2023-10-27

المتاجرون بالقضية أردوغــان نموذجــا..!

طبعا‭ ‬التضامن‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬المظلمة‭ ‬التي‭ ‬يتعرضون‭ ‬لها‭ ‬اليوم‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬خلاف‭ ‬فيه‭ ‬إلا‭ ‬مع‭ ‬من‭ ‬عمت‭ ‬بصيرته‭ ‬ومات‭ ‬ضميره‭ ‬فيكفي‭ ‬ان‭ ‬نقلّب‭ ‬الصور‭ ‬ونقرأ‭ ‬الأرقام‭ ‬حتى‭ ‬ندرك‭ ‬حجم‭ ‬الجريمة‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬الاحتلال‭ ‬ضد‭ ‬شعب‭ ‬لم‭ ‬يكف‭ ‬جلاده‭ ‬سلبه‭ ‬أرضه‭ ‬بل‭ ‬تمادى‭ ‬لسلبه‭ ‬روحه‭..‬

لكن‭ ‬هذا‭ ‬التضامن‭ ‬مع‭ ‬الغزاويين‭ ‬ومع‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يجعلنا‭ ‬ننسى‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬البعض‭ ‬بهم‭ ‬وهو‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬النادبين،‭ ‬مستمرا‭ ‬في‭ ‬المتاجرة‭ ‬بآلام‭ ‬شعب‭ ‬لم‭ ‬يبق‭ ‬له‭ ‬سوى‭ ‬الصمود‭.‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬لافتا‭ ‬في‭ ‬الساعات‭ ‬الأخيرة‭ ‬اللهجة‭ ‬التصعيدية‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬بها‭ ‬الرئيس‭ ‬التركي‭ ‬رجب‭ ‬طيب‭ ‬اردوغان‭ ‬الذي‭ ‬ظل‭ ‬طيلة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أسبوعين‭ ‬يتحلى‭ ‬بالرصانة‭ ‬والاعتدال‭ ‬في‭ ‬مواقفه‭ ‬داعيا‭ ‬الى‭ ‬التهدئة‭ ‬والعودة‭ ‬لمفاوضات‭ ‬السلام‭.‬

فاجأ‭ ‬الرئيس‭ ‬رجب‭ ‬طيب‭ ‬اردوغان‭ ‬الجميع‭ ‬خلال‭ ‬الساعات‭ ‬الأخيرة‭ ‬بانعطافة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬متوقعة‭ ‬حتى‭ ‬لاقرب‭ ‬حلفائه‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬أعلنت‭ ‬انقرة‭ ‬الغاءه‭ ‬لزيارة‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬ان‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬الى‭ ‬تل‭ ‬ابيب‭ ‬مع‭ ‬وقف‭ ‬العمل‭ ‬بالشراكة‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬نقل‭ ‬الغاز‭.‬

والأربعاء‭ ‬بدا‭ ‬اردوغان‭ ‬حازما‭ ‬وشديدا‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬المجموعة‭ ‬البرلمانية‭ ‬لحزب‭ ‬العدالة‭ ‬والتنمية‭ ‬وهو‭ ‬ينتقد‭ ‬اسرائيل،‭ ‬مشدّداً‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬احماس‭ ‬ليست‭ ‬منظمة‭ ‬إرهابية،‭ ‬بل‭ ‬حركة‭ ‬مقاومةب‭ ‬ليردّ‭ ‬عليه‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ليئور‭ ‬حيات‭ ‬قائلاً‭ ‬اإن‭ ‬بلاده‭ ‬ترفض‭ ‬كلام‭ ‬الرئيس‭ ‬أردوغانب،‭ ‬وأن‭ ‬احماس‭ ‬منظمة‭ ‬إرهابية‭ ‬حقيرة‭ ‬أسوأ‭ ‬من‭ ‬داعشب‭.‬

كما‭ ‬أعلن‭ ‬أردوغان‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬أنه‭ ‬ألغى‭ ‬امشروع‭ ‬زيارة‭ ‬إسرائيلب،‭ ‬متّهماً‭ ‬إياها‭ ‬ابقتل‭ ‬الأطفالب‭ ‬وقائلاً‭ ‬إن‭ ‬أنقرة‭ ‬لن‭ ‬تسمح‭ ‬بذلك‭. ‬

وبعد‭ ‬مدّة‭ ‬وجيزة‭ ‬من‭ ‬توجيه‭ ‬أردوغان‭ ‬انتقادات‭ ‬لاذعة‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬أعلنت‭ ‬تركيا‭ ‬تعليق‭ ‬أنشطة‭ ‬التنقيب‭ ‬عن‭ ‬الغاز‭ ‬في‭ ‬تركيا‭ ‬وأعمال‭ ‬مد‭ ‬خطوط‭ ‬أنابيب‭ ‬نقل‭ ‬الغاز‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬شرق‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭.‬

