‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬مرور‭ ‬حوالي‭ ‬أربعة‭ ‬أشهر‭ ‬على‭ ‬توقيع‭ ‬تونس‭ ‬والاتحاد‭ ‬والأوروبي‭ ‬على‭ ‬مذكرة‭ ‬التفاهم‭ ‬الخاصة‭ ‬بكيفية‭ ‬التصدي‭ ‬لظاهرة‭ ‬الهجرة‭ ‬غير‭ ‬النظامية‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬دول‭ ‬ضفتي‭ ‬المتوسط‭ ‬وخاصة‭ ‬تونس‭ ‬وإيطاليا‭ ‬فان‭ ‬هذه‭ ‬المذكرة‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬طريقها‭ ‬للتفعيل‭ ‬في‭ ‬محاورها‭ ‬الخمسة‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬شنّج‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬والإتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬هذا‭ ‬التشنّج‭ ‬الذي‭ ‬تعمق‭ ‬أيضا‭ ‬برفض‭ ‬تونس‭ ‬زيارة‭ ‬وفود‭ ‬عن‭ ‬البرلمان‭ ‬والإتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬وإرجاع‭ ‬منحة‭ ‬60‭ ‬مليون‭ ‬أورو‭ ‬كانت‭ ‬مخصصة‭ ‬للتخفيف‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭.‬

في‭ ‬المقابل‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬السلطات‭ ‬الإيطالية‭ ‬تدافع‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المذكرة‭ ‬متشبثة‭ ‬بضرورة‭ ‬تنفيذها‭ ‬وتعميمها‭ ‬مع‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬تتضاعف‭ ‬فيها‭ ‬أعداد‭ ‬المهاجرين‭ ‬غير‭ ‬النظاميين‭ ‬باتجاه‭ ‬السواحل‭ ‬الإيطالية‭ ‬ومنها‭ ‬إلى‭ ‬بقية‭ ‬دول‭ ‬الإتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬لأنها‭ ‬الإطار‭ ‬الأمثل‭ ‬لمعالجة‭ ‬ظاهرة‭ ‬الهجرة‭ ‬غير‭ ‬النظامية‭ ‬والتصدي‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬المنشإ‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬مساعدات‭ ‬اقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬و‭ ‬لوجيستية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬خلق‭ ‬مناخ‭ ‬اقتصادي‭ ‬يستقطب‭ ‬الشباب‭ ‬الذي‭ ‬سيبحث‭ ‬عن‭ ‬مستقبل‭ ‬أفضل‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭  ‬ويثبتهم‭ ‬في‭ ‬بلدانهم‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬قدرات‭ ‬هذه‭ ‬البلدان‭ ‬على‭ ‬التصدي‭ ‬لقوارب‭ ‬الموت‭.‬

ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬تدعم‭ ‬بعض‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬التمشي‭ ‬الإيطالي‭ ‬في‭ ‬ضرورة‭ ‬توجيه‭ ‬الدعم‭ ‬لدول‭ ‬المنشإ‭ ‬التي‭ ‬تخرج‭ ‬منها‭ ‬تدفقات‭ ‬المهاجرين‭ ‬غير‭ ‬النظامية‭ ‬للتوجه‭ ‬لدول‭ ‬العبور‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬تونس‭ ‬التي‭ ‬عرفت‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬توافد‭ ‬أعداد‭ ‬غفيرة‭ ‬من‭ ‬مهاجري‭ ‬دول‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬الإفريقية‭.‬

كما‭ ‬تضمن‭ ‬المذكرة‭ ‬حدا‭ ‬أدنى‭ ‬من‭ ‬المعالجة‭ ‬المتكاملة‭ ‬لظاهرة‭ ‬الهجرة‭ ‬في‭ ‬أبعادها‭ ‬المختلفة‭ ‬و‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬تتشبث‭ ‬به‭ ‬تونس‭ ‬كتوجه‭ ‬عام‭ ‬للتصدي‭ ‬لتفاقم‭ ‬الظاهرة‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬دعم‭ ‬دول‭ ‬جنوب‭ ‬المتوسط‭ ‬وعدم‭ ‬الاقتصار‭ ‬على‭ ‬المقاربة‭ ‬الأمنية‭ ‬فقط‭. ‬

ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬أكدت‭ ‬رئيسة‭ ‬الحكومة‭ ‬الايطالية‭ ‬على‭ ‬مسألة‭ ‬دعم‭ ‬وتنفيذ‭ ‬مذكرة‭ ‬التفاهم‭ ‬المبرمة‭ ‬مع‭ ‬تونس‭ ‬حول‭ ‬الهجرة‭ ‬كاملة‭  ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬أوروبا‭ ‬الذي‭ ‬انعقد‭ ‬أمس‭ ‬مضيفة‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الحصول‭  ‬على‭ ‬دعم‭ ‬سلطات‭ ‬البلدان‭ ‬الأفريقية‭ ‬لهذا‭ ‬النهج،‭ ‬وهناك‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬الوتيرة‭  ‬مؤكدة‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬اوضع‭ ‬النهج‭ ‬العدائي‭ ‬جانبًاب‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬انه‭  ‬اغالبًا‭ ‬ما‭ ‬ميز‭ ‬هذه‭ ‬العلاقةب‭.‬

