هروب «خلية إرهابية» من سجن المرناقية.. سابقة صادمة وخطيرة وأغرب من الخيال..!
أكدت وزارة الداخلية في حدود منتصف نهار أمس الثلاثاء 31 أكتوبر 2023 خبر فرار ما يمكن ان a نسميها اخلية إرهابيةب تتكون م aن خمسة عناصر اخطيرةب من السجن المدني بالمرناقية.
وفي حيثيات البلاغ الصادر عنها، كشفت الوزارة أن العملية تمت فجرا وأنه تم تحسيس جميع الوحدات الأمنية بضرورة تكثيف البحث والتقصي والتفتيش السريع قصد القبض على هذه العناصر في أقرب الآجال. وهذه العناصر وفق ذات المصدر، فيها من هو مورّط في قضيتي اغتيال الشهيدين الحاج محمد البراهمي وشكري بلعيد…!
إنها سابقة في تقديرنا، وهي سابقة صادمة، وهي الأخطر في تاريخ السجون التونسية التي عرفت عمليات محدودة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة منذ قيام دولة الاستقلال، ولم تكن بنفس االأطرافب والمآلات والرهانات الذاتية والموضوعية داخل تونس وخارجها، فنحن ما نزال في أوج الحرب على الإرهاب والبلاد تعيش أزمة مركبة والحرب الشاملة في المنطقة وفي فلسطين المحتلة تزيد الأوضاع خطورة وتعقيدا.
وقد كانت المحاولة الأولى للوزير احمد بن صالح سنه 1973 والذي تمكّن من الفرار بعد قضاء ثلاث سنوات في السجن تنفيذا لحكم بالإدانة بعشر سنوات زمن حكم بورقيبة وقد كان أحد وزرائه الكبار، وفي سنة 2013 فرّ 49 سجينا دفعة واحدة من سجن قابس، وفي افريل 2023 أعلنت إدارة السجون إنها أحبطت عملية شروع في التخطيط لمحاولة فرار عدد من المساجين من برج الرومي عبر حفر نفق تحت سور السجن، هذا علاوة على موجة الفرار الجماعي التي حصلت في بعض السجون على هامش أحداث ملحمة 14 جانفي 2011 غير المكتملة.
وفي انتظار ان تكشف التحقيقات، خصوصا في حال القبض على الفارّين أحياء، تفاصيل الواقعة وأبعادها وأهدافها وأطرافها المورّطة داخل وخارج السجن، والرابط بين هذه العناصر، ترجّح العناصر الأولية وجود عملية على درجة كبيرة من الحبكة والتنظيم والجاهزية لدرجة يمكن القول فيها أننا إزاء اخلية إرهابيةب محترفة أقدمت على فعلتها في توقيت ليس اعتباطيا وبطريقة ذكية صراحة وطريفة لان الأمر يتعلّق بأحد أكثر السجون التونسية حيطة وتأمينا وتحصينا وهو ما جعل خبيرا أمنيا مثل علي الزرمديني يرجح في مداخلة له في إحدى الإذاعات الخاصة فرضية التواطؤ.
إن التقاء عناصر االخليةب الخمسة ليس عفويا ولا يمت لما نراه في بعض الأفلام الخيالية بصلة، فالأمر لا يتعلق بمجرمي حق عام يطمحون للخروج من السجن لتصفية بعض الحسابات وربما العودة إلى الزنزانة، بل بإرهابيين أثبتت التحقيقات إلى حد الآن تورط كثير منهم في ما عرفته البلاد من عنف وإرهاب وقتل زمن حكم الإسلام السياسي بقيادة النهضة خصوصا في أوجها بين سنتي 2012 و 2013..
هي إذن عملية مسترابة، اأبطالهاب مساجين مصنفين خطيرين جدا ومن بينهم العنصر الإرهابي المكنى بـ االصوماليب المورط في اغتيال الشهيد البراهمي لكن السؤال يظل مطروحا، وبحرقة عن الكيفية التي اخترقوا بها جميع الاحتياطات.
