استراتيجية تطوير قطاع النقل : مشاريع تنموية تنتظر تمويلات واعتمادات ضخمة
حتّمت الظروف الإقتصادية و الإجتماعية التي مرّت بها تونس على مدى السنوات الأخيرة بروز حالة من الوهن يعيشها قطاع النقل بمختلف أنماطه الجوي والبري والبحري نتيجة غياب الاستثمارات وضعف الموارد المخصصة للنهوض بمرفق النقل العمومي.
أسباب عديدة ساهمت في تراجع المردودية وتدني نسبة جاهزية الاستغلال العام في معظم الشركات تزامنت مع مطلبية اجتماعية مجحفة وتراجع الموارد المخصصة للاستثمار العمومي والخارجي جرّاء ما عانته البلاد من أزمات مالية متتالية وعدم الالتزام بتطبيق برامج إعادة الهيكلة التي تبقى رهينة تحسن الوضع المالي العام لميزانيات الدولة خلال السنوات التي تلت الثورة.
وفي خضم ما يعانيه القطاع من أزمة فإن استراتيجية قطاع النقل واللوجستية الموضوعة على المدى القريب والمتوسط تعترضها صعوبات مالية في تطبيق وتفعيل أغلب توجهاتها الاستثمارية ، وفي هذا الإطار إرتأت االصحافة اليومب التطرق إلى أبرز مشاريع الاستثمار في قطاع النقل .
تتضمن الرؤية الإستراتيجية لقطاع النقل واللوجستية في أفق 2040 9 محاور أهمها النهوض بمنظومة التنقلات الحضرية ومواصلة تدعيم وتطوير شبكات النقل الحديدي للأشخاص والبضائع وتهيئة الموانئ والمطارات والمعابر الحدودية البرية وتحسين المردودية والخدمات بها وتطوير مشاريع البنية الأساسية خاصة في إطار الشراكة بين القطاع العامّ والقطاع الخاصّ إلى جانب تطوير وتجديد أسطول النقل بمختلف أنماطه والإتجاه نحو استغلال وسائل نقل مستدامة اضافة إلى النهوض بمنظومة اللوجستية لمساندة بقية القطاعات الاقتصادية وإعادة هيكلة الشركات العمومية التي تعاني صعوبات مالية حادة علاوة على إعتماد تطبيقات التكنولوجيات الحديثة والنهوض بجودة الخدمات وتوفير السلامة الشاملة مع العمل على تحسين النجاعة الطاقية لقطاع النقل وإرساء نقل مستدام وذلك بمراجعة الإطار القانوني وملاءمته مع متطلبات القطاع .
أبرز الإصلاحات والمشاريع المبرمجة
في مجال النقل الحضري والجهوي ترتكز رؤية القطاع على الشروع في تنفيذ مقتضيات السياسة الوطنية للتنقلات الحضرية التي أطلقتها وزارة النقل في غرة أفريل 2022 من خلال العمل على تطوير العرض في مجال النقل العمومي الجماعي للمسافرين والحرص على إرساء منظومة تنقلات آمنة، مستدامة وذات جودة خدمات عالية قادرة على مجابهة تطور الطلب للمساهمة في المجهود الوطني قصد التخفيف من الاكتضاض والتخفيض من التلوث خاصة بالمناطق الحضرية وكذلك تشجيع مستعملي السيارات الخاصة على استعمال وسائل النقل العمومي وتدعيم عرض النقل العمومي الجماعي على الطرقات .
المشاريع المبرمجة في انتظار توفر الاعتمادات والتمويلات
تمت خلال فترة المخطط 2025-2023 برمجة مواصلة تدعيم أسطول الحافلات لشركة نقل تونس والشركات الجهوية للنقل بـ 1500 حافلة ابما في ذلك تأهيل حافلات قديمة واقتناء حوالي 600 حافلة مستعملة وإقتناء حافلات جديدة في حدود الإمكانيات المتاحةب والتفكير في مشاريع نموذجية لإستغلال الحافلات الكهربائية وتدعيم أسطول الشركة الوطنية للنقل بين المدن ا برمجة اقتناء أكثر من 100 حافلةب مع استكمال إنجاز المشاريع المبرمجة التي تشهد تأخيرا على مستوى التنفيذ على غرار الخط d من مشروع الشبكة الحديدية السريعة وتجاوز الإشكال على مستوى ساحة باردو إلى جانب تفعيل المشاريع ذات الأولوية لشركة نقل تونس من حيث تجديد المعدات لنقل المسافرين على خط تونس المرسى والممول عن طريق اتفاقية تمويل بـ 90 مليون أورو، وتأهيل أو تعويض عربات المترو الخفيف المستغلة حاليا من نوع سيمانس قصد استرجاع نسبة من جاهزية شبكة المترو الخفيف والشروع في إجراءات بناء مستودع جديد لصيانة عربات المترو الخفيف هذا إلى جانب مشاريع على المدى المتوسط وتتمثل في تنفيذ مشاريع توسعة وتطوير شبكة المتروالخفيف لشركة نقل تونس والتفكير في إنجاز خط مترو خفيف بمنطقة البحيرة بتونس .
