2023-11-13

قراءة في مشروعي ميزانية الدولة وقانون المالية لسنة 2024: لاشيء غير الاقتراض والتداين للخارج مجددا

أثار‭  ‬مشروع‭  ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬والميزان‭ ‬الاقتصادي‭ ‬ومشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬2024‭ ‬الذي‭  ‬ينتظر‭ ‬ان‭ ‬ينطلق‭ ‬مجلس‭ ‬نواب‭ ‬الشعب‭ ‬في‭ ‬نقاشه‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬17‭ ‬نوفمبر‭ ‬الحالي‭  ‬عديد‭ ‬ردود‭ ‬الافعال‭ ‬الناقدة‭ ‬من‭ ‬المتدخلين‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭  ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬أزمة‭ ‬اقتصادية‭ ‬خانقة‭ ‬متعددة‭ ‬الابعاد‭ ‬زادها‭ ‬حدة‭ ‬اخفاق‭ ‬الحكومات‭ ‬المتعاقبة‭  ‬في‭ ‬إدخال‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الضرورية‭ ‬التي‭  ‬تعید‭ ‬الثقة‭ ‬إلى‭ ‬الفاعلین‭ ‬الاقتصادیین‭ ‬وتحرك‭ ‬مستویات‭ ‬النمو‭ ‬وخلق‭ ‬الثروة‭ ‬وتحسين‭ ‬الإنتاج‭ ‬والتصدير‭ ‬والاستهلاك‭. ‬

معظم‭ ‬ردود‭ ‬الافعال‭ ‬تؤكد‭ ‬افتقار‭ ‬هذه‭ ‬المشاريع‭ ‬المقدمة‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الحكومة‭ ‬الحالية‭ ‬لاي‭ ‬تصور‭ ‬واضح‭ ‬او‭ ‬برنامج‭ ‬محدد‭ ‬بامكانه‭ ‬معالجة‭ ‬المشاكل‭ ‬المتراكمة‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ينبئ‭ ‬باحتداد‭ ‬الازمة‭ ‬اكثر‭ ‬مع‭ ‬تواصل‭ ‬مرحلة‭ ‬الانكماش‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬والضبابية‭ ‬والارتجال‭ ‬في‭ ‬القرارات‭ ‬والمسارات‭ ‬المتبعة‭ ‬التي‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬تعقيد‭ ‬الوضع‭ ‬وتصعب‭ ‬عملية‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬النفق‭ ‬المظلم‭ . ‬

عديد‭ ‬التساؤلات‭ ‬طرحت‭ ‬منذ‭ ‬ان‭ ‬صرّح‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬بأنّ‭ ‬تونس‭ ‬ستعوّل‭ ‬على‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬إيجاد‭ ‬التمويلات‭ ‬ولن‭ ‬تقبل‭ ‬بما‭ ‬أسماه‭ ‬اإملاءاتب‭ ‬من‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬قرض‭ ‬،‭ ‬هذه‭ ‬التساؤلات‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬لها‭ ‬اجابة‭ ‬واضحة‭ ‬ودقيقة‭ ‬تعمقت‭ ‬اكثر‭ ‬مع‭ ‬غياب‭ ‬صدى‭ ‬فعلي‭ ‬وتطبيقي‭ ‬على‭ ‬ارض‭ ‬الواقع‭  ‬لتصريح‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬ورؤيته‭ ‬في‭ ‬التعويل‭ ‬على‭ ‬الذات‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬قدمته‭ ‬الحكومة‭ ‬من‭ ‬مشاريع‭ ‬قوانين‭ ‬تخص‭ ‬موازنة‭ ‬الدولة‭  .‬

