2023-11-02

سعر البرميل يقترب من 100 دولار ارتفاع أسعار النفط يربك فرضيات ميزانية تونس لسنة 2024

توقع‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬ان‭ ‬يبلغ‭ ‬متوسط‭  ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬العالمية‭ ‬90‭ ‬دولارا‭ ‬للبرميل‭ ‬في‭ ‬الربع‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬2023‭ ‬وأن‭ ‬يهبط‭ ‬المتوسط‭ ‬إلى‭ ‬81‭ ‬دولارا‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬ككل‭ ‬مع‭ ‬تباطؤ‭ ‬الطلب،‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬حذر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يدفع‭ ‬تصاعد‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الأسعار‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬كبير‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬تواصل‭ ‬تحذيرات‭ ‬متتالية‭ ‬بشان‭ ‬إمكانية‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬100‭ ‬دولار‭ ‬للبرميل‭ ‬تراقب‭ ‬تونس‭ ‬مثلها‭ ‬مثل‭ ‬أغلبية‭ ‬البلدان‭ ‬الموردة‭ ‬لهذا‭ ‬المنتوج‭ ‬الحساس‭ ‬الذي‭ ‬يبقى‭ ‬رهينة‭ ‬الأحداث‭ ‬العالمية‭ ‬وما‭ ‬تفرضه‭ ‬من‭ ‬تقلبات‭ ‬في‭ ‬الطلب‭ ‬والعرض‭.‬

واعتمدت‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬ميزانية‭  ‬2024‭ ‬على‭  ‬فرضية‭ ‬نسبة‭ ‬نمو‭ ‬اقتصادي‭ ‬بـ2.1‭  % ‬محددة‭ ‬سعر‭ ‬برميل‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬في‭ ‬حدود‭  ‬81‭  ‬دولارا‭. ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يثير‭ ‬تساؤلات‭ ‬أهل‭ ‬الاختصاص‭ ‬ويربك‭ ‬موازنات‭ ‬خزينة‭ ‬الدولة‭. ‬كما‭ ‬اعتمدت‭ ‬وزارة‭ ‬المالية‭  ‬سعر‭ ‬برميل‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬81‭ ‬دولارا‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬سعر‭ ‬البرميل‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬90‭ ‬دولارا‭ ‬ومن‭ ‬الممكن‭ ‬ان‭ ‬يرتفع‭ ‬بأكثر‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬القادمة‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬اشتدت‭ ‬وتيرة‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭  ‬واتسعت‭ ‬رقعتها‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ينذر‭ ‬بان‭ ‬اغلب‭ ‬الحسابات‭ ‬قد‭ ‬تسقط‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬القادمة‭ ‬وأن‭ ‬ثغرة‭ ‬هامة‭ ‬ستظهر‭ ‬في‭ ‬موازنة‭ ‬الدولة‭.‬

ويقول‭ ‬أهل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬ان‭ ‬كل‭ ‬زيادة‭ ‬بدولار‭ ‬واحد‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬سعر‭ ‬برميل‭ ‬النفط‭ ‬تنعكس‭ ‬أكثر‭ ‬من‭  ‬100‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬على‭ ‬خزينة‭ ‬الدولة‭. ‬وبلغة‭ ‬الأرقام‭ ‬إذا‭ ‬صدقت‭ ‬تنبؤات‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬واستقرت‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬العالمية‭  ‬في‭ ‬حدود‭ ‬90‭ ‬دولارا‭ ‬للبرميل‭, ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الزيادة‭ ‬ستكلف‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬900‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬تونسي‭ (‬9‭ ‬دولارات‭ ‬ضارب‭ ‬100‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬تونسي‭) ‬وقيمة‭ ‬الخسائر‭ ‬ستكون‭ ‬أكثر‭ ‬إذا‭ ‬تجاوزت‭ ‬الأسعار‭ ‬العالمية‭ ‬100‭ ‬دولار‭.‬

‭ ‬ومن‭ ‬شأن‭ ‬أن‭ ‬يرفع‭ ‬المبلغ‭ ‬المحتمل‭ ‬خسارات‭ ‬نفقات‭ ‬صندوق‭ ‬الدعم‭ ‬التي‭ ‬ستزداد‭ ‬قيمتها‭ ‬بصورة‭ ‬لن‭ ‬تتحملها‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬بمعنى‭ ‬ان‭ ‬نفقات‭ ‬الدعم‭ ‬التي‭ ‬رصدتها‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬الخاصة‭ ‬بالمحروقات‭ ‬والكهرباء‭ ‬بحوالي‭ ‬7086‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬ثابتة‭ ‬بل‭ ‬ستشهد‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬ارتفاعا‭ ‬في‭ ‬قيمتها‭.‬

