خاطبت رئاسة الجمهورية التونسية الكيان الاسرائيلي كعدو صهيوني ولم تتردد في تحميل المجتمع الدولي مسؤولياته التاريخية من أجل وضع حدّ لجرائمه ضدّ الشعب الفلسطيني الذي تحوّلت مقاومته ودفاعه عن أرضه وعرضه في الاعلام الغربي الامريكي والبريطاني والفرنسي خاصة الى ارهاب حيث تم توصيف عملية اطوفان الاقصىب بعملية ارهابية ما يتنافى مع المواثيق الدولية التي تشرّع مقاومة كل أشكال الاحتلال والاستعمار للأراضي الوطنية والواقع أننا لم نستغرب ردّة الفعل العنصرية للاعلام الامريكي والفرنسي والذي يتعامل مع القضية الفلسطينية بمكيالي فرز عنصري لا غبار عليه فحين يتعلق الأمر ابمجازر صهيونيةب فإن الاعلام الغربي يضعها تحت عنوان احق اسرائيل في الدفاع عن النفسب وحين يتعلق الامر بالمقاومة الفلسطينية فإن عملياتها تتصدّر الاعلام الغربي على أنها اجرائم ارهابيةب.
بيان الرئاسة التونسية يمكن اعتباره راية فخر على رأس الدولة وعنوان إرادة شعبية ورسمية لم تتردّد في تأكيد وقوفها اللامشروط مع الشعب الفلسطيني في محنته وفي مقاومته للعصابات الصهيونية…
بيان حادّ يحمل شحنة ثقيلة جدا تعكس امبدئية الموقف التونسيب رغم كل ما يمرّ به البلد على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.. هو بيان سيادة وبيان دولة وبيان حق وعدل وبيان شعب وهو في الاخير بيان تونس المحروسة يعكس ارادة شعبية لم تخذل الشعب الفلسطيني أبدا ويعكس ـ أيضا ـ ارادة رسمية سياسية أعلنت منذ أطلقت مسارها الجديد يوم 25 جويلية 2021 ان الموقف التونسي لن يتبدّل بخصوص القضية الفلسطينية..
لقد وحّد البيان التونسيين بحيث لم يختلف محتواه عمّا رفعته شوارع الاحتجاج من شعارات إدانة للعصابة الصهيونية… بيان خاطب العدو الصهيوني بوضوح ودون مواربة ودون اختفاء جبان وراء اللغة المخاتلة وفارق في حدّته تلك اللغة الخشبية المهادنة والمتردّدة…
هكذا ورد البيان مختلفا عن كل البيانات العربية في جرأته ففي البدء عبّر عن وقوف تونس الكامل وغير المشروط الى جانب الشعب الفلسطيني مذكرا بأن ما تصفه بعض وسائل الاعلام العربية ابغلاف غزةب هو أرض فلسطينية ترزح تحت الاحتلال الصهيوني منذ عقود ودعا كل الضمائر الحية في العالم الى تذكر المذابح التي قام بها العدوّ الصهيوني في حق شعبنا العربي في فلسطين وفي حق الامّة كلها…
ومن االبيان الرئاسيب نقتطف هذه الفقرة التي تعكس قوة الموقف التونسي الذي يتمثّله الرئيس قيس سعيد ويبدو اخطّهب واضحا في صياغة هذا البيان المفخرة :اوعلى العالم كلّه أن لا يتناسى مذابح العدو في الدوايمة وبلد الشيخ ودير ياسين وكفر قاسم وخان يونس والمسجد الاقصى والحرم الابراهيمي وغيرها… وعليه ان لا يتناسى أيضا مئات الآلاف من الذين هجّروا من ديارهم وسلبت منهم أراضيهم، عليهم ان يتذكروا هذه التواريخ وعليهم ان يعترفوا بحق المقاومة المشروعة للاحتلال ولا يعتبروا هذه المقاومة اعتداءً وتصعيدا…ب