ونقول بحرقة، لأن خروج انخبةب من الإرهابيين إلى الطبيعة يعيد إلى الأذهان سيناريوهات الثأر وإقامة الحدّ بشكل جماعي أو من خلال تحرير المبادرة وإطلاق يدي كل اذئب منفردب لترهيب اأهدافب بشرية لا نعلم هويتها في الوقت الحاضر، دون استبعاد تأمين الخروج الآمن من الوطن لهؤلاء الإرهابيين كما حصل من قبل مع عديد الوجوه والقادة الإرهابيين وعلى رأسهم أبو عياض الذي انتقل مبجّلا مكرّما بالمرافقة الأمنية وقطع البلاد بالطول للولوج إلى الأراضي الليبية.
أما في ما يتعلق بالسياق الذي جرت فيه العملية فلا يمكن عزل ما حصل مع صدور الحكم الاستئنافي في حق رئيس تنظيم النهضة راشد الغنوشي عشية الاثنين 30 أكتوبر 2023 والقاضي برفع عقوبة سجنه من سنة إلى مدة خمسة عشر شهرا وتخطئته بمبلغ ألف دينار مع إخضاعه للمراقبة الإدارية مدة ثلاثة أعوام على خلفية استعماله لعبارة االطاغوتب في تأبين أحد قادة التنظيم.
ليس ذلك فحسب، فقد ختم قاضي التحقيق الأول بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب في نفس اليوم (الاثنين 30 أكتوبر 2023)، البحث في ملف القضية المتعلقة بشبكات التسفير إلى بؤر التوتر والإرهاب خارج تراب البلاد التونسية وتم إعلام كل من علي العريض نائب رئيس تنظيم النهضة، وزير الداخلية ورئيس الحكومة السابق، وفتحي البلدي، وعبد الكريم العبيدي وسيف الدين الرايس وهم قادة نهضويون وأمنيون بقرار ختم البحث في ملف القضية وهو ما يعني أن الخناق قد ضاق على التنظيم وأصبح أغلب قادته وراء أسوار السجن أو تحت الإقامة الجبرية في غياب حاضنة اجتماعية وسيادة رأي عام شعبي مناهض للإسلام السياسي بشكل عام وبشكل خاص النهضة وزعيمها راشد الغنوشي.
لكل هذه الاعتبارات، فإن هروب اخلية إرهابيةب من سجن المرناقية في هذا الظرف بالذات وبهذه الطريقة الغريبة، سابقة صادمة وخطيرة تفرض مراجعات عاجلة وحتمية في كل المستويات في أجهزة الدولة التي بان بالكاشف أنها مريضة كما قالت أرملة الشهيد البراهمي، مباركة البراهمي، وبالتالي يسهل اختراقها وإنهاكها وضربها من الداخل..
إن الأمر لا يتعلق في المحصّلة بالتقصير أو الإهمال أو الانتدابات العشوائية فقط والترضيات على قاعدة الولاء والمصلحة، ولكن ثمّة أمور دُبّرت بليل على ما يبدو وعلى مهل، وثمة فعل ممنهج للتمكين، وهو نهج الجماعة في تفكيك الدولة والانقضاض عليها خصوصا عندما تغرق مؤسساتها في التعيينات الهاوية غير المدروسة وفي كثرة التحويرات على رأس الإدارات دون موجب ودون وجاهة ودون حسن اختيار وهذه هي الورش التي يجب أن تُفتح عاجلا لتأهيل الإدارة والارتقاء بأدائها وبجودة عملها وجديته ولا نكتفي بمقولة تطهيرها ليس فقط لمغزاها الديني ولكن لحدوده ومحدوديته كما تظهره التجارب المقارنة ومن لا يستفيد من الدروس لا يمكنه بناء وتحصين المستقبل.
في تفاعل بعض الوزراء مع نواب المجلسين : شيء من الواقعية وشيء من المبالغة أيضا..!
تتواصل تحت قبة البرلمان هذه الأيام الجلسات العامة المشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الو…