2023-10-24

بسبب انتصار تونس للحق الإنساني في فلسطين.. «المانحون» يحاصرون المجتمع المدني

علّق‭ ‬قسم‭ ‬التكوين‭ ‬بالاتحاد‭ ‬العام‭ ‬التونسي‭ ‬للشغل‭ ‬جميع‭ ‬أنشطته‭ ‬مع‭ ‬منظمة‭ ‬فريدريش‭ ‬ايبرت‭ ‬الألمانية‭ ‬منذ‭ ‬انطلاقة‭ ‬ملحمة‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭ ‬ونفس‭ ‬الأمر‭ ‬حصل‭ ‬مع‭ ‬جمعية‭ ‬نشاز‭ ‬الشبابية‭ ‬التي‭ ‬تموّل‭ ‬مؤسسة‭ ‬روزا‭ ‬لكسمبورغ‭ ‬الألمانية‭ ‬أيضا‭ ‬أغلب‭ ‬أنشطتها،‭ ‬وبدورها‭ ‬تلقّت‭ ‬الجمعية‭ ‬التونسية‭ ‬للنساء‭ ‬الديمقراطيات‭ ‬تهديدا‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬بريطانية‭ ‬بوقف‭ ‬الدعم‭ ‬المؤسسي‭ ‬لها‭ ‬والسبب‭ ‬الانتصار‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وإدانة‭ ‬جرائم‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬مثلما‭ ‬تقتضيه‭ ‬الشرائع‭ ‬والأعراف‭ ‬والقوانين‭ ‬الدولية،‭ ‬بل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بلغ‭ ‬الأمر‭ ‬بالشبكة‭ ‬العالمية‭ ‬للنوادي‭ ‬الطلابية‭ ‬المعنية‭ ‬بمقاومة‭ ‬الفقر‭ ‬ومعالجة‭ ‬قضايا‭ ‬البيئة‭ ‬ZERO exclusion carbon poverty‭ ‬تحذير‭ ‬الفرع‭ ‬الطلابي‭ ‬بمعهد‭ ‬الدراسات‭ ‬العليا‭ ‬بقرطاج‭.. !‬

ومن‭ ‬المرجّح‭ ‬أن‭ ‬تتسع‭ ‬دائرة‭ ‬الحصار‭ ‬في‭ ‬قادم‭ ‬الأيام‭ ‬مع‭ ‬تصاعد‭ ‬نسق‭ ‬الانخراط‭ ‬المدني‭ ‬والسياسي‭ ‬الشعبي‭ ‬والرسمي‭ ‬في‭ ‬مساندة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وهو‭ ‬اختبار‭ ‬مهم‭ ‬لحوالي‭ ‬24‭ ‬ألف‭ ‬جمعية‭ ‬اليوم‭ ‬وفق‭ ‬آخر‭ ‬تحديث‭ ‬عن‭ ‬مركز‭ ‬الإعلام‭ ‬والتكوين‭ ‬والدراسات‭ ‬والتوثيق،‭ ‬مقابل‭ ‬9600‭ ‬جمعية‭ ‬عام‭ ‬2011‭  ‬نتيجة‭ ‬المرونة‭ ‬التي‭ ‬ميزت‭ ‬المرسوم‭ ‬عدد‭ ‬88‭ ‬الذي‭ ‬عوض‭ ‬قانون‭ ‬الجمعيات‭ ‬القديم‭ ‬فحصل‭ ‬الانفلات‭ ‬في‭ ‬التأسيس‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬التمويل‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬اكرمب‭ ‬المانحين‭ ‬الدوليين‭ ‬وضعف‭ ‬الدولة‭ ‬وتورط‭ ‬منظومات‭ ‬الحكم‭ ‬المتعاقبة‭ ‬في‭ ‬التمويل‭ ‬المشبوه‭.‬