تزايد‭ ‬في‭ ‬حجم‭ ‬الاقتراض‭ ‬الخارجي‭ 

فحسب‭ ‬المعطيات‭ ‬المقدمة‭ ‬تقدر‭ ‬مداخيل‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬لسنة‭ ‬2024،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬بـ‭  ‬49.16‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬فيما‭ ‬تقدر‭ ‬نفقاتها‭  ‬بـ‭ ‬59.805‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬ويفضي‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬عجز‭ ‬منتظر‭  ‬في‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬لسنة‭ ‬2024‭ ‬يقدّر‭ ‬بـ10.645‭ ‬مليارات‭ ‬دينار‭. ‬كما‭ ‬تشير‭ ‬المعطيات‭ ‬الواردة‭ ‬فيه‭ ‬انه‭ ‬من‭ ‬المنتظر‭ ‬تزايد‭ ‬حجم‭ ‬الاقتراض‭ ‬الخارجي‭ ‬ليصل‭ ‬الى‭ ‬16‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ( ‬5.19‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭  ) ‬،‭ ‬مقابل‭ ‬توقعات‭ ‬محينة‭ ‬بنحو‭ ‬10.5‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬لسنة‭ ‬2023‭ ( ‬3.32‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ) ‬،‭ ‬علما‭ ‬ان‭ ‬الاقتراض‭ ‬الخارجي‭ ‬لم‭ ‬يتجاوز‭ ‬حسب‭ ‬معطيات‭ ‬وزارة‭ ‬المالية‭ ‬الى‭ ‬موفى‭ ‬اوت‭ ‬الفارط‭ ‬6.3‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭. ‬كما‭ ‬وجب‭ ‬التوضيح‭ ‬ايضا‭  ‬ان‭ ‬نسبة‭ ‬الزيادة‭ ‬في‭ ‬الاقتراض‭ ‬المقترح‭ ‬لسنة‭ ‬2024،‭ ‬ستتجاوز‭ ‬111‭ ‬بالمائة‭ ‬مقارنة‭ ‬بالسنة‭ ‬الماضية‭ ‬وهو‭ ‬مايترجم‭ ‬فعليا‭ ‬تكريس‭ ‬التداين‭ ‬المكلف‭ ‬الذي‭ ‬يؤثر‭ ‬سلبيا‭ ‬على‭ ‬التوازنات‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬المالية‭ ‬العمومية‭ ‬ويعمق‭ ‬العجز‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الصعوبات‭ ‬خصوصا‭ ‬وأنّ‭ ‬سنة‭ ‬2024‭ ‬ستكون‭ ‬ثقيلة‭ ‬جدا‭ ‬ومرهقة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬خلاص‭ ‬الديون،‭ ‬اذ‭ ‬ينتظر‭ ‬أن‭ ‬تسدد‭ ‬تونس‭ ‬ديونًا‭ ‬خارجية‭ ‬بقيمة‭ ‬9.7‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭. ‬

تعارض‭ ‬صارخ‭ ‬مع‭ ‬الخطاب‭ ‬الرسمي‭ 

هذا‭ ‬التعارض‭ ‬الواضح‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬الرئيس‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتعويل‭ ‬على‭ ‬ذاتنا‭ ‬في‭ ‬إيجاد‭ ‬موارد‭ ‬لميزانية‭ ‬الدولة،‭ ‬ومانص‭ ‬عليه‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬للسنة‭ ‬المقبلة‭ ‬من‭ ‬اقرار‭ ‬بتزايد‭ ‬حجم‭ ‬الاقتراض‭ ‬الخارجي‭ ‬لتغطية‭ ‬عجز‭ ‬الموازنة‭ ‬اعتبره‭ ‬المختصون‭ ‬بمثابة‭ ‬مغالطة‭ ‬واستغفال‭ ‬للتونسيين‭ ‬واحتسب‭ ‬على‭ ‬انه‭ ‬نوايا‭ ‬رئاسية‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬معين‭ ‬تفندها‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬عكسي‭ ‬افعال‭ ‬الحكومة‭ ‬التي‭ ‬يترجمها‭ ‬على‭ ‬ارض‭ ‬الواقع‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭  ‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يكرّس‭ ‬التداين‭ ‬وعدم‭ ‬التعويل‭ ‬على‭ ‬الذات‭ ‬باعتباره‭ ‬مشروع‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬النمو‭ ‬والتنمية‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬الإصلاحات‭ ‬العميقة‭ ‬المطلوبة‭ .‬