كما‭ ‬ألغى‭ ‬وزير‭ ‬الطاقة‭ ‬والموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬التركي‭ ‬قلب‭ ‬أرسلان‭ ‬بيرقدار،‭ ‬زيارته‭ ‬المقرّرة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بهدف‭ ‬إجراء‭ ‬محادثات‭ ‬ثنائية‭ ‬حول‭ ‬أنشطة‭ ‬التنقيب‭ ‬وخطوط‭ ‬الأنابيب‭ ‬المذكورة‭.‬

قد‭ ‬يبدو‭ ‬موقف‭ ‬اردوغان‭ ‬انتصارا‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ووفاء‭ ‬لادبيات‭ ‬الرجل‭ ‬المحافظ‭ ‬الذي‭ ‬يشارك‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬الإسلامية‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الرؤى‭ ‬والأفكار‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬التقييم‭ ‬للاستدارة‭ ‬الاردوغانية‭ ‬سيبدو‭ ‬مجانبا‭ ‬للحقيقة‭ ‬لعدة‭ ‬اعتبارات‭ ‬فالرئيس‭ ‬التركي‭ ‬الذي‭ ‬خرج‭ ‬قبل‭ ‬اشهر‭ ‬من‭ ‬معركة‭ ‬انتخابية‭ ‬حامية‭ ‬الوطيس‭ ‬مقبل‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬القادمة‭ ‬على‭ ‬معركة‭ ‬انتخابية‭ ‬جديدة‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬الأولى‭ ‬أهمية‭ ‬اذ‭ ‬يواجه‭ ‬منافسة‭ ‬شديدة‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬البلدية‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يرجح‭ ‬البعض‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬حدة‭ ‬خطابه‭ ‬من‭ ‬تل‭ ‬ابيب‭.‬

لكن‭ ‬الشأن‭ ‬المحلي‭ ‬لا‭ ‬يبدو‭ ‬السبب‭ ‬الأول‭ ‬لاستدارة‭ ‬اردوغان‭ ‬الذي‭ ‬تجمعه‭ ‬بتل‭ ‬ابيب‭ ‬علاقات‭ ‬اقتصادية‭ ‬قوية‭ ‬تكذّب‭ ‬كل‭ ‬حديث‭ ‬عن‭ ‬خلاف‭ ‬محتمل‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭.‬

لقد‭ ‬جعلت‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭ ‬اردوغان‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬تعود‭ ‬ان‭ ‬يلعب‭ ‬دورا‭ ‬محوريا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أزمات‭ ‬المنطقة‭ ‬خارج‭ ‬حسابات‭ ‬الخصوم‭ ‬والحلفاء‭ ‬وكان‭ ‬جليا‭ ‬غياب‭ ‬تركيا‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬الحراك‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬والمفاوضات‭ ‬لايجاد‭ ‬حل‭ ‬للصراع‭ ‬الحالي‭.‬

وعلى‭ ‬عكس‭ ‬أزمات‭ ‬سابقة‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لتركيا‭ ‬أي‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬الحالي‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬الاسرى‭ ‬الذي‭ ‬استأثرت‭ ‬به‭ ‬قطر‭ ‬بدرجة‭ ‬أولى‭ ‬ثم‭ ‬مصر‭ ‬بدرجة‭ ‬ثانية‭ ‬او‭ ‬في‭ ‬الزيارات‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬القادة‭ ‬الغربيون‭ ‬للعدة‭ ‬عواصم‭ ‬بالمنطقة‭.‬

ان‭ ‬موقف‭ ‬أردوغان‭ ‬المنحاز‭ ‬اليوم‭ ‬الى‭ ‬فلسطين‭ ‬وحماس‭ ‬تحديدا‭ ‬ليس‭ ‬سوى‭ ‬محاولة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬يجيد‭ ‬التمعش‭ ‬من‭ ‬الازمات‭ ‬للرد‭ ‬على‭ ‬اللامبالاة‭ ‬الغربية‭ ‬حياله‭.‬

اليوم‭ ‬يحاول‭ ‬اردوغان‭ ‬ان‭ ‬يلعب‭ ‬ورقة‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬تركيا‭ ‬خارج‭ ‬أي‭ ‬تسوية‭ ‬او‭ ‬معادلة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وحتى‭ ‬تظل‭ ‬الرقم‭ ‬الصعب‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاوزه‭ ‬والدولة‭ ‬التي‭ ‬عبرها‭ ‬تمر‭ ‬كل‭ ‬الحلول‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

مع الأحداث : حتّى لا تسقط سوريا كما سقط الأسد..

حتى قبل دخول دمشق وإعلان مغادرته لسوريا كان هناك إجماع وشبه يقين لدى السوريين ولدى كل من ي…