تنتهي‭ ‬اليوم‭ ‬أشغال‭ ‬المؤتمر‭ ‬السادس‭ ‬للنقابة‭ ‬الوطنية‭ ‬للصحفيين‭ ‬التونسيين‭ ‬والثامن‭ ‬والعشرين‭ ‬للمهنة،‭ ‬والذي‭ ‬عقد‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬االصحافة‭ ‬ليست‭ ‬جريمة‭: ‬حقوق،‭ ‬حرية،‭ ‬وحدة‭ ‬نقابيةب‭ ‬وسط‭ ‬ضبابية‭ ‬المشهد‭ ‬الإعلامي‭ ‬عموما‭ ‬وما‭ ‬صاحب‭ ‬سواء‭ ‬العشرية‭ ‬الأخيرة‭ ‬أو‭ ‬فترة‭ ‬المكتب‭ ‬المتخلي‭ ‬أو‭ ‬الذي‭ ‬سبقه‭ ‬من‭ ‬تعثرات‭ ‬بشهادة‭ ‬الأغلبية‭ ‬الساحقة‭ ‬من‭ ‬بنات‭ ‬وأبناء‭ ‬القطاع‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يضاعف‭ ‬من‭ ‬مسؤولية‭ ‬المكتب‭ ‬الجديد‭ ‬المنتظر‭ ‬انتخابه‭ ‬اليوم‭ ‬والإعلان‭ ‬عنه‭ ‬رسميا‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬مستقبل‭ ‬الهيكل‭ ‬النقابي‭ ‬كممثل‭ ‬لعموم‭ ‬الصحفيين‭ ‬التونسيين‭ ‬والأولويات‭ ‬العاجلة‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬المقبلة‭ ‬أمام‭ ‬المشاغل‭ ‬المتعددة‭ ‬والمختلفة‭ ‬والتحديات‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬القطاع‭ ‬بكل‭ ‬تفرعاته‭.‬

إن‭ ‬الأزمات‭ ‬المالية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬المتراكمة‭ ‬والمتواصلة‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬أغلب‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإعلامية‭ ‬المصادرة‭ ‬والعمومية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تأخّر‭ ‬إصلاحها‭ ‬وتطويرها‭ ‬وإعادة‭ ‬هيكلتها‭ ‬والمعاناة‭ ‬المتواصلة‭ ‬للصحفيين‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬والتي‭ ‬تتلخص‭ ‬في‭ ‬عقود‭ ‬العمل‭ ‬الهشة‭ ‬وعدم‭ ‬احترام‭ ‬حقوقهم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬بالتوازي‭ ‬مع‭ ‬ضبابية‭ ‬مستقبل‭ ‬خريجي‭ ‬معهد‭ ‬الصحافة‭ ‬وعلوم‭ ‬الإخبار‭ ‬ـ‭ ‬رغم‭ ‬الاتفاق‭ ‬المسبق‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الفارطة‭ ‬بين‭ ‬الهيكل‭ ‬النقابي‭ ‬وأرباب‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإعلامية‭ ‬على‭ ‬ضمان‭ ‬اكوتاب‭ ‬معينة‭ ‬من‭ ‬خريجي‭ ‬المعهد‭ ‬ولكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬تفعيله‭ ‬يبقى‭ ‬محل‭ ‬تساؤل‭ ‬ـ‭ ‬تفرض‭ ‬على‭ ‬المكتب‭ ‬الجديد‭ ‬إعادة‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬سبل‭ ‬خلق‭ ‬قنوات‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬الأطراف‭ ‬المعنية‭ ‬وإيجاد‭ ‬حلول‭ ‬عاجلة‭ ‬تضمن‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬مورد‭ ‬رزق‭ ‬المئات‭ ‬من‭ ‬الصحفيين‭ ‬والعاملين‭ ‬بهذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬وبذلك‭ ‬ديمومتها‭ ‬مع‭ ‬ضمان‭ ‬تطويرها‭ ‬وفق‭ ‬المعايير‭ ‬والتطوّرات‭ ‬الحاصلة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الإعلام‭.‬

