مع تواصل ارتفاع درجات الحرارة وانحباس الأمطار : الجفاف يجتاح البلاد ويهدّد الأمن الغذائي..!
تواصل درجات الحرارة تسجيل أرقام مرتفعة خلال الشهر الحالي وشهر سبتمبر الماضي مقارنة بالسنوات الفارطة حيث تراوحت بين 35 و37 درجة ، ووفق ما أفاد به مهندس أول بالمعهد الوطني للرصد الجوي محرز الغنوشي لـ «الصحافة اليوم» فإن عامل ارتفاع درجات الحرارة سيتواصل خلال الأيام المقبلة مع تسجيل انخفاض طفيف اليوم الجمعة وإمكانية نزول بعض الأمطار المتفرقة والضعيفة بمناطق الوسط الغربي وأجزاء من الشمال الشرقي .
واكد الغنوشي أن كميات الأمطار التي من المنتظر تسجيلها عشية اليوم تعتبر ضعيفة جدا مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية حيث سجل شهر أكتوبر 2022 تهاطل كميات قياسية من الأمطار في إطار ما يعرف بغسالة النوادر .
تهديد للأمن الغذائي الوطني
من جهتهم يعيش المزارعون في مختلف ولايات الجمهورية حالة من الترقب آملين في نزول الغيث النافع ، حيث تسبب الانحباس الحراري في تعطل انطلاق موسم الزراعات الكبرى . سلطة الإشراف غيرت استراتيجيتها بايلاء الأولوية لمياه الشرب على حساب بعض الأنشطة الزراعية المستهلكة للماء ، مما دفع المزارعين إلى تقليص المساحات المزروعة وتهريب الأبقار إلى الأقطار المجاورة بسبب الزيادة بنحو 300 دينار للطن الواحد من الأعلاف المركبة .
وقد عبر الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري عن تخوفه من تواصل انحباس الأمطار لاسيما مع بداية موسم البذر، حيث فضل الكثير من المزارعين عدم المجازفة وبذر أراضيهم خوفا من تكبد خسائر إضافية تضاف إلى خسارتهم في المواسم الماضية .
ويرى المختصون في الشأن الفلاحي أن انحباس الأمطار وتأخر موسم البذر من شأنه أن يخلق أزمة في مستوى الأمن الغذائي خاصة وأن البلاد مازالت تتخبط في تداعيات أزمة الحبوب للموسم الماضي حيث لم تتعد صابة الحبوب 2 مليون قنطار مما جعل الدولة تلجأ إلى التوريد المكثّف للحبوب لتلبية حاجياتها الوطنية.
في المقابل فان التعويل الأكثر على التوريد أصبح يثقل كاهل المالية العمومية التي تشكو عجزا متواصلا ، فلم تعد الدولة قادرة على توريد المواد الأساسية مما خلق أزمة تزويد في الأسواق الداخلية وأصبحت معظم المواد الاستهلاكية الأساسية مفقودة .
كما ساهم انحباس الأمطار خلال الأشهر الأخيرة في تراجع مخزون السدود فلأول مرة يصل إلى مستوى 25,4 % ، كما لا تتعدى نسبة امتلاء سد سيدي سالم وهو اكبر سد في البلاد والمزود الرئيسي لولايات الشمال 30 % من طاقة استيعابه.
وقد تسببت ظاهرة الجفاف التي ضربت تونس خلال السنوات الأخيرة في استنزاف مواردها المائية ، مما دفع بوزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري الى تمديد العمل بنظام الحصص في توزيع مياه الشرب في الشبكة العمومية وحظر استخدامها في ري المساحات الزراعية ومحطات غسيل السيارات وغيرها من الاستخدامات حتى إشعار آخر وذلك بهدف التقشف .
ولمجابهة حالة الجفاف تسعى سلطة القرار إلى تكثيف الجهد الوطني لتحلية المياه خاصة في ظل التغيرات المناخية وانحباس الأمطار . كما ستعمل الدولة على مناقشة مشاريع الاوامر المتعلقة بإقرار حصول جائحة طبيعية معنية بتدخل صندوق تعويض الأضرار الفلاحية الناجمة عن الجوائح الطبيعية وبتحديد مناطق الزراعات الكبرى المجاحة من جراء الجفاف للموسم الفلاحي 2022 / 2023 .
في اطار تنفيذ حملات رقابية ، توعوية وزجرية : المراقبة الاقتصادية تحجز كميات من السلع وتسجيل مخالفات بالجملة
في الوقت الذي تسعى فيه الدولة بالتعاون مع مختلف الهياكل المعنية لتجاوز النقص الحاصل في الم…