‭ ‬كما‭ ‬تخوف‭ ‬الخبراء‭ ‬من‭ ‬فرضية‭ ‬اخفاق‭ ‬الدولة‭ ‬التونسية‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المبلغ‭ ‬مستقبلا‭ ‬بالنظر‭ ‬للعجز‭ ‬الحاصل‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الاقتراض‭ ‬الخارجي‭ ‬خلال‭ ‬السنة‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬اتفاق‭ ‬مع‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬عديد‭ ‬التساؤلات‭ ‬حول‭ ‬البدائل‭ ‬الممكنة‭ ‬للاقتراض‭ ‬ومسالة‭ ‬غلق‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬للسنة‭ ‬الحالية‭ ‬2023‭ ‬مع‭ ‬تعذر‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬قروض‭ ‬ثنائية‭ ‬مهمة‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الآن،‭  ‬وجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬انه‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الـ‭  ‬5.19‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ( ‬قرابة‭  ‬16‭  ‬مليار‭ ‬دينار‭ ) ‬التي‭ ‬سيتم‭ ‬اقتراضها‭ ‬السنة‭ ‬المقبلة‭ ‬هناك‭ ‬3.2‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ( ‬قرابة‭ ‬9.6‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ) ‬لم‭ ‬يقع‭ ‬تحديد‭ ‬مصدرها‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬2024‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬معظم‭ ‬خطة‭ ‬التمويل‭ ‬الخارجي‭ ‬لتونس‭ ‬للعام‭ ‬المقبل‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬مشروطة‭ ‬ببرنامج‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ .‬

كما‭ ‬اعتبر‭ ‬مختصون‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تصريحاتهم‭ ‬الصحفية‭ ‬حول‭ ‬قراءتهم‭ ‬لمشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬للسنة‭ ‬المقبلة‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬الاخير‭ ‬جاء‭ ‬بنفس‭ ‬المنهجية‭ ‬الدائمة‭ ‬المرتكزة‭ ‬بالأساس‭ ‬على‭ ‬الزيادات‭ ‬في‭ ‬الضرائب‭ ‬والأداءات‭ ‬وارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬والاقتراض‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬نفس‭ ‬التمشي‭ ‬المتبع‭ ‬لمختلف‭ ‬حكومات‭ ‬مابعد‭ ‬الثورة‭ ‬الذي‭ ‬يواصل‭ ‬نخر‭ ‬جيوب‭ ‬المواطنين‭ ‬بالضرائب‭ ‬والأداءات‭ ‬وزيادة‭ ‬الاسعار‭ ‬بما‭ ‬ان‭ ‬مشروع‭ ‬القانون‭  ‬نص‭ ‬على‭ ‬الترفيع‭ ‬في‭ ‬الضريبة‭ ‬على‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لقروض‭ ‬السكن،‭ ‬وعلى‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬سعر‭ ‬المحروقات،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الزيادات‭ ‬الاخرى‭ ‬في‭ ‬الأسعار،‭ ‬والتي‭ ‬ستؤدي‭ ‬حتما‭ ‬وآليًا‭ ‬إلى‭ ‬الارتفاع‭ ‬في‭ ‬نسبة‭ ‬التضخم‭ ‬التي‭ ‬ينتظر‭ ‬ان‭  ‬يبلغ‭ ‬متوسط‭  ‬مستواها‭ ‬لكامل‭ ‬سنة‭ ‬2023‭ ‬حدود‭ ‬9،4‭ % ‬مقابل‭ ‬8،3‭ % ‬في‭ ‬2022‭ ‬و5،7‭ % ‬في‭ ‬2021،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬أظهرته‭ ‬وثيقة‭ ‬للبنك‭ ‬المركزي‭ ‬التونسي‭ ‬عرضت‭ ‬خلال‭ ‬لقاء‭ ‬برلماني‭ ‬انتظم‭ ‬مؤخرا،‭  ‬والتي‭ ‬توقعت‭ ‬ان‭ ‬يحافظ‭ ‬التضخم‭ ‬عموما‭ ‬على‭ ‬مستواه‭ ‬المرتفع‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬المتوسط‭.‬

