مسار الصلح الجزائي: تعطّل المسار يستدعي تنقيح القانون والآليات
ما يزال مشروع الصلح الجزائي يثير جدلا بعد انتهاء آجال عمل لجنة الصلح الجزائي يوم 11 نوفمبر المنقضي، وذلك لعدم تمكن هذا المسار من تحقيق الأهداف المرسومة له منذ عدة اشهر. فجاءت النتائج المالية التي عرضها رجال الاعمال المشمولين به مخيّبة للآمال.
وقد أبرز رئيس الجمهورية قيس سعيد في هذا الاطار، وخلال لقاء جمعه مؤخرا بوزيرة العدل، ليلى جفال ان اموضوع الصلح الجزائي الذي اتخذه البعض هزوا، فبعد أن كان المطلوب عارضا لآلاف المليارات سنة 2011، صار عارضا اليوم بضع العشرات من الملايين كأحدهم الذي قدّم عرضا بثلاثين ألف دينار في حين أن المبلغ الذي حددته اللجنة يفوق أربعة ملايين دينار. فلا المبلغ المعروض جدّي ولا المبلغ المحدد كافب.
وأعلن الرئيس بخصوص هذا الموضوع، عن عرض مشروع قانون لتنقيح المرسوم الذي أحدث لجنة الصلح الجزائي حتى لا تضيع أموال الشعب وتتم إعادة الأموال التي تم اختلاسها إليه، قائلا: امن أراد أن يجنح إلى الصلح صادقا ستُفتح أمامه أبواب الصلح، أما من يعتقد أنه بمنأى عن المحاسبة فهناك القضاء الذي يتساوى أمامه الجميع.
والصلح الجزائي هو آلية جديدة تم إقرارها في تونس لحل مشاكل رجال الأعمال الذين تعلقت بهم شبهة الإستيلاء على المال العام من خلال إرجاع ما انتفعوا به من البنوك العمومية إلى خزينة الدولة مقابل إسقاط التتبعات القضائية المتعلقة بهم.
وقد قبلت لجنة الصلح الجزائي إلى حد الآن 250 ملف طلب صلح تقدم بها رجال أعمال بصفة تلقائية، وأنهت هذه اللجنة إجراءات الصلح بين رجال الأعمال والدولة في 40 في المئة من هذه الملفات. وتمكنت إلى حد الآن من تحصيل نحو 35 مليون دينار تونسي وهو مبلغ لا يرقى إلى ما كان يطمح إليه الرئيس أي 13.5 مليار دينار تونسي والذي كان قد صرح به في وقت سابق.
ولعل السؤال الذي يطرح اليوم ما هو مصير هذه اللجنة خاصة وأن أعمالها محددة بمدة انتهت وتم التمديد لها بستة أشهر إضافية انتهت في 11 نوفمبر الجاري، ولم يصرّح رئيس الجمهورية بعد عن نواياه بشأن التمديد لهذه اللجنة من عدمه.
وقد شهدت اللجنة تغييرات في تركيبتها، والمنقوصة حاليا بسبب اقالة رئيسها وعدد من أعضائها، الأمر الذي أدى الى نتائج هزيلة، حسب تقدير بعض الخبراء.
كما لقيت انتقادات واسعة من المعارضة من بينها أن الأموال التي تم الحديث عن إمكانية استرجاعها غير واقعية ولا يمكن تحصيلها.
ايقافات لرجال أعمال
وخلال الأيام الأخيرة تم إيقاف عدد من رجال الأعمال المؤثرين في مجالات المال والاقتصاد، بتهم يتعلق أغلبها بشبهات فساد مالي واستغلال نفوذ، على غرار رضا شرف الدين الذي يمتلك شركات في مجال تصنيع الأدوية وهو نائب سابق بالبرلمان، والذي تمت إحالته على القطب القضائي لمكافحة الإرهاب.
وشملت حملة الإيقافات كذلك رجل الأعمال وصهر الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، مروان المبروك الذي يسيطر على عدة شركات في مجال الاتصالات والبنوك وقطاع السيارات والتجارة، بشبهة الاستيلاء على أموال شركات مصادرة من قبل الدولة.
وكذلك الوزير الأسبق في نظام بن علي، عبد الرحيم الزواري، بسبب شبهات بالتورط في فساد مالي، ومعه رجل الأعمال نجيب إسماعيل بسبب قضايا تتعلق بالتهرب الضريبي والتدليس، وأيضا رجل الأعمال في مجال المقاولات والسياحة ماهر شعبان بتهم تتعلق بتبييض الأموال، إلى جانب رجال أعمال آخرين يتم التحقيق معهم.
ويعتقد بعض الخبراء ان اعتقال رجال الاعمال الذين لهم نفوذ اقتصادي، له علاقة بمسار الصلح الجزائي مع رجال الأعمال الفاسدين الذي أطلقه الرئيس قيس سعيد قبل أكثر من عام، ويهدف إلى استعادة الأموال المنهوبة مقابل إسقاط التتبّعات القضائية المتعلّقة بهم.
تعطيل اداري
وقد أفاد رئيس جمعية المحاكمة العادلة وليد العرفاوي في تصريح لـاالصحافة اليومب،بان نتائج عمل لجنة الصلح الجزائي يتم تقييمها بمدى معالجتها لجميع الملفات ام لا.
وأوضح وليد العرفاوي ان عدم الإقبال على الصلح قد يؤدي إلى التشديد القضائي وان إيقاف طالب الصلح يعطل الصلح مشيرا في سياق حديثه الى ان فكرة الصلح الجزائي فكرة تقنية و سياسية بامتياز و انها رفعت الضغينة و الحقد عن رجال الأعمال، لافتا الى ان أي ملف غسل أموال واستيلاء على الأموال العمومية يندرج في اطار الصلح الجزائي.
وأشار الى ان الاختبارات الخاصة بتقدير المبالغ في مسألة الصلح الجزائي هي سبب تعطيل مسار الصلح، من خلال معالجة غير سليمة، مشيرا الى ان كل قضية لها خصوصيها، اذ هناك بعض الملفات التي لا تحتاج الى اختبارات.
ودعا محدثنا الى تنقيح القانون الخاص بالصلح الجزائي من اجل التسريع في الاعمال الإدارية بالإضافة الى ضرورةممارسة الرقابة على قرارات الصلح الجزائي من طرف وزارة العدل، موضحا ان هناك قرارات يجب ان تراقب وزارة العدل مدى استجابتها للقانون، ثم يقع تنفيذها.
وبخصوص الفصل 96 من المجلة الجزائية، قال العرفاوي انه يدخل في الصلح الجزائي داعيا إلى تنقيح هذا الفصل. وهو يتعلق بجريمة خرق الموظف العمومي للتراتيب الذي يجعل أعضاء اللجنة غير قادرين على التأويل.
ويقترح رئيس جمعية المحاكمة العادلة، عدم تحديد سقف زمني لمسار الصلح الجزائي في مشروع القانون الجديد حتى لا يقيّد عمل لجنة الصلح الجزائي، مع ضرورة تفعيل آليات تطبيقية جيدة،لافتا الى انه لا يوجد مشكل في تركيبة لجنة الصلح الجزائي وان هناك انسجاما في عملها.
الرئيس يأذن بتفعيل الإجراءات لفائدة قطاع الزيتون : إنقاذ الموسم و«الصابة»ممكن وغير مستحيل..
تنفيذ مجمل الاجراءات التي أمر رئيس الجمهورية قيس سعيّد باتخاذها في المجال الفلاحي سواء في …