لم‭ ‬يكتف‭ ‬الغرب‭ ‬باعلان‭ ‬انحيازه‭ ‬لآلة‭ ‬الحرب‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬وبتقديم‭ ‬دعمه‭ ‬اللامشروط‭ ‬لها‭ ‬سياسيا‭ ‬وعسكريا‭ ‬بل‭ ‬تعدّى‭ ‬ذلك‭ ‬لقمع‭ ‬كل‭ ‬صوت‭ ‬مندد‭ ‬بالإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬بحق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الأعزل‭. ‬

ولم‭ ‬يمر‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكشف‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬ازدواجية‭ ‬المعايير‭ ‬التي‭ ‬يعتمدها‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الشعوب‭ ‬والقضايا‭ ‬الانسانية‭ ‬والأزمات‭ ‬السياسية‭ ‬ليسقط‭ ‬عن‭ ‬وجهه‭ ‬القناع‭ ‬الذي‭ ‬طالما‭ ‬تخفّى‭ ‬وراءه‭ ‬لاحتلال‭ ‬دول‭ ‬وتخريب‭ ‬أوطان‭ ‬اواسقاط‭ ‬أنظمة‭ ‬وفرض‭ ‬أخرى‭ ‬بدعوى‭ ‬نشر‭ ‬الديمقراطية‭ ‬ومحاربة‭ ‬الديكتاتورية‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الشعوب‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيرها‭. ‬

  ‬فهاهي‭ ‬فرنسا‭ ‬البلد‭ ‬الديمقراطي‭ ‬تقرر‭ ‬بقوة‭ ‬القانون‭ ‬قمع‭ ‬كل‭ ‬تظاهرة‭ ‬مناصرة‭ ‬لغزة،‭ ‬وهاهم‭ ‬رجال‭ ‬شرطتها‭ ‬يشتبكون‭ ‬مع‭ ‬متظاهرين‭ ‬تحدّوا‭ ‬قانون‭ ‬منع‭ ‬التظاهر‭ ‬ونزلوا‭ ‬للشوارع‭ ‬نصرة‭ ‬لشهداء‭ ‬غزة،‭ ‬

وهاهي‭ ‬ايضا‭ ‬وبقوّة‭ ‬القانون‭ ‬تقرّر‭ ‬ودون‭ ‬تردد‭ ‬تصنيف‭ ‬التعاطف‭ ‬مع‭ ‬غزة‭ ‬وشهدائها‭ ‬كعمل‭ ‬ارهابي‭ ‬يستوجب‭ ‬السجن،‭ ‬وهاهي‭ ‬وسائل‭ ‬اعلامها‭ ‬لا‭ ‬تخجل‭ ‬من‭ ‬اظهار‭ ‬انحيازها‭ ‬الواضح‭ ‬لاسرائيل‭ ‬مثلها‭ ‬مثل‭ ‬كل‭ ‬الاعلام‭ ‬الغربي‭. ‬

وكفرنسا‭ ‬حظرت‭ ‬دول‭ ‬كثيرة‭ ‬التظاهر‭ ‬نصرة‭ ‬لغزة‭ ‬وشهدائها‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬التعاطف‭ ‬برفع‭ ‬الأعلام‭ ‬الفلسطينية،‭  ‬ففي‭ ‬بريطانيا‭ ‬وجهت‭ ‬وزيرة‭ ‬الداخلية‭ ‬سويلا‭ ‬برافمارن‭ ‬تعليمات‭ ‬إلى‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة‭ ‬مفادها‭ ‬اأن‭ ‬التلويح‭ ‬بالعلم‭ ‬الفلسطيني‭ ‬أو‭ ‬ترديد‭ ‬هتاف‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬جريمة‭ ‬جنائيةب‭ ‬أمّا‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭ ‬فقد‭ ‬حث‭ ‬الرئيس‭ ‬فرانك‭  ‬شتايتمار‭ ‬على‭ ‬منع‭ ‬الاحتفاء‭ ‬بالمقاومة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وفي‭ ‬كندا‭ ‬فقد‭ ‬طيّار‭ ‬عمله‭ ‬لمجرد‭ ‬انه‭ ‬أعلن‭ ‬تعاطفه‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

إن‭ ‬المتابع‭ ‬لردود‭ ‬فعل‭ ‬العواصم‭ ‬الغربية‭( ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬أمريكا‭ ‬التي‭ ‬حشدت‭ ‬العتاد‭ ‬والسلاح‭ ‬لدعم‭ ‬اسرائيل‭ ‬وأسرعت‭ ‬بارسال‭ ‬وزير‭ ‬خارجيتها‭ ‬لزيارة‭ ‬تل‭ ‬ابيب‭) ‬حول‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬غزة‭  ‬يقف‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬عند‭ ‬سياسة‭ ‬ازدواجية‭ ‬المعايير‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬القضايا‭ ‬الانسانية‭.‬

انه‭ ‬من‭ ‬المؤسف‭ ‬أن‭ ‬نشاهد‭ ‬اليوم‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬الغرب‭ ‬الذي‭ ‬طالما‭ ‬ادّعى‭ ‬وتشدق‭ ‬بدفاعه‭ ‬عن‭ ‬الحقوق‭ ‬والحريات‭ ‬والانتصار‭ ‬للقضايا‭ ‬الانسانية‭ ‬والذي‭ ‬لا‭ ‬يخجل‭ ‬من‭ ‬انحيازه‭ ‬الفج‭ ‬لدولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الاسرائيلي‭  ‬ولا‭ ‬يتوانى‭ ‬في‭ ‬وصف‭ ‬ردة‭ ‬الفعل‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وحق‭ ‬المقاومة‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬أرضها‭ ‬وشعبها‭ ‬عملا‭ ‬ارهابيا‭ ‬ووحشيا‭ ‬وبربريا،‭  ‬هو‭ ‬نفسه‭ ‬ذلك‭ ‬الغرب‭ ‬الذي‭ ‬يقف‭ ‬صامتا‭ ‬منذ‭ ‬خمسة‭ ‬وسبعين‭ ‬سنة‭ ‬على‭ ‬جرائم‭ ‬اسرائيل‭ ‬بحق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬فبريطانيا‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتورع‭ ‬اليوم‭ ‬عن‭ ‬منع‭ ‬التظاهر‭ ‬على‭ ‬أرضها‭ ‬تعاطفا‭ ‬مع‭ ‬أبناء‭ ‬غزة‭ ‬هي‭  ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬منحت‭ ‬الحركة‭ ‬الصهيونية‭ ‬وعد‭ ‬بلفور‭ ‬عام‭ ‬1917‭ ‬وأمريكا‭ ‬التي‭ ‬وقف‭ ‬وزير‭ ‬خارجيتها‭ ‬قبل‭ ‬ساعات‭ ‬متأثرا‭ ‬ومعلنا‭ ‬بكل‭ ‬تصميم‭ ‬عن‭ ‬دعم‭ ‬بلده‭ ‬الدائم‭ ‬لإسرائيل‭ ‬هي‭ ‬أول‭ ‬من‭  ‬اعترف‭ ‬باسرائيل‭ ‬كدولة‭ ‬وفعل‭ ‬المستحيل‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬منع‭ ‬الاعتراف‭ ‬الدولي‭ ‬بفلسطين‭ ‬كدولة‭.‬

إن‭ ‬الغرب‭ ‬الذي‭ ‬يمنع‭ ‬اليوم‭ ‬مواطنيه‭ ‬من‭ ‬الخروج‭ ‬إلى‭ ‬الشوارع‭ ‬انتصارا‭ ‬لقضية‭ ‬عادلة‭ ‬وللتنديد‭ ‬بوحشية‭ ‬نظام‭ ‬محتل‭ ‬مستبد‭ ‬قاتل‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭ ‬الغرب‭ ‬الذي‭ ‬ركب‭ ‬جنوده‭ ‬الدبابات‭ ‬وقصفت‭ ‬طائراته‭ ‬شعوبا‭ ‬بأكملها‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬مخاتل‭ ‬يدّعي‭ ‬حراسة‭ ‬معبد‭ ‬الحريات‭ ‬والحقوق‭.‬

‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬قمع‭ ‬الأنظمة‭ ‬الغربية‭ ‬لكل‭ ‬صوت‭ ‬يدين‭ ‬القصف‭ ‬والحصار‭ ‬المتواصلين‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬بمباركة‭ ‬وتزكية‭ ‬منها‭ ‬يكشف‭ ‬للعالم‭ ‬اجمع‭ ‬زيف‭ ‬كل‭ ‬الشعارات‭ ‬البرّاقة‭ ‬التي‭ ‬ترفعها‭ ‬منادية‭ ‬بالديمقراطية‭ ‬واالمتطرفةب‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬العدالة‭ ‬الدولية‭ ‬وسيادة‭ ‬الدول‭ ‬وحقوق‭ ‬الشعوب‭.‬

اليوم‭ ‬وقد‭ ‬أسقطت‭ ‬غزة‭ ‬ورقة‭ ‬التوت‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الغرب‭ ‬وكشفت‭ ‬كذبته‭ ‬ومسحت‭ ‬المساحيق‭ ‬عن‭ ‬وجهه‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬ومن‭ ‬باب‭ ‬الحياء‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬للدول‭ ‬الغربية‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تعطي‭ ‬الدروس‭ ‬للآخر‭ ‬أو‭ ‬تقف‭ ‬محاضرة‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬منبر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬متهمة‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬أو‭ ‬ذاك‭ ‬بممارسة‭ ‬الديكتاتورية‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تصدر‭ ‬بيانات‭ ‬وإفادات‭ ‬تعبر‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬قلقها‭ ‬وعميق‭ ‬انشغالها‭ ‬من‭ ‬تراجع‭ ‬وضع‭ ‬الحريات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬أو‭ ‬ذاك‭ ‬فمن‭ ‬كان‭ ‬بيته‭ ‬من‭ ‬بلور‭ ‬لا‭ ‬يرمي‭ ‬الناس‭ ‬بالحجر‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

أما آن لإفريقيا أن تنهض..؟

يشارك القادة والزعماء الافارقة في القمة الاقتصادية الصينية الافريقية والتي جدد في يومها ال…