭ ‬عنها‭ ‬مضنية‭ ‬لعموم‭ ‬أفراد‭ ‬الشعب‭ ‬التونسي‭ ‬الذين‭ ‬يتوجب‭ ‬عليهم‭ ‬الوقوف‭ ‬في‭ ‬الطوابير‭ ‬أمام‭ ‬المخابز‭ ‬والمتاجر‭ ‬لاقتناء‭ ‬بعض‭ ‬حاجياتهم‭.‬

وقد‭ ‬أعادت‭ ‬الزيادات‭ ‬اخلسةب‭ ‬في‭ ‬الأسعار‭ ‬إلى‭ ‬الأذهان‭ ‬ما‭ ‬أتاه‭ ‬نواب‭ ‬الشعب‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬بإقرار‭ ‬منحة‭ ‬بألف‭ ‬دينار‭ ‬لكل‭ ‬نائب‭ ‬والناس‭ ‬اغافلونبوكأن‭ ‬تحول‭ ‬أنظار‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬إلى‭ ‬مشاغل‭ ‬أخرى‭ ‬إنسانية‭ ‬أو‭ ‬دولية‭ ‬أضحى‭ ‬فرصا‭ ‬سانحة‭ ‬للدولة‭ ‬لتمرير‭ ‬قرارات‭ ‬مؤلمة‭ ‬لهذا‭ ‬الشعب‭. ‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

دعوة لبعث مجلس السيادة الغذائية : ضمانة ديمومة المنظومات الإنتاجية والحدّ من التبعية الغذائية

كشفت أزمة جائحة كورونا والحرب الروسية -الأوكرانية عن هشاشة منظومات الإنتاج المحلية في تونس…