2023-10-18

شهر مضى على انطلاقتها.. أين وصلت الاستشارة الوطنية حول التربية والتعليم؟

انطلقت‭ ‬الاستشارة‭ ‬الوطنية‭ ‬حول‭ ‬إصلاح‭ ‬نظام‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭  ‬يوم‭ ‬15‭ ‬سبتمبر‭ ‬2023‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬انطلاق‭ ‬السنة‭ ‬الدراسية‭ ‬الجديدة‭ ‬ولم‭ ‬يتجاوز‭ ‬عدد‭ ‬المشاركين‭ ‬فيها‭ ‬بعد‭ ‬مضيّ‭ ‬شهر‭ ‬الـ300‭ ‬ألف‭ ‬بين‭ ‬ذكور‭ ‬واناث‭ ‬بنسب‭ ‬متقاربة‭ ‬حسب‭ ‬الصفحة‭ ‬الرسمية‭ ‬للاستشارة‭ ‬في‭ ‬االفايسبوكب‭.‬

وكما‭ ‬هو‭ ‬معلوم‭ ‬فهناك‭ ‬اختلاف‭ ‬في‭ ‬المواقف‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الاستشارة‭ ‬المتصلة‭ ‬بمجال‭ ‬حيوي‭ ‬واستراتيجي‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬التونسيين‭ ‬ودولتهم‭ ‬ومستقبل‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة،‭ ‬ويظل‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬ومسؤولية‭ ‬من‭ ‬يضطلع‭ ‬بأعباء‭ ‬الحكم‭ ‬ان‭ ‬ينجز‭ ‬الاستشارات‭ ‬ويطرح‭ ‬مشاريع‭ ‬الإصلاح‭ ‬بالطريقة‭ ‬التي‭ ‬يراها‭ ‬مناسبة‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬تحتفظ‭ ‬بقيه‭ ‬الأطراف‭ ‬الاجتماعية‭ ‬مثلا‭ ‬والمدنية‭ ‬والسياسية‭ ‬بمواقفها‭ ‬وحقها‭ ‬في‭ ‬تحفظها‭ ‬ونقدها‭ ‬لعمل‭ ‬السلطة‭ ‬وحتى‭ ‬لمخرجاته‭ ‬وتقديم‭ ‬البدائل‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬وهذه‭ ‬أبجديات‭ ‬الحياة‭ ‬الديمقراطية‭.‬

‭ ‬وإذا‭ ‬تركنا‭ ‬جانبا‭ ‬مواقف‭ ‬المعارضين‭ ‬للاستشارة‭ ‬والرافضين‭ ‬للمشاركة‭ ‬فيها‭ ‬فان‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬متابعتنا‭ ‬لانطلاقتها‭ ‬منذ‭ ‬شهر‭ ‬هو‭ ‬حول‭ ‬سبب‭ ‬اقتصار‭ ‬الترويج‭ ‬لها‭ ‬والحرص‭ ‬عليها‭ ‬على‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬شرّك‭ ‬فيه‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬وزارات‭ ‬اخرى‭ ‬معنية‭ ‬من‭ ‬قريب‭ ‬ومن‭ ‬بعيد‭ ‬بالموضوع‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬وزاري‭ ‬اشرف‭ ‬عليه‭ ‬بنفسه،‭ ‬وفسّر‭ ‬أيضا‭ ‬اهمية‭ ‬المقاربة‭ ‬المتكاملة‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬وفق‭ ‬رؤيته‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬الإصلاح‭ ‬ينطلق‭ ‬من‭ ‬المراحل‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الناشئة‭ ‬في‭ ‬رياض‭ ‬الأطفال‭ ‬مرورا‭ ‬بالمدرسة‭ ‬الابتدائية‭ ‬فالاعداديات‭ ‬ثم‭ ‬المعاهد‭ ‬الثانوية‭ ‬للوصول‭ ‬الى‭ ‬الجامعة‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬ننسى‭ ‬مسالك‭ ‬التكوين‭ ‬المهني‭ ‬التي‭ ‬تنطبق‭ ‬على‭ ‬روادها‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬الآن‭ ‬مقولة‭ ‬مكره‭ ‬أخاك‭ ‬لا‭ ‬بطل‭ ‬وهذه‭ ‬من‭ ‬المسائل‭ ‬التي‭ ‬تتوجب‭ ‬معالجتها‭ ‬في‭ ‬الإصلاح‭ ‬القادم‭ ‬لتغيير‭ ‬رؤية‭ ‬المجتمع‭ ‬لهذا‭ ‬الموضوع‭. ‬

