إقرار قانون مالية تعديلي 2023 وتحدّيات ميزانية 2024: تغطية العجز المالي هي التحدّي الأكبر…
صادق مجلس نواب الشعب، أول أمس الثلاثاء، على مشروع قانون عدد 2023/034 يتعلق بقانون المالية التعديلي لسنة 2023 برمّته بــ131 نعم 03 احتفاظ و03 رفض. والذي تم اقراره بسبب انخفاض معدل النمو من 1،8 بالمائة في قانون المالية الأصلي إلى 0،9 بالمائة وذلك تبعا لتراجع أداء القطاع الفلاحي بسبب تواصل الجفاف وانعكاسات التغيّرات المناخية.
ويتوقع قانون المالية التعديلي أن يكون عجز الميزانية، لكامل السنة، في حدود 10،711 مليار دينار وارتفاع قيمة مداخيلها إلى 45،360 مليار دينار مقابل أعباء بقيمة 56،071 مليار دينار
والجدير بالذكر أنّ موارد الميزانية متأتية، أساسا، من العائدات الجبائية (39،488 مليار دينار) وغير الجبائية (4،355 مليار دينار) ومن الهبات (1،537 مليار دينار).
وبحسب قانون المالية التعديلي لسنة 2023 فإنّ موارد الإقتراض الخارجي وموارد الإقتراض الداخلي، خلال السنة الجارية سترتفع، على التوالي، إلى 10،563 مليار دينار و11،368 مليار دينار.
وستكون القيمة المخصّصة لتسديد أصل الدين الداخلي وأصل الدين الخارجي بقيمة 8،415 مليار دينار و6،355 مليار دينار.
واعتبرت وزيرة المالية، سهام بوغديري نمصية، خلال الجلسة العامة، أن تعديل فرضيات قانون المالية الأصلي وإصدار قانون تعديلي لا يعكس سوء تقدير من الحكومة للوضع الراهن بل يؤكد حسن تعاملها مع الصدمات التي تواجهها والعوامل الجديدة التي تؤثر على التقديرات السابقة.مؤكدة أن السبب الرئيسي وراء اللجوء المتواتر إلى هذا الإجراء هو الاضطرابات التي يشهدها العالم على غرار الأزمات الصحية والاقتصادية التي عرفتها السنوات الأخيرة ممّا اضطرّ بعض الدول إلى تقديم أكثر من قانون مالية تعديلي خلال السنة الواحدة.
وأكدت نمصية، في ردّها على تدخلات نواب الشعب الذين انتقدوا استمرار اعتماد الحكومات على قانون تعديلي، أن موارد الميزانية تكتسي صبغة تقديرية في حين تكون نفقاتها محددة لذلك يصبح قانون المالية التكميلي أمرا ضروريا للترخيص للحكومة بالترفيع في الاعتمادات المرسمة وصرف النفقات الإضافية.
وقالت وزيرة المالية أن تراجع نسبة النمو إلى 0.9 بالمائة مقابل 1.8 بالمائة مقدّرة أوليّا، مردّه تراجع المردود الفلاحي جرّاء التغيرات المناخية وموجة الجفاف المتواصلة التي تمرّ بها البلاد، وأن هذا التراجع يقدّر بـ8.7 بالمائة مقارنة بالسنة الفارطة علما وأن هذا القطاع يمثّل 11 بالمائة من الناتج المحلي الخام.
وفي تفسيرة لدواعي اعتماد قانون مالية تعديلي، افاد رئيس لجنة المالية، عصام شوشان، في تصريح إذاعي ان ميزانية الدولة ارتفعت بـ1.9% مقارنة بالقانون الأصلي بسبب تداعيات الحرب الاوكرانية الروسية وتأثيرها على سعر الصرف وكذلك بسبب العوامل المناخية التي أثرت على مردود انتاج الحبوب وكذلك ارتفاع معدل سعر الصرف للدينار.
كما تم تحيين فرضية سعر برميل النفط الى 83 دولارا للبرميل مقابل 89 دولارا مقدرة بقانون المالية 2023.
أضواء حمراء
ومن جهته أبرز النائب و رئيس لجنة السياحة والثقافة والخدمات ياسين مامي أن هناك العديد من الأضواء الحمراء في قانون المالية التعديلي لسنة 2023، والذي اصبح قاعدة الحكومة في كل سنة مالية ولم يعد استثناء، ومن بينها ان الفرضيات كانت غير مدروسة والأرقام مرتبكة حيث ان نسبة النمو كانت محددة بـ1.8 بالمائة ولكن تم بلوغ 0.9 بالمائة فقط وبالتالي كان هناك غياب للنمو وهذا يؤدي لغياب التنمية وخلق مواطن الشغل. بالإضافة الى غياب موارد معتمدة على الإنتاج مثل قطاع الفسفاط، وهذا ما يطرح تساؤلات حول مشروع انقاذ اقتصادي حقيقي وفي ظل البحث عن حلول أخرى بديلة عن التداين الخارجي.
