مسيرات الغضب الشعبي تعمّ البلاد من أقصاها إلى أدناها: تونس تتجنّد عن بكرة أبيها لنصرة أهلنا في فلسطين
لم تهدأ الساحات في تونس منذ اليوم الأول للعدوان، وزادت حدة الاحتجاجات مباشرة بعد الجريمة المروّعة التي ارتكبها الصهاينة وحلفاؤهم الأمريكان ضد المستشفى المعمداني في غزة، والتي لا يمكن توصيفها إلا بحرب الإبادة ضد أبناء شعبنا في فلسطين المحتلة، أمام أنظار العالم، وعلى الهواء مباشرة، وبمباركة من كل القوى التي تتشدق بحقوق الإنسان والعدل والحرية.
المواطنون بالعاصمة هبّوا إلى شارع الحبيب بورقيبة منذ سماع خبر الجريمة، والتحق بهم آخرون وآخرون، وتحول فضاء أمام المسرح البلدي إلى ساحة غضب وهتافات ضد المحتل المجرم، امتد إلى ما بعد منتصف الليل، كما خرجت الجماهير ليلا في صفاقس وقابس، وعدد من المدن الأخرى رافعة شعارات المطالبة بوقف العدوان والثأر للشهداء البررة ضحايا الغطرسة والإجرام.
ولم يتأخر الموقف الرسمي عن الاندفاعة الشعبية، فقد استدعى رئيس الجمهورية أعضاء مجلس الامن القومي في ساعة متأخرة من ليل الاربعاء، وعقد بهم اجتماعا امتد الى ساعات الصباح الاولى، خصص كله للنظر في امكانيات الدعم التي يمكن ان توفرها تونس للأشقاء في فلسطين من أجل الدفاع عن أنفسهم في وجه الجرائم المتواصلة للكيان الغاصب.
في صباح أمس الاربعاء، كانت الدعوات عامة وشاملة لكل الجهات والساحات، وانطلقت الجماهير هادرة بغضب في الشوارع، خرجوا من الجامعات والمدارس والمعاهد ومن مواقع العمل وحتى من الحقول والاسواق، رافعين قبضاتهم ضد المحتل، منادين بالحق والعدل والثأر للشهداء.
حتى تلاميذ المدارس الابتدائية اندفعوا بعفوية وبراءة للتعبير عن غضبهم الشديد لما يرونه من إجرام وصلف وعنجهية وغريزة قتل متعمد لدى هذا الكيان الذي يمارس عدوانه لأكثر من سبعين عاما دون رقيب ولا حسيب.
كما تنادت كل النقابات والجمعيات والأحزاب والمنظمات الشبابية والطلابية لدعم الفلسطينيين، وصدرت البيانات عن جميع الجهات، تنادي بمناصرة القضية الفلسطينية العادلة وبردّ العدوان عن الشعب الفلسطيني الأعزل ومحاسبة المجرمين والقتلة وردع المعتدين.
ولا شك ان هذه الاندفاعة الشعبية الصادقة والموقف الرسمي الحازم، سيكون له أطيب الاثر، خاصة وان بقية الساحات العربية تشهد انقساما حادا في المواقف من هذه القضية العادلة التي لا يرقى شك الى عدالتها والى عنوان القاتل فيها وصفة الضحية، ولا تحتاج قواميس لفهمها وتبرير التخاذل عن مناصرتها.
وهي اندفاعة تعبّر من جديد عن تأصّل قيم التضامن والعدل والحرية في أبناء شعبنا، الذين احتضنوا القضية الفلسطينية واعتبروها قضيتهم منذ تاريخ النكبة الاولى في 1948، مرورا بكل محطات التاريخ اللاحقة، وصولا الى الاندفاعة الحالية التي تصرخ في وجه العالم ان هناك حقا مغتصبا يجب ان يعود، وان هناك شعبا أعزل تسارع كل قوى البغي والبطش في العالم للإيغال في دمه الطاهر، وان هذا العدوان آن له ان يتوقف وان هذا الحق آن له ان يعود الى أصحابه.
وتونس تسجل من جديد ملحمة رائعة من التضامن الصادق مع فلسطين، وترفع لاءات قوية حادة في وجه التخاذل العربي والتواطؤ الدولي، وتقول لا للاحتلال ولا للقتل ولا للتهجير، ويسطّر شعبها وقيادتها جنبا الى جنب موقفا خالدا سيدوّنه التاريخ بمداد من ذهب، حين غرس الكثيرون رؤوسهم في الرمال جبنا وخذلانا ووقفت وحدها بشعبها الأبيّ وارادتها التي لا تقهر، في ظهر أشقائها، تدفع عنهم ما استطاعت اليه سبيلا.
وقد أعطى التونسيون باندفاعتهم هذه درسا للعرب والعالم ان كل شعب يستطيع ان يسجل موقفه ويعبر عن أصالته وتجذره في قيمه ومحيطه ووفائه لتاريخه، حتى وان كانت ابه خصاصةب ويؤثر على نفسه، ولا يجعل من موقفه رهينة لمعونات زائلة أو اغراءات لا تغني ولا تسمن من جوع، كما ان يده دائما هي العليا حتى وان ضاقت به السبل.
مهرجان السينما المتوسطية بشنني «الأرض أنا، الفيلم أنا.. إنا باقون على العهد»: تطور كبير وحضور مؤثّر وفاعل للمخرج السوري سموءل سخية
استطاع المدير الفني لمهرجان السينما المتوسطية بشنني في الدورة 19 المخرج السوري سموءل سخية …