وإذا‭ ‬استثنينا‭ ‬الومضات‭ ‬التحسيسية‭ ‬التي‭ ‬تقتصر‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬محمل‭ ‬إعلامي‭ ‬يتيم‭ ‬وهو‭ ‬التلفزة‭ ‬الوطنية‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬الارساليات‭ ‬الهاتفية‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬من‭ ‬الأوقات،‭ ‬فان‭ ‬العمل‭ ‬الاتصالي‭ ‬محدود‭ ‬للغاية‭ ‬وغائب‭ ‬لدى‭ ‬االشركاءب‭ ‬في‭ ‬الاستشارة‭ ‬باستثناء‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬التي‭ ‬سخرت‭ ‬كثيرا‭ ‬وسائلها‭ ‬ووظفت‭ ‬كل‭ ‬آلياتها‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬جلب‭ ‬لها‭ ‬الانتقادات‭.‬

وهنا‭ ‬لم‭ ‬يبرز‭ ‬دور‭ ‬وزارة‭ ‬الأسرة‭ ‬والمرأة‭ ‬والطفولة‭ ‬وكبار‭ ‬السن‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬وهي‭ ‬ليست‭ ‬فقط‭ ‬الشريكة‭ ‬في‭ ‬الإشراف‭ ‬على‭ ‬رياض‭ ‬الأطفال‭ ‬وإنما‭ ‬تحيط‭ ‬بالنساء‭ ‬والفتيات‭ ‬والمسنين‭ ‬وهم‭ ‬جمهور‭ ‬معني‭ ‬بالاستشارة‭ ‬حول‭ ‬الإصلاح‭ ‬التربوي‭. ‬

نفس‭ ‬الأمر‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬وزارة‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬اثر‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬الدعاية‭ ‬للاستشارة‭ ‬أو‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تشريك‭ ‬منظوريها‭ ‬فيها‭ ‬فالأمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بمئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الطلبة‭ ‬والأساتذة‭ ‬والإداريين‭ ‬والأعوان‭ ‬الذين‭ ‬لهم‭ ‬ما‭ ‬يدلون‭ ‬به‭ ‬نظريا‭ ‬في‭ ‬الموضوع‭.‬

ولا‭ ‬يشذ‭ ‬حال‭ ‬وزارة‭ ‬الشباب‭ ‬والرياضة‭ ‬عن‭ ‬بقية‭ ‬الوزارات‭ ‬والحال‭ ‬ان‭ ‬شعار‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬ونهجه‭ ‬الرهان‭ ‬على‭ ‬الشباب‭ ‬الذي‭ ‬يرسم‭ ‬على‭ ‬الجدران‭ ‬دستور‭ ‬البلاد‭ ‬ويفترض‭ ‬ان‭ ‬يرسم‭ ‬في‭ ‬الاستشارة‭ ‬النظام‭ ‬التعليمي‭ ‬الجديد‭.‬

وللأسف‭ ‬وفي‭ ‬غياب‭ ‬وزير‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬وزارة‭ ‬التشغيل‭ ‬والتكوين‭ ‬المهني‭ ‬يبقى‭ ‬التسويق‭ ‬للاستشارة‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬المعنيين‭ ‬بهذا‭ ‬المجال‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬يتوجب‭ ‬مجابهتها‭ ‬حتى‭ ‬تكون‭ ‬المخرجات‭ ‬كفيلة‭ ‬برد‭ ‬الاعتبار‭ ‬للتكوين‭ ‬المهني‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭.‬