أما في مجال النقل الحديدي فتهدف الخطة إلى تطوير الشبكة الحديدية للشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية من خلال العمل على تعصير وتأهيل الشبكة الحالية والشروع في تنفيذ مشاريع تمديد الشبكة من خلال إحداث خطوط جديدة والشروع في تنفيذ الجزء الأوّل من برنامج تعصير الشبكة الحديدية التونسية بالتعاون مع المؤسسات المالية الدولية والهادف إلى القيام من خلال جملة من الإستثمارات ذات الأولية القادرة على ضمان ديمومية المرفق العمومي وتحسين السلامة على كامل الشبكة للتقليص في عدد الحوادث وتحسين جودة الخدمات على الخط الأساسي للشبكة ( الخط عدد 05 في الجزء تونس-الرياض) وكذلك الشروع في تأهيل الخطوط الحديدية الرئيسية حول تونس العاصمة ومواصلة تنفيذ مشروع تأهيل الخط الحديدي عدد 06 الرابط بين تونس والقصرين والمموّل عن طريق اتفاقية تمويل بـ 72 مليون أورو. إلى جانب الشروع في تنفيذ مشروع مضاعفة وكهربة الخط 22 بين المكنين والمهدية وانجاز جسرين علويين للسيارات مع اقتناء مجموعة من عربات النقل لتدعيم شبكة مترو الساحل والمموّل عن طريق إتفاقية تمويل بـ 88 مليون أورو.
نقل البضائع
ونظرا للأهمية التي يتطلبها تعصير نشاط النقل الحديدي للبضائع ينتظر تأهيل وتعصير شبكة نقل الفسفاط بالجنوب التونسي على مراحل من أجل الرفع من طاقة استيعابها واقتناء 600 عربة جديدة لنقل الفسفاط وفي هذا الصدد يتمّ التفاوض حاليا مع صناديق التمويل الخليجية من اجل تمويل القسط ذي الأولوية (195كم)من هذا المشروع وتجديد معدات نقل البضائع المختلفة ( حبوب ، إسمنت..) .
النقل البري
كما يستأثر النقل البري باهتمامات السياسة العامة للنقل رغم محدودية التمويلات على غرار تأهيل وتطوير بعض مراكز الفحص الفني ومعاينة العربات وتعصير المنظومات والتجهيزات وتعصير المعابر الحدودية الرئيسة (رأس جدير وملولة وبوشبكة) بكلفة تقدر بحوالي 112 مليون دينار في إطار تجسيم المخطط المديري لتطوير المعابر الحدودية البرية وملاءمتها مع المعايير الدولية .