مخاطر‭ ‬منتظرة‭ ‬من‭ ‬تطور‭ ‬الاقتراض‭ ‬الداخلي‭ ‬

من‭ ‬جهة‭ ‬اخرى‭ ‬كشف‭  ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الاطار‭ ‬عن‭ ‬تخوفه‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬لتطوّر‭ ‬الاقتراض‭ ‬الداخلي‭ ‬لميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬إنعكاسات‭ ‬سلبية‭ ‬عبر‭ ‬تغذية‭ ‬الضغوطات‭ ‬التضخمية‭ ‬والتقليص‭ ‬من‭ ‬إمكانيات‭ ‬تمويل‭ ‬القطاعات‭ ‬المنتجة‭. ‬وهو‭ ‬ماذهب‭ ‬اليه‭ ‬ايضا‭ ‬اخر‭ ‬تقرير‭ ‬لوكالة‭ ‬فيتش‭ ‬للتصنيف‭ ‬السيادي،‭ ‬الذي‭ ‬حذر‭ ‬من‭ ‬تفاقم‭ ‬مخاطر‭ ‬تواصل‭ ‬تعويل‭ ‬الدولة‭ ‬المكثف‭ ‬على‭ ‬الاقتراض‭ ‬من‭ ‬البنوك‭ ‬التونسية‭ ‬واعتمادها‭ ‬لتلبية‭ ‬حاجياتها‭ ‬التمويلية‭ ‬المتزايدة‭ ‬خصوصا‭ ‬وان‭ ‬ديون‭ ‬البنوك‭ ‬لدى‭ ‬الدولة‭ ‬قدرت‭ ‬بحوالي‭ ‬20‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬الى‭ ‬حدود‭ ‬السداسي‭ ‬الاول‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬الحالية‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬12‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬و73‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬رأسمال‭ ‬البنوك‭. ‬كما‭ ‬شددت‭ ‬وكالة‭ ‬فيتش‭ ‬على‭ ‬الارتفاع‭ ‬الكبير‭ ‬لديون‭ ‬الشركات‭ ‬العمومية‭ ‬لدى‭ ‬البنوك‭ ‬اذ‭ ‬تصل‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭ ‬الى‭ ‬مابين‭  ‬ثلاثة‭ ‬واربعة‭ ‬أضعاف‭ ‬الأموال‭ ‬الذاتية‭ ‬لهذه‭ ‬الشركات‭ ‬مبينة‭ ‬ان‭ ‬ديون‭ ‬المؤسسات‭ ‬العمومية‭ ‬تلامس‭ ‬40‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭.‬

يذكر‭ ‬ان‭ ‬مشروع‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬المعروض‭ ‬بمجلس‭ ‬نواب‭ ‬الشعب‭ ‬يتوقع‭ ‬نمو‭ ‬للاقتصاد‭ ‬بـ2.1‭ ‬بالمئة‭ ‬العام‭ ‬القادم‭ ‬مقابل‭ ‬0.9‭ ‬بالمئة‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬الحالية‭  ‬كما‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬خفض‭ ‬العجز‭ ‬المالي‭ ‬من‭ ‬7.7‭ ‬بالمئة‭ ‬في‭ ‬2023‭ ‬إلى‭ ‬6.6‭ ‬بالمئة‭ ‬في‭ ‬2024‭ .‬