وبالتوازي‭ ‬مع‭ ‬تذبذب‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية،‭ ‬فإن‭ ‬أسعار‭ ‬تداول‭ ‬العملات‭ ‬الأجنبية‭ ‬بدورها‭ ‬متجهة‭ ‬نحو‭ ‬الارتفاع‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيؤثر‭ ‬على‭ ‬تكاليف‭ ‬الواردات‭ ‬التونسية،‭ ‬حيث‭ ‬تشهد‭ ‬أسعار‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الدولار‭ ‬اليورو‭ ‬تذبذبا‭ ‬واضحا‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬عملية‭ ‬اطوفان‭ ‬الأقصىب‭.‬

ولئن‭ ‬كثرت‭ ‬السيناريوهات‭ ‬المحتملة‭ ‬بشأن‭ ‬استقرار‭ ‬هذه‭ ‬المؤشرات‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬عالمي‭ ‬من‭ ‬عدمها‭, ‬فإن‭ ‬تشخيص‭ ‬تأثير‭ ‬هذا‭ ‬التذبذب‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬وعلى‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬يكاد‭ ‬يكون‭ ‬واحدا‭ ‬ومتشابها‭, ‬حيث‭ ‬يتوقع‭ ‬أهل‭ ‬الاختصاص‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬المحروقات‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬مجددا‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬القادمة‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الكهرباء‭ ‬والغاز‭ ‬وارتفاع‭ ‬كل‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الصناعية‭ ‬والاستهلاكية‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ارتفاع‭ ‬كلفة‭ ‬الإنتاج‭ ‬والنقل‭.‬

ويرى‭ ‬البعض‭ ‬ان‭ ‬اارتفاع‭ ‬سعر‭ ‬برميل‭ ‬النفط‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬دولار‭ ‬سيكون‭ ‬بمثابة‭ ‬الصدمة‭ ‬النفطيةب‭ ‬التي‭ ‬تعرف‭ ‬بأنها‭ ‬اصدمات‭ ‬مفاجئة‭ ‬ومباغتة‭ ‬لم‭ ‬تستعد‭ ‬لها‭ ‬أي‭ ‬دولةب‭. ‬وبحكم‭ ‬ان‭ ‬تونس‭ ‬معنية‭ ‬بهذه‭ ‬الصدمة‭, ‬فمن‭ ‬الأرجح‭ ‬أنها‭ ‬ستؤدي‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬عجز‭ ‬الميزان‭ ‬الطاقي‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬بدوره‭ ‬على‭ ‬مخزون‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭ ‬والذي‭ ‬سينعكس‭ ‬سلبيا‭ ‬على‭ ‬قيمة‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬ارتفاع‭ ‬سعر‭ ‬النفط‭, ‬يقر‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬تقريره‭ ‬الشهري‭ ‬عن‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬بارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬في‭ ‬اغلب‭ ‬دول‭ ‬العالم‭. ‬ووفق‭ ‬هذا‭ ‬التقرير‭, ‬تتجلّى‭ ‬هذه‭ ‬الزيادة‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأكثر‭ ‬فقراً‭ ‬أو‭ ‬النامية،‭ ‬حيث‭ ‬تشهد‭ ‬60‭ ‬إلى‭ ‬80‭ ‬بالمئة‭ ‬منها‭ ‬ارتفاعاً‭ ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬بين‭ ‬5‭ ‬و‭ ‬10‭ % ‬في‭ ‬العديد‭ ‬منها‭. ‬وبحكم‭ ‬ان‭ ‬تونس‭ ‬ليست‭ ‬بمنأى‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الزيادات‭, ‬يطالب‭ ‬الاقتصاديون‭ ‬السلط‭ ‬المعنية‭ ‬بضبط‭ ‬موازنات‭ ‬مالية‭ ‬تكون‭ ‬اقرب‭ ‬للواقع‭ ‬التونسي‭ ‬والتقيد‭ ‬أكثر‭ ‬بالمستجدات‭ ‬المالية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬يفرض‭ ‬عليها‭ ‬كل‭ ‬سنة‭ ‬تقريبا‭ ‬إقرار‭ ‬قانون‭ ‬مالية‭ ‬تكميلي‭. ‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

البنك الدولي: تحسن الاقتصاد التونسي يستوجب تطوير الاستثمار في مجال الطاقات المتجددة

«تأثر تعافي الاقتصاد التونسي سنة 2023 بالجفاف الشديد، وظروف التمويل الضيقة والوتيرة المحدو…