الموانئ والنقل البحري
في هذا الجانب ونظرا لما تكتسيه الموانئ والنقل البحري من مردودية على مؤشرات الإقتصاد الوطني فإن التوجه يهدف إلى تطوير قطب مينائي ولوجستي بميناء رادس من خلال بناء الرصيفين 8 و9 وتهيئة المسطّحات وكل مستلزمات البنية الأساسية والشبكات واحداث وصلات جديدة لتحسين الربط الطرقي للميناء وتدعيم النقل الحديدي للحاويات وتهيئة البنية الأساسية على مساحة 20 هكتارا من المنطقة اللوجستية برادس . أما في ما تعلق بإنجاز الميناء بالمياه العميقة بالنفيضة ينتظر الشروع في إنجاز المرحلة الأولى من المشروع من خلال استكمال أشغال البنية التحتية للميناء واستغلال رصيف حاويات بطول 2000 م ورصيف للبضائع الصلبة بطول 1120 م وتهيئة 140 هك من المسطحات بكلفة تقدر بحوالي 1031 مليون دولار في إطار شراكة بين القطاع العامّ والقطاع الخاصّ ( 75 % على كاهل القطاع العام لإنجاز البنية التحتية و25 % على كاهل القطاع الخاص لتهيئة المسطحات واقتناء المعدات المينائية للاستغلال) . وفي نفس التوجه تمت بلورة خطة لتطوير المشاريع المينائية على غرار بعث قطب بتروكيميائي بميناء الصخيرة وتوسعة الرصيف البترولي ابب بميناء بنزرت وجهر موانئ بنزرت-حلق الوادي-سوسة وجرجيس وتطوير مشاريع مينائية في إطار شراكة بين القطاع العامّ والقطاع الخاصّ والتي نذكر من أهمها إنجاز وإستغلال محطة بحرية للمسافرين والمجرورات تتضمن بناء رصيف بطول حوالي 400م وتهيئة 14هك من المسطحات بميناء بنزرت وبناء محطة بحرية لإستقبال سفن الرحلات السياحية بميناء سوسة وبناء خزان للحبوب بميناء صفاقس . فضلا عن تطوير وتعصير النقل البحري بتونس وملاءمته مع مقتضيات المحافظة على المحيط وتطوير الأنشطة الاقتصادية بمنطقة الجنوب الشرقي عبر ميناءي قابس وجرجيس .
كما تمت برمجة مشاريع لتطوير وتجديد أسطول الشركة التونسية للملاحة من خلال إقتناء سفينة مزدوجة بسعة 2030 مسافر و650 سيارة و180 مجرورة واقتناء سفينتي دحرجة بسعة لا تقلّ على 220 مجرورة واقتناء سفينة لنقل الحاويات بسعة 800 حاوية .
وبخصوص تجديد أسطول الشركة الجديدة للنقل بقرقنة تمت برمجة اقتناء سفينة سريعة من نوع امونوكوكب لنقل المسافرين فقط وسفينتن لنقل المسافرين والعربات .
المطارات والنقل الجوي
على المدى القريب والمتوسط يهدف المخطط التنموي لقطاع النقل إلى بناء محطة جديدة لنقل المسافرين بمطار تونس-قرطاج الدولي في مرحلة أولى من ثمّ تأهيل المحطة الحالية في مرحلة ثانية وذلك قصد الرفع من قدرة الإستيعاب إلى حدود 13 مليون مسافر سنويا لمجابهة تطوّر حركة النقل الجوّي على المدى المتوسط في أحسن ظروف الاستغلال والتفكير على المدى البعيد في إحداث مطار من الجيل الجديد بتونس الكبرى االمدينة المطارب (Airport City) والربط الحديدي بين مختلف المطارات الكبرى: المطار الجديد بشمال تونس الكبرى ذ مطار تونس قرطاج الدولي ذ مطار النفيضة الحمامات الدولي و تطوير وتجديد أسطول شركة الخطوط التونسية لبلوغ 18 طائرة في غضون سنة 2025 وتحسين مؤشرات الاستغلال لبلوغ نسبة انتظام في الرحلات تتجاوز 80 % والترفيع في عدد المسافرين لبلوغ 3.2 مليون مسافر سنة 2025 .
أما بشأن الحركة بالمطارات الداخلية وواقع اللوجستية والنقل متعدد الوسائط فإن الارتقاء بنجاعة هذه المنظومة من شأنه أن يدعم القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني ويتم التفكير في ذلك من خلال استكمال الدراسات الفنية لبعث شبكة من المناطق اللوجستية متعددة الأنشطة ذات الأولوية في كل من رادس، زغوان، سوسة، صفاقس، قابس ومدنين تتضمن منصات لوجستية متخصصة محاذية أو قريبة من الموانئ والمطارات والسكة الحديدية وذلك في إطار شراكة بين القطاع العامّ والقطاع الخاصّ .
دور الشركات الأهلية في تطوير السياحة الإيكولوجية : مشاريع تنتظر التفعيل في حال توفير الدعم والتسهيلات الضرورية
تمثل السياحة الإيكولوجية نموذجًا مستدامًا يتماشى مع أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية و…