أساتذة في الإعلام والاتصال لـ«الصحافة اليوم»: التعاطي الإعلامي الغربي متواطئ مع الجريمة الصهيونية
تعتبر الحرب الإعلامية سلاحا أساسيا في يد الدول خلال الحروب، ولذلك استعملت دولة الاحتلال الاسرائيلي منذ بدء العدوان على غزة، ومن ورائها الاعلام الغربي كل أساليب المغالطة الإخبارية والإعلامية في التناول الإعلامي للتطورات على ارض الميدان دون ان تراعي أبسط القواعد المهنية في ممارسة العمل الإعلامي.
الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة.. هي العنوان الرئيسي لكافة تغطية القنوات الاخبارية في الغرب وفي الولايات المتحدة الأمريكية، من اجل تهيئة الرأي العام العالمي لدعم المواقف والمخططات الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة.
وقد اختزلت تغطيات أوروبية وغربية تطوّرات عملية اطوفان الأقصىب التي انطلقت منذ 7 أكتوبر الجاري بإلحاق وصمة االإرهابب بالتطوّرات واستبعاد مفهوم المقاومة أو حركة التحرّر عنها. وتم استعمال مصطلحات في الرواية الإخبارية تغذي هذا التحيُّز بدءا من تعبير اهجوم حماس المتشددة/الإرهابيةب، بينما نُزِع وصف الاحتلال عن جيشه، وغابت أوصاف العدوان أو جرائم الحرب عمّا يقترفه بحق المدنيين من أعمال قتل متواصلة.
كما كشف التناول أيضًا عن انحياز الإعلام البريطاني، الأمريكي والفرنسي للجانب الإسرائيلي، من خلال تناول أخبار القتلى والأسرى والقصص الإنسانية للإسرائيليين دون الفلسطينيين. واللافت هنا هو أن صحفًا بريطانية، نقلت ادعاءات اسرائيل بأن احماس قتلت 40 طفلًاب ووضعته في عناوين رئيسية، دون أي دليل أو صورة أو مقطع فيديو أو حتى تأكيد رسمي من جانب جيش الاحتلال.
أما الرئيس الأمريكي جو بايدن فقد روّج رواية غير حقيقية أمام الشعب الأميركي والإعلام العالمي، حيث قال إنه رأى لقطات مؤكدة لمقاتلي حماس (الذين وصفهم بالإرهابيين) وهم يقطعون رؤوس الأطفال. وقد نفى بعد ذلك مسؤولان من البيت الأبيض أن يكون بايدن قد شاهد تقارير أو صورا مؤكدة. وهذا ما يصنف في خانة التضليل الإعلامي.
في هذا السياق سعت وسائل الاعلام العربية الى حد ما، الى اعتماد التوازن والموضوعية والتنوع في المصادر والبرامج الحوارية وتقديم مختلف الروايات والسياقات التي تندرج فيها الحرب.
حرب اعلامية نفسية
وفي قراءة لهذا التناول الغربي، بينت أستاذة الاعلام والاتصال بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار سلوى الشرفي بأنه في معظم الحروب التي عرفتها البشرية في العقود الأخيرة، كانت هناك حرب بالسلاح وحرب أخرى بالكلمات، فالكلمة هي القوة الناعمة، وكلاهما يقتل…
ولفتت سلوى الشرفي في تصريحها لـاالصحافة اليومب بأن الأمر الخطير والذي ينبغي الانتباه له وعدم الانصياع له وترديده هو ما تروّجه وسائل الاعلام الغربية من تشبيه ما حدث يوم السابع من أكتوبر بما حدث يوم 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة. وخلط المفاهيم بين الإرهاب وحركات الكفاح المسلح لتحرير الأراضي المحتلة وفقا للمواثيق الدولية.
وحول هذه النقطة، اعتبرت الشرفي بأن اهذه الممارسات من الاعلام الغربي المتعلقة بالتضليل وعدم التوازن وتقديم معلومات خاطئة ليست ممارسات جديدة الا ان تداعياتها خطيرة جدا تصل الى حد الكراهية بين الشعوب: فمن غير المعقول ان يكذب رئيس الولايات المتحدة الامريكيةب.
