2023-11-02

مع تواصل الضائقة الاقتصادية وطول موسم الجفاف والانسداد السياسي: المنظمات الاجتماعية تعاود رصّ صفوفها من جديد

قد‭ ‬تكون‭ ‬الفترة‭ ‬الزمنية‭ ‬التي‭ ‬انسدّت‭ ‬فيها‭ ‬أبواب‭ ‬الحوار‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬أراده‭ ‬الاتحاد‭ ‬مع‭ ‬الرئاسة‭ ‬ومع‭ ‬باقي‭ ‬مكونات‭ ‬المشهد،‭ ‬قد‭ ‬طالت،‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬حتى‭ ‬تشعّبت‭ ‬أكثر،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مواصلة‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬مشوار‭ ‬بناء‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬الجديد،‭ ‬واستكمال‭ ‬مراحل‭ ‬الاستحقاقات‭ ‬دون‭ ‬الالتفات‭ ‬إلى‭ ‬مقترحات‭ ‬الاتحاد‭ ‬ولا‭ ‬إلى‭ ‬أصوات‭ ‬أخرى‭ ‬طالبت‭ ‬بالنقاش‭ ‬وبوضع‭ ‬تصورات‭ ‬مشتركة،‭ ‬وببناء‭ ‬نظام‭ ‬تشاركي‭.‬

طول‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬الصمت،‭ ‬مع‭ ‬طول‭ ‬فترة‭ ‬الجفاف‭ ‬والغلاء‭ ‬المتواصل‭ ‬في‭ ‬الأسعار‭ ‬وارتفاع‭ ‬تكاليف‭ ‬الحياة‭ ‬وندرة‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المواد،‭ ‬أصبحت‭ ‬تهدد‭ ‬جديا‭ ‬ومصيريا‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الأجراء‭ ‬ومن‭ ‬المفقّرين‭ ‬والعمال،‭ ‬وبات‭ ‬لزاما‭ ‬على‭ ‬الاتحاد‭ ‬أن‭ ‬يبحث‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الحلول‭ ‬الممكنة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬توافقات‭ ‬تحلحل‭ ‬هذا‭ ‬الجمود‭ ‬الذي‭ ‬بدا‭ ‬مسيطرا‭ ‬على‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬وفارضا‭ ‬لنوع‭ ‬من‭ ‬الصمت‭ ‬الحذر‭ ‬أو‭ ‬المصير‭ ‬غير‭ ‬المفهوم‭.‬

وهي‭ ‬مخاوف‭ ‬وهواجس‭ ‬تشاركه‭ ‬فيها‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬غير‭ ‬مرتاحة‭ ‬لتواصل‭ ‬الأزمة،‭ ‬وقلقة‭ ‬من‭ ‬المصير‭ ‬المجهول‭ ‬لطبقات‭ ‬اجتماعية‭ ‬بأكملها،‭ ‬بل‭ ‬باتت‭ ‬غير‭ ‬مطمئنة‭ ‬على‭ ‬وجودها‭ ‬نفسه‭ ‬وعلى‭ ‬مستقبلها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مسير‭ ‬البلاد‭ ‬نحو‭ ‬نمط‭ ‬اقتصادي‭ ‬جديد‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬تواصل‭ ‬أزمة‭ ‬الأنماط‭ ‬السابقة‭.‬

هذه‭ ‬الهواجس،‭ ‬اضافة‭ ‬الى‭ ‬الملفات‭ ‬المعلّقة‭ ‬والاتفاقات‭ ‬التي‭ ‬تنتظر‭ ‬التفعيل،‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬دفعت‭ ‬الى‭ ‬اللقاء‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬أول‭ ‬أمس‭ ‬الاثنين‭ ‬بين‭ ‬الامين‭ ‬العام‭ ‬للاتحاد‭ ‬نور‭ ‬الدين‭ ‬الطبوبي‭ ‬ورئيس‭ ‬اتحاد‭ ‬الصناعة‭ ‬والتجارة‭ ‬سمير‭ ‬ماجول،‭ ‬بحضور‭ ‬السيدين‭ ‬مراد‭ ‬المدّب‭ ‬وناصر‭ ‬الجلجلي‭.‬

موقع‭ ‬الشعب‭ ‬نيوز‭ ‬الذي‭ ‬نقل‭ ‬الخبر‭ ‬عن‭ ‬اللقاء،‭ ‬قال‭ ‬أنه‭ ‬اتناول‭ ‬الوضع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬العام‭ ‬بالبلاد‭ ‬وخاصة‭ ‬ضرورة‭ ‬مواصلة‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬ديمومة‭ ‬المؤسسات‭ ‬ومواطن‭ ‬الشغل‭ ‬ودعم‭ ‬المقدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للأجراءب‭.‬

