تراجع المقدرة الشرائية وتزايد نسبة الفقر : المواطن يفقد حقّه في الحصول على الغذاء ..!
ما يزال المستهلك التونسي في مواجهة أزمة معيشية مستمرة بسبب الارتفاع المشط في أسعار المواد الغذائية وكذلك اغلب المنتجات الفلاحية وفي مقدمتها الغلال التي أضحت بالنسبة للعديد من الأسر غير الميسورة بمثابة الكماليات التي يمكن الاستغناء عنها وتعويضها بمواد أكثر من أهمية وضرورية لقوت اليوم على غرار الخبز والمعجنات.
فرغم المجهودات المعلنة من طرف السلطة في أكثر من مناسبة لكبح جماح الأسعار وضرب شبكات المضاربة، إلا أن واقع الأسواق اليوم يشير إلى عدم جدوى هذه الخطط والبرامج نظرا لتواصل غلاء المواد الغذائية واستقرارها في مستويات قياسية. كذلك يعاني التونسيون بالإضافة إلى غلاء الأسعار من استمرار نقص التزويد بالمواد الأساسية ولا سيما الأرز والقهوة والسكر وهي التي تعد مدعومة من الدولة ويتم توريدها حصريا.
ويفسر عديد الخبراء تواصل هذه الوضعية المعيشية الصعبة بتواصل نقص العرض الناجم عن أزمة الجفاف ونقص الأمطار وغياب استراتيجيات وطنية لضمان الأمن الغذائي للمواطنين، مؤكدين بأن مجمل هذه العناصر تنعكس سلبا على المقدرة الشرائية للمواطنين بسبب الأسعار المرتفعة التي لم تقابلها زيادة كافية في الأجور.
لقد أصبح توفير الضروريات المعيشية في بلادنا من أكثر المسائل المقلقة للمواطن التونسي ومن اكبر التحديات التي «جرته جرا» نحو التداين حيث تشير الأرقام إلى ارتفاع نسة التداين بالأسر التونسية وفق احدث الإحصاءات بنسبة 117 % في السنوات الأخيرة مقابل تراجع الادخار .وقد أكدت في الإطار ذاته منظمة الدفاع عن المستهلك والخبراء في تونس تراجع القدرة الشرائية للتونسيين خلال السنوات الماضية بنسبة تفوق 88 ٪، جراء ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية وخاصة الغذائية منها والتي وصلت نسبة الارتفاع فيها حاجز الـ 100 ٪ فيما بلغت في بعض المواد 200بالمائة ..عدة عوامل ساهمت أيضا في هذه الوضعية بينها تغير نمط الاستهلاك على غرار الزيادة في حجم الإنفاق على مستوى التربية والصحة علاوة على تفاقم الاحتكار الذي جعل تزويد الأسواق يفقد توازنه ويفقد معه المستهلك حقه في الحصول على الغذاء.
وكشفت نتائج المسح الوطني حول الانفاق والاستهلاك ومستوى عيش الأسر في تونس سنة 2021 ارتفاعا في نسبة الفقر إلى 16,6 بالمائة سنة 2021 مقابل 15,2 سنة 2015 فيما حافظت نسبة الفقر المدقع على استقرارها في حدود 2,9 بالمائة. كما كشف المسح الوطني حول الإنفاق والاستهلاك ومستوى عيش الأسر لسنة 2021، أن متوسط الإنفاق السنوي للفرد بلغ 5468 دينار، مقابل 3871 دينار لسنة 2015، مسجلا تطورا بـ 41,3 بالمائة. بدوره أكد وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي في تصريحات بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لمحو الأمّية أن الجهات الداخلية والشمال الغربي والجنوب من أكثر المناطق التي تعاني من الفقر المدقع ومن الأمية خاصة في صفوف الإناث.
لقد تفاقمت نسبة الفقر في تونس بشكل كبير بلغ 30 بالمائة بحسب أرقام المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وذلك بسبب عدم خلق ثروة كافية ومستدامة، الأمر الذي أهملته الطبقة السياسية منذ الاستقلال مؤكدا بان الهشاشة الاجتماعية في تونس ونسبة الفقر من أبرز المشكلات في البلاد، وهما مؤشران على فشل المنوال التنموي ونتيجة حتمية للضبابية التي طغت على السياسات الحكومية المتعاقبة في السنوات الأخيرة التي ألقت بظلالها على الواقع الاقتصادي والاجتماعي، حيث فشلت حكومات ما بعد 2011 في إرساء منوال تنموي واقتصادي ووضع استراتيجيات لازمة لمعالجة الأزمات ومحاربة الفقر والبطالة.
القطاع الصحي : إجراءات استعجالية تشمل إحداث لجنة لتحديد أسعار الأدوية
وسط مؤشرات تحيل اغلبها على تراجع خدمات القطاع الصحي العمومي نتيجة ضعف التمويل والاستثمار ف…