لو تفحصنا مشروع قانون تجريم التطبيع المعروض على البرلمان ومقارنته ـ في مستوى العقوبات ـ بالفصل 60 من المجلة الجزائية فإننا سنجد أن االمشروع النيابيب أخف في حمولته العقابية من الفصل المشار اليه بالمجلة الجزائية وبالتالي فإن المسألة ـ في الأصل ـ لا علاقة لها بالنصّ وبالتشريع وإنما بطبيعة المواقف السياسية وخطورتها حينما تشتبك من باب الالتباس بحماسة المشرّع خاصة اذا ما كان هذا المشرع قريبا من رأس السلطة التنفيذية ويسعى لارضائها حتى ولو كان ذلك من االابواب المخلوعةب ومن العناوين الخاطئة… فالنواب الذين تقدموا بالمبادرة إنما سعوا ـ من باب الإسناد ـ الى ترجمة موقف رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي يعتبر التطبيع خيانة عظمى بل هو لم يتردد في كلمة منفلتة أمام أنصاره من الحديث عن حرب تحرير مسلحة… وهنا تجاوز الرئيس كل الخطوط وجاء موقفه بالفعل اعابرا للقاراتب كما ورد على لسانه… لكن لا يخفى علينا وعليكم وعلى كل الامّة بأن العالم لا تهدّده االمواقف العابرة للقاراتب كالتي أطلقها ـ مؤخرا ـ الرئيس قيس سعيد وإنما تهدّده وتدمّره االصواريخ العابرة للقاراتب وهي بيد الدول الكبرى التي تسيطر على العالم وتديره وتدبر له شؤونه بما في ذلك اشؤون سيادته الوطنيةب وتدفعه بالقوة أو بالتي هي أحسن الى التخلّي عن مواقفه ان لزم الامر وإن استعصى فإنها لا تتردد في نزع امواقفه العابرة للقاراتب وبالتالي دفعه الى التخلّي عنها نهائيا حتى لا ترتدّ عليه وعلى شعبه وكل سلطانه لذلك يقول الراسخون اعاش من عرف قدره وجلس دونه…ب
تونس السياسية والشعبية منتصرة بالكامل للشعب الفلسطيني ولغزّة في محنتها وتونس التاريخية تعادي الصهيونية بوضوح وتصرح بذلك على كل المنابر الاممية ولا تخفيه… وخطاب تونس كان وما يزال خطاب دولة وخطاب مبدإ وخطاب عقل لا يخفي انتصاره للقضايا القومية وعلى رأسها القضية الفلسطينية والموقف التونسي ليس وليد حماسة وهيجان وحوّاس وإنما هو اموقف حقّب تجاه باطل امتدّ عميقا في التاريخ وفي الجغرافيا وتحوّل الى أمر واقع بدعم واسناد أمريكي أوروبي تحرك بقوة عسكرية نووية من أجل ترسيخ وإعلاء الكذبة الاسرائيلية ومن أجل توسيعها جغرافيا وديموغرافيا بتهجير السكان الاصليين وتوطين اسلالةب ما تزال تحلم بأرض الميعاد الواسعة… وعليه فإنه لا لوم على تونس المثقلة بقضايا الداخل الصعب اقتصاديا وماليا واجتماعيا في أن تتقدّم وان تتأخر قليلا أو كثيرا كأن تعدّل مواقفها ـ دون التخلّي عن الأصل وعن المبدإ ـ خاصة في حالات التشريع الكبرى لنصوص وقوانين جديدة في علاقة بالبلد ومستقبل ابنائه. من حقها ان تُجري مراجعات انطلاقا من مصلحتها الوطنية وبشروط هذه المصلحة وما تستدعيه من حذر في التعامل مع القضايا الاقليمية والدولية باعتبار أن تونس غير معزولة وتنتمي بالضرورة إلى هذا المحيط بل هي مرتهنة اليه ماليا واقتصاديا ولا يمكن لها أن تقطع معه.
