مع تواصل الضائقة الاقتصادية وطول موسم الجفاف والانسداد السياسي: المنظمات الاجتماعية تعاود رصّ صفوفها من جديد
قد تكون الفترة الزمنية التي انسدّت فيها أبواب الحوار السياسي الذي أراده الاتحاد مع الرئاسة ومع باقي مكونات المشهد، قد طالت، أو ربما حتى تشعّبت أكثر، خاصة في ظل مواصلة رئيس الجمهورية مشوار بناء النظام السياسي الجديد، واستكمال مراحل الاستحقاقات دون الالتفات إلى مقترحات الاتحاد ولا إلى أصوات أخرى طالبت بالنقاش وبوضع تصورات مشتركة، وببناء نظام تشاركي.
طول هذه الفترة من الصمت، مع طول فترة الجفاف والغلاء المتواصل في الأسعار وارتفاع تكاليف الحياة وندرة كثير من المواد، أصبحت تهدد جديا ومصيريا كثيرا من الأجراء ومن المفقّرين والعمال، وبات لزاما على الاتحاد أن يبحث في كل الحلول الممكنة من أجل الوصول إلى توافقات تحلحل هذا الجمود الذي بدا مسيطرا على المشهد السياسي وفارضا لنوع من الصمت الحذر أو المصير غير المفهوم.
وهي مخاوف وهواجس تشاركه فيها كثير من المنظمات التي باتت غير مرتاحة لتواصل الأزمة، وقلقة من المصير المجهول لطبقات اجتماعية بأكملها، بل باتت غير مطمئنة على وجودها نفسه وعلى مستقبلها في ظل مسير البلاد نحو نمط اقتصادي جديد وفي ظل تواصل أزمة الأنماط السابقة.
هذه الهواجس، اضافة الى الملفات المعلّقة والاتفاقات التي تنتظر التفعيل، هي التي دفعت الى اللقاء الذي تم أول أمس الاثنين بين الامين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي ورئيس اتحاد الصناعة والتجارة سمير ماجول، بحضور السيدين مراد المدّب وناصر الجلجلي.
موقع الشعب نيوز الذي نقل الخبر عن اللقاء، قال أنه اتناول الوضع الاقتصادي والاجتماعي العام بالبلاد وخاصة ضرورة مواصلة العمل من اجل المحافظة على ديمومة المؤسسات ومواطن الشغل ودعم المقدرة الشرائية للأجراءب.
وهي التحديات التي تواجه طيفا واسعا من الأجراء والعائلات وحتى من رجال الأعمال والفلاحين والموظفين، ذلك ان الغموض والخشية من المستقبل، باتت غالبة على كثير من الطبقات الاجتماعية، حتى تلك التي كانت تعتبر في ما مضى من الطبقات المرفّهة، والتي طالتها الازمة، ودفعت بها نحو الإفلاس او الاغلاق الفعلي للمؤسسات واللجوء الى البطالة الفنية في انتظار انفراج الازمة الاقتصادية على المستويين الوطني والعالمي.
النقاط التي تجمع اتحاد العمال باتحاد الأعراف كثيرة ومتشعبة، خاصة محاضر الاتفاقات السابقة التي تتهرب منظمة الأعراف من تفعيلها، والزيادات التي كانت مبرمجة في القطاع الخاص ووقع تأجيلها أو إلغاؤها، ودعم المقدرة الشرائية للأجراء، ضمان التأمين الصحي وسلامة العمال، وتوفير الحد الادنى المعيشي الذي يضمن حياتهم وكرامتهم ومستقبل أطفالهم، كلها مواضيع سبق وان تناقش فيها الاتحاد مع الاعراف طويلا، وكانت تصل احيانا الى توافقات واحيانا الى وعود بمزيد الحوار والعودة الى التفاوض، لكن هذه المرة يبدو ان الظروف العامة في البلاد وتواصل موسم الجفاف وتواصل الازمة الاقتصادية الخانقة وارتفاع أسعار كل شيء، وندرة كثير من المواد الغذائية، اضافة الى وضعية الضغط الجبائي المسلط على كثير من المستثمرين ورجال الاعمال، والتخوف الذي بات يسيطر على كثير منهم، خاصة بعد التحقيقات والاحكام الاخيرة، وما ينجر عن ذلك من انكماش يمكن ان يطال قطاعات هامة، كلها مخاوف جعلت المنظمتين تبحثان عن سبل للالتقاء واذابة الجليد الناتج عن فشل مفاوضات السنة الفارطة، والبحث عن خطوط دنيا لمواجهة الازمات المتتالية بصف واحد، وربما حتى تكوين نوع من الجبهة الاجتماعية التي تستطيع ان تخلق ربما نوعا من التوازن، في ظل حياة سياسية مختلة الميزان لصالح الحكومة وغياب شبه كلي للاصوات التي يمكن ان ترجح الكفة.
لقاء افتقدته الساحة الاجتماعية منذ اكثر من سنة تقريبا، وهو ما يجعله هاما، وربما يؤشّر ايضا لتواصل واستمرار اللقاءات بين الاعراف والعمال، وقد يؤدي ايضا الى مبادرات جديدة او حتى خلق توازنات تحتاجها البلاد في الوقت الراهن.
ستكون خير تعويض للجدب الصيفي : غلال الخريف تشهد ارتفاعا ملحوظا في الكميّة والجودة
على عكس الصائفة التي مرّت تقريبا دون ان يشبع التونسيون من الغلال الموسمية التي تعودوا عليه…