“اقمم .. قمم..
اوتبدأ الجلسة… لا… لن ولم…
وينزل المولود نصف عورة ونصف فَمْ…
هذا دمْ أم ليس دم…”
لولا ثقلها ولولا حدّتها لكنّا نشرنا قصيدة مظفر النواب كاملة دون أدنى تصرف كونها تعبّر بعمق وبوجيعة عن رداءة وتخاذل الحكام العرب في تعاطيهم مع الجريمة الصهيونية التي يرتكبها جيش الاحتلال في غزة المنكوبة على مرمى ومسمع العالم وشعوبه… وأعوّل ـ هنا ـ على ذاكرة أجيال وأجيال مرّت عليها قصيدة اقمم… قمم لمظفر النواب والكل يحفظها حيث تسربت من جيل الى جيل ولا شيء تبدّل…
حفظتها الشعوب العربية وغفلت عنها الأنظمة العربية وقد نكّل بها االشاعرب فأخجل جلالتهم وسموّهم من الملوك والشيوخ والخدم…
فعلا لقد نزل المولود انصف عورة ونصف فمب مشوّها ومتخاذلا ومحبطا للرأي العام العربي الذي توقع حدا أدنى يقطع مع تاريخ الخيبات الذي راكمته جامعة الدول العربية منذ تأسيسها وأن يكون لها موقف قومي جريء في حجم الدم المستباح والمهدور على الاراضي المحتلة…
على المستوى الشخصي لم أكن أتوقع شيئا من جامعة العرب بل رجّحت ان تزيد على النكبة نكبات وأن تعمّق الجرح وان يكون موقفها مخجلا وأن يكون بيانها بيان عار… وكان كذلك ـ بالفعل ـ وأكثر بل هو جاء متماهيا مع عدوانية أوروبا ومتناغما مع موقف الادارة الامريكية التي كانت أعلنت االنفير العامب وحرّكت أسطولها في اتجاه المنطقة وأعدّت مالا وعتادا من أجل حماية الكيان الصهيوني وشعب اسرائيل من االارهاب الفلسطينيب…
حماس منظمة ارهابية واطوفان الاقصىب عملية ارهابية… هكذا جاءت توصيفات الادارة الامريكية وتوابعها من أوروبا وخاصة فرنسا وبريطانيا والتي تبناها الاعلام الغربي الذي نجح في اقناع شعوب المنطقة بأن اسرائيل مهدّدة في كيانها وهي تتعرض لأكبر اهجمة ارهابيةب منذ أقامت على الاراضي الفلسطينية…
انصف عورة ونصف فمب… هذا ما ينطبق على البيان الصادر أول أمس عن اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية والذي سوّى بين الجلاد والضحية وأدان ضمنيا المقاومة الفلسطينية بل هو غفل عنها تماما وتجاهلها بعدم الاعتراف ـ أصلا ـ بوجودها بتأكيده على ان منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ـ وهنا ـ محاولة بائسة تتخلّص من المقاومة وتدينها ضمنيا بأن لا تشير إليها ـ أصلا ـ ولا الى المواثيق الدولية التي تمنح الحق للشعوب لمقاومة محتلّيها بكل الوسائل.
ويضيف البيان :االتمسك بالسلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين كخيار استراتيجي لحماية المنطقة وجميع دولها وشعوبها ومستقبلها من خطر العنف والحروب وانعكاساتها المدمرة…ب ويبدو ـ واضحا ـ في هذا المقتطف ثقل دول التطبيع في صياغة هذا البيان الذي يتحدث عن احماية المنطقة وجميع دولهاب… وهو هنا لا يستثني ااسرائيلب بل يعتبرها من دول المنطقة.
وأدان البيان قتل المدنيين من الجانبين واستهدافهم وجميع الاعمال المنافية للقانون الدولي الانساني وعلى ضرورة اطلاق سراح المدنيين وجميع الاسرى (المعتقلين) وكما هو واضح فإن البيان ـ هنا ـ لا يفرّق بين الجلاّد والضحية… بين جيش نظامي يعتبر من بين الجيوش الأكثر جاهزية وتفوقا في العالم بصدد تنفيذ عملية ابادة جماعية للسكان الاصليين أصحاب الارض وبين فصيل مقاوم بصدد الدفاع عن أرضه وعرضه بامكانيات بدائية…
فهل يعقل ان نُدين حركات التحرر الوطني…؟ هل يعقل ان ندين من يدافع عن أرضه وأن نعتبره قاتلا… هل من العقل إدانة القاتل والمقتول في نفس اللحظة..؟
هذا ـ فعلا ـ بيان عار… نصف عورة ونصف فم… والحقيقية الحقيقة لم يعد ثمّة أمل في هذه الجامعة وقممها فقد راكمت من الخيبات عبر تاريخها ما يكفي لقبرها خاصة وأنه لم يعد للعرب قادة كبار في حجم الزعماء التاريخيين من المغرب العربي ومن المشرق والخليج بل أشباه جلالة واشباه سموّ واشباه رؤساء يتسابقون من أجل الوقوف في طابور التطبيع رغما عن شعوبهم المقموعة في أوطانها والحمد لله انه ما تزال على الاراضي التونسية عزائم وارادات صلبة (رسميا وشعبيا) قادرة على الصراخ ابالفَمِ كلّه لا بنصفهب للتصدي للخيبات بما يفتح انقطة ضوء ونورب وسط هذا السواد السحيق…
ومرّة اخرى تتحرك تونس بأمر من رئيسها لحفظ اماء الوجهب الذي أهدره ابيان العارب وذلك بتقديم تحفظها رسميا وعن طريق وزير خارجيتها… تحفّظ يدين بيان وزراء الخارجية العرب ويرفضه برمته ويعلن عدم الانتماء اليه أصلا بما أنه:انصف عورة ونصف فمب… بيان عار يدين االقاتل والمقتولب… وتونس الشعبية والرسمية تعلن تبرؤها من المهزلة…
«مجلس أعلى للثقافة».. من أجل إعادة البناء..!
من أكثر القطاعات التي تحتاج الى «حرب تحرير وتطهير» كبرى، قطاع الثقافة و«ثكنته البيروقراطي…