ولا‭ ‬تقف‭ ‬مسؤولية‭ ‬إنجاح‭ ‬الاستشارة‭ ‬عند‭ ‬هذه‭ ‬الوزارات‭ ‬ولكن‭ ‬بقية‭ ‬الوزراء‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬معنيون‭ ‬بالموضوع‭ ‬وان‭ ‬بدرجات‭ ‬متفاوتة‭ ‬وخصوصا‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬أو‭ ‬الشؤون‭ ‬الدينية‭ ‬والشؤون‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصاد‭ ‬والمالية‭ ‬كذلك‭ ‬لان‭ ‬المال‭ ‬يظل‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬قوام‭ ‬الاعمال‭. ‬

والاستشارة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المنظور‭ ‬أيضا‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬خصوم‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يفترض‭ ‬أنها‭ ‬مهمة‭ ‬لدى‭ ‬المنخرطين‭ ‬في‭ ‬مشروعه‭ ‬والمساندين‭ ‬له‭ ‬والمساندين‭ ‬النقديين‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ ‬فأين‭ ‬هي‭ ‬الأحزاب‭ ‬الداعمة‭ ‬مثلا‭ ‬من‭ ‬المشاركة‭ ‬؟‭  

وبانقضاء‭ ‬ثلث‭ ‬الفترة‭ ‬المخصصة‭ ‬للاستشارة‭ ‬وبلوغ‭ ‬نسبة‭ ‬مشاركة‭ ‬لم‭ ‬تتجاوز‭ ‬الثلاثمائة‭ ‬ألف‭ ‬كما‭ ‬أسلفنا‭ ‬وفيها‭ ‬فئات‭ ‬عمرية‭ ‬من‭ ‬الجيد‭ ‬معرفة‭ ‬رأيها‭ ‬لكنها‭ ‬تظل‭ ‬غير‭ ‬محددة‭ ‬في‭ ‬الخيارات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للدولة‭ ‬كأن‭ ‬يضبط‭ ‬طفل‭ ‬مثلا‭ ‬اللغة‭ ‬الرسمية‭ ‬الثانية‭ ‬المعتمدة‭ ‬في‭ ‬التدريس‭ ‬او‭ ‬ان‭ ‬يرفض‭ ‬تعاطي‭ ‬الرياضة‭ ‬او‭ ‬الموسيقى‭ ‬او‭ ‬غيرها‭ ‬فالقانون‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬يحدد‭ ‬سن‭ ‬الرشد‭ ‬كما‭ ‬يقال‭..‬

ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬وفي‭ ‬حال‭ ‬استمرار‭ ‬الإقبال‭ ‬على‭ ‬المشاركة‭ ‬بهذا‭ ‬النسق‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬نتجاوز‭ ‬في‭ ‬15‭ ‬ديسمبر‭ ‬2023‭ ‬تاريخ‭ ‬نهاية‭ ‬الاستشارة‭ ‬الراهنة‭ ‬عتبة‭ ‬الاستشارة‭ ‬السابقة‭ ‬وهي‭ ‬نصف‭ ‬مليون‭.‬

مهما‭ ‬يكن‭ ‬الأمر‭ ‬الآن‭ ‬ومهما‭ ‬تكن‭ ‬نسبة‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الاستشارة‭ ‬فإن‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬مخرجاتها‭ ‬في‭ ‬تقديرنا‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬بأيدي‭ ‬أهل‭ ‬الحل‭ ‬والعقد،‭ ‬بأيدي‭ ‬الخبراء‭ ‬والمختصين‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬وفق‭ ‬رؤية‭ ‬واضحة‭ ‬لمن‭ ‬بادر‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بإطلاق‭ ‬الاستشارة‭ ‬وإنما‭ ‬بإعلان‭ ‬إصلاح‭ ‬نظام‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬في‭ ‬الجمهورية‭ ‬التونسية‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬الحداثة‭ ‬والملاءمة‭ ‬بين‭ ‬الكونية‭ ‬والخصوصيات‭ ‬وهذا‭ ‬حديث‭ ‬يطول‭ ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬منه‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

لتحقيق التنمية الاقتصادية، السلم الاجتماعي والإشعاع الدولي : التونسيون بالخارج طرف رئيسي في المعادلة

كشف مدير عام ديوان التونسيين بالخارج خلال شهر مارس الماضي أن عدد الجالية التونسية بالخارج …