2023-10-12

«الطوفان» يكشف الوجه القبيح للإعلام الغربي : يكيل بمكيالين …ولا يتحرّى الحقيقة

ونحن‭ ‬نعيش‭ ‬على‭ ‬إيقاع‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬المقاومة‭ ‬وعيوننا‭ ‬ترقب‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬تحت‭ ‬سمائها‭ ‬ثمة‭ ‬حكايات‭ ‬أخرى‭ ‬تجدّ‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬لكنها‭ ‬تصبّ‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬الحدث‭ ‬الكبير‭. ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬صحفية‭ ‬عربية‭ ‬تشتغل‭ ‬في‭ ‬مؤسسة‭ ‬إعلامية‭  ‬كبيرة‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬أن‭ ‬تخفي‭ ‬تضامنها‭ ‬مع‭ ‬غزة‭ ‬فكتبت‭ ‬تدوينة‭ ‬متعاطفة‭ ‬فكان‭ ‬من‭ ‬زملائها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المحطة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يناصبوها‭ ‬العداء‭ ‬ويكيلون‭ ‬لها‭ ‬أبشع‭ ‬النعوت‭ ‬والصفات‭ ‬متهمين‭ ‬إياها‭ ‬بالعنصرية‭ ‬ومعاداة‭ ‬السامية‭ ‬بل‭ ‬ودعم‭ ‬الإرهاب‭. ‬

وإذا‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬تفصيلة‭ ‬جدّت‭ ‬في‭ ‬الكواليس‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬تحت‭ ‬الأضواء‭ ‬وترصده‭ ‬عين‭ ‬الكاميرا‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬خطورة‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭. ‬

فالواضح‭ ‬أن‭ ‬الاصطفاف‭ ‬الغربي‭ ‬خلف‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬لا‭ ‬اختلاف‭ ‬عليه‭ ‬بل‭ ‬يصعب‭ ‬علينا‭ ‬أحيانا‭ ‬حتى‭ ‬التنسيب‭ ‬فحتى‭ ‬الأصوات‭ ‬المختلفة‭ ‬نسبيا‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تحمّل‭ ‬المقاومة‭ ‬وحدها‭ ‬مسؤولية‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬تساوي‭ ‬بين‭ ‬الجلاد‭ ‬والضحية‭ ‬وتدعو‭ ‬الى‭ ‬وقف‭  ‬ما‭ ‬تسميه‭ ‬بـاالعنف‭ ‬المتبادلب‭ ‬بين‭ ‬حماس‭ ‬والجيش‭ ‬الإسرائيلي‭. 

إذن‭ ‬هي‭ ‬ليست‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬يفتضح‭ ‬فيها‭ ‬أمر‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربي‭ ‬ويبرز‭ ‬وجهه‭ ‬الحقيقي‭ ‬كخادم‭ ‬مطيع‭ ‬لدى‭  ‬اللوبيات‭  ‬الصهيونية‭  ‬المتحكمة‭ ‬في‭ ‬غرف‭ ‬الأخبار‭ ‬في‭ ‬كبريات‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإعلامية‭. ‬

وفـي‭ ‬هــذا‭ ‬يسـتـوي‭ ‬الأمـريـكان‭ ‬والأوروبيون‭  ‬ويجتمعون‭ ‬على‭ ‬كلمة‭ ‬واحدة‭ ‬وهي‭ ‬الدعم‭ ‬اللامشروط‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬ويغمضون‭ ‬عيونهم‭ ‬عن‭ ‬جرائمهم‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬والحاضر‭.‬

وبالتأكيد‭ ‬هم‭ ‬مازالوا‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬المحرقة‭ ‬اليهودية‭ ‬أسرى‭ ‬عقدة‭ ‬الذنب‭ ‬التاريخية‭ ‬إزاء‭ ‬اليهود‭ ‬التي‭ ‬تحولت‭ ‬بفعل‭ ‬المصالح‭ ‬المتشابكة‭ ‬وعلى‭ ‬مرّ‭ ‬الزمن‭ ‬وتراكم‭ ‬الأحداث‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬للصهيونية‭ ‬واعتبار‭ ‬إسرائيل‭ ‬الابن‭ ‬المدلل‭ ‬وتستوي‭ ‬هنا‭ ‬فرنسا‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬مع‭ ‬ألمانيا‭ ‬مع‭ ‬بريطانيا‭. ‬

والمتابع‭ ‬اليوم‭ ‬لإعلام‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬بغض‭ ‬الطرف‭ ‬عن‭ ‬خصوصيات‭ ‬كل‭ ‬مؤسسة‭ ‬إعلامية‭ ‬فإنها‭ ‬جميعا‭ ‬اجتمعت‭ ‬على‭ ‬إدانة‭ ‬المقاومة‭ ‬وكالت‭ ‬لها‭ ‬أبشع‭ ‬النعوت‭.. ‬هنا‭ ‬نحن‭ ‬أمام‭ ‬إعلام‭ ‬لا‭ ‬يستحي‭ ‬أن‭ ‬يكيل‭ ‬بمكيالين‭ ‬وان‭ ‬يزيّف‭ ‬الحقيقة‭ ‬بل‭ ‬ويتجاوز‭ ‬كل‭ ‬مواثيق‭ ‬الشرف‭ ‬ويغفل‭ ‬عن‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬مقابل‭ ‬دعم‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬أوتي‭ ‬من‭ ‬قوة‭.‬