وفي‭ ‬نفس‭ ‬الإطار‭ ‬نقلت‭ ‬وسائل‭ ‬إعلام‭ ‬إيطالية‭ ‬عن‭ ‬ميلوني‭ ‬تشديدها‭ ‬أمام‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬الايطالي‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬االكف‭ ‬عن‭ ‬اتباع‭ ‬سياسة‭ ‬الأبواب‭ ‬المفتوحة‭ ‬أمام‭ ‬المهاجرين‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬ازدياد‭ ‬خطر‭ ‬التهديد‭ ‬الإرهابيب‭ ‬مذكرة‭ ‬بـاالعمل‭ ‬المتواصل‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬حكومتها‭ ‬منذ‭ ‬يوم‭ ‬تنصيبها‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الأوروبي‭ ‬والدولي‭ ‬للتوصل‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬جدي‭ ‬ونهائي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬إدارة‭ ‬ملف‭ ‬الهجرةب‭.‬

و‭ ‬قالت‭ ‬الا‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الأبواب‭ ‬المفتوحة‭ ‬وإعادة‭ ‬التوزيع،‭ ‬بل‭ ‬حماية‭ ‬الحدود‭ ‬الخارجية،‭ ‬مكافحة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬بلا‭ ‬هوادة،‭ ‬إبرام‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬ثالثة،‭ ‬وفتح‭ ‬قنوات‭ ‬قانونية‭ ‬للاجئين‭ ‬وتحديد‭ ‬حصص‭ ‬المهاجرين‭ ‬النظاميين‭ ‬المتوافقة‭ ‬مع‭ ‬احتياجات‭ ‬نظامنا‭ ‬الاقتصاديب‭.‬

  ‬وكانت‭ ‬تونس‭ ‬قد‭ ‬وقّعت‭ ‬يوم‭ ‬16‭ ‬جويلية‭ ‬الماضي‭ ‬على‭ ‬مذكرة‭ ‬تفاهم‭ ‬وشراكة‭ ‬شاملة‭ ‬مع‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬وقد‭ ‬تركزت‭ ‬المذكرة‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الهجرة‭ ‬على‭ ‬محاور‭ ‬الاقتصاد‭ ‬ومجالات‭ ‬الزراعة‭ ‬والتجارة‭ ‬والطاقة‭ ‬والانتقال‭ ‬الرقمي‭.‬

وللتذكير‭ ‬فإن‭ ‬مذكرة‭ ‬التفاهم‭ ‬تتضمن‭ ‬خمسة‭ ‬محاور‭ ‬كبرى‭ ‬يعنى‭ ‬أولها‭ ‬بالتقارب‭ ‬بين‭ ‬الشعوب،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خلق‭ ‬فرص‭ ‬للشباب‭ ‬التونسي‭ ‬ضمن‭ ‬برنامج‭ ‬خاص‭ ‬بالشباب‭ ‬قيمته‭ ‬10‭ ‬ملايين‭ ‬يورو‭ ‬لدفع‭ ‬التبادلات‭ ‬لنعطي‭ ‬لشباب‭ ‬تونس‭ ‬فرصا‭ ‬للدراسة‭ ‬أو‭ ‬العمل‭ ‬والتدرب‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬وسندعم‭ ‬80‭ ‬مدرسة‭ ‬للانتقال‭ ‬الرقمي‭.‬

أما‭ ‬المحور‭ ‬الثاني‭ ‬فيتعلق‭ ‬بـالتنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لبناء‭ ‬اقتصاد‭ ‬تونسي‭ ‬متين‭ ‬يصمد‭ ‬أمام‭ ‬الصدمات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬المالي‭ ‬ودعم‭ ‬للميزانية‭  ‬فيما‭ ‬خصص‭ ‬المحور‭ ‬الثالث‭ ‬لمجال‭ ‬الاستثمار‭ ‬والتجارة،‭  ‬مع‭ ‬عمل‭  ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭  ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬مناخ‭ ‬الأعمال‭ ‬لجلب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬لتونس،‭ ‬ويخطط‭ ‬لتنظيم‭ ‬منتدى‭ ‬للاستثمار‭ ‬في‭ ‬الخريف‭ ‬القادم‭ ‬لتجميع‭ ‬المستثمرين‭ ‬والمؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬وتنمية‭ ‬السياحة‭ ‬والقطاع‭ ‬الرقمي،‭ ‬وسيرصد‭ ‬ما‭ ‬قيمته‭ ‬350‭ ‬مليون‭ ‬يورو‭ ‬لهذا‭ ‬الغرض‭.‬

كما‭ ‬سيركز‭ ‬المحور‭ ‬الرابع‭  ‬على‭  ‬تطوير‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقات‭ ‬المتجددة‭ ‬وتزويد‭ ‬تونس‭ ‬بالتكنولوجيا‭ ‬الضرورية،‭ ‬وسيتم‭ ‬رصد‭ ‬300‭ ‬مليون‭ ‬يورو‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬أما‭ ‬المحور‭ ‬الخامس‭ ‬فيتعلق‭ ‬بالهجرة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ضرب‭ ‬الشبكات‭ ‬الإجرامية‭ ‬التي‭ ‬تستغل‭ ‬بؤس‭ ‬الإنسان،‭ ‬وذلك‭ ‬بتعميق‭ ‬الشراكة‭ ‬ودفع‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬والنجدة‭ ‬وإدارة‭ ‬الحدود‭ ‬ومجابهة‭ ‬تهريب‭ ‬المواطنين،‭ ‬وسيخصص‭ ‬لذلك‭ ‬100‭ ‬مليون‭ ‬يورو‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

دعوة لبعث مجلس السيادة الغذائية : ضمانة ديمومة المنظومات الإنتاجية والحدّ من التبعية الغذائية

كشفت أزمة جائحة كورونا والحرب الروسية -الأوكرانية عن هشاشة منظومات الإنتاج المحلية في تونس…