موضوع التشريع هو موضوع اوطن وشعبب ولا يمكن ممارسة هذه الوظيفة بمعزل عن هذه الارض التي نسميها وطنا وبالتالي فإن كل تشريع جديد وكل مبادرة لا يمكن ان تتم الاّ بشروط المصلحة الوطنية ومهما كانت احتياجات الآخرين لنا فإننا نمدّ اليهم الأيادي بقدر ما نمتلك وبما يحقق الخلاص والنجاة لكل من يطلبها حتى وإن كانت مساندتنا لهم مجرّد اأشعار وأغنياتب فلا نقول لهم ـ مثلا :اسنقصف العدوّ بما لا يتخيّله من المواقف…ب بحيث يصبح الاستدراك ـ هنا ـ ضروريا فنقول من باب تصحيح المعاني :اسنقصف العدّو بما لا يتخيّله لو كانت لدينا صواريخ عابرة للقارات ولو كان لدينا سلاح نوويب… وهذا القول ـ لوحده ـ يكفينا شرّ القتال… فلا شيء لدينا ما عدا المواقف وهي شبيهة بالألعاب النارية بين يدي الاطفال…
ما الذي يريده المجلس النيابي…؟ وما الذي يريده التونسيون… وما الذي يريده رئيس الجمهورية…؟ هو أن نصرخ بصوت عالٍ بان تونس لن تطبّع مع االكيان الصهيونيب وهو كذلك بالفعل.. وتونس الرسمية والشعبية بصدد الصراخ صباحا مساء بهذه الحقيقة ومسألة رفض التطبيع مسألة جينية بالنسبة للتونسيين ولا يمكن لها ان تمرّ بل هي ليست موضوع نقاش ولا خلاف في شأنها.
هو رفض شعبي ورسمي وتاريخي وجيني يكاد يطلع في تقارير اتحليل الدمب.
فَلِمَ المزايدة يا جماعة باردو يرحمكم اللّه…!
ومع ذلك يستمرّ النقاش البرلماني والشعبي في تونس من حول مشروع قانون تجريم التطبيع خاصة بعد توقف الجلسة العامة التي انعقدت الخميس الفارط والتي تم رفعها من طرف رئيس المجلس بعد اشتداد النقاش بين النواب وتوزعهم على طرفي خلاف حيث يصر 98 نائبا على تمرير المشروع والمصادقة عليه برمّته دون مراجعة أو تعديل تماهيا مع موقف رئيس الجمهورية الذي يعتبر االتطبيع خيانة عظمىب في حين يرى عدد من النواب ان القانون اذا ما تم تمريره فإنه سيضرّ بالمصالح التونسية وبعلاقاتها الدولية خاصة مع الصناديق المانحة بما يزيد في تعقيد الازمتين الاقتصادية والمالية ومن ثمّة الاجتماعية.
رئيس الجمهورية قيس سعيد حسم الموقف نهائيا وأوضح في كلمة للشعب ما التبس في موقفه وهو ـ هنا ـ لم ينكر اعتبار التطبيع خيانة عظمى وقال في هذا السياق بأن اموقفه لم يتغيّر من موضوع التطبيع فهو خيانة عظمىب… وأكد في المقابل :ابأن التحرّر لا يؤخذ بالنصوص والتمني فنحن اليوم في حرب تحرير لا حرب تجريم اضافة الى أنه ليست لدينا صواريخ عابرة للقارات لكن لدينا مواقف عابرة للقارات…ب واقترح الرئيس تنقيح الفصل 60 من المجلة الجزائية والذي ينص على معاقبة الخائن بالاعدام وقد اقترح الرئيس قيس سعيد تعديل هذا الفصل بادراج حالات التطبيع كخيانة عظمى…
«مجلس أعلى للثقافة».. من أجل إعادة البناء..!
من أكثر القطاعات التي تحتاج الى «حرب تحرير وتطهير» كبرى، قطاع الثقافة و«ثكنته البيروقراطي…