2023-10-14

تأخر إصلاح ملف الدعم ، يعمّق الأزمة الاجتماعية

مع‭ ‬اقتراب‭ ‬مناقشة‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬2024‭ ‬تلوح‭ ‬فكرة‭ ‬ترشيد‭ ‬الدعم‭ ‬وتوجيهه‭ ‬إلى‭ ‬مستحقيه‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬بشكل‭ ‬أعمق‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أزمة‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬المدعمة‭ ‬وتبعات‭ ‬تواصل‭ ‬الإسراف‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬موضعه‭ ‬مع‭ ‬قطاعات‭ ‬السياحة‭ ‬والمطاعم‭ ‬ومحلات‭ ‬الصناعات‭ ‬الغذائية‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬خطة‭ ‬ترشيد‭ ‬توزيع‭ ‬المواد‭ ‬المدعمة‭ ‬طال‭ ‬انتظار‭ ‬تحقيقها‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ .‬

ويكتسي‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬أهمية‭ ‬كبرى‭ ‬اليوم‭ ‬مع‭ ‬الصعوبات‭ ‬التي‭ ‬تعترض‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬وتوريد‭ ‬أساسيات‭ ‬هذه‭ ‬المنتوجات‭ ‬كما‭ ‬الشأن‭ ‬بالنسبة‭ ‬الى‭ ‬صعوبات‭ ‬إنتاج‭ ‬مواد‭ ‬أخرى‭ ‬محلية‭ ‬كالحليب‭ ‬المدعم‭ ‬،‭ ‬حيث‭ ‬يرى‭ ‬بعض‭ ‬خبراء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬أنه‭ ‬بات‭ ‬من‭ ‬الملحّ‭ ‬اليوم‭ ‬إدراج‭ ‬خطة‭ ‬عملية‭ ‬لديمومة‭ ‬الإنتاج‭ ‬الوطني‭ ‬وتقنين‭ ‬عمليات‭ ‬التوريد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬مسالك‭ ‬الإنتاج‭ ‬والتوزيع‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬وفرض‭ ‬أسعار‭ ‬خاصة‭ ‬بالقطاعات‭ ‬كالسياحة‭ ‬والمطاعم‭ ‬والمحلات‭ ‬التجارية‭ ‬للعموم‭ ‬التي‭ ‬تستعمل‭ ‬المواد‭  ‬الغذائية‭ ‬المدعمة‭ ‬من‭ ‬مشتقات‭ ‬الحبوب‭ ‬بما‭ ‬أن‭ ‬كميات‭ ‬هامة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المنتوجات‭ ‬تتمتع‭ ‬بها‭ ‬هذه‭ ‬القطاعات‭ ‬كغيرها‭ ‬من‭ ‬عموم‭ ‬الشعب‭ ‬مقابل‭ ‬مرابيح‭ ‬طائلة‭ ‬يراها‭ ‬مراقبون‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تتمتع‭ ‬بها‭ ‬الدولة‭ ‬ونعني‭ ‬هنا‭ ‬أغلب‭ ‬النزل‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬مقيمة‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬برأسمال‭ ‬أجنبي‭ ‬دون‭ ‬إدخال‭ ‬مرابيحها‭ ‬في‭ ‬الدورة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬باستثناء‭ ‬تشغيلية‭ ‬محدودة‭ ‬لليد‭ ‬العاملة‭ .‬

مشكلة‭ ‬التراخي‭ ‬في‭ ‬تفعيل‭ ‬برنامج‭ ‬الدعم‭ ‬وتوجيهه‭ ‬إلى‭ ‬مستحقيه‭ ‬يطرح‭ ‬اليوم‭ ‬بشدة‭ ‬على‭ ‬عديد‭ ‬المنتوجات‭ ‬كالمحروقات‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بأسعارها‭ ‬المدعمة‭ ‬الطبقات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬تصنيفاتها‭ ‬ولكن‭ ‬بدرجات‭ ‬متفاوتة‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬وحسب‭ ‬الملاحظين‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬أن‭ ‬تتواصل‭ ‬هذه‭ ‬السياسات‭ ‬الخاطئة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الابقاء‭ ‬على‭ ‬ملف‭ ‬الدعم‭ ‬على‭ ‬حاله‭ ‬،‭ ‬رغم‭ ‬المسار‭ ‬الذي‭ ‬ذهبت‭ ‬فيه‭ ‬الدولة‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة‭ ‬أسعار‭ ‬المحروقات‭ ‬مع‭ ‬حلول‭ ‬السنة‭ ‬القادمة‭ ‬وهو‭ ‬إجراء‭ ‬ستكون‭ ‬له‭ ‬نتائج‭ ‬سلبية‭ ‬على‭ ‬الطبقات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الضعيفة‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬التخلي‭ ‬الوقتي‭ ‬عن‭ ‬آلية‭ ‬التعديل‭ ‬الذاتي‭ ‬للمحروقات‭ ‬ستكون‭ ‬لها‭ ‬نتائج‭ ‬عكسية‭ ‬على‭ ‬المقدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للمواطن‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬لسنة‭ ‬2023‭ ‬بنيت‭ ‬أركانها‭ ‬على‭ ‬سعر‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬الـ89‭ ‬دولارا‭ ‬لبرميل‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬معدل‭ ‬السعر‭ ‬العالمي‭ ‬استقر‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬الـ‭ ‬74‭   ‬دولارا‭ ‬للبرميل‭ ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬تحقق‭ ‬نتائج‭ ‬ايجابية‭ ‬وليست‭ ‬سلبية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الخصوص‭ ‬ويفترض‭ ‬أن‭ ‬تراعي‭ ‬آلية‭ ‬التعديل‭ ‬التي‭ ‬دأبت‭ ‬عليها‭ ‬خلال‭ ‬الأعوام‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬الثقة‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬المواطن‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬مع‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إتباع‭ ‬آلية‭ ‬التعديل‭ ‬الذاتي‭ ‬لأسعار‭ ‬المحروقات‭ ‬لها‭ ‬مزايا‭ ‬أخرى‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬الصناعات‭ ‬الغذائية‭ ‬التي‭ ‬تتأثر‭ ‬بالزيادة‭ ‬أوبالنقصان‭ ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬المحروقات‭ ‬عالميا‭ ‬وبالتالي‭ ‬لها‭ ‬تداعيات‭ ‬على‭ ‬التصنيع‭ ‬المحلي‭ ‬في‭ ‬خفض‭ ‬الأسعار‭ ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬توفير‭ ‬مناخات‭ ‬من‭ ‬الثقة‭ .‬

انخفاض‭ ‬سعر‭ ‬البرميل‭ ‬عالميا‭ ‬بدولار‭ ‬واحد‭ ‬مقارنة‭ ‬بالفرضية‭ ‬التي‭ ‬اتبعتها‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬ميزانية‭ ‬العام‭ ‬الجاري‭ ‬ينعش‭ ‬الميزانية‭  ‬برقم‭ ‬يعادل‭ ‬تقريبا‭ ‬حجم‭ ‬الدعم‭ ‬العام‭ ‬الذي‭ ‬قررت‭ ‬الحكومة‭ ‬رفعه‭ ‬عن‭ ‬المحروقات‭ ‬خلال‭ ‬السنة‭ ‬الإدارية‭ ‬الحالية‭ .‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

مشروع الانتقال الطاقي بالمؤسسات العمومية : توجّه لاستدامة الموارد الطاقية وتخفيف الأعباء المالية

تواصل بلادنا تنفيذ مشروع «الانتقال الطاقي في المؤسسات العمومية» الذي سيشمل 22 وزارة، وتهدف…