2023-10-30

شعوب تحتشد لنصرة الحق الفلسطيني فلسطين قضية أمّة..مخترقة للأجيال

للأسبوع‭ ‬الثالث‭ ‬على‭ ‬التوالي‭ ‬تستمر‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الأعزل‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬مخلّفة‭ ‬آلاف‭ ‬الشهداء‭ ‬والجرحى‭ ‬حيث‭ ‬شهدت‭ ‬الليلة‭ ‬الفاصلة‭ ‬بين‭ ‬الجمعة‭ ‬والسبت‭ ‬الهجمات‭ ‬الأعنف‭ ‬لجيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬العدوان‭ ‬شاركت‭ ‬فيها‭ ‬نحو‭ ‬100‭ ‬طائرة‭ ‬مقاتلة‭ ‬تابعة‭ ‬لسلاح‭ ‬الجو‭ ‬إسنادا‭ ‬للاجتياح‭ ‬البري،‭ ‬وذلك‭ ‬بالتوازي‭ ‬مع‭ ‬مصادقة‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬مشروع‭ ‬قرار‭ ‬عربي‭ ‬يقضي‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬والذي‭ ‬صوّتت‭ ‬تونس‭ ‬عليه‭ ‬بالامتناع‭ ‬لاعتباره‭ ‬دون‭ ‬سقف‭ ‬الانتظارات‭ ‬مقارنة‭ ‬بالوضع‭ ‬الخطير‭ ‬وغير‭ ‬المسبوق‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬والذي‭ ‬يتطلب‭ ‬سقفا‭ ‬أعلى‭ ‬وأكثر‭ ‬وضوحا‭ ‬ودقة‭ ‬وأنه‭ ‬ذأي‭ ‬القرار‭- ‬لا‭ ‬يتضمن‭ ‬محاسبة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬المحتل‭ ‬على‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬ومساواته‭ ‬بين‭ ‬الضحية‭ ‬والجلاد‭.‬

فامتناع‭ ‬تصويت‭ ‬تونس‭ ‬على‭ ‬القرار‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬الاجتماع‭ ‬الطارئ‭ ‬للجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬يأتي‭ ‬تماهيا‭ ‬مع‭ ‬موقف‭ ‬تونس‭ ‬رئاسة‭ ‬وشعبا‭ ‬الثابت‭ ‬والمبدئي‭ ‬من‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ودعما‭ ‬لا‭ ‬مشروطا‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬لاسترجاع‭ ‬حقه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬فلسطين‭ ‬وإقامة‭ ‬دولته‭ ‬المستقلة‭ ‬وعاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬الشريف‭ ‬والذي‭ ‬يرفض‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬الضحية‭ ‬والجلاد‭.‬

كما‭ ‬يؤكد‭ ‬امتناع‭ ‬تونس‭ ‬عن‭ ‬التصويت‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬العربي‭ ‬رغم‭ ‬دعوته‭ ‬إلى‭ ‬دخول‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬ووقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬ـ‭ ‬وليس‭ ‬الفوري‭ ‬ـ‭ ‬رفضها‭ ‬مواصلة‭ ‬تمويه‭ ‬ومغالطة‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عدم‭ ‬تسمية‭ ‬الأشياء‭ ‬بمسمياتها‭ ‬بإغفال‭ ‬الإدانة‭ ‬الصريحة‭ ‬لجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬وجرائم‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني‭ ‬وعدم‭ ‬المطالبة‭ ‬بمحاسبة‭ ‬المحتل‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬البشعة‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الذي‭ ‬لن‭ ‬يسقط‭ ‬بالتقادم‭.‬

وما‭ ‬حشود‭ ‬المظاهرات‭ ‬الداعمة‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬إلا‭ ‬تأكيد‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬الشعبي‭ ‬والسلطة‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬رئاسة‭ ‬الجمهورية‭ ‬اللامشروط‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استرجاع‭ ‬حقه‭ ‬وإقامة‭ ‬دولته‭ ‬المستقلة‭ ‬ووضع‭ ‬حد‭ ‬للسياسات‭ ‬العدوانية‭ ‬والوحشية‭ ‬تجاه‭ ‬المدنيين‭ ‬العزل‭ ‬من‭ ‬أطفال‭ ‬ونساء‭ ‬وشيوخ‭ ‬وإنهاء‭ ‬الاحتلال‭ ‬ومحاسبة‭ ‬المحتل‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬جرائمه‭ ‬المرتكبة‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمن‭. 

وما‭ ‬حشود‭ ‬المظاهرات‭ ‬العربية‭ ‬والغربية‭ ‬الأخرى‭ ‬أيضا‭ ‬تنديدا‭ ‬بالعدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬والمساندة‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬إلا‭ ‬تأكيد‭ ‬على‭ ‬مركزية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وأنها‭ ‬قضية‭ ‬أمة‭ ‬حاضرة‭ ‬لدى‭ ‬كل‭ ‬الأجيال‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬وفي‭ ‬أجزاء‭ ‬من‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬وان‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬هو‭ ‬صراع‭ ‬وجود‭ ‬مع‭ ‬كيان‭ ‬ظالم‭ ‬مغتصب‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬القتل‭.‬

ويبدو‭ ‬أن‭ ‬الشعب‭ ‬التونسي‭ ‬وأغلب‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬التقطت‭ ‬رسالة‭ ‬عملية‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى‭ ‬التي‭ ‬نفذتها‭ ‬حركة‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬حماس‭ ‬وأدركت‭ ‬تغيّر‭ ‬السياقات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬استغلال‭ ‬هذا‭ ‬التوقيت‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الدفع‭ ‬نحو‭ ‬تحرير‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬لكافة‭ ‬أراضيه‭ ‬وإعلاء‭ ‬سقف‭ ‬المطالب‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوقه‭ ‬المشروعة،‭ ‬فالشعوب‭ ‬اليوم‭ ‬أصبحت‭ ‬تتطلع‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭ ‬للكرامة‭ ‬والانعتاق‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يترجمه‭ ‬الخروج‭ ‬الكبير‭ ‬للشارع‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬مساندة‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬العادلة‭ ‬والوقوف‭ ‬ضد‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬وحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تستثن‭ ‬لا‭ ‬الأطفال‭ ‬ولا‭ ‬الشيوخ‭ ‬ولا‭ ‬النساء‭ ‬العزّل‭ ‬ولا‭ ‬المستشفيات‭ ‬والبيوت‭ ‬الآهلة‭ ‬بالسكان‭ ‬وفضح‭ ‬كافة‭ ‬ممارساته‭ ‬الوحشية‭ ‬واللاانسانية‭ ‬في‭ ‬مخالفة‭ ‬واضحة‭ ‬وفاضحة‭ ‬لكل‭ ‬المعاهدات‭ ‬والقوانين‭ ‬الدولية‭.‬

ولكن‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬مازالت‭ ‬بعض‭ ‬الأنظمة‭ ‬الغربية‭ ‬لم‭ ‬تلتقط‭ ‬الرسالة‭ ‬بعد‭ ‬وواصلت‭ ‬في‭ ‬مساندة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬المحتل‭ ‬وفي‭ ‬اعتماد‭ ‬الكيل‭ ‬بمكيالين‭ ‬دفاعا‭ ‬عن‭ ‬مصالحها،‭ ‬بل‭ ‬واستمرت‭ ‬في‭ ‬مغالطة‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تبرير‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يبرر‭ ‬واعتبار‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬التي‭ ‬يقودها‭ ‬الاحتلال‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الأعزل‭ ‬وكل‭ ‬ممارساته‭ ‬الوحشية‭ ‬دفاعا‭ ‬عن‭ ‬النفس‭.. ‬فيما‭ ‬تعتبر‭ ‬قوى‭ ‬التحرر‭ ‬والمقاومة‭ ‬دفاعا‭ ‬عن‭ ‬الأرض‭ ‬والعرض‭ ‬وحق‭ ‬الشعوب‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيرها‭ ‬وفي‭ ‬حقها‭ ‬في‭ ‬استقلال‭ ‬أراضيها‭ ‬إرهابا‭ ‬وتعد‭ ‬المقاومة‭ ‬بدورها‭ ‬حركات‭ ‬إرهابية‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬المفارقات‭ ‬العجيبة‭ ‬والغريبة‭ ‬والمنافية‭ ‬للحقيقة‭ ‬والمخالفة‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬وفي‭ ‬ضرب‭ ‬لكافة‭ ‬الحقوق‭ ‬الإنسانية‭.‬

وانطلاقا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المفارقة‭ ‬يأتي‭ ‬أيضا‭ ‬تصويت‭ ‬تونس‭ ‬بالامتناع‭ ‬عن‭ ‬مشروع‭ ‬القرار‭ ‬الأممي‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬حركة‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬هي‭ ‬حركة‭ ‬تحرر‭ ‬كغيرها‭ ‬من‭ ‬حركات‭ ‬التحرر‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬ضد‭ ‬الاستعمار‭ ‬أو‭ ‬الميز‭ ‬العنصري‭  ‬فمن‭ ‬حق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬أرضه‭ ‬وعرضه‭ ‬ومن‭ ‬حق‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التصدي‭ ‬لآلة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والعدوان‭ ‬المتواصل‭ ‬بكل‭ ‬قوة‭ ‬وجبروت‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شبر‭ ‬من‭ ‬غزة‭ ‬المحتلة‭ ‬وعلى‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬أن‭ ‬يعي‭ ‬باختلاف‭ ‬السياقات‭ ‬والمتغيّرات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬اليوم‭ ‬وأن‭ ‬ينتصر‭ ‬للحق‭ ‬ويستمع‭ ‬لصوت‭ ‬الشعوب‭ ‬وأن‭ ‬يقتنع‭ ‬بتطور‭ ‬الوعي‭ ‬الشعبي‭ ‬تجاه‭ ‬كل‭ ‬القضايا‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬العادلة،‭ ‬فقد‭ ‬أثبتت‭ ‬الوقائع‭ ‬مثلما‭ ‬أثبت‭ ‬التاريخ‭ ‬أن‭ ‬محاولات‭ ‬تزييف‭ ‬الوعي‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬أثبتت‭ ‬محدوديتها‭ ‬فخروج‭ ‬الحشود‭ ‬من‭ ‬الشعوب‭ ‬للتظاهر‭ ‬يثبت‭ ‬ذلك‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬يعطي‭ ‬صورة‭ ‬مشرّفة‭ ‬لشعوب‭ ‬تؤمن‭ ‬بالحرية‭ ‬وتتطلع‭ ‬للكرامة‭ ‬والانعتاق،‭ ‬وما‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬اللامشروط‭ ‬والمناصرة‭ ‬والمساندة‭ ‬المطلقة‭ ‬إلا‭ ‬وعي‭ ‬بعدالة‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،وسيظل‭ ‬يتطور‭ ‬جيلا‭ ‬بعد‭ ‬جيل،‭ ‬فالقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬قضية‭ ‬أمّة‭.. ‬مخترقة‭ ‬للأجيال‭. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

هجرة المهندسين التونسيين : ظاهرة خطيرة تستدعي حلولا عاجلة

لا يختلف اثنان اليوم حول ارتفاع ظاهرة هجرة المهندسين في السنوات الأخيرة وما تمثله من خطورة…