والأكيد‭ ‬أن‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬مجمله‭ ‬وفي‭ ‬أيما‭ ‬وفاء‭ ‬لإرثه‭ ‬الاستعماري‭ ‬وقلة‭ ‬قليلة‭ ‬هي‭ ‬الأصوات‭ ‬الحرة‭ ‬التي‭ ‬تغرد‭ ‬خارج‭ ‬السرب‭ ‬والتي‭ ‬آلت‭ ‬على‭ ‬نفسها‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬وفية‭ ‬للأنسنة‭ ‬في‭ ‬معناها‭ ‬الكلي‭ ‬دون‭ ‬تفرقة‭ ‬أو‭ ‬تمييز‭. ‬ولا‭ ‬ننسى‭ ‬أن‭ ‬التاريخ‭ ‬علّمنا‭ ‬أن‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬انتموا‭ ‬لقضايا‭ ‬التحرر‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬قد‭ ‬أصبحوا‭ ‬أيقونات‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يفكر‭ ‬احد‭ ‬في‭ ‬أصولهم‭ ‬العرقية‭ ‬والدينية‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬ناصب‭ ‬العداء‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬ووقف‭ ‬بكل‭ ‬صرامة‭ ‬ضد‭ ‬تشريد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬رغم‭ ‬انه‭ ‬ينتمي‭ ‬الى‭ ‬الديانة‭ ‬اليهودية‭. ‬وهناك‭ ‬رموز‭ ‬ثقافية‭ ‬انتمت‭ ‬إلى‭ ‬إرث‭ ‬الثورة‭ ‬الفرنسية‭ ‬ولم‭ ‬تحد‭ ‬عنها‭ ‬قيد‭ ‬أنملة‭. ‬وهذا‭ ‬يطرح‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الإشكاليات‭ ‬المتصلة‭ ‬بالنخب‭ ‬الثقافية‭ ‬والإعلامية‭ ‬الغربية‭ ‬وعلاقتها‭ ‬بالآخر‭ ‬المختلف‭ ‬عنها‭ ‬فكرا‭ ‬أو‭ ‬لغة‭ ‬أو‭ ‬دينا‭ ‬أو‭ ‬مصلحة‭ ‬وكيف‭ ‬تتعاطى‭ ‬معه‭. ‬

واليوم‭ ‬مع‭ ‬طوفان‭ ‬غزة‭ ‬نشهد‭ ‬عودة‭ ‬هذه‭ ‬الإشكاليات‭ ‬من‭ ‬جديد‭  ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬طرحت‭ ‬منذ‭ ‬برزت‭ ‬ظاهرة‭ ‬الاستعمار‭ ‬والتوسع‭ ‬للإمبراطوريات‭ ‬الأوروبية‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬باقي‭ ‬الشعوب‭ ‬التي‭ ‬استعبدتها‭ ‬تحت‭ ‬يافطة‭ ‬تحريرها‭ ‬ونشر‭ ‬الحضارة‭ ‬والتمدن‭ ‬فيها‭. ‬

ونرى‭ ‬كيف‭ ‬يلوي‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربي‭ ‬عنق‭ ‬الحقيقة‭ ‬ويكيل‭ ‬بمكيالين‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬وصريح‭ ‬ودونما‭ ‬مواربة‭ ‬وهو‭ ‬يحاول‭ ‬توجيه‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬العواصم‭ ‬الغربية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إدانة‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ووسمها‭ ‬بـاالإرهابب‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬صورا‭ ‬وفيديوهات‭ ‬يدعون‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬أن‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬تقتل‭ ‬الأطفال‭ ‬وهم‭ ‬يريدون‭ ‬إلصاق‭ ‬هذه‭ ‬التهمة‭ ‬بها‭ ‬لإبرازها‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬متوحشة‭ ‬وفاقدة‭ ‬للإنسانية‭ ‬مستلهمين‭ ‬مما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬داعش‭ ‬وذلك‭ ‬لإحياء‭ ‬االاسلاموفوبياب‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬المتلقين‭ ‬من‭ ‬شعوبهم‭ ‬وإحالة‭ ‬على‭ ‬الخلفية‭ ‬الإيديولوجية‭ ‬لحركة‭ ‬حماس‭. ‬رغم‭ ‬أننا‭ ‬أمام‭ ‬وقائع‭ ‬واضحة‭ ‬فهناك‭ ‬استعمار‭ ‬استيطاني‭ ‬وهناك‭ ‬كيان‭ ‬غاصب‭ ‬يبني‭ ‬المستوطنات‭ ‬على‭ ‬أراض‭ ‬فلسطينية‭ ‬ويدنّس‭ ‬مواقع‭ ‬مقدسة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬المسلمين‭ ‬والمسيحيين‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬يمعن‭ ‬الغرب‭ ‬بأبواقه‭ ‬الإعلامية‭ ‬التي‭ ‬اتخذت‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬طابعا‭ ‬دعائيا‭ ‬لا‭ ‬يختلف‭ ‬في‭ ‬شيء‭ ‬عن‭ ‬غوبلز‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

النخب التونسية والرهانات الخاطئة..!

يقول المثل العربي القديم إن «أعمال العقلاء مصانة من العبث» وهذه الحكمة البليغة مهمة جدا لن…