وبحسب‭ ‬تقرير‭ ‬المرصد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬لتونس‭  ‬لخريف‭ ‬2023‭  ‬الذي‭ ‬نشره‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬يوم‭ ‬7‭ ‬نوفمبر‭ ‬الحالي‭ ‬فقد‭ ‬بلغ‭ ‬معدّل‭ ‬النمو‭ ‬خلال‭ ‬السداسي‭ ‬الاول‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬الحالية‭  ‬1.2‭ ‬في‭ ‬المئة،‭ ‬أي‭ ‬أقلّ‭ ‬بمقدار‭ ‬نصف‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬2022‭ ‬ورُبع‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬2021‭ ‬بعد‭ ‬الأزمة‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ . ‬

وأوضح‭ ‬البنك‭ ‬في‭ ‬تقريره‭ ‬أنّ‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬يرزح‭ ‬تحت‭ ‬عوامل‭ ‬سلبية‭ ‬من‭ ‬أبرزها‭ ‬الجفاف‭ ‬المستمرّ،‭ ‬وتحديات‭ ‬التمويل‭ ‬الخارجي،‭ ‬وتواصل‭ ‬تراكم‭ ‬الديون‭ ‬المحلية‭ ‬لأهم‭ ‬المؤسسات‭ ‬العموميّة،‭ ‬والعقبات‭ ‬التشريعية‭ ‬وهو‭ ‬مازال‭ ‬يُظهر‭ ‬في‭ ‬مجمله‭ ‬بعض‭ ‬الصمود‭ ‬رغم‭ ‬التحديات‭ ‬المستمرة‭.‬

في‭ ‬المقابل‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬الاسئلة‭ ‬كثيرة‭ ‬على‭ ‬ارض‭ ‬الواقع‭ ‬حول‭ ‬مدى‭ ‬قدرة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬على‭ ‬الصمود‭ ‬والى‭ ‬اي‭ ‬مدى‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يتواصل‭ ‬هذا‭ ‬الصمود‭ ‬امام‭ ‬التدهور‭ ‬المستمر‭ ‬لمستوى‭ ‬معيشة‭ ‬المواطنين‭ ‬وامام‭ ‬حالة‭ ‬الاخفاق‭ ‬والارباك‭ ‬والتعثر‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬السياسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المتبعة‭ ‬والتي‭ ‬تترجمها‭ ‬الارقام‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المشكل‭ ‬الاكبر‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬غیاب‭ ‬الرؤیة‭ ‬الواضحة‭ ‬والعجز‭ ‬عن‭ ‬ايجاد‭ ‬الحلول‭ ‬الناجعة‭ ‬الكفيلة‭ ‬باخراجه‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬الركود‭ ‬والانكماش‭ ‬،‭  ‬لا‭ ‬احد‭ ‬يعلم‭ ‬كیف‭ ‬سیتم‭ ‬تغطیة‭ ‬عجز‭ ‬المیزانیة‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬سیاسة‭ ‬الدولة‭ ‬الاقتصادیة‭ ‬لاستعادة‭ ‬النمو‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬أولویات‭ ‬الدولة‭  ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬القادمة‭ ‬ولا‭ ‬كيف‭ ‬سيتم‭ ‬التعويل‭ ‬على‭ ‬الذات‭ ‬وسط‭ ‬هاته‭ ‬الضبابية‭ ‬والمشاكل‭ ‬الخانقة‭ ‬المتراكمة‭ ‬التي‭ ‬تمس‭ ‬حتى‭ ‬مسالة‭ ‬التزود‭ ‬بالمواد‭ ‬الاساسية‭ ‬البسيطة‭ ‬اليومية‭ .. 

لا‭ ‬احد‭ ‬يعلم‭ ‬ة‭ ‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

التسويق والترويج على المواقع الالكترونية في تونس : 80 %‏ من الدفوعات لا تستفيد منها الدولة

تقدر خسائر الاقتصاد التونسي بسبب ضعف مواكبة المؤسسات التونسية لمعايير التجارة الاكترونية ب…