رهانات‭ ‬كبيرة‭ ‬تنتظر‭ ‬المكتب‭ ‬الجديد‭ ‬للنقابة‭ ‬الوطنية‭ ‬للصحفيين‭ ‬التونسيين‭ ‬تستوجب‭ ‬أيضا‭ ‬إعادة‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬طريقة‭ ‬عمل‭ ‬المكتب‭ ‬وإسناده‭ ‬بخبرات‭ ‬الجيل‭ ‬السابق‭ ‬بقطاع‭ ‬الإعلام‭ ‬والاتصال‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬النقابيين‭ ‬أو‭ ‬الصحفيين‭ ‬والإعلاميين‭ ‬وتوسيع‭ ‬الحزام‭ ‬الصحفي‭ ‬للهيكل‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬نعوّل‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬القادمة‭ ‬للانتصار‭ ‬للمهنة‭ ‬وبنات‭ ‬وأبناء‭ ‬صاحبة‭ ‬الجلالة‭ ‬وضمان‭ ‬حقوقهم‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬وظروف‭ ‬عمل‭ ‬لائقة‭ ‬تكون‭ ‬محفزا‭ ‬لمزيد‭ ‬العطاء‭ ‬والإبداع‭ ‬والتطوير‭.‬

فقد‭ ‬ساهمت‭ ‬القطيعة‭ ‬بين‭ ‬الجيلين‭ ‬السابق‭ ‬والحالي‭ ‬من‭ ‬الصحفيين‭ ‬في‭ ‬اعزلة‭ ‬الهيكل‭ ‬النقابيب‭ ‬طيلة‭ ‬السنوات‭ ‬الفارطة‭ ‬ومحدودية‭ ‬نتائجه‭ ‬مقارنة‭ ‬بحجم‭ ‬الانتظارات‭ ‬المرجوة‭ ‬منه‭ ‬والرهانات‭ ‬المطروحة‭ ‬عليه‭.. ‬رغم‭ ‬محاولات‭ ‬زميلاتنا‭ ‬وزملائنا‭ ‬المنتخبين‭ ‬في‭ ‬المكتبين‭ ‬السابقين‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬تحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬جديدة‭ ‬للصحفيين‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬إنكاره‭ ‬أو‭ ‬تجاهله‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إنكار‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المحاولات‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬نسبة‭ ‬نجاحها‭ ‬أو‭ ‬فشلها‭ ‬فإنها‭ ‬اصطدمت‭ ‬بواقع‭ ‬ومرحلة‭ ‬صعبة‭ ‬يعيش‭ ‬على‭ ‬وقعها‭ ‬قطاع‭ ‬الإعلام‭ ‬بسبب‭ ‬جل‭ ‬المتغيّرات‭ ‬المتسارعة‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬وتواصل‭ ‬الأزمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للدولة‭ ‬وللمؤسسات‭ ‬الإعلامية‭ ‬وغير‭ ‬الإعلامية‭ ‬،‭ ‬الشيء‭ ‬الذي‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬مزيد‭ ‬تعميق‭ ‬أزمة‭ ‬القطاع‭ ‬أمام‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الورق‭ ‬بالنسبة‭ ‬للصحافة‭ ‬المكتوبة‭ ‬وشحّ‭ ‬الإشهار‭ ‬وتراجع‭ ‬مساهمات‭ ‬المستشهرين‭ ‬جرّاء‭ ‬مخلفات‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬الأخيرة‭. 

