في ظل تدهور الخدمات المسداة في معظم الإدارات التونسية : اكتظاظ و«أرجع غدوة» و«الريزو طايح» خبز المواطن اليومي
شهد العالم بأسره تطورا على مستوى الخدمات الادارية سهلت على المواطن التعامل مع الادارة وذلك لما احدثته الأنترنات والثورة الرقمية من خدمات ادارية عن بعد وتطوير الخدمات فأصبح بإمكان المواطن ان يقضي شؤونه من أمام الحاسوب في بيته او في مكتبه دون تكبد عناء التنقل وجمع اكوام من الملفات ومع ذلك قد لا ينجز مهمته.
من المؤسف الوقوف اليوم عند واقع الإدارة التونسية حيث لا يبدو أن تطور الادارة العالمية قد شمل الادارة التونسية فنحن فعلا لا نحتاج الى تطور وإنما نحتاج الى ثورة حقيقية تجتاح الادارة التونسية من رأسها حتى أخمص قدميها فرغم رقمنة الادارة في تونس وتطور الخدمات الا أنها مازالت تثير استياء المواطن.
يرى البعض أن الطوابير الطويلة والخدمات البطيئة أرهقت المواطن الذي مازال يركض بين الأروقة لقضاء خدمة أو استخراج وثيقة في معظم الإدارات التونسية التي يعتبرها المواطنون لا ترتقي لمستوى انتظاراتهم ويؤكدون أن أداءها تراجع بشكل كبير خاصة خلال السنوات التي تلت الثورة. فيتفق الجميع أن الخدمات دون المستوى المطلوب ساهمت في تعميقها وفق عدد من قاصدي الإدارات اضافة إلى النظرة الاستعلائية لبعض لأعوان والموظفين وعباراتهم التي لا تختلف من إدارة إلى أخرى ومن مؤسسة إلى أخرى من قبيل اارجع غدوةب واالريزو طايحب وهي بالنسبة إليهم تعلات يتّخذونها للتهرب من المسؤولية وأداء واجبهم.وقد تستغرق بعض الخدمات من المواطن عدة أشهر لقضائها بسبب التعطيلات والمماطلة التي تتسم بها الخدمات الإدارية وما يستغرقه ذلك من هدر للوقت ليتمكن المواطن من قضاء حاجياته. ومن المؤكد اليوم أن خدمات الإدارة التونسية قد تراجعت وتردّت مقارنة بما كانت عليه قبل الثورة ويتفق الجميع أن ما ساهم في تعميقها هو عدم التحلي بالمسؤولية وغياب الموظفين أو مغادرتهم قبل انقضاء ساعات العمل.
صحيح أن المواطن التونسي أصبح يتمتع بالخدمات الادارية عن بعد على أمل أن تسهل تلك الاجراءات المعقدة وغير الضرورية وان يتجنب من خلالها المواطن كلمة اأوراقك منقوصةب أو اأرجع غدوةب وهذا طبعا حسب أهواء موظف الادارة التونسية.
ولكن بالرغم من وجود الرقمنة في بعض الخدمات فقد تحول الأمر من اأوراقك ناقصةب إلى االريزو طايحب ومن اارجع غدوةب إلى االسيت مسكرب وهو ليس من باب التجني على الإدارة ولا على خدماتها، ولكنه واقع يعيشه التونسيون في جلها.
يعتبر البعض الآخر أن خدمات الإدارة بصفة عامة ليست بالسيئة ولا بالجيدة وتختلف من إدارة إلى أخرى حيث ان بعض الإدارات تتوفر بها آلات اقتطاع التذاكر كما يسعى الموظفون الى تقديم الخدمات اللازمة للمواطن لكن في المقابل هناك إدارات أخرى لا تلبي حاجيات المواطن والخدمات فيها متدنية مما يسبب للمواطن الشعور بالقلق والاشمئزاز دون قضاء حاجياته.
فالمطلوب من الدولة اليوم هو أن تكون عينا ساهرة على الخدمات المقدمة عبر مراقبتها وتقييمها ومحاسبة كلّ مخل بواجبه ومتسبب في بطء نسق العمل، مع ضرورة وجود برامج إصلاحية تحددها الدولة التي لا يمكن أن تكون كافية لتعصير الإدارة وتحسين جودة الخدمات إلا بالتعاون مع المواطن باعتباره طرفا في العملية وعليه التفهم في بعض الأحيان.
بالإضافة إلى أن الدولة مطالبة اليوم بتعصير الإدارة ورقمنة خدماتها والتقليص من المركزية التي كبلت الإدارة وجعلت خدماتها محل تشكيات سواء من قبل التونسيين أو المستثمرين، حيث أن البعض ممن لا يقدمون خدمات جيدة ويتلكؤون في أداء واجبهم تجدهم في أغلب الأحيان مكبلين بالإدارة القديمة العميقة وفصول قوانينها التي تجعلهم محل تتبعات ومشاكل في صورة خرقها. كما أنه بات من الضروري أيضا إعادة تكوين أغلب الموظفين في علاقة بالمواطن وكيفية التعامل معه وتقديم الخدمات له بالشكل الذي يحفظ كرامته ويكفل الاحترام من الجانبين وحتى نتجنب الأحداث التي تشهدها الإدارات بين الفينة والأخرى إما بتبادل العنف أو الاعتداء على موظف وإن كفل القانون حق الموظف فإن المواطن مازال ينتظر كيف يضمن حقه في الخدمات.
اتخاذ إجراءات قانونية للتصدي لظاهرة الانحلال الأخلاقي عبر وسائل التواصل الاجتماعي : خطوة إيجابية وإن تأخرت المعركة ضد هذه الآفة..
أذنت وزارة العدل في بلاغ لها صدر الأحد 27 أكتوبر 2024 باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ل…