وهي‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬طيفا‭ ‬واسعا‭ ‬من‭ ‬الأجراء‭ ‬والعائلات‭ ‬وحتى‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬الأعمال‭ ‬والفلاحين‭ ‬والموظفين،‭ ‬ذلك‭ ‬ان‭ ‬الغموض‭  ‬والخشية‭ ‬من‭ ‬المستقبل،‭ ‬باتت‭ ‬غالبة‭ ‬على‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الطبقات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬حتى‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تعتبر‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬مضى‭ ‬من‭ ‬الطبقات‭ ‬المرفّهة،‭ ‬والتي‭ ‬طالتها‭ ‬الازمة،‭ ‬ودفعت‭ ‬بها‭ ‬نحو‭ ‬الإفلاس‭ ‬او‭ ‬الاغلاق‭ ‬الفعلي‭ ‬للمؤسسات‭ ‬واللجوء‭ ‬الى‭ ‬البطالة‭ ‬الفنية‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬انفراج‭ ‬الازمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬الوطني‭ ‬والعالمي‭.‬

النقاط‭ ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬اتحاد‭ ‬العمال‭ ‬باتحاد‭ ‬الأعراف‭ ‬كثيرة‭ ‬ومتشعبة،‭ ‬خاصة‭ ‬محاضر‭ ‬الاتفاقات‭ ‬السابقة‭ ‬التي‭ ‬تتهرب‭ ‬منظمة‭ ‬الأعراف‭ ‬من‭ ‬تفعيلها،‭ ‬والزيادات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬مبرمجة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬ووقع‭ ‬تأجيلها‭ ‬أو‭ ‬إلغاؤها،‭ ‬ودعم‭ ‬المقدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للأجراء،‭ ‬ضمان‭ ‬التأمين‭ ‬الصحي‭ ‬وسلامة‭ ‬العمال،‭ ‬وتوفير‭ ‬الحد‭ ‬الادنى‭ ‬المعيشي‭ ‬الذي‭ ‬يضمن‭ ‬حياتهم‭ ‬وكرامتهم‭ ‬ومستقبل‭ ‬أطفالهم،‭ ‬كلها‭ ‬مواضيع‭ ‬سبق‭ ‬وان‭ ‬تناقش‭ ‬فيها‭ ‬الاتحاد‭ ‬مع‭ ‬الاعراف‭ ‬طويلا،‭ ‬وكانت‭ ‬تصل‭ ‬احيانا‭ ‬الى‭ ‬توافقات‭ ‬واحيانا‭ ‬الى‭ ‬وعود‭ ‬بمزيد‭ ‬الحوار‭ ‬والعودة‭ ‬الى‭ ‬التفاوض،‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬يبدو‭ ‬ان‭ ‬الظروف‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬وتواصل‭ ‬موسم‭ ‬الجفاف‭ ‬وتواصل‭ ‬الازمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الخانقة‭ ‬وارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬وندرة‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية،‭ ‬اضافة‭ ‬الى‭ ‬وضعية‭ ‬الضغط‭ ‬الجبائي‭ ‬المسلط‭ ‬على‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المستثمرين‭ ‬ورجال‭ ‬الاعمال،‭ ‬والتخوف‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬يسيطر‭ ‬على‭ ‬كثير‭ ‬منهم،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬التحقيقات‭ ‬والاحكام‭ ‬الاخيرة،‭ ‬وما‭ ‬ينجر‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬انكماش‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يطال‭ ‬قطاعات‭ ‬هامة،‭ ‬كلها‭ ‬مخاوف‭ ‬جعلت‭  ‬المنظمتين‭ ‬تبحثان‭ ‬عن‭ ‬سبل‭ ‬للالتقاء‭ ‬واذابة‭ ‬الجليد‭ ‬الناتج‭ ‬عن‭ ‬فشل‭ ‬مفاوضات‭ ‬السنة‭ ‬الفارطة،‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬خطوط‭ ‬دنيا‭ ‬لمواجهة‭ ‬الازمات‭ ‬المتتالية‭ ‬بصف‭ ‬واحد،‭ ‬وربما‭ ‬حتى‭ ‬تكوين‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الجبهة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬تستطيع‭ ‬ان‭ ‬تخلق‭ ‬ربما‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬التوازن،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حياة‭ ‬سياسية‭ ‬مختلة‭ ‬الميزان‭ ‬لصالح‭ ‬الحكومة‭ ‬وغياب‭ ‬شبه‭ ‬كلي‭ ‬للاصوات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬ترجح‭ ‬الكفة‭.‬

لقاء‭ ‬افتقدته‭ ‬الساحة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬منذ‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬تقريبا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعله‭ ‬هاما،‭ ‬وربما‭ ‬يؤشّر‭ ‬ايضا‭ ‬لتواصل‭ ‬واستمرار‭ ‬اللقاءات‭ ‬بين‭ ‬الاعراف‭ ‬والعمال،‭ ‬وقد‭ ‬يؤدي‭ ‬ايضا‭ ‬الى‭ ‬مبادرات‭ ‬جديدة‭ ‬او‭ ‬حتى‭ ‬خلق‭ ‬توازنات‭ ‬تحتاجها‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

لا بد من الرهان على الحزم الاداري والردع القانوني: الوعي المواطني وحده لا يكفي لحماية البيئة والمحيط

عادة ما يتداول التونسيون في موسم الاصطياف خصوصا، صورا ومشاهد وفيديوهات لمجموعات شبابية او …