بيان تونس بيان مفخرة وراية من الرايات العالية على رأس الدولة التونسية شعبيا ورسميا وهو ورقة ادانة قوية للعصابة الصهيونية وأيضا ادانة مباشرة لكل الدول العربية العميلة التي طبّعت مع اسرائيل وتلك التي تستعد التطبيع العارب رغما عن شعوبها وقد أثبت التاريخ ان هذه الانظمة العريبة العميلة هي االقبّة الحديديةب الحقيقية التي خذلت المقاومة الفلسطينية بل خذلت الشعب والأرض باصطفافها في طابور التطبيع المهين…
على كل حال نحن ـ هنا ـ لا نزايد على أحد اببيان تونسب الذي جاء ليعبّر عن ارادة شعبية راسخة في علاقتها بالقضية الفلسطينية وبالحق الفلسطيني وبالدم المختلط في أكثر من واقعة وحتى لا ننسى ومن باب التذكر وللذين يجهلون وللتاريخ ورغم الجغرافيا فإن أكثر من 2600 تونسي تطوعوا سنة 1948 واتجهوا الى فلسطين سيرا على الاقدام عبر ليبيا ثم مصر للقتال الى جانب الفلسطينيين ضدّ العصابة الصهيونية وعام 1982 بعد عملية ترحيل قيادات منظمة التحرير من لبنان سارعت تونس باحتضانها مع عدد من فصائل المقاومة وعلى رأسهم ياسر عرفات وامتدت اقامتهم الى غاية 1992.
في شهر أكتوبر 1985 اقتحمت طائرات اسرائيلية السماء التونسية وقصفت مدينة حمام الشط مستهدفة القيادات الفلسطينية مخلفة عشرات الشهداء بين تونسيين وفلسطينيين كما تمكنت الموساد من اغتيال القيادي الفلسطيني خليل الوزير (ابو جهاد) في منزله الكائن بسيدي بوسعيد.
سنة 2008 تسلمت السلطات التونسية رفات 11 شهيدا تونسيا كانوا يقاتلون الى جانب المقاومة الفلسطينية في لبنان…
ـ ولا ننسى في الأخير واقعة اغتيال المهندس التونسي محمد الزواري بعد عملية اختراق مشهودة للاجهزة الامنية التونسية حيث تم اغتياله من طرف الموساد الاسرائيلي أمام بيته بمدينة صفاقس وهو ـ كما هو معلوم ـ عضو قيادي في كتائب القسام وهو الذي كان له الفضل في تصنيع اطائرات الدرونب التي استعملتها المقاومة في عملية اطوفان الاقصىب وقد شاهدنا اسمه وهو منحوت على واجهة الطائرات…
هذا بعض من فيض الذين نذروا حياتهم من التونسيين للحق الفلسطيني وأعلنوا انتماءهم اليهابالروح وبالدم الحقيقي ولم يطلبوا شيئا لأنفسهم…
بقي في الاخير ـ الاشارة الى ضرورة ترجمة بيان تونس (بيان الرئاسة) الى استراتيجيا للعمل الديبلوماسي من أجل محاصرة االعمليات الانتقاميةب المجنونة التي تشّنها العصابة الصهيونية كردّ على اطوفان الاقصىب…
يقول درويش عليه الكلام:
أيّها المارون بين الكلمات العابرة…
كالغبار المرّ مرّوا أينما شئتم ولكن…
لا تمروا بيننا كالحشرات الطائرة…
فلنا في أرضنا ما نعمل…
ولنا قمح نربيه ونسقي ندى أجسادنا…
ولنا ما ليس يرضيكم هنا…
حجر أو خجل…
أيها المارون بين الكلمات العابرة
كدّسوا أوهامكم في حفرة مهجورة وانصرفوا…!
ما بين «طوفان الأقصى» و «سقوط» نظام الأسد : إفراغ المنطقة من عناصر قوّتها كان مدروسا وممنهجا..!
بعيدا عن كل أشكال الاصطفاف الاعمى مع أو ضد بشار، علينا ان ننظر الى السقوط السريع والمفاجئ …