ودعت سلوى الشرفي الى فضح الممارسات الإعلامية اللامهنية واللاأخلاقية من طرف المختصين والباحثين في البروباغندا وتقنيات التضليل الإعلامي باعتبار ان هناك اشياء لا يتفطن اليها المواطن كمتلق عادي للمحتوى الإعلامي، على غرار اعتماد رواية مثلا ان مصر مجرمة لانها دولة لا تريد ان تفتح اراضيها للفلسطينيين االغزاوينب، والحال ان هذا الطرح يمثل نصف الحقيقة، لان السؤال الأساسي هو من الذي أوصل الفلسطينيين الى حدود مصر، يعني هذه المقاربة هي دعاية رمادية فهي كلمة حق اريد بها باطل.
أما التقنية الثانية التي يستعملها الاعلام الغربي حسب توضيح الأستاذة سلوى الشرفي فهي تتمثل في انتزاع الحدث من خلفيته التاريخية وهي تقنية خطيرة لأن الاخبار والبرامج الحوارية لا تقدم طرحا حول فلسطين بأنها ارض محتلة.وهذا ما يستدعي من وسائل الاعلام حتمية توعية الجمهور واشباع المتلقي بالحوارات والبرامج الوثائقية والحوارية والتقارير التفسيرية.
ولاحظت في هذا الاطار ان اعتذار بي بي سي عن تناولها الخاطئ للأحداث يدخل في اطار المصداقية التي تريد ان تحافظ عليها امام جمهورها، الا ان هذا غير كاف..
أما على مستوى الاعلام التونسي فذكرت سلوى الشرفي بان هناك نقصا في التغطية الإخبارية والتحليلية للحرب على غزة وعملية اطوفان الأقصىب لان المتلقي التونسي ينتظر ان يفهم ما يحصل باعتماد سردية تونسية، عبر نقل الحقيقة على الميدان والتحاليل في البرامج الإخبارية.
وثمّنت الشرفي، مبادرة نقابة الصحفيين بإعلان احالة الطوارئ الإعلاميةب، بهدف التصدي للأخبار المضللة داعية وسائل الاعلام التونسية الى وضع تصور خاص بالتغطية الاستثنائية للحرب على غزة.
البعد التفسيري
ويرى من جانبه أستاذ الاعلام صلاح الدين الدريدي بأن ممارسات الاعلام الغربي ليست جديدة في تناولها السلبي لقضايا العرب والمسلمين مقابل التناول الاعلامي الايجابي الأعمى لنصرة اسرائيل.
وتابع الدريدي: الأدلة موجودة، فمنذ نشأة دولة اسرائيل، تمت مناصرة اسرائيل في السينما وفي كل المحامل الاعلامية والاتصالية وحتى في التشريعات الاوروبية التي تنص على عدم انتقاد اسرائيل واعتبار هذا الامر معاداة للسامية.
وأوضح صلاح الدين الدريدي في تصريحه لـاالصحافة اليومب ان ازمة الحرب على غزة كانت فرصة لفضح هذه الممارسات مثلما كان الأمر في حروب 1948 و1967 و1973.
اما عن السردية الاعلامية العربية فقد ابرز محدثنا ان اغلب الدول العربية ليست على ارض المعركة التي تتطلب اعتماد اعلام حربي والذي تختص به مصر على سبيل المثال، نظرا لحروبها الطويلة مع اسرائيل وهذا النوع من الاعلام يقوم على التشجيع ورفع المعنويات والدعاية والحرب النفسية.
ولفت الدريدي الى ان الاعلام العربي مطلوب منه الموضوعية في تناول الحرب مع التركيز على البعد التفسيري حول اسباب قيام حماس بعملية اطوفان الاقصىب والاهداف التكتيكية منها وهل توقعت حماس ان تؤول الامور الى مسألة التهجير…مشيرا في ذات الاطار الى ان المسألة الفلسطينية متعددة الرؤى وتتطلب العودة الى التاريخ والى المحطات الرئيسية.
ولاحظ الدريدي ان الإعلام العربي والإعلام التونسي مازالت تحكمه العاطفة في التناول الاعلامي للحرب على غزة بسبب نقص التجربة والثقافة من جهة وتغييب المختصين والخبراء في تحليل الأبعاد الاقليمية والدولية من جهة اخرى وخاصة طرح الرهانات الاستراتيجية من الحرب الحالية.
غدا الاثنين وفي جلسة عامة مشتركة : قانون المالية والميزانية تحت مجهر المجلسين…
ينطلق يوم غد الاثنين الجزء الثاني من الجلسة العامة المشتركة لأعضاء مجلس نواب الشعب وأعضاء …