النساء في الوسط الريفي : مسار من التهميش والمعاناة من أجل افتكاك الحقوق
تحيي تونس كسائر الدول اليوم العالمي للمرأة الريفية الموافق للخامس عشر من شهر أكتوبر من كل سنة الذي حددته الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها 62/136 المؤرخ في 18ديسمبر 2007 وذلك اعترافا بالدور الريادي الذي تقوم به النساء في الوسط الريفي من أجل النهوض بوضعيات أسرهن والمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي عبر مشاركتهن في الأنشطة الفلاحية والصناعية وذلك رغم ظروف العمل الشاقة ووسائل النقل غير الآمنة وتدني الأجور وانعدام التغطية الاجتماعية لاغلبيتهن.
ومنذ ذلك التاريخ مايزال هذا الاعتراف منقوصا نظرا لتواصل وجود العديد من الصعوبات و النقائص التي تتخبط فيها النساء الريفيات نتيجة لغياب الاستراتيجيات والارادة السياسية التي من شأنها أن تنهض بأوضاعهن حيث ظلت هذه الفئة على امتداد العقود الماضية من أكثر الفئات تضررا في المجتمع.
ويؤكد في سياق ذلك المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بأن النساء الريفيات مازلن يعانين من وضعيات هشة حيث يعملن بشكل رئيسي كمعيناتٍ دون أجر في الفلاحة الأسرية، أو كعاملاتٍ موسميات بأجور متدنية وفي إطار غير مهيكل، ودون تغطية وضمان اجتماعي. و تظهر في سياق ذلك الإحصائيات أنّ ما يناهز 33 بالمائة فقط من النساء الريفيات منخرطاتٌ في منظومة الضمان الاجتماعي وهي نسبة ضئيلة جداً مقارنة بعدد الريفيات العاملات في القطاع الفلاحي الذي يعتبر أحد ركائز الاقتصاد التونسي.
كما يؤكد المنتدى بهذه المناسبة أنه رغم اهمية الدور الذي تضطلع به العمالة النسوية ومساهمتها الهامة في ضمان صمود القطاع الفلاحي ومقاومته للأزمات إلا انها الى اليوم تمثل الحلقة الاضعف في سلسلة القطاع، تعمل دون حقوق، تواجه الاستغلال والعنف بكل أشكاله، تقاوم التمييز وتركب المخاطر دون حماية ولا وقاية ولا تأمين، اتنشد الاعتراف وتطالب بالإنصاف ورد الاعتبار بما يليق بقيمتها وبما يحفظ كرامتهاب. مبينا بأن الارقام المفزعة للعمالة النسوية والحوادث الأليمة التي تتهددها يوميا بسبب النقل العشوائي ماتزال تقابلها السلطة كعادتها بـ اصمتها المريبب وكذلك النداءات المتكررة من قبل الجمعيات والعاملات ونشطاء المجتمع المدني تواجهها الجهات الرسمية بتجاهلها المعهود.. مؤكدا بأن هذا الصمت والتجاهل ماهو إلا انعكاس لفشل الخيارات التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة في معالجة القضية وعدم قدرة التشريعات الموجودة على حماية العمالة في القطاع الفلاحي، وانعدام رؤية الاصلاح والهيكلة التي يفترض ان تتوفر لدى السلطة حتى تتحقق المطالب وتتوفر الحماية وتُضمَنُ الحقوق لليد العاملة وللمتدخلين في القطاع. مبينا بان هذه الهشاشة والعنف الاقتصادي المسلط عليهن لم يزد العاملات إلا إصرارً على المقاومة والصمود الى حين افتكاك الحقوق وانتزاع الاعتراف حيث نظمن في شهر مارس 2022 مؤتمرهن الأول وخرجن في مناسبات عدة للميدان رفعن فيها شعارات تلخص مطالبهن وانخرطن في نقابات وحضرن لقاءات عدة وشاركن في دورات تكوينية وأدلين بشهاداتهن في وسائل الاعلام وفي الفضاءات التعبيرية المختلفة،
ولمزيد التعريف بقضايا العمالة النسوية الفلاحية ومناصرتها وتذكير صناع القرار وراسمي السياسات العامة بضرورة ايلائها الأهمية التي تستحقها وترجمة ذلك في إطار استراتيجية وطنية للنهوض بالقطاع الفلاحي وهيكلته وحماية اليد العاملة فيه. ينظم المنتدى يوم الأحد 15 أكتوبر الجاري بمدينة الثقافة المعرض الوطني للعمالة الفلاحية النسوية الذي ستتواصل ابوابه مفتوحة للعموم على امتداد 10 ايام حيث يحتوي على منشورات وصور وفيديوهات ودراسات وحلقات ستتتناول قضايا العمالة الفلاحية النسوية من جوانب مختلفة وتسلط الضوء على مواضيع عدة منها المتداولة ومنها المسكوت عنه.
وفي الإطار ذاته نظمت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن موكبا لتسليم دفعة هامّة من إشعارات الموافقة لمنتفعات من البرنامج الخصوصيّ للتمكين الاقتصاديّ للنساء العاملات في المجال الفلاحي في تجربته النموذجيّة بولايتي القيروان وسيدي بوزيد إضافة إلى تنظيم معرض وطنيّ للنّاشطات في القطاع الفلاحي بقاعة الأخبار بالعاصمة.
التطورات الجديدة في ملف الأعوان المتعاقدين بوزارة التربية : هل هي بداية الانفراج للقطع النهائي مع آليات التشغيل الهش؟
بعد سنوات طويلة من النضالات المتواصلة من أجل حلحلة ملفهم الذي ظل يراوح مكانه بسبب عدم تجا…