المتاجرون بالقضية أردوغــان نموذجــا..!
طبعا التضامن مع الفلسطينيين في المظلمة التي يتعرضون لها اليوم أمر لا خلاف فيه إلا مع من عمت بصيرته ومات ضميره فيكفي ان نقلّب الصور ونقرأ الأرقام حتى ندرك حجم الجريمة التي يرتكبها الاحتلال ضد شعب لم يكف جلاده سلبه أرضه بل تمادى لسلبه روحه..
لكن هذا التضامن مع الغزاويين ومع الفلسطينيين لا يجب ان يجعلنا ننسى ما فعله البعض بهم وهو اليوم من بين النادبين، مستمرا في المتاجرة بآلام شعب لم يبق له سوى الصمود.
لقد كان لافتا في الساعات الأخيرة اللهجة التصعيدية التي تحدث بها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الذي ظل طيلة أكثر من أسبوعين يتحلى بالرصانة والاعتدال في مواقفه داعيا الى التهدئة والعودة لمفاوضات السلام.
فاجأ الرئيس رجب طيب اردوغان الجميع خلال الساعات الأخيرة بانعطافة لم تكن متوقعة حتى لاقرب حلفائه بعد ان أعلنت انقرة الغاءه لزيارة كان من المفترض ان يقوم بها الى تل ابيب مع وقف العمل بالشراكة في مشاريع نقل الغاز.
والأربعاء بدا اردوغان حازما وشديدا في خطابه في اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية وهو ينتقد اسرائيل، مشدّداً على أن احماس ليست منظمة إرهابية، بل حركة مقاومةب ليردّ عليه المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية ليئور حيات قائلاً اإن بلاده ترفض كلام الرئيس أردوغانب، وأن احماس منظمة إرهابية حقيرة أسوأ من داعشب.
كما أعلن أردوغان في خطابه أنه ألغى امشروع زيارة إسرائيلب، متّهماً إياها ابقتل الأطفالب وقائلاً إن أنقرة لن تسمح بذلك.
وبعد مدّة وجيزة من توجيه أردوغان انتقادات لاذعة لإسرائيل، أعلنت تركيا تعليق أنشطة التنقيب عن الغاز في تركيا وأعمال مد خطوط أنابيب نقل الغاز مع إسرائيل في شرق البحر الأبيض المتوسط.
كما ألغى وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي قلب أرسلان بيرقدار، زيارته المقرّرة لإسرائيل بهدف إجراء محادثات ثنائية حول أنشطة التنقيب وخطوط الأنابيب المذكورة.
قد يبدو موقف اردوغان انتصارا للقضية الفلسطينية ووفاء لادبيات الرجل المحافظ الذي يشارك حركة حماس الإسلامية الكثير من الرؤى والأفكار لكن هذا التقييم للاستدارة الاردوغانية سيبدو مجانبا للحقيقة لعدة اعتبارات فالرئيس التركي الذي خرج قبل اشهر من معركة انتخابية حامية الوطيس مقبل خلال الفترة القادمة على معركة انتخابية جديدة لا تقل عن الأولى أهمية اذ يواجه منافسة شديدة في الانتخابات البلدية وهو ما يرجح البعض ان يكون السبب في تغيير حدة خطابه من تل ابيب.
لكن الشأن المحلي لا يبدو السبب الأول لاستدارة اردوغان الذي تجمعه بتل ابيب علاقات اقتصادية قوية تكذّب كل حديث عن خلاف محتمل بين البلدين.
لقد جعلت حرب غزة اردوغان الرجل الذي تعود ان يلعب دورا محوريا في كل أزمات المنطقة خارج حسابات الخصوم والحلفاء وكان جليا غياب تركيا عن كل الحراك الدبلوماسي والمفاوضات لايجاد حل للصراع الحالي.
وعلى عكس أزمات سابقة لم يكن لتركيا أي دور في الصراع الحالي سواء في ملف الاسرى الذي استأثرت به قطر بدرجة أولى ثم مصر بدرجة ثانية او في الزيارات التي قام بها القادة الغربيون للعدة عواصم بالمنطقة.
ان موقف أردوغان المنحاز اليوم الى فلسطين وحماس تحديدا ليس سوى محاولة جديدة من الرجل الذي يجيد التمعش من الازمات للرد على اللامبالاة الغربية حياله.
اليوم يحاول اردوغان ان يلعب ورقة المقاومة الفلسطينية حتى لا تكون تركيا خارج أي تسوية او معادلة في المنطقة وحتى تظل الرقم الصعب الذي لا يمكن تجاوزه والدولة التي عبرها تمر كل الحلول.
مع الأحداث : حتّى لا تسقط سوريا كما سقط الأسد..
حتى قبل دخول دمشق وإعلان مغادرته لسوريا كان هناك إجماع وشبه يقين لدى السوريين ولدى كل من ي…