وأوضح النائب ياسين مامي في تصريح لـاالصحافة اليومب ان هناك 650 مليون دولار كمبلغ لتغطية العجز المالي الى حدود نهاية 2023 دون الإحالة الى مصدر تجميع هذا المبلغ.
اما بالنسبة للمؤشرات الإيجابية فتتمثل في الإيفاء بتعهداتنا تجاه المانحين من خلال ارجاع الدين الخارجي في اجله، من خلال إيرادات قطاع السياحة ومساهمات التونسيين بالخارج في توفير العملة الصعبة. بالإضافة الى ان سعر برميل البترول كان اقل من تقديرات قانون المالية مما ساهم في تخفيض نفقات الدعم في مجال المحروقات.
ولفت مامي الى غياب مشاريع قوانين من السلطة التنفيذية تهم الإصلاحات الاقتصادية وتشجع على الاستثمار في المقابل اكد وجود 20 مبادرة تشريعية مقترحة من النواب في عدة مجالات وتهدف بالأساس الى دعم المواطن والمستهلك التونسي كأكبر متضرر من التضخم، مما يستدعي إعادة إحياء المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي يلعب دورا مهما في التخطيط، بالإضافة الى ضرورة اتخاذ إجراءات للتعويل على الذات ومواجهة التحديات القادمة ومن بينها تداعيات على وضع تونس المالي نتيجة موقفها من القضية الفلسطينية.
تحدّي التمويل
وبعد المصادقة على قانون المالية التكميلي لسنة 2023، ما يزال مشروع قانون المالية لسنة 2024 الذي نشر مؤخرا، محل نقاش وجدل وتفاعلات بين رأي يعتبر انه لا يتضمن رؤية إصلاحية والاقتصار فقط على القروض ورأي اخر يرى ان هذا المشروع قد حافظ على الطابع الاجتماعي للدولة من خلال اثقال كاهل المواطنين والمؤسسات.
وأفاد في هذا السياق الخبير المالي معز حديدان في تصريح لـاالصحافة اليومب، بأن الدولة مازالت محافظة على دورها الإجتماعي من خلال مشروع قانون مالية 2024. حيث لم يتم إقرار إضافات جديدة في ما يخص الجباية، وذلك من أجل الحفاظ على نفس النسق في الدعم وضمان السلم الاجتماعي.
في المقابل أشار إلى توظيف عدة إتاوات في إطار دعم الميزانية وفي إطار منظومة الدعم من بينها فرض إتاوة بـ3 بالمائة على رقم معاملات مصنّعي المشروبات الغازية والكحولية والجعة، وبين في هذا السياق أن ذلك ستنجر عنه زيادة في سعر المشروبات الغازية. والترفيع في معلوم الجباية على الأجبان، وقال إن أسعار كل مشتقات الحليب باستثناء الحليب والياغورت ستشهد ارتفاعا على غرار الأجبان والريقوتة.
كما لفت معز حديدان إلى أن مشروع قانون المالية لـ2024 لم يتضمن إجراءات كبرى لتحفيز الإستثمار، مع إقرار خطوط تمويل لدعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة.
وبين معز حديدان ان احتياجات تمويل الميزانية لسنة 2024 ستكون في حدود 21.9 مليار دينار، وبالتالي يجب ان تجد ما يعادله من دين داخلي وخارجي.
واذا تناولنا قانون المالية التعديلي لسنة 2023 نجد ان تغطية العجز المالي والى غاية سبتمبر الفارط تم توفير 4.5 مليار فقط منها ومازالت 6.1 مليار دينار لم تتوفر الى الان.
وأوضح حديدان انه من المتوقع ان تتواصل صعوبات التمويل لسنة 2023 في ميزانية 2024 بـ28.2 مليار دينار من العجز المالي.
وصرحت وزارة المالية انه سيتم الاعتماد على 11.7 مليار دينار من الدين الداخلي، و16.5 مليار دينار من الدين الخارجي، وهي عملية فيها تحدّ حسب تقدير معز حديدان امام غياب تمويل الاتحاد الأوروبي وأيضا الاقتراض من صندوق النقد الدولي.
قرار ترتيبي لهيئة الانتخابات، والحملة تنتهي في الخارج : جاهزية الاطار القانوني والجانب التنظيمي
ثلاثة أيام تفصلنا عن موعد التصويت في الاستحقاق الرئاسي داخل تونس المقرر ليوم الأحد 6 أكتوب…