كما‭ ‬ساهمت‭ ‬أيضا‭ ‬الأزمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الخانقة‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬البلاد‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬والتي‭ ‬تراكمت‭ ‬واشتدت‭ ‬حدّتها‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬مزيد‭ ‬تأزم‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاجتماعية‭ ‬للصحفيين‭ ‬وعشنا‭ ‬طيلة‭ ‬السنوات‭ ‬الفارطة‭ ‬على‭ ‬وقع‭ ‬غلق‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإعلامية‭  ‬وطرد‭ ‬تعسفي‭ ‬للصحفيين‭ ‬في‭ ‬ضرب‭ ‬كامل‭ ‬لكافة‭ ‬حقوقهم‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬ولمستقبلهم‭ ‬المهني‭ ‬ولظروفهم‭ ‬العائلية‭.‬

إن‭ ‬هذه‭ ‬التطوّرات‭ ‬وتواصل‭ ‬الأزمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للبلاد‭ ‬انعكست‭ ‬سلبا‭ ‬على‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإعلامية‭ ‬وقدرتها‭ ‬على‭ ‬الاستمرار‭ ‬بالشكل‭ ‬المطلوب‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬مواطن‭ ‬شغل‭ ‬العاملين‭ ‬فيها‭ ‬ووضع‭ ‬النقابة‭ ‬الوطنية‭ ‬للصحفيين‭ ‬في‭ ‬مأزق‭ ‬حقيقي‭ ‬خاصة‭ ‬أمام‭ ‬انسداد‭ ‬الحوار‭ ‬والتواصل‭ ‬مع‭ ‬السلطة‭ ‬أو‭ ‬لنقل‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬مكلف‭ ‬بالإعلام‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬رئاستي‭ ‬الحكومة‭ ‬والجمهورية‭ .‬

‭ ‬إن‭ ‬المكتب‭ ‬الجديد‭ ‬المنتظر‭ ‬للنقابة‭ ‬الوطنية‭ ‬للصحفيين‭ ‬التونسيين‭ ‬مطالب‭ ‬اليوم‭ ‬بمراجعة‭ ‬أولوياته‭ ‬وفق‭ ‬مختلف‭ ‬المتغيّرات‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬رد‭ ‬الاعتبار‭ ‬للصحفيين‭ ‬وفرض‭ ‬هيبتهم‭ ‬كمدافع‭ ‬شرس‭ ‬عن‭ ‬الحقوق‭ ‬والحريات‭ ‬وضامن‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬وصول‭ ‬المعلومة‭ ‬إلى‭ ‬المواطن‭ ‬وعنصر‭ ‬أساسي‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬الديمقراطية‭ ‬ولا‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬بتحقيق‭ ‬أول‭ ‬نقطة‭ ‬وهي‭ ‬ضمان‭ ‬الحقوق‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬للصحفيين‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬ضمان‭ ‬أجر‭ ‬لائق‭ ‬يحفظ‭ ‬كرامة‭ ‬الصحفي‭ ‬خاصة‭ ‬أمام‭ ‬الارتفاع‭ ‬المشط‭ ‬للأسعار‭ ‬وغلاء‭ ‬المعيشة‭ ‬وظروف‭ ‬عمل‭ ‬وفق‭ ‬المعايير‭ ‬المعمول‭ ‬بها‭ ‬دوليا‭.‬

فبعد‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭ ‬الأساسي‭ ‬والحياتي‭ ‬تأتي‭ ‬بقية‭ ‬الحقوق‭ ‬وهي‭ ‬معادلة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬المكتب‭ ‬النقابي‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬القادمة‭ ‬على‭ ‬تحقيقها‭ ‬وإعلاء‭ ‬سقف‭ ‬التفاوض‭ ‬وحسن‭ ‬إدارته‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تكريس‭ ‬سلطة‭ ‬رابعة‭ ‬مستقلة‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬المواطن‭ ‬وقطع‭ ‬الطريق‭ ‬على‭ ‬أساليب‭ ‬الاستمالة‭ ‬أو‭ ‬التطويع‭ ‬التي‭ ‬تتغذى‭ ‬من‭ ‬الوضعيات‭ ‬الهشة‭ ‬للصحفيين‭. ‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

هجرة المهندسين التونسيين : ظاهرة خطيرة تستدعي حلولا عاجلة

لا يختلف اثنان اليوم حول ارتفاع ظاهرة هجرة المهندسين في السنوات الأخيرة وما تمثله من خطورة…