مناقشة ميزانية وزارة النقل : هل ستأخذ بعين الاعتبار الهنات والإشكالات التي يعاني منها قطاع النقل في تونس؟
يتفق جميع المتدخلين في قطاع النقل على أن وسائل النقل العمومي في تونس الكبرى تعاني من مشاكل مالية ومعظمها إن لم نقل كلها غارق في ديون بملايين الدينارات لا سيما بسبب ارتفاع تكاليف رواتب الموظفين مع موجة من التعيينات التي تلت الثورة.
هذه المشاكل الهيكلية والإدارية والمالية العميقة التي يتسم بها نظام النقل العام كانت لها آثار وتداعيات دائمة على المواطنين الذين يذوقون الويلات يوميا في رحلة ذهابهم للعمل أو الدراسة وتكشف عن أزمة حقيقية ساهمت في ظهور عديد الظواهر الاجتماعية الأخرى بسبب الاكتظاظ على غرار السرقة والبراكاجات والعنف المسلط على الحرفاء وعلى أعوان النقل على حد سواء.
وتتم هذه الأيام بداية مناقشة ميزانية وزارة النقل لسنة 2024، حيث يتساءل المتدخلون في قطاع النقل والشأن العام في تونس عما إذا كانت ميزانية وزارة النقل هذه السنة ستأخذ بعين الاعتبار كل الهنات والإشكاليات الكبرى التي يعاني منها قطاع النقل منذ سنوات.
وقد جاء في قانون المالية لسنة 2024 أنه وطبقا للتشريع الجاري به العمل يمول النقل العمومي الجماعي من المداخيل المتأتية من مستعمليه حسب التعريفات المحددة ومن المداخيل والتحويلات من الدولة لتعويض النقص في المداخيل الحاصل من مجانية النقل أو استغلال خطوط غير مجدية وعن طريق المستفدين غير المباشرين من خدمات النقل العمومي طبقا للقانون عدد 33 لسنة 2004 المؤرخ في 30 أفريل 2004 المتعلق بتنظيم النقل البري.
كما تضمن مشروع ميزانية 2024 أيضا بخصوص قطاع النقل أهمية التعويض من قبل الدولة في النقل العمومي فإنه يبقى غير كاف بالإضافة إلى عدم الترفيع في التعريفة وهو ما أدى إلى تدهور وضعية الشركات العموميةللنقل ونوعية الخدمات وبالتالي تردّي منظومة التنقل وبروز إشكاليات أثرت تسلبا على المنظومة الاقتصادية والبيئية والاجتماعية.
وأوضح المشروع أيضا أنه وبهدف وضع آليات بديلة لتمويل النقل الحضري المستدام يقترح إحداث حساب تمويل التنقلات الحضرية يتولى معاضدة مجهود الدولة في تمويل بعض عمليات تعهد وصيانة البنية التحتية والمعدات للنقل العمومي الحضري، وتمويل الاستثمارات الخصوصية الصغيرة والمبتكرة في مجال التنقلات الحضرية، وكذلك الدراسات ذات العلاقة بالتوجهات الوطنية للتنقلات الحضرية.
بالرغم من وجود وعي جماعي لدى المسؤولين الحكوميين بضرورة معالجة مسألة التنقل، ولا سيما إصلاح قطاع النقل في البلاد، إلا أن السلطات الحكومية تدرك عجز أنظمة التنقل الحضري الحالية على العمل على النحو المنشود وعدم وجود استراتيجية متماسكة للنقل والتنقل حتى الآن. وإلى حدود اليوم لم تفض أي من الخطط التي وضعتها الحكومات السابقة إلى نتيجة ناجعة وملموسة على أرض الواقع بالرغم من المحاولات المتعددة من جانب الدولة لوضع سياسات نقل طويلة الأجل وخطط لإعادة الهيكلية، ولكنها لم تتحقق سوى القليل على الأرض حتى الآن، وما تزال أنظمة النقل العام مستمرة في التدهور.
كل الأسباب السالف ذكرها بداية من اهتراء الأسطول مرورا بالاكتظاظ والتأخير وأعمال التخريب والعنف إضافة إلى البيع المشروط عند سيارات الأجرة التي تنقل الحريف حسب الذوق وبعد المسافة وتسمع دائما عبارة اماكش في ثنيتيب تعمق من معاناة سكان العاصمة وروادها من الولايات الأخرى المجاورة لقضاء شؤونهم فلا يجدون سوى ظروف قاسية في التنقل.
وبالرغم من وجود مجهودات للدولة التي لا يمكن أن ينكرها أحد إلا أنها ليست في حجم الأزمة وبحاجة لأكثر دعم أولا لمزيد تشخيص واقع النقل في تونس بالأرقام ووضع خطة وطنية قريبة المدى وأخرى بعيدة المدى من أجل حلحلة كل الإشكالات حلا جذريا بعيدا عن الحلول الترقيعية التي أثبتت عدم جدواها وفشلها سابقا وهذا يتطلب اعتمادات ضخمة يجب أن تتوفر لوزارة النقل حتى تتمكن من تطوير عملها. كما يجب على الهياكل الرقابية للدولة التركيز على مبدإ محاربة الفساد في المؤسسات العمومية ومنها شركات النقل الوطنية والجهوية لتحديد الأسباب العميقة لتدهور قطاع النقل في تونس خلال السنوات الأخيرة.
سدّ الشغورات في المؤسسات التربوية : حجر الأساس وخطوة مهمة نحو الإصلاح التربوي
لا شك أن تصريح وزير التربية نور الدين النوري خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية لأشغال مجلس ا…