استفزّ السفير الالماني بتونس السيد ابيتر بروغلب التونسيين مرتين… الأولى في تصريح له أثناء تدشين مدرسة إعدادية بجهة المحمدية من ولاية بن عروس وكان برفقة والي بن عروس ووزير التربية السيد محمد علي البوغديري حين قال في تصريح له اان الاسرائيليين هم ضحايا الارهاب الفلسطينيب… وقد تصدى وزير التربية في حينها لهذا التصريح المستفزّ وعبّر بقوة عن استهجانه ورفضه رسميا وشعبيا لهذا التصريح…
السفير غادر المكان لينشر على صفحة السفارة ردا على الوزير في حركة استفزازية ثانية بقوله :انتعاطف مع جميع ضحايا الصراع… الفلسطينيون والاسرائيليون والاجانب لكننا لا نستطيع أن نتجاهل ان التصعيد الحالي ناتج عن هجوم ارهابي وحشي شنّته حماس على اسرائيل…ب
وكما هو واضح يعبّر السفير الألماني عن موقف الدولة الألمانية المتواطئة مع الجرائم الصهيونية على غزة منذ اندلاع الحرب وقد سارعت الى ذلك وسعت اليه وأعلنت عنه بوضوح بالمال والعتاد وبالتحريض على المقاومة الفلسطينية لكأنها بذلك إنما تسعى الى نوع من االتَطَهُرِّب من ذنب أو جريمة لطالما أنكرتها أمام الانسانية وأمام التاريخ إلاّ ان االضميرب الألماني قد استفاق ـ كما يبدو ـ وهو يقرّ ـ ضمنيا ـ ودون ان يفصح عن ذلك بـاالجريمة النازية ضد اليهودب والتي تعرف تاريخيا باسم المحرقة اليهودية أو االهولوكستب والتي ذهب ضحيتها (كما في الإدعاء الصهيوني) ملايين اليهود فترة الحرب العالمية الثانية (1939ـ 1945) وذلك بسبب هويتهم العرقية والدينية وقد اتهمت ألمانيا النازية بهذه الجريمة الإبادية لليهود وهي تنكر ذلك وتعتبرها كذبة من أكاذيب ااسرائيلب الكبرى… الا أن االسلوكب الألماني أو بالأحرى سلوك الدولة الألمانية الآن وموقفها المخجل للانسانية من عمليات االابادة بغزةب ووقوفها الكامل مع الصهاينة انما هو دليل ضمني على أن االعقل النازيب لم يتبدل في نزوعه الاجرامي وفي تواطئه مع الجريمة الصهيونية فكما أبادهم في االهولوكوست النازيب فهو يقف معهم اليوم في االهولوكوستب الصهيوني الذي هيّأه الجيش الاسرائيلي لشعب غزة الأعزل…
يعيد السفير الألماني في تونس ترديد تلك الجملة التي تهرأت على لسان قادة أمريكا وأوروبا والتي يبرّرون بها وقوفهم الى جانب اسرائيل :الا نستطيع ان نتجاهل أن التصعيد الحالي ناتج عن هجوم ارهابي وحشي شنّته حماس على اسرائيل…!؟ب.
فليكن ذلك كذلك ولنتحدث بنفس المنطق ولنعتبر طوفان الاقصى في السابع من أكتوبر الجاري اعملية ارهابيةب ولتكن حماس ـ وفق هذا التوصيف ـ منظمة ارهابية… فهل يمكن ان يكون ذلك مبررا لشنّ حرب على شعب أعزل وعلى امتداد أكثر من عشرين يوما وقد تم قصفه بما يعادل حجم القنبلة الذرية بهيروشيما في هجمة صهيونية استعملت فيها كل أنواع الاسلحة المحظورة دوليا وقد خلفت الى حدّ الآن أكثر من سبعة آلاف شهيد أغلبهم من الاطفال والنساء والعزل من الشيوخ والرجال بل تم تدمير عائلات بأكملها في لحظة نسف واحدة…! كم عدد الضحايا الاسرائيليين ليلة طوفان الأقصى…؟ هل يمكن مقارنة عددهم بحجم الدمار وحجم الجريمة الانسانية بغزّة التي ذبحها الاحتلال من الوريد الى الوريد وخنقها بمنع الماء والدواء والغذاء…!
هل يمكن مقارنة كل هذا الدم وكل هذه الإبادة بحجم الضحايا الاسرائيليين ليلة طوفان الأقصى…؟ جرائم صارخة وغير مبرّرة انتهكت كل القوانين والمواثيق الدولية بدعوى االدفاع عن النفسب…!!
ما يحدث اليوم في غزة لا يمكن وصفه… هو الكارثة بكلّ عناوينها بل هي الجريمة بكل عناوينها وقد فشلت كل المنظمات الاممية في التصدي لها وكذا فشلت الدول العربية في توحيد مواقفها ولم يصدر عنها االحدّ الادنىب المطلوب في مثل هذه الاحوال الكارثية ولم تجرؤ دول التطبيع العربي على تعليق أو تجميد االتطبيعب بترحيل سفراء اسرائيل حتى وإن كان ذلك مؤقتا ورفضت عديد الدول العربية والاسلامية النفطية رفع ورقة النفط ضد الدول المساندة للجريمة الصهيونية والتي تمدّدت وهي تنطلق اليوم ـ بريّا ـ لمزيد التنكيل بسكان غزة الى غاية تهجيرهم برمتهم وهذا لن يحدث أبدا وإن حدث فإن الثمن سيكون باهظا اقليميا ودوليا…
أمام هذا الحجم الكارثي للجريمة الصهيونية ما يزال الغرب الاوروبي والامريكي يردّد بأن اسرائيل بصدد الدفاع عن النفس ضد منظمة ارهابية وسفراء دول أوروبا وأمريكا في البلاد العربية مورطون في هذه االدعاية الصهيونيةب وبصدد الترويج لها في كل أنشطتهم على الاراضي المعتمدين بها كسفراء وعليه وباعتبار وضوح الموقف التونسي رسميا وشعبيا تجاه ما يحدث في غزة والذي يعتبر اسرائيل بصدد ارتكاب جرائم حرب وبأن حماس حركة مقاومة وطنية من حقها الدفاع بكل الطرق عن اراضيها المسلوبة فإنه من الضروري بل من واجب وزارة الخارجية التونسية ان تتحرك بقوة على الأراضي الوطنية وان تتوجه برسالة الى كل سفراء الدول الاوروبية المساندة لاسرائيل بما في ذلك السفير الامريكي وأن تطلب منهم وفق البروتوكولات المعمول بها عدم استفزاز التونسيين بتصريحات تقرّ بالمساندة الكاملة للاحتلال وتبرر جرائمه وتعتبرها ادفاعا عن النفس ضد حماس الارهابيةب… فهذا استفزاز لا يمكن السيطرة على تداعياته وهو اضافة الى ذلك تطاول على اموقف شعبي سياديب لا يمكن قبوله…
هذا حدّ أدنى يمكن ان تتوجه به الخارجية التونسية الى سفراء أوروبا والى سفير أمريكا… الصمت اكحدّ أدنىب وعدم الادلاء بما هو مسيئ ومستفز لتونس ولشعبها في هذه المرحلة الصعبة.. حتى لا يتحوّل مطلب الترحيل إلى مطلب شعبي وهو كذلك بالفعل..!
«قرطاج المسرحية» من التأسيس إلى التأصيل إلى التحديث..!
تنعقد الدورة الخامسة والعشرون لأيام قرطاج المسرحية وسط سياقات دولية ثقيلة على الضمير الان…