ويعلم‭ ‬الجميع‭ ‬ان‭ ‬منظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬والمنطقة‭ ‬والعالم‭ ‬تعيش‭ ‬للأسف‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬الغربي‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬الدعم‭ ‬العربي‭ ‬والتمويل‭ ‬العمومي‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬ويعلم‭ ‬الجميع‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬أموالا‭ ‬كثيرة‭ ‬وقع‭ ‬ضخّها‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬بعد‭ ‬ملحمة‭ ‬14‭ ‬جانفي‭ ‬2011‭ ‬غير‭ ‬المكتملة‭ ‬ونفس‭ ‬الأمر‭ ‬حصل‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الشقيقة‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬بنفس‭ ‬التجربة‭ ‬لكن‭ ‬حصاد‭ ‬هذه‭ ‬التمويلات‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مجديا‭ ‬ولم‭ ‬يساهم‭ ‬لا‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الديمقراطية‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬ديمقراطيين‭ ‬مع‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬التنسيب‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬وكانت‭ ‬النتيجة‭ ‬للأسف‭ ‬أن‭ ‬رهنت‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الجمعيات‭ ‬والمنظمات‭ ‬والنقابات‭ ‬والأحزاب‭ ‬كذلك‭ ‬بصفة‭ ‬غير‭ ‬مباشرة،‭ ‬رهنت‭ ‬نفسها‭ ‬بالتمويل‭ ‬الأجنبي‭. ‬

اليوم‭ ‬وصل‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬إلى‭ ‬نهاية‭ ‬الطريق‭ ‬ووجد‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬المانحين‭ ‬الدوليين‭ ‬الذين‭ ‬قد‭ ‬يذهبون‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬وتمويل‭ ‬بعض‭ ‬الأنشطة‭ ‬تحت‭ ‬يافطة‭ ‬الحقوق‭ ‬والحريات‭ ‬والديمقراطية‭ ‬والتداول‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬بلداننا‭ ‬والنهوض‭ ‬بأوضاع‭ ‬المرأة‭ ‬والطفولة‭ ‬وذوي‭ ‬الأوضاع‭ ‬الخاصة،‭ ‬لكن‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬تسقط‭ ‬الأقنعة‭ ‬ويصبح‭ ‬المال‭ ‬االحلالب‭ ‬مالا‭ ‬احراماب‭ ‬على‭ ‬مجتمعنا‭ ‬المدني‭. ‬

وقد‭ ‬استشعرت‭ ‬بعض‭ ‬مكونات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬كما‭ ‬اسلفنا‭ ‬هذا‭ ‬الخطر‭ ‬عندما‭ ‬تفاعلت‭ ‬مع‭ ‬انطلاقة‭ ‬ملحمة‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬المحتلة‭ ‬يوم‭ ‬7‭ ‬اكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬ولم‭ ‬يقع‭ ‬أغلب‭ ‬الطيف‭ ‬المدني‭ ‬في‭ ‬فخ‭ ‬الولاء‭ ‬لصاحب‭ ‬الفضل‭ ‬المالي‭ ‬لذلك‭ ‬كانت‭ ‬المواقف‭ ‬المشرّفة‭ ‬وكان‭ ‬الاندفاع‭ ‬نحو‭ ‬الشارع‭ ‬والساحات‭ ‬سريعا‭ ‬ثم‭ ‬تلته‭ ‬أعمال‭ ‬مساندة‭ ‬للمقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬شملت‭ ‬جمع‭ ‬المساعدات‭ ‬والتبرع‭ ‬بالدم‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ابتكار‭ ‬أشكال‭ ‬إبداعية‭ ‬ثقافية‭ ‬فكرية‭ ‬وسياسية‭ ‬سيكون‭ ‬لها‭ ‬عميق‭ ‬الأثر‭ ‬على‭ ‬مجريات‭ ‬الأحداث‭.‬

وبالتزامن‭ ‬مع‭ ‬رفض‭ ‬بلادنا‭ ‬لمنحة‭ ‬مُقرّة‭ ‬سلفا‭ ‬زمن‭ ‬جائحة‭ ‬الكوفيد‭ ‬استغلها‭ ‬شريكنا‭ ‬الأوروبي‭ ‬لابتزازنا‭ ‬ومعايرتنا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الظرف‭ ‬الدقيق‭ ‬لتعطيل‭ ‬الاتفاق‭ ‬الذي‭ ‬وصلنا‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بالهجرة‭ ‬غير‭ ‬النظامية،‭ ‬بدأت‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬المانحة‭ ‬بدورها‭ ‬في‭ ‬الابتزاز‭ ‬والضغط‭ ‬على‭ ‬الجمعيات‭ ‬والمنظمات‭ ‬والنقابات‭ ‬التونسية‭ ‬وأول‭ ‬الغيث‭ ‬قطر‭ ‬مع‭ ‬الجمعية‭ ‬التونسية‭ ‬للنساء‭ ‬الديمقراطيات‭ ‬التي‭ ‬أبلغتها‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬المنظمات‭ ‬الداعمة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬المؤسسي‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬التحديات‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬المدني‭ ‬بأن‭ ‬الجمعية‭ ‬حادت‭ ‬عن‭ ‬أهدافها‭ ‬وبالتالي‭ ‬يصعب‭ ‬مواصلة‭ ‬منحها‭ ‬المال‭ ‬ونفس‭ ‬الأمر‭ ‬حصل‭ ‬مع‭ ‬منظمات‭ ‬شبابية‭ ‬عديدة‭ ‬تأسست‭ ‬في‭ ‬طفرة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬2011‭.‬

هي‭ ‬أزمة‭ ‬ظرفية‭ ‬في‭ ‬اعتقادنا‭ ‬لان‭ ‬المانحين‭ ‬الدوليين‭ ‬ليس‭ ‬بمقدورهم‭ ‬الابتعاد‭ ‬عنا‭ ‬ليس‭ ‬حبا‭ ‬فينا‭ ‬وإنما‭ ‬خدمة‭ ‬لحساباتهم‭ ‬الخاصة،‭ ‬وبشيء‭ ‬من‭ ‬المقاومة‭ ‬والصمود‭ ‬وكذلك‭ ‬من‭ ‬التصعيد‭ ‬مثلما‭ ‬فعل‭ ‬اتحاد‭ ‬الشغل‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬الذي‭ ‬قاطع‭ ‬المانح‭ ‬الألماني‭ ‬أيبرت‭ ‬واحتج‭ ‬لدى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الدولي‭ ‬لنقابات‭ ‬العمال‭ ‬االسيزلب‭ ‬وهدد‭ ‬بالانسحاب‭ ‬منه‭ ‬جراء‭ ‬الموقف‭ ‬المخزي‭ ‬من‭ ‬الاعتداء‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وكذلك‭ ‬موقف‭ ‬الهيئة‭ ‬الوطنية‭ ‬للمحامين‭ ‬التي‭ ‬قاطعت‭ ‬نشاط‭ ‬الاتحاد‭ ‬الدولي‭ ‬وعبرت‭ ‬بدورها‭ ‬عن‭ ‬الاستعداد‭ ‬للانسحاب‭ ‬منها‭.‬

‭ ‬وبحكم‭ ‬وزن‭ ‬الرابطة‭ ‬التونسية‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وكذلك‭ ‬نقابة‭ ‬الصحافيين‭ ‬وغيرهما،‭ ‬ستكون‭ ‬المنظمات‭ ‬المانحة‭ ‬الدولية‭ ‬مطالبة‭ ‬بالحساب‭ ‬والتفكير‭ ‬ألف‭ ‬مرة‭ ‬قبل‭ ‬الإقدام‭ ‬على‭ ‬معاقبة‭ ‬منظماتنا‭ ‬المدنية،‭ ‬فالدعم‭ ‬المالي‭ ‬ليس‭ ‬منّة‭ ‬أو‭ ‬صدقة‭ ‬ولكنه‭ ‬جبر‭ ‬ضرر‭ ‬عن‭ ‬سرقة‭ ‬ثرواتنا‭ ‬واستعمارنا‭ ‬والهيمنة‭ ‬على‭ ‬مقدراتنا‭ ‬وعلى‭ ‬قرار‭ ‬الحكم‭ ‬عندنا‭ ‬كما‭ ‬ان‭ ‬هؤلاء‭ ‬المانحين‭ ‬ودولهم‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لهم‭ ‬تحقيق‭ ‬مصلحتهم‭ ‬الخاصة‭ ‬دون‭ ‬تحقيق‭ ‬المصلحة‭ ‬المشتركة‭ ‬معنا‭ ‬شاؤوا‭ ‬أم‭ ‬أبوا‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

لتحقيق التنمية الاقتصادية، السلم الاجتماعي والإشعاع الدولي : التونسيون بالخارج طرف رئيسي في المعادلة

كشف مدير عام ديوان التونسيين بالخارج خلال شهر مارس الماضي أن عدد الجالية التونسية بالخارج …