2023-10-12

ناتنياهو وامريكا و«إعدام مسار السلام» : حين ينقلب السحر على الساحر

7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭ ‬يوم‭ ‬سيذكره‭ ‬التاريخ‭ ‬فما‭ ‬قبل‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬كما‭ ‬بعده‭ ‬وقبل‭ ‬7‭ ‬اكتوبر‭ ‬2023‭ ‬كانت‭ ‬أنظار‭ ‬العالم‭ ‬متجهة‭ ‬نحو‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وكانت‭ ‬أمريكا‭ ‬تحشد‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬مزيد‭ ‬الدعم‭ ‬لهذا‭ ‬البلد‭ ‬في‭ ‬اطار‭ ‬صراعها‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬ومن‭ ‬ورائها‭ ‬الصين‭…‬

أما‭ ‬بعد‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭ ‬فلا‭ ‬حديث‭ ‬للعالم‭ ‬الا‭ ‬عن‭ ‬غزة‭ ‬والقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وعن‭ ‬تطورات‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬هناك‭ ‬وان‭ ‬اختلفت‭ ‬المقاربات‭ ‬والمكاييل‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬يقف‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الطرف‭ ‬ومن‭ ‬يعتبر‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬ضحية‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬لأمريكا‭ ‬من‭ ‬أولويات‭ ‬الا‭ ‬كيفية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬اطوفان‭ ‬الأقصىب‭ ‬ومعاقبة‭ ‬غزة‭ ‬على‭ ‬تجرئها‭ ‬على‭ ‬مهاجمة‭ ‬حليفها‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

استفاق‭ ‬العالم‭ ‬يوم‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬على‭ ‬أخبار‭ ‬عمليات‭ ‬المداهمة‭ ‬والتسلل‭ ‬التي‭ ‬نفذتها‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬اسرائيل‭ ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬التاريخ‭ ‬لا‭ ‬حديث‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الاعلام‭ ‬العربية‭ ‬والعالمية‭ ‬الا‭ ‬عما‭ ‬يحدث‭ ‬هناك‭ ‬وعن‭ ‬تداعيات‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬المستويات‭ ‬وكان‭ ‬الاجماع‭ ‬الحاصل‭ ‬ان‭ ‬لا‭ ‬ملف‭ ‬بمنأى‭ ‬عمّا‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬ذهب‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬أجواء‭ ‬تذكر‭ ‬بأجواء‭ ‬السبعينات‭ ‬رغم‭ ‬تأكيد‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المحللين‭ ‬على‭ ‬انه‭ ‬من‭ ‬السابق‭ ‬لأوانه‭ ‬التكهن‭ ‬بارتدادات‭ ‬ومضاعفات‭ ‬ما‭ ‬سيحدث‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬برمّتها‭ ‬مع‭ ‬التشديد‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭ ‬استكون‭ ‬تداعيات‭ ‬خطيرة‭ ‬ولا‭ ‬مسبوقةب‭. ‬

يذهب‭ ‬البعض‭ ‬إلى‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬يوم‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬في‭ ‬أهميته‭ ‬عن‭ ‬يوم‭ ‬11‭ ‬سبتمبر‭ ‬2001‭ ‬حين‭ ‬استفاق‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬صور‭ ‬أبراج‭ ‬أمريكا‭ ‬وهي‭ ‬بصدد‭ ‬التحوّل‭ ‬إلى‭ ‬ركام،‭ ‬ويتوقع‭ ‬هؤلاء‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لهذا‭ ‬اليوم‭ ‬تداعيات‭ ‬كبيرة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تقديرها‭ ‬حاليا‭ ‬رغم‭ ‬مرور‭ ‬6‭ ‬أيام‭ ‬على‭ ‬بداية‭ ‬الأحداث‭ ‬كتداعيات‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬يوم‭ ‬11‭ ‬سبتمبر‭.‬

في‭ ‬المقابل‭ ‬وكما‭ ‬كان‭ ‬لأحداث‭ ‬11‭ ‬من‭ ‬سبتمبر‭ ‬أسباب‭ ‬موضوعية‭ ‬ومنطقية‭ ‬فان‭ ‬هناك‭ ‬اجماعا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬حصل‭  ‬يوم‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬هو‭ ‬نتيجة‭ ‬طبيعية‭ ‬لسياسات‭ ‬أمريكية‭- ‬اسرائيلية‭ ‬ممنهجة‭ ‬راهنت‭ ‬على‭ ‬تعفين‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬واستخفت‭ ‬بما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬البقعة‭ ‬الجغرافية‭ ‬من‭ ‬ظلم‭ ‬وبطش‭.‬

لا‭ ‬يخفى‭ ‬على‭ ‬احد‭ ‬ان‭ ‬بايدن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الذي‭ ‬يحشد‭ ‬اليوم‭ ‬عسكريا‭ ‬وسياسيا‭ ‬لدعم‭ ‬اسرائيل‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬عملية‭ ‬الابادة‭ ‬الجماعية‭ ‬المرفقة‭ ‬بعملية‭ ‬تهجير‭ ‬جديدة‭ ‬للغزاويين‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬ابرز‭ ‬من‭ ‬ساهموا‭ ‬في‭  ‬اشتعال‭ ‬جبهة‭ ‬غزة‭.‬

لقد‭ ‬أطلق‭ ‬بايدن‭ ‬يد‭ ‬ناتنياهو‭ ‬الذي‭ ‬أطلق‭ ‬بدوره‭ ‬يد‭ ‬وزرائه‭ ‬المتطرفين‭ ‬فمضوا‭ ‬في‭ ‬تدنيس‭ ‬مقدسات‭ ‬شعب‭ ‬غير‭ ‬عابئين‭ ‬بمشاعر‭ ‬الغضب‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تعتمل‭ ‬داخله‭ ‬فكانت‭ ‬كل‭ ‬خطوة‭ ‬يخطوها‭ ‬بن‭ ‬غفير‭ ‬تزيدها‭ ‬اشتعالا‭ ‬مثلها‭ ‬مثل‭ ‬كل‭ ‬مستوطنة‭ ‬جديدة‭ ‬تشيّد‭ ‬على‭ ‬ارض‭ ‬مسلوبة‭ ‬من‭ ‬صاحبها‭ ‬الشرعي‭.‬

لقد‭ ‬اعتقد‭ ‬ناتنياهو،‭ ‬الذي‭ ‬وفي‭ ‬سبيل‭ ‬الفوز‭ ‬بالصراع‭ ‬المحموم‭ ‬على‭ ‬الكرسي،‭  ‬أن‭ ‬اعطاء‭ ‬الضوء‭ ‬الأخضر‭ ‬للاعتداء‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وممتلكاتهم‭ ‬ولاقتحامات‭ ‬باحات‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬شبه‭ ‬اليومية،‭ ‬وفرض‭ ‬تقسيم‭ ‬مكاني‭ ‬وزماني‭ ‬للمسجد‭ ‬سيجعله‭ ‬يكسب‭ ‬ثقة‭ ‬الاسرائيليين‭ ‬متناسيا‭ ‬أن‭ ‬لذلك‭ ‬فاتورة‭ ‬غالية‭ ‬سيأتي‭ ‬يوم‭ ‬لتسديد‭ ‬حسابها‭.‬

منذ‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاق‭ ‬أوسلو‭ ‬انتظر‭ ‬الفلسطينيون،‭ ‬الذين‭ ‬قبلوا‭ ‬بمخرجاته‭ ‬على‭ ‬مضض،‭ ‬كثيرا‭ ‬أن‭ ‬تتحرك‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬باتجاه‭ ‬الدفع‭ ‬نحو‭ ‬ايجاد‭ ‬حل‭ ‬نهائي‭ ‬للصراع‭ ‬الفلسطيني‭- ‬الاسرائيلي‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬الأخيرة‭ ‬أغفلت‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭ ‬وحولته‭ ‬إلى‭ ‬مجرد‭ ‬خربشات‭ ‬على‭ ‬ورق‭ ‬وصور‭ ‬مصافحات‭ ‬اعتقدت‭ ‬أنها‭ ‬كافية‭ ‬لقبر‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وأنها‭ ‬ستكون‭ ‬قطعة‭ ‬الحلوى‭ ‬التي‭ ‬سيكتفي‭ ‬بها‭ ‬الفلسطينيون،‭ ‬بل‭ ‬وعلى‭ ‬العكس‭ ‬اختارت‭ ‬أن‭ ‬تهوّد‭ ‬القدس‭ ‬وقررت‭ ‬نقل‭ ‬مقر‭ ‬سفارتها‭ ‬إليها‭ ‬ولم‭ ‬تبد‭ ‬أي‭ ‬ساكن‭ ‬أمام‭ ‬تواصل‭ ‬تمدد‭ ‬المستوطنات‭  ‬كما‭ ‬أغلقت‭ ‬باب‭ ‬المساعدات‭ ‬أمام‭ ‬الاورنوا‭ ‬فكانت‭ ‬النتيجة‭ ‬انفجارا‭ ‬جاء‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬من‭ ‬غزة‭ ‬وقد‭ ‬يتوسع‭ ‬لمناطق‭ ‬أخرى‭ ‬قد‭ ‬تقرع‭ ‬فيها‭ ‬طبول‭ ‬الحرب‭ ‬كلبنان‭ ‬وسوريا‭ ‬واليمن‭ ‬وحتى‭ ‬العراق‭ ‬أين‭ ‬لحماس‭ ‬حلفاء‭  ‬كثر‭ ‬ينتظرون‭ ‬الضوء‭ ‬الأخضر‭ ‬لفتح‭ ‬جبهات‭ ‬جديدة‭ ‬قد‭ ‬تدخل‭ ‬المنطقة‭ ‬كلها‭ ‬في‭  ‬دوامة‭ ‬الحرب‭ .‬

تسابق‭ ‬ادارة‭ ‬ناتنياهو‭ ‬اليوم‭ ‬ومعها‭ ‬ادارة‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬الزمن‭ ‬لاحتواء‭ ‬زلزال‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭  ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تلقين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬درسا‭ ‬في‭ ‬حجم‭ ‬قسوة‭ ‬الصفعة‭ ‬التي‭ ‬تلقياها‭ ‬فجر‭ ‬السبت‭ ‬الماضي،‭ ‬لكّنهما‭ ‬يتناسيان‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬نتيجة‭ ‬حتمية‭ ‬لسياسات‭ ‬قبرت‭ ‬عملية‭ ‬السلام‭ ‬طيلة‭ ‬عقود‭ ‬وأن‭ ‬السحر‭ ‬انقلب‭ ‬على‭ ‬الساحر‭ ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬يوم‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬بأي‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال‭ ‬كما‭ ‬بعد‭ ‬يوم7‭ ‬أكتوبر‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

مع الأحداث : حتّى لا تسقط سوريا كما سقط الأسد..

حتى قبل دخول دمشق وإعلان مغادرته لسوريا كان هناك إجماع وشبه يقين لدى